الاستثمار… والمناصير… والعصافير..!
تاريخ النشر: 17th, November 2025 GMT
#الاستثمار… و #المناصير… و #العصافير..!
د. مَفضي المُومِني.
2025/11/17
منذُ أيّامٍ ونحن نُطالِعُ قضيّةَ تصريحاتِ مُستثمِرٍ كبيرٍ… وما أدهشني بعضُ المُدافعين المُدجَّجين ببِيروقراطيّةِ تعظيمِ الفسادِ وإلباسِه الثوبَ الملائكي… وحشرِ مُستثمِرٍ كبيرٍ بالزاوية… ورَدٍّ رسميٍّ خالٍ من الدَّسم… ذكّرني بحِقبةٍ عُرفيّة… ومقولةٍ لوزيرٍ عتيق: (أجهزتي لا تُخطِئ)… ودخولٍ بمُناكفةٍ مُنفِّرة… (الحقُّ علَيَّ لا الحقُّ عليك… دون بُعدٍ وطنيٍّ عميق!)، ووضعِ مُستقبلِ الاستثمارِ الوطنيّ على مَذبَحِ الفسادِ والإفسادِ والبِيروقراطيّة… وسُلطةِ الموظّفِ الحكومي… والقوانينِ (بِحَوافِيرِها!)، والبعضُ ذهب لأبعدَ من ذلك… أنّه نَهجٌ مخفيٌّ لإضعافِ الأردنّ وإفشالِ الاستثمارات… وتطفيشِ المُستثمِرين… كما تُكشُّ العصافير…!
جلالةُ المَلِك في زيارةٍ آسيويّةٍ، هدفُها الرئيسُ المُعلَن جلبُ الاستثماراتِ والشراكة… وفتحُ الأسواق… وبالتزامن تُثارُ قضيّةُ المُستثمِر… وهُنا مَربَطُ الفرس: (واحدٌ بِصلِّح، وألفٌ يِخَرِّبوا… وعطّارٌ ما بيلحَق على ألف….
ثمّ لِنأخذْها بالعقل… هل وَضعُ الاستثماراتِ في بلدِنا على ما يُرام؟ هل نحنُ بلدٌ جاذب أم طارِدٌ للاستثمارات؟ هل هَرَبت استثماراتٌ كثيرةٌ لدُوَلٍ مُجاورة؟ هل وَضعُ البِطالةِ لدينا مُريح؟ 23% النِّسبةُ الرسميّة، و50% نِسبةُ بِطالةِ الشباب… وهذه نِسَبٌ تُؤكِّد فشلَنا لتاريخه في الاستثمارِ رغم كلِّ الجهودِ والوعودِ والمؤتمرات… (بتتذكّروا مؤتمر البحر الميت قبل سنوات والمليارات التي أغدقها علينا وزراءُ ذلك المؤتمر… حتى ظننتُ أنّنا سنُصبِح سِنغافورة العرب!)، وكلّه طَلَع ضَربَ حَكي وسَواليفَ حَصيدَه…!
لا حاجةَ لِنقول إنّ الاستثماراتِ هي من أهمِّ روافعِ الاقتصاد… والمُستثمِرُ صاحبُ مالٍ… ورأسُ المالِ جبان… والاستثمارُ بحاجةٍ إلى: تسهيلاتٍ وبيئةٍ مُريحةٍ آمنة، وثباتٍ في التشريعات، وحوافز، وأسعارِ طاقةٍ مقبولة، وأيدٍ عاملةٍ مُدرَّبة، وعدمِ وجودِ فسادٍ (وخاصةً الشريكُ المُضارِب)… وأجهزةٍ حكوميّةٍ وأفرادٍ يعرفون معنى الاستثمار وقادرون على تسهيله ودعمه، وتشريعاتٍ ناظمةٍ للاستثمار… مُحدِّدةٍ للمِزاجيّةِ والشخصنةِ التي تُعيق وتُدمِّر الاستثمار باسم القانون، وغير ذلك الكثير…! فهل نجحنا بذلك؟ الأرقامُ تقول: لا… والنتائجُ منشورةٌ عالميًّا… وما زِلنا نُدافع (بِقُرونٍ من طين… وعَنزةٌ لو طارت!)… وآخرُها البيانُ الرسميُّ الذي كُتِب بعقليّةِ التطفيش…!
مقالات ذات صلةالبُلدانُ التي نجحت في الاستثمارات… ورفعت اقتصادَها… دلَّلت المُستثمِرين… وحافَظَت على بلدِها وسيادتِه… وأوقَفَت ببيروقراطيّةَ الأجهزةِ الحكوميّةِ المُعطِّلةِ والمُتنفِّعةِ والبطيئة… والفاسدة… ودلالةً على ذلك فكرةُ المناطقِ الحُرّةِ ذاتِ القوانينِ الخاصّةِ المرِنةِ المُشجِّعة… (وهذه المناطقُ لا تسري عليها قوانينُ الدولةِ البيروقراطيّة… لمعرفةِ أصحابِ الفكرةِ من التجربة؛ أنّها المُعطِّلُ الأوّلُ للاستثمار).
شيطنةُ المُستثمِر… والتضييقُ عليه مرّةً بالقوانين… ومرةً بالمِزاجيّةِ والشخصنةِ والتنفيعات… وتعريضُه لضغوطاتِ تبادُلِ المصالح… وَصفةٌ سِحريّةٌ لتطفيشِ الاستثمار… واستمتاعِ أربابِ الفسادِ بصَولاتِهم وجَولاتِهم… وإفقارِ البلد… وزيادةِ أعدادِ العاطلينَ عن العمل… وتستمرُّ معزوفةُ (بِكم تَزهُو المناصِب)… ويستمرُّ الحالُ المائل… ويا ليتَنا نتمثّل ما قاله الشافعيّ ونُسقِطُه على الاستثمار:
إذا المرءُ لا يَرعاكَ إلّا تكلُّفًا
فدَعهُ ولا تُكثرْ عليه تأسُّفًا
ففي الناس أبدالٌ وفي التَّركِ راحةٌ
وفي القلبِ صبرٌ للحبيبِ ولو جَفا
فما كلُّ من تَهوى يَهوىكَ قلبُه
ولا كلُّ من صافيته لك قد صفا
إذا لم يكن صَفوُ الودادِ طبيعةً
فلا خيرَ في وُدٍّ يجيء تكلُّفًا
— محمد بن إدريس الشافعي.
وكلُّ استثمارٍ ونحن بخير… حمى الله الأردنّ.
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: المناصير العصافير
إقرأ أيضاً:
المعارضة الموريتانية تحشد أنصارها للمطالبة بمحاسبة المفسدين
شارك آلاف الموريتانيين في مهرجان جماهيري مساء السبت في العاصمة نواكشوط، للمطالبة بمكافحة الفساد ومحاسبة المفسدين.
المهرجان الذي دعا له حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" (أكبر أحزاب المعارضة) نظم تحت شعار "فساد يتمدد ومعاناة تتجدد".
ويأتي المهرجان بعد أسابيع من نشر محكمة الحسابات تقريرا مثيرا للجدل كشف اختلالات واسعة في تسيير عدد من القطاعات الحكومية.
ورفع المشاركون في المهرجان الجماهيري شعارات تدعو لمحاسبة المفسدين واسترجاع الأموال المنهوبة من خزينة الدولة، وشعارات أخرى تطالب بهبة لمحاسبة من يتأكد ارتكابه لجرائم فساد وسرقة للمال العام.
وقال رئيس الحزب حمادي ولد سيد المختار، إن الفساد أصبح عائقاً رئيسياً أمام التنمية ومصدراً لـ "معاناة متجددة" للشعب الموريتاني، لافتا إلى ما سماه "تردي الخدمات الأساسية وغلاء الأسعار وتفاقم البطالة التي تدفع الشباب إلى الهجرة".
وأكد أن محاربة الفساد تتطلب "إرادة صلبة في وجه تدخلات القبائل، وإيقاف الزبونية والتعيينات على أساس المحاصصة القبيلة".
ودعا إلى تفعيل المؤسسات المعنية بمحاربة الفساد، ومن بينها مفتشية الدولة ومحكمة الحسابات، ومنحها الصلاحيات وتكوين القائمين عليها.
وقال نائب رئيس الحزب محمد ولد محمد امبارك، إن الآلاف استجابوا لدعوة الحزب من أجل التعبير عن رفضهم لحجم النهب الحاصل للأموال العمومية.
وأضاف في تصريح خاص لـ"عربي21": "هذا المهرجان يمثل رسالة واضحة من الشعب الموريتاني إلى النظام والحكومة أنه لن يصمت على نهب الأموال من خزينة الدولة بهذا الشكل".
وأشار ولد محمد امبارك، إلى أن "الفساد الذي تم كشفه في عدة قطاعات حكومية هو جزء فقط من النهب المستمر للمال العام" مضيفا أن كل ذلك يحصل في وقت تنعدم فيه الخدمات الأساسية وتنتشر البطالة بين الشباب.
من جهته قال القيادي في الحزب عبد الرحمن الصوفي إنه تجب محاسبة جميع المشمولين في تقرير محكمة الحسابات.
وأوضح في تصريح لـ"عربي21" أن الشعب الموريتاني مصر على فرض ملاحقة جميع المفسدين وتقديمهم للمحاكمة.
واعتبر أن "الفساد المستشري هو السبب المباشر في تردي الخدمات الأساسية في جميع أنحاء البلاد" مضيفا أن حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" المعروف اختصارا بـ"تواصل" مستمر في نضاله حتى تتخذ إجراءات حقيقية لمنع نهب الأموال العمومية.
تقرير مثير
وقبل أسابيع كشفت محكمة الحسابات في تقرير لها اختفاء مبالغ كبيرة بمئات الملايين من الدولارات من خزينة الدولة، خلال سنتي 2022 و2023 وذلك بعد تفتيش قامت به لبعض القطاعات الحكومية.
وأثار التقرير سجالا واسعا في البلاد، ما دفع الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى إقالة 20 مسؤولا حكوميا إثر توجيه تهم لهم تتعلق بتبديد المال العام، وردت في تقرير محكمة الحسابات.
وأحالت محكمة الحسابات أسماء 30 شخصية إلى الحكومة باعتبارها محل اشتباه في الحيثيات التي أوردتها المحكمة في تقريرها، حيث أحالتهم الحكومة بدورها إلى الادعاء العام لمباشرة التحقيق.
وأعلن المدعي العام لدى المحكمة العليا القاضي محمد الأمين محمد الأمين يوم 22 أكتوبر المنصرم توصلهم بتقرير محكمة الحسابات الصادر حديثا، مردفا أنهم سيعملون على استغلال مضمونه لمباشرة المتابعات القضائية، وستكون هذه المتابعات ضد كل من تسند إليه أفعال تشكّل اختلاسا أو تبديدا للمال العام.
واستمعت خلال الأسبوعين الماضيين شرطة الجرائم الاقتصادية للمشمولين في الملف.
ملفات أمام القضاء
الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني أكد في تصريحات قبل يومين أنه خلال الأشهر الأخيرة تم تحويل عشر ملفات فساد إلى القضاء، شملت سبعين شخصا، عشرون منهم في السجن، وتسعة عشر استفادوا من حرية مؤقتة، وهي شأن قضائي، وثلاثون ما زالوا على مستوى النيابة العامة.
وقال ولد الغزواني إن الدولة والحكومة "لا تتهرب من مسؤوليتها في مكافحة الفساد، ومسؤوليتها بالدرجة الأولى هي مكافحة الفساد المالي والإداري، لكن مكافحة بقية أنواع الفساد هي مسؤولية النخب، ولن تكون محاربة الفساد المالي والإداري مجدية ما لم تفعل محاربة أنواع الفساد الأخرى".
وشدد الرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني على أنه لا تنمية ولا عدالة مع الفساد، معبرا عن ثقته في أنه إذا استمر التخطيط والمتابعة ومكافحة الفساد فإن البلاد ستتجاوز مراحل كثيرة، منبها إلى أن مكافحة الفساد بكل أنواعه مسؤولية جماعية.
ونبه ولد الغزواني إلى أن من أسرع الطرق لمحاربة الفساد العمل على التحول الرقمي، ولذا أنشأوا قطاعا حكوميا خاصا به، كما أطلقوا مجموعة من التطبيقات سهلت حياة المواطنين وخدمت الشفافية.