صوت الوعي يكسر ضجيج التحريض.. الحوثيون يصرخون بعد سقوط أدواتهم الرقمية
تاريخ النشر: 17th, November 2025 GMT
في تطور لافت يعكس حجم الارتباك داخل المنظومة الإعلامية لميليشيا الحوثي، تصاعدت خلال الأيام الماضية موجة صراخ وغضب واسع بين قيادات ونشطاء الجماعة، عقب حذف عشرات حساباتهم من منصات التواصل الاجتماعي، ضمن حملة رقمية وصفت بأنها "الأكبر" لاستهداف خطاب التحريض والتطرف الذي تبثه الجماعة منذ سنوات.
وتحوّلت هذه الإجراءات إلى ما يشبه "انفجارًا لفظيًا" داخل الصف الحوثي، بعد خروج قيادات إعلامية بارزة بتسجيلات وتصريحات متشنجة، حملت طابع التهديد، وتضمّنت اتهامات واسعة لمنصات التواصل العالمية بأنها تخوض "حربًا" ضد الجماعة.
وتأتي هذه التطورات في سياق حملة يقودها نشطاء يمنيون تحت مظلة مبادرة "واعي"، استهدفت حسابات وصفحات حوثية متورطة– وفق القائمين عليها– بترويج خطاب الكراهية والتضليل الإعلامي وتبرير العنف المسلح. لكن ردّ الفعل الحوثي كان أشدّ حدّة من المتوقع، ما كشف مدى اعتماد الجماعة على الفضاء الرقمي كرافعة تعبئة أساسية تعوّض بها خسائرها السياسية والعسكرية.
هجوم هستيري على "فيسبوك"
نشطاء وقيادات الجماعة نشروا تسجيلات مصوّرة، عبروا من خلالها عن استياء شديد من الإجراءات التي يرونها "مؤامرة رقمية" تهدف إلى تصفية وجودهم. كما هدد بعضهم بحجب منصات التواصل الاجتماعي داخل اليمن إذا استمرت الحملة ضدهم، في تحذير يعكس التوتر الشديد بين الأجهزة الأمنية والإعلامية للجماعة وبين المجتمع الرقمي اليمني.
كان أبرز المتأثرين مدير وكالة سبأ التابعة للحوثيين نصر الدين عامر، الذي حُذف حسابه من فيسبوك، ليكتب على منصة "إكس" مقالاً بعنوان "الخلاصة في قضية إغلاق بعض الحسابات على فيسبوك". عامر وصف الإغلاق بأنه: جزء من مخطط تصعيد في الجولة القادمة من الصراع مع العدو، وقاعدة لحرب إعلامية ونفسية جديدة على حد تعبيره. الإعلامي الحوثي في قناة المسيرة حميد رزق هو الآخر صبّ غضبه على ما وصفه بـ"التوجهات الأمريكية الصهيونية لإسكات أصواتنا"، زاعماً أن الحذف "استهداف للصورة المشرفة لصنعاء في وقوفها مع غزة".
أما أحمد مطهر الشامي، الوكيل المعين من الحوثيين في وزارة الإعلام، فقد اتهم إدارة فيسبوك بالانحياز لـ"الإسرائيلي"، مهاجماً الناشطين اليمنيين الذين شاركوا في حملة الإبلاغ". فيما الشيخ القبلي المؤيد للحوثيين أمين عاطف اعتبر الحذف "استهدافًا رقميًا" يطال حرية التعبير في اليمن، معلنًا تأسيس ما أسماها "رابطة الإعلام الشعبي اليمني". الشاعر الموالي للحوثيين محمد الجرموزي ذهب أبعد من الجميع، مدعياً أن الأمر يتجاوز حذف حسابات إلى "اختراقات واسعة وسحب بيانات"، معتبرًا أن ذلك يجب أن يدفع الجماعة إلى "قرارات عاجلة" قبل أن تتسع التداعيات.
استمرار مكافحة التضليل
وتأتي الحملة الرقمية التي تقودها منصة "واعي" في سياق تصاعد المواجهة الإعلامية على منصات التواصل الاجتماعي، إذ تهدف إلى ملاحقة وإزالة المحتوى الذي يثير الكراهية والذي تروّج له جماعة الحوثي وأنصارها. كما تقول المنصة. وحصدت الحملة خلال أيامها الأولى تأييدًا واسعًا بين أوساط الشعب ومستخدمي مستخدمي مواقع التواصل في اليمن، مقابل موجة استياء وغضب بين ناشطين موالين للجماعة.
وخلال الأيام الماضية، نجحت "واعي" في إغلاق عدد من أبرز الحسابات المرتبطة بالجماعة، ووفق آخر الاحصائيات الصادر عن المنصة بلغ عدد المنصات التي تم حذفها حتى اليوم 117 منصة تابعة للحوثيين يتابعها أكثر من 3.5 مليون متابع.
يرى مراقبون أن حذف هذه الحسابات يمثل اختبارًا حقيقيًا لقدرة الحوثيين على الصمود إعلاميًا دون منصات دعمهم التقليدية. الجماعة، بحسب تقارير أمنية، اعتمدت في السنوات الماضية بشدة على الفضاء الرقمي لنشر خطاب التطرف والتجنيد وتصوير خصومها على أنهم أعداء. لكن مع تزايد حملات التبليغ والمراقبة الرقمية من جهات يمنية ودولية، يبدو أن الحوثيين على مشارف مرحلة جديدة من التضييق الإعلامي قد تؤثر على استراتيجيتهم الدعائية.
قال المهندس فهمي الباحث، المتخصص في الأمن الرقمي، إن ما تقوم به منصة "واعي" يشكّل خطوة بالغة الأهمية لحماية المجتمع اليمني من خطاب الكراهية والتضليل الإعلامي الذي مارسته ميليشيا الحوثي لسنوات طويلة. وأوضح أن الحسابات المحذوفة كانت أدوات لنشر التحريض وتزييف الوعي وبث الانقسام بين اليمنيين، وأن الاصطفاف الشعبي الواسع خلف الحملة يعكس نضجاً جديداً في الوعي الرقمي، ويدل على أن حماية الفضاء العام مسؤولية جماعية.
وأكد الباحث دعمه الكامل لكل الجهود التي تسعى لخلق بيئة رقمية صحية تكون مساحة للحوار البناء، وتنبذ العنف والإرهاب والكراهية، مشددًا على أن مواجهة التضليل خطوة ضرورية لتحصين المجتمع من الدعاية المتطرفة.
جريمة مركبة وعرقية طائفية
ويرى الناشط الحقوقي همدان العليي أنّ مشاهد التهديد الحوثية بحجب منصات التواصل الاجتماعي عن ملايين اليمنيين، عقب حذف بعض حسابات قيادات الميليشيا، تكشف حقيقة تعامل الجماعة مع الشعب اليمني باعتباره "رهائن" تستخدمهم للابتزاز السياسي.
وأشار العليي إلى أنّ ما ورد في كتابه "الجريمة المُركّبة.. أصول التجويع العنصري في اليمن" يثبت بما لا يدع مجالاً للشك أنّ الحوثيين يوظفون معاناة اليمنيين كورقة ضغط على الحكومة ودول الإقليم والعالم، وهو ما تؤكده الأحداث الأخيرة.
وأضاف أن الجماعة لا ترى اليمنيين كمواطنين، بل كوسيلة لتحقيق أهدافها "العرقية الطائفية"، وأن تهديدها بحرمان ملايين اليمنيين من حقهم في التواصل والمعرفة والعمل، فقط لأن منصات عالمية أغلقت حسابات تحريضية حوثية، يعكس منطق العصابات التي تحتجز الأبرياء لتحقيق مكاسب غير مشروعة.
وختم العليي بأن "الرذيلة الحوثية" تتجسد في استخدام اليمنيين دروعاً بشرية ثم الادعاء بالدفاع عنهم، في تناقض فجّ يكشف طبيعة الجماعة.
فيما اعتبرت إيمان حُميد أن حملة منصة "واعي" لإغلاق الحسابات الحوثية على مواقع التواصل تمثل انتصاراً معنوياً كبيراً لليمنيين الذين أنهكتهم سنوات التضليل وتشويه الحقيقة. وأوضحت أن هذه الخطوة ليست مجرد عمل تقني، بل "انتصار للكرامة والوعي اليمني"، وأنها تبعث شعوراً جمعياً بالانتصار طال انتظاره، مؤكداً أن ما قامت به المنصة كشف أن الوعي الشعبي أقوى من كل الأصوات المأجورة التي روجت للميليشيا.
وأضاف حُميد في تعليق مفعم بالمشاعر أن اليمنيين يترقبون اليوم الذي تسقط فيه "المشروع السلالي" ويعود السلام إلى صنعاء، قائلاً إن فرحة التحرر ستكون مختلفة، فرحة تُطهِّر الروح قبل الأرض. وختم بالدعاء أن يأتي اليوم الذي يحتفل فيه اليمنيون على أرض الواقع بنهاية الكابوس الحوثي وعودة اليمن إلى مكانته الطبيعية كبلد للحياة والجمال والفن.
المصدر: نيوزيمن
كلمات دلالية: منصات التواصل الاجتماعی
إقرأ أيضاً:
الفيفا يعلن الحرب على الإساءة الرقمية: آلاف المنشورات تحت المراجعة ومخالفون خلف القضبان
قال الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) اليوم الأحد إنه كثف جهوده للتصدي للإساءة الموجهة ضد اللاعبين والحكام عبر الإنترنت وأشار إلى زيادة المحتوى الضار وإحالة المزيد من المخالفين للشرطة.
وأعلن الفيفا، بمناسبة اليوم العالمي للتسامح، أن خدمة حماية وسائل التواصل الاجتماعي التابعة له رصدت أكثر من 30 ألف منشور مسيء على المنصات منذ بداية العام وهو جزء من ما يزيد على 65 ألف منشور منذ إطلاق هذه الأداة في 2022.
ووصلت بلاغات إلى سلطات إنفاذ القانون عن 11 شخصا في الأرجنتين والبرازيل وفرنسا وبولندا وإسبانيا وبريطانيا والولايات المتحدة في 2025 بسبب الإساءة خلال مسابقات تابعة للفيفا وأحيلت حالة واحدة إلى الإنتربول.
وتلقت الاتحادات الوطنية المعنية تنبيها للسماح باتخاذ إجراءات متابعة على المستوى المحلي.
وأضاف الفيفا أنه يدرج أيضا أشخاصا يعتبرهم مسؤولين عن “سلوك شديد الإساءة” في القائمة السوداء مما يمنعهم من شراء تذاكر لبطولات أو فعاليات الفيفا المستقبلية.
ودخلت خدمة حماية وسائل التواصل الاجتماعي العديد من المسابقات هذا العام ومن بينها النسخة الأولى من كأس العالم للأندية الموسعة بمشاركة 32 فريقا في الولايات المتحدة.
وراقبت الخدمة خلال تلك البطولة 2401 حسابا نشطا عبر خمس منصات وحللت 5.9 مليون منشور ورصدت 179 ألفا و517 منشورا من أجل مراجعتها وأبلغت عن 20 ألفا و587 منشورا للمنصات.
وقال جياني إنفانتينو رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) “يجب أن تكون كرة القدم مساحة آمنة وتشمل الجميع على أرض الملعب وفي المدرجات وعلى الإنترنت”.
وأضاف “رسالتنا واضحة: لا مكان للإساءة في رياضتنا وسنواصل العمل مع الاتحادات الأعضاء في الفيفا والاتحادات القارية وسلطات إنفاذ القانون لمحاسبة المخالفين”.
وتستخدم خدمة حماية وسائل التواصل الاجتماعي مزيجا من التكنولوجيا والمراقبة البشرية للكشف عن الرسائل العنصرية أو التمييزية أو التهديدية لرصدها وتصفيتها وحظرها مع حماية متابعي اللاعبين من التعرض للمحتوى المسيء.