تطورات تتطلب التحرك السريع
تاريخ النشر: 20th, November 2025 GMT
في جلسة استغرقت ثلاث ساعات متواصلة، عقد مجلس حقوق الإنسان يوم الجمعة 14نوفمبر 2025م ،جلسة خاصة بشأن وضع حقوق الإنسان في الفاشر وما حولها ، واعتمدت قراراً يطلب من البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان إجراء تحقيق عاجل فيما نشر عن انتهاكات للقانون الدولي وجرائم ارتكبت في حق مدنيين في الفاشر وبعض المدن حولها.
مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان (فولكر تورك) ذكر “لا ينبغي لأحد منا أن يُفاجأ بالتقارير التي تفيد بأنه منذ انتشار الدعم السريع في الفاشر انتشرت عمليات القتل الجماعي للمدنيين وعمليات الإعدام لأسباب قبلية واثنية وزادت جرائم العنف الجنسي و عمليات الاختطاف مقابل فدية واعتقالات تعسفية واسعة النطاق وهجمات علي المرافق الصحية والطواقم الطبية والعاملين في المجال الانساني والكثير من الفظائع المروعة، ثم ذكر أنه تم تصوير بقع الدم علي أرض الفاشر عبر الأقمار الاصطناعية لتبقى الوصمة المسجلة في تاريخ المجتمع الدولي أقل وضوحا لكنها ليست أقل إدانة”
انتهى حديث فولكر تورك
الفاشر الآن بلغة القانون تشكل مسرح الجريمة، والأدلة الدامغة علي تورط المليشيا الإرهابية موجودة ومرصودة وواضحة لا تقبل الشك إلى جانب شهادة شهود عيان من الفارين من جحيم الجرائم في الفاشر ، نعم أسوأ سيناريو في الحرب قد حدث للأسف.
طلب القرار من بعثة تقصي الحقائق الدولية المستقلة بشأن السودان إجراء تحقيق عاجل بما يتفق مع ولايتها لاسيما في الجرائم والانتهاكات التي حدثت، وكذلك طلب القرار تحديد المسؤولين الذين يعتقد أنهم مشتبه فيهم لتحديد الجناة وضمان عدم إفلاتهم من العدالة.
القرار دعا أيضا إلى وقف فوري وكامل لإطلاق النار وإنشاء آلية مستقلة لمراقبة تنفيذ وقف إطلاق النار ، وأكد القرار على ضرورة احترام وحدة السودان وسلامة أراضيه ورفض أي محاولات لإنشاء سلطة موازية في مناطق انتشار المليشيا المتمردة.
علي الضفة الأخرى رحبت الخارجية السودانية بالقرار وأكدت على تعاون السودان مع آليات حقوق الإنسان العاملة في البلاد بما في ذلك المكتب القطري للمفوضية السامية لحقوق الإنسان، والخبير المعين المعني بحالة حقوق الإنسان في السودان.
هذة المرة نلاحظ أن لغة مجلس حقوق الإنسان (حاسمة) في الطلب الذي قدم للجنة تقصي الحقائق للتحقيق في الجرائم والانتهاكات التي ارتكبت في الفاشر وأسماء من يشتبه أنهم مسؤولين عن هذة الانتهاكات، المجلس قد لا يمتلك قوة الاجبار لكن القرارات الصادرة عنه تملك قوة قانونية وأخلاقية تأخذ بها المحاكم الدولية ويمكن تحويلها لمجلس الأمن، لذا نحن الآن أمام قرار يجعل المجتمع الدولي يتقدم خطوة مؤثرة علي الطريق الصحيح.
علي صعيد متصل نجد أن هناك تصريحات جديرة أن توضع في الاعتبار وهي تصريحات وزير الخارجية الأميركي (ماركو روبيو) الذي أدلى بها خلال مشاركته في اجتماعات مجموعة السبع في كندا، والتي تناولت عدداً من القضايا الدولية ومنها مناقشة الحرب في السودان ، إذ قال “المشكلة الأساسية التي نواجهها هي أن الدعم السريع يوافق علي الأمور ثم لا يفي بها “،، ودعا لوقف دعمها بالسلاح من الخارج، في ذات الأثناء شددت وزيرة الخارجية الكندية (انيتا اناند) علي ضرورة احترام القانون الدولي وأهمية وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين ، وتقديم الجناة الذين ارتكبوا جرائم حرب للعدالة، بعد ذلك ( بساعتين) -فقط- صرح (مسعد بولس) أن الولايات المتحدة الأمريكية تحث الأطراف على الموافقة علي الهدنة الانسانية”، قد يثور تساؤل هنا حول التباين في تصريح المسؤولين الاميركيين مع الوضع في الاعتبار أن (روبيو) رجل قانون تبنى عدداً من القضايا الحقوقية الدولية في كل من الصين وفنزويلا وكوبا ،،
فهل خالف الوزير الخط المعروف والمعلن للإدارة الأميركية وصرح بما يؤمن به ضد من ينتهك حقوق الانسان ،،، هل هو تباين في الآراء أم تبادل في الأدوار ؟؟ وهل تصريحات بولس (المتوافقة مع الموقف الأميركي الرسمي و المعلن) هدفت إلى تصويب الوزير الأميركي واعادة البوصلة الأميركية نحو ذات الهدف ، أم هي عملية انتقال للولايات المتحدة الأمريكية لمرحلة استخدام الضغط علي كل الأطراف لكن الوزير وجه رسالته لطرف واحد فقط ، في كل الأحوال التناقض يطرح سؤالاً أهم وهو ما مدى شكل التنسيق داخل الإدارة الأميركية في النظر للحرب في السودان لأن التصريحين صدرا في توقيت متقارب وفي سياق دبلوماسي واحد ، لكنه يعزز الازدواجية في الرؤية الأميركية، في كل الأحوال الولايات المتحدة الأمريكية تبحث فقط عن مصالحها ليس إلا،،، وهذا هو الثابت دائما في المواقف الأميركية .
بالأمس وبعد لقاء ترامب مع ولي العهد السعودي (الامير محمد بن سلمان) بالبيت الابيض ، أعلن ترامب أنه ماض في ايجاد حل لوقف الحرب في السودان ، بمعني أن الولايات المتحدة الأمريكية تجاوزت مرحلة ابداء القلق والشجب والادانة إلى مرحلة البحث عن الحلول الجادة لوقف الحرب.
لذلك قد تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى إيجاد حل ينهي الحرب ويمنع (دويلة الشر) من تمويل ودعم المليشيا الإرهابية ،، لكن هل تبقي الولايات المتحدة بعلاقاتها و(استثماراتها) مع (دويلة الشر) ، أم سيتم (ركنها علي جنب) واستبدالها بالمملكة العربية السعودية التي وصفها ترامب بأنها “حليفا رئيسيا من خارج حلف الناتو” كما أن للمملكة مع الولايات المتحدة الأمريكية استثمارات هائلة وملفات حيوية مشتركة ، ومسار تفاوضي مفتوح و مستمر جعل (التطبيع) ممكنا ،، في كل الاحوال التقارب الأميركي السعودي لا يصب في مصلحة دويلة الشر.
وسط كل هذة التطورات والتكهنات يجب علي الحكومة السودانية أن تضع مطلوباتها وتحدد أهدافها، ، وأولها تصنيف المليشيا جماعة إرهابية وتجريمها دولياً لارتكابها جرائم وانتهاكات ضد المدنيين ، وإبعاد دويلة الشر نهائياً عن ملف الحرب في السودان وتجريمها لدعم المليشيا، والاستفادة من التصريحات الأميركية والتحركات السعودية .
د. إيناس محمد أحمد
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الولایات المتحدة الأمریکیة حقوق الإنسان فی السودان فی الفاشر
إقرأ أيضاً:
لارتكابه جرائم حرب.. الاتحاد الأوروبي يفرض عقوبات على النائب الثاني لقائد قوات الدعم السريع
أكد الاتحاد الأوروبي أن أي حل دائم لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال عملية سياسية شاملة تقودها سودانياً وتُملكها سودانياً، تُعالج جذور الصراع، مثل تهميش المناطق الطرفية.
فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على عبد الرحيم حمدان دقلو، النائب الثاني لقائد قوات الدعم السريع، في إطار مساعيه لتحقيق المساءلة حول الجرائم المرتكبة في السودان.
وجاء القرار بعد أسابيع من سيطرة القوات على مدينة الفاشر، وسط تقارير موثقة عن استهداف ممنهج للمدنيين.
وأدان الاتحاد في بيان رسمي، "استهداف المدنيين، والقتل القائم على أساس عرقي، والعنف الجنسي المنهجي، وتجويع السكان كوسيلة حرب، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية".
ووصف هذه التصرفات بأنها "انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي، قد تصل إلى مستوى جرائم حرب وإبادة جماعية".
المساءلة محور الاستراتيجية الأوروبيةوأكد الاتحاد الأوروبي أن ضمان المساءلة يشكل محور استراتيجيته تجاه السودان، وتعهد بتعزيز دعمه لتوثيق الانتهاكات والتحقيق فيها بالتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية وبعثة التحقق الأممية، بهدف كسر دائرة الإفلات من العقاب التي تغذي دوامة العنف.
كما حث الاتحاد جميع الأطراف الخارجية على الالتزام الكامل بحظر الأسلحة المفروض من مجلس الأمن، ووقف أي توريد للأسلحة لأي طرف في الصراع، داعياً إلى توسيع نطاق الحظر ليشمل كامل الأراضي السودانية، وتوسيع ولاية المحكمة الجنائية الدولية لتشمل جميع الجرائم المرتكبة.
وطلب الاتحاد الأوروبي من جميع أطراف الصراع استئناف المفاوضات فوراً، بهدف التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار، وفقاً لبيان الرابطة الرباعية الصادر في 12 سبتمبر.
وتعهد بالاستمرار في العمل مع الرابطة الرباعية وشركاء دوليين، بما فيهم رئاسة مؤتمري باريس ولندن، لإنقاذ المدنيين وإيجاد حل سياسي.
الوصول الإنساني غير مشروطوأكد الاتحاد الأوروبي أن حماية المدنيين وضمان وصول المساعدات الإنسانية لا يمكن تأجيلها حتى بعد وقف إطلاق النار. وطالب جميع الأطراف بإتاحة مرور آمن للمدنيين الراغبين في مغادرة الفاشر والمدن المحاصرة، والإفراج الفوري عن الرهائن، وضمان حماية العاملين في المجال الطبي والإنساني والمنظمات المحلية.
ودعا إلى إزالة جميع العقبات الإدارية، بما في ذلك الرسوم والضرائب على المنظمات الإنسانية، وتسريع إصدار التأشيرات وأذونات السفر، ومنع أي ترحيل تعسفي للموظفين. كما طالب بتمكين الأمم المتحدة من وجود دائم في دارفور ومناطق خارج سيطرة القوات المسلحة.
وتعهد بدعم الحوار بين المجموعات السياسية المدنية، بالتعاون مع الاتحاد الأفريقي ومنظمة إيغاد والرابطة الرباعية. أعاد الاتحاد الأوروبي التأكيد على دعمه الكامل لسيادة السودان ووحدته الإقليمية، ورفض أي محاولة لإنشاء هياكل حكم موازية، أو أي إجراء يؤدي إلى تقسيم البلاد، أو تدخل خارجي يزيد من تأجيج الصراع.
Related السودان: 90 ألف نازح من الفاشر خلال أسبوعين وسط تراجع غير مسبوق في المساعداتبعثة أممية للتحقيق في انتهاكات الفاشر.. والبرهان يعلن التعبئة العامة لمواجهة "الدعم السريع"فيديو.. لاجئون سودانيون يروون قصص هروبهم من أحداث الفاشر الفاشر تسقط… والجوع ينتشرمع سقوط مدينة الفاشر في 23 أكتوبر، دخلت الأزمة الإنسانية في السودان مرحلة جديدة من التدهور، حيث نزح أكثر من نصف مليون مدني إلى مخيمات مكتظة تفتقر لأبسط مقومات الحياة في دارفور والمناطق الحدودية.
ووثقت تقارير ميدانية انتهاكات ممنهجة شملت مداهمة منازل وقتل مدنيين واعتداءات جنسية، دفعت عشرات الآلاف إلى الفرار عبر طرق خطرة، وفقاً لمسؤولي الإغاثة، فإن "الوضع لم يعد مجرد كارثة، بل تحول إلى انهيار شامل".
ووفقاً لأحدث بيانات منظمة الصحة العالمية، تجاوز عدد ضحايا الحرب 40 ألف قتيل منذ أبريل 2023، بينما نزح داخلياً ما بين 12 إلى 13 مليون شخص.
وتكشف الأمم المتحدة أن نحو 22 مليون سوداني - ما يقارب نصف السكان - يعانون انعداماً حاداً في الأمن الغذائي.
وتصنف الأمم المتحدة وضع الجوع في السودان بالمستويات "المتأزمة" و"الطارئة" و"الكارثية"، حيث يعاني أكثر من 21 مليون شخص من الجوع، بينهم 6 ملايين في مرحلة متقدمة، و370 ألفاً دخلوا مرحلة "الجوع المطلق" منذ سبتمبر الماضي.
انتقل إلى اختصارات الوصول شارك محادثة