القبيلة اليمنية.. الرمح الثاقب والصخرة الصماء في وجه الاستكبار
تاريخ النشر: 20th, November 2025 GMT
في لحظةٍ تاريخيةٍ فارقة، تتشظَّى فيها الأممُ تحت وطأةِ الهوانِ السياسي وتتفشى عدوى المساومةِ الرخيصة، تظل القبيلةُ اليمنيةُ هي الرمحَ الثاقبَ الذي يرفضُ الانكسار، وقلعةَ الصمودِ التي تبصق على مشاريعِ الاستعمار الجديدةِ وأدواتها.. إنها الذاكرةُ الحيةُ للأُمَّـة، ومستودعُ القوة التي تتدفقُ كلما احتاجت الأرض إلى طوفانٍ يجرفُ الظلمَ ويقيمُ ميزانَ العدلِ بحد السيف.
هكذا كانت على مر الدهور، وهكذا هي اليومَ في معركةِ العزةِ الشاملة، متوَّجةً بالبسالة، تنبضُ في عروقِها دماءُ أشجعِ فرسانِ التاريخِ وأصلبهم عودًا.
إنها حكايةُ الأرض التي لا ترضخُ لغاصب، وسيرةُ القومِ الذين جعلوا من الضراوةِ المقدسةِ منهاجًا، ومن المواجهةِ الفاصلةِ مصيرًا.
إننا لسنا بصددِ الحديثِ عن قبائلَ عادية، بل عن القبيلةِ اليمنيةِ التي تُعد صلب العروبة، والميزاب الذي يصب منه فيضانُ النخوةِ على جبينِ الأُمَّــة كلما استدارت بها الخطوب، والكيانُ الصلب الذي لا تهزه الأعاصيرُ، ولا تثنيهِ عادياتُ الزمان؛ فهي نسغ الشجرةِ الطيبةِ التي ضُربت جذورُها في أعمقِ أعماقِ الكرامةِ الأزلية.
حيث شهد العقدُ الماضي تجلي هذه العزيمةِ في أبهى صورها، حين انبرى هذا الكيانُ الأصيلُ ليتصدى بصدورِ رجالهِ لتحالفِ العدوانِ السعوديّ الأمريكي، في ملحمةٍ فارقةٍ غيرت وجهَ المنطقة.
لقد كانت القبيلةُ هي المعينَ الفياضَ الذي رفدَ جبهاتِ العز والكرامة؛ إذ سيرت مئاتِ الآلاف من فلذاتِ الأكباد، مجاهدين شجعانًا كأنهم قِطَعٌ من حديدٍ ونار، لا يعرفون النكوص.
ولم تكتفِ القبيلةُ بتقديمِ الرجال، بل سيّرت عشراتِ الآلاف من قوافلِ الإسنادِ والدعم، مترجمةً معنى النفير العام بالمالِ والغذاءِ والتموين، ليصبحَ كُـلّ بيتٍ يمنيٍّ ثكنةً، وكلُّ فردٍ فيهِ مشروعَ شهادة، ورسالتُها واضحة: لا دمارَ ولا ركامَ ولا قوةَ عظمى تنالُ من عزيمتِها.
وفي هذا المنعطفِ التاريخي الفاصل، تخرجُ القبيلةُ اليومَ بوزنها التاريخي وعمقها الإيماني، منخرطةً بالكاملِ في معركةِ الفتحِ الموعودِ والجهادِ المقدس، نصرةً لغزةَ وفلسطين.
حينَ ظن العدوّ، الأمريكي والإسرائيلي وأحذيتهم من بعران الخليجِ وأدواتهم الرخيصة، أن الحصارَ والتجويعَ وخنقَ الشعبِ اليمني سيثنيهِ عن موقفهِ المتجسدِ في المشروعِ القرآني تحت قيادةِ سليلِ الطهر، حفيدِ فاتحِ خيبر، سماحةِ السيدِ عبدالملك بدرالدين الحوثي -يحفظه الله- خرجت القبيلةُ بموقفِ اليمنِ الواثقِ بالله.
إن نفيرَ القبائلِ اليومَ ليس مُجَـرّد حشد، بل هو تكوينٌ عسكري لجيشٍ عظيمٍ يمثلُ زلزالًا بشريًّا لا يوصف، صفوفٌ كجبالِ اليمنِ الشامخةِ المترابطة، تشكلُ كتائبَ كسيلِ العرمِ الجارف، لا تُحصى ولا تُرد.
هذا المد القبلي يثبتُ للعالمِ أن المجالَ اليومَ ليسَ للكلمةِ وحدها، بل هو للرصاصةِ والبندقية التي تعيدُ التوازنَ وترعبُ الطغاة.
تخرجُ القبيلةُ اليمنيةُ اليومَ وهي تشحذُ أسلحةَ الثأرِ والقصاص، بجموعٍ تتدفقُ غضبًا وحقدًا مقدَّسًا.
يتأكّـد للعالمِ أجمعَ أن القبيلةَ اليمنيةَ ليست مُجَـرّد بنيةٍ اجتماعية، بل هي معادلةُ القوةِ التي تبددُ أوهامَ الهيمنة، والصخرةُ الصماءُ التي تتكسرُ عليها مؤامراتُ الاستكبار.
إن هذا النفيرَ الكاسح، الذي يتجذرُ في عمقِ الإيمانِ والضميرِ الحي، ليسَ مُجَـرّد ردِ فعلٍ عابر، بل هو إيذانٌ تاريخي بميلادِ توازنٍ جديدٍ ترسمُهُ دماءُ الشهداءِ وبسالةُ المجاهدين، وإنَّها شهادةٌ دامغةٌ تسجلُ في سجل الدهرِ أن مجدَ الأمم لا يصادر، وأن قضيةَ الأقصى لا تقبلُ المساومةَ ولا الانثناء.
فليعلمِ القاصي والداني أن الرمحَ اليماني سيظلُ مشرعًا لا يخبو، وأن الكيانَ القبلي سيبقى الحصنَ المنيعَ الذي منهُ تصنعُ الملاحم، وعليهِ يرتكزُ المشروعُ القرآني لصنعةِ الفجرِ القادم.
وفي الختام، يبقى اليمنُ قبلةَ الموقفِ الثابت، ورايةَ العزةِ الأزلية؛ نخوةٌ لا تستكين، وعزمٌ لا يلين، حتى النصرِ المؤزرِ أَو الفتحِ الموعود، وهو ماضٍ قدمًا بثقةِ الواثقينَ باللهِ تحتَ قيادةِ سليلِ الدوحةِ النبوية.
موقفٌ لا ينتهي، بل يبدأُ معهُ التاريخُ حقبةً جديدةً من الكرامةِ والإباء.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
الرمح الجنوبي.. عملية عسكرية أميركية في الكاريبي ضد شبكات المخدرات
حملة عسكرية أميركية أُطلقت في نوفمبر/تشرين الثاني 2025 بقيادة قوة المهام المشتركة والقيادة العسكرية الجنوبية (ساوثكوم) بهدف "مكافحة الإرهابيين المرتبطين بالمخدرات وتأمين نصف الكرة الأرضية الغربي".
جاءت العملية في سياق تصاعد التوتر بين أميركا وفنزويلا، وسط اتهامات متبادلة حول تهريب المخدرات والاستفزازات العسكرية، وأثارت الحملة جدلا واسعا بسبب استخدام القوة المفرطة والمخاوف المتعلقة بحقوق الإنسان وشرعية الضربات العسكرية وفق القانون الدولي.
إطلاق العمليةأعلن وزير الحرب الأميركي بيت هيغسيث يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 عن إطلاق عملية الرمح الجنوبي، قائلا إنها تهدف إلى "حماية وطننا وإزالة الإرهابيين المرتبطين بالمخدرات من نصف الكرة الأرضية الغربي، وتأمين وطننا من المخدرات التي تقتل شعبنا".
وقال هيغسيث في منشور له على منصة إكس إن المهمة تقودها قوة المهام المشتركة والقيادة العسكرية الجنوبية الأميركية (ساوثكوم)، مضيفا أن "نصف الكرة الأرضية الغربي هم جيران أميركا وسنحميهم".
وبحسب مصادر، تتألف العملية من حشد عسكري واسع يضم نحو 15 ألف جندي وما يقرب من 12 سفينة تابعة للبحرية الأميركية، من بينها نشر حاملة الطائرات يو إس إس جيرالد فورد، أكبر حاملة طائرات في العالم، في المنطقة.
وفي يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلنت "ساوثكوم" وصول حاملة الطائرات الأميركة المذكورة إلى البحر الكاريبي، مضيفة أنها ستنضم إلى القوات الموجودة في الكاريبي، بما فيها المجموعة البرمائية ووحدة من مشاة البحرية (المارينز).
وقد بدأت الولايات المتحدة في سبتمبر/أيلول 2025 حملة مكافحة المخدرات، منفذة ضربات ضد سفن يشتبه بتورطها في التهريب، مع الإبلاغ عما لا يقل عن 20 ضربة من هذا النوع، أسفرت عن مقتل نحو 80 شخصا.
ووفق مصادر، فقد أثارت العمليات العسكرية في الكاريبي قلقا دوليا، إذ تردد أن المملكة المتحدة أوقفت مؤقتا تبادل المعلومات الاستخباراتية بسبب مخاوف تتعلق بشرعية الضربات الأميركية بموجب القانون الدولي.
وكان الجيش الأميركي قد أعلن في أواخر يناير/كانون الثاني 2025 أن الأسطول الرابع في البحرية الأميركية سيبدأ عملية جديدة تحمل أيضا اسم "الرمح الجنوبي"، وتهدف إلى "تفعيل مزيج متنوع من الأنظمة الروبوتية والذاتية لدعم عمليات الكشف والمراقبة المتعلقة بالاتجار غير المشروع، مع استخلاص الدروس لاستخدامها في مسارح عمليات أخرى".
سياق العمليةتأتي عملية الرمح الجنوبي في سياق تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وفنزويلا، إذ اتهمت واشنطن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بقيادة شبكة "كارتل الشمس" المرتبطة بتهريب المخدرات والفساد السياسي، إضافة إلى علاقته المزعومة بعصابة "ترين دي أراغوا".
إعلانمن جانبها، نفت كاراكاس هذه الاتهامات بشدة، واعتبرت أن العملية العسكرية تمثل استفزازا وتهديدا مباشرا لسيادة فنزويلا الوطنية، وسط مخاوف من أن تستخدم الولايات المتحدة الوسائل العسكرية للإطاحة بالحزب الاشتراكي الموحد الحاكم.
وأعلنت القيادة الفنزويلية في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني 2025 تعبئة قواتها في مختلف أنحاء البلاد تحسبا لأي هجوم أميركي محتمل، مؤكدة تفعيل قانون الدفاع الشامل في مواجهة ما وصفته بالتحركات العسكرية الأميركية المتزايدة.
ويشتبه منتقدو الرئيس الأميركي دونالد ترامب في أن هذه العمليات العسكرية قد تكون تكتيكا لتشتيت الانتباه عن الضغوط الداخلية، إذ يتعرض ترامب لضغوط متزايدة للكشف عن ملفات جيفري إبستين المتهم بقيادة شبكة للإتجار بالجنس.
وتسببت عملية الرمح الجنوبي في جدل دولي واسع بسبب الهجمات على قوارب يُشتبه بتهريبها المخدرات، إذ لم تقدم الولايات المتحدة أدلة واضحة حول من كان على متنها، بينما أصيب أو قُتل الركاب دون أن يشكلوا تهديدا مباشرا.
وأعرب الحلفاء الفنزويليون عن دعمهم للبلاد، فيما أكدت الصين دعمها لمكافحة الجريمة العابرة للحدود مع احترام حقوق الإنسان وسلامة الشحن في المياه الدولية.
كما صرح المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن الحكومة الروسية لا تتوقع أي خطوات قد تزعزع الاستقرار الإقليمي، مؤكدا أن جميع الإجراءات يجب أن تكون متوافقة مع القانون الدولي.
وفي إطار العملية العسكرية، أعلنت السلطات في جمهورية الدومينيكان يوم 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2025 ضبط شحنة كبيرة من الكوكايين على متن زورق اُعترض أثناء عملية مشتركة مع الولايات المتحدة.
وأكدت السلطات أن الوحدات المختصة نفذت إجراءات واسعة النطاق للقبض على عدد من الأشخاص الذين كانوا يقتربون من السواحل الدومينيكية على متن الزورق المحمل بالمخدرات، وجاءت العملية "دعما لعملية الرمح الجنوبي" حسب تعبير تلك السلطات.