إيران: الوكالة الذرية خرقت التزاماتها واتفاق القاهرة بات بلا قيمة
تاريخ النشر: 20th, November 2025 GMT
اعتبرت إيران أن اتفاق القاهرة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم يعد ساريا بعد تبنّي مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية -الخميس- قرارا يطالبها بالتعاون الفوري فيما يتعلق بمنشآتها النووية ومخزونها من اليورانيوم المخصب.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية إسماعيل بقائي إن الاتفاق -الذي وُقّع بعد حرب الـ12 يوما مع إسرائيل– كان يهدف أساسا إلى خفض التصعيد وتقديم ضمانات بشأن الملف النووي.
لكن الموقف تغير الآن حسب حديث بقائي للجزيرة، إذ لم تعد للاتفاق أي قيمة بالنسبة لإيران.
وكانت القاهرة أعلنت في 9 سبتمبر/أيلول الماضي توصّل إيران والوكالة الدولية إلى اتفاق لاستئناف التعاون بينهما الذي توقف في يونيو/حزيران 2025، وذلك عقب وساطة مصرية.
وأكد بقائي أن إيران كانت واضحة منذ البداية بأن أي هجوم أو عمل عدائي ضدها سيؤثر على موقفها تجاه الاتفاق، مشيرا إلى أن الوكالة الدولية "أخلّت بالتزامها من خلال تقديم معلومات عن المواقع النووية".
ووفق المسؤول الإيراني، فإن المنشآت المستهدفة كانت تحت تفتيش الوكالة ورقابتها، لكن الولايات المتحدة وإسرائيل هاجمتا تلك المنشآت بطريقة "غير قانونية"، وهو ما تغير بموجبه موقف طهران.
وقال بقائي إن الهجمات على المنشآت غيرت الأساس الذي بُني عليه اتفاق القاهرة.
وكانت منشآت نووية إيرانية -بينها نطنز وفوردو– تعرضت لغارات إسرائيلية وأميركية في إطار هجوم استهدف وقف برنامج طهران النووي.
وبشأن إمكانية العودة للتعاون مع الوكالة، أوضح بقائي أن الأمر يعتمد على احترام المجتمع الدولي الالتزامات، وعدم التهاون في مساءلة من ينتهك القوانين الدولية، مؤكدا أن قرار الوكالة الأخير لم يتضمن اتخاذ أي إجراء عقابي ضد إيران.
وتأتي تصريحات طهران بعد إقرار مشروع قرار غربي في الوكالة الدولية للطاقة الذرية على خلفية استمرار التوترات الإقليمية بين إيران من جهة، والولايات المتحدة وإسرائيل من جهة أخرى.
إعلانواعتمد القرار الذي قدمته الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية (فرنسا وبريطانيا وألمانيا) خلال اجتماع مجلس المحافظين في العاصمة النمساوية فيينا بأغلبية 19 صوتا مقابل 3 أصوات معارضة (روسيا والصين والنيجر) وامتناع 12 صوتا.
وسبق لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن قال إن بلده وقّع اتفاقية مع الوكالة الذریة بشأن شكل جديد من التعاون بين إيران والوكالة في القاهرة بعدما "لم يعد من الممكن استمرار التعاون مع الوكالة كما كان من قبل".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات الوکالة الدولیة مع الوکالة
إقرأ أيضاً:
بعد قرار الوكالة الذرية.. هذه أبرز السيناريوهات التي تنتظر النووي الإيراني
طهران- في خضم تداعيات الهجمات الأميركية والإسرائيلية على المنشآت النووية الإيرانية، اعتمد مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، اليوم الخميس، قرارا يطالب طهران بتعاون "كامل ودون تأخير" بحالة مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب ومواقعها الذرية التي تعرضت للقصف، مما رسم علامة استفهام حول مستقبل الملف في ظل تحذير إيراني من إعادة النظر في سياساتها.
ويرى محللون إيرانيون أن الخطوة الأخيرة تُنذر بمرحلة جديدة من التعطل في الملف النووي، حيث تتمسك العواصم الغربية بسياسة الضغوط القصوى، وترفض طهران أي حوار يجري تحت وطأة التهديد أو الإملاء.
وفي المقابل، وصفت إيران القرار بأنه خطوة غير بناءة تحمل دوافع سياسية واضحة، وتُوظف لخدمة أجندات بعيدة عن المسار الفني للملف النووي.
وفي تعليق عقب إقرار الوكالة الذرية للقرار الغربي ضد طهران، قال المندوب الإيراني الدائم لدى الوكالة رضا نجفي إن هذه الخطوة تمثل محاولة من "الترويكا الأوروبية والولايات المتحدة" لتعويض إخفاقها في تفعيل "آلية الزناد".
واعتبر أن هذه المساعي "عديمة الجدوى وتفتقر إلى المصداقية" مؤكدا أن البرنامج النووي الإيراني ذو طابع سلمي ويخضع بشكل مستمر لرقابة الوكالة.
قلق غربيوفيما يؤكد نجفي أن بلاده لن تلتزم بهذا القرار وترفض كل ما ورد فيه بما في ذلك طلب تنفيذ البروتوكول الإضافي، شدد على أن طهران سترد عليه "كما فعلنا في الحالات السابقة ولن نقف مكتوفي الأيدي وسيأتي الرد لاحقا".
ومن ناحيته، اعتبر الباحث السياسي علي رضا تقوي نيا أن الرد الإيراني على القرار آت في سياق السياسة الرامية إلى رفع تكلفة تسييس ملفها النووي وأنه لا جدوى من الخطوات الغربية النابعة عن خطأ في الحسابات.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح تقوي أن المطالب الغربية الواردة في القرار الجديد تنبع من قلق العواصم الغربية وعلى رأسها واشنطن بعد أن طال انتظارها بشأن بدء إيران إعادة إعمار منشآتها النووية التي سبق وتعرضت للقصف الإسرائيلي والأميركي، مما يطرح فرضية تفريغ تلك المنشآت قبيل القصف وإلا لم تعد هناك حاجة لصدور مثل هذا القرار.
إعلانوتابع أن التقديرات الغربية ترجح نجاح إيران في إنقاذ مخزونها من اليورانيوم المخصب بدرجات نقاء عالية من الهجوم السابق، وأن تشدد طهران بعدم السماح لمفتشي الوكالة الذرية بالوصول إلى تلك المنشآت النووية الذي أمست يؤرق الدول الغربية عما تخبئه إيران في ظل التقارير عن إخفاق الهجمات في القضاء على برنامج طهران النووي.
وبالنظر إلى سياسة الغموض التي تنتهجها طهران -خصوصا في المواقع التي استُهدفت سابقا بهجمات عسكرية- تتصاعد المخاوف الغربية من أن تكون إيران قد أحرزت تقدما كبيرا في تطوير برنامجها النووي.
ووفق المتحدث ذاته، فإن الخيارات المتاحة أمام الأوروبيين باتت محدودة للغاية، بعد أن جربوا الخيار العسكري من قبل دون أن يحقق النتائج التي كانوا يأملونها.
ولدى إشارته إلى أن مجلس محافظي الوكالة كان قد سبق الهجوم الإسرائيلي السابق على إيران بصدور قرار ضد طهران، يقول الباحث الإيراني إنه لا يستبعد أن يوفر القرار الجديد ذريعة لتكرار الحدث، مستدركا أن مهاجمة البرنامج النووي الإيراني لم تعد على رأس قائمة أولويات المحور الأميركي الإسرائيلي وأن طهران ستكون أكبر رابح من أي مغامرة قد تحاك ضدها في الوقت الراهن.
ومن جانبه كشف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن بلاده أبلغت الوكالة الدولية للطاقة الذرية -ردا على قرارها الجديد- بأن اتفاق القاهرة لم يعد ساريا بعد أن فقد عمليا دوره كناظم للعلاقة بين الجانبين في مجال معاهدة الضمانات النووية.
وتعليقا على اعتماد مجلس محافظي الوكالة الذرية قرارا ضد بلاده، اعتبر عراقجي أن الولايات المتحدة والترويكا الأوروبية قوضت مصداقية الوكالة الذرية واستقلالها و"أخلت بمسار تعاوننا" معها.
سيناريوهات محتملة
يأتي ذلك فيما كان عراقجي قد أكد سابقا أنه عقب استهداف منشآت بلاده النووية في يونيو/حزيران الماضي، لم يعد هناك عمليا أي نشاط تخصيب داخل إيران، مشيرا إلى أن المواقع المتبقية تخضع بالكامل لكاميرات وإشراف مفتشي الوكالة الذرية.
وشدد -في مقابلة صحافية- على أن حق بلاده في التخصيب السلمي غير قابل للمصادرة، وأن الدبلوماسية تبقى المسار الوحيد الممكن لحل هذا الملف.
ومن ناحيته، يرى عباس أصلاني الباحث في مركز الشرق الأوسط للدراسات الإستراتيجية أن موقف عراقجي يأتي لسد الطريق في وجه المساعي الغربية الرامية إلى تشريع مواصلة عمل الوكالة الذرية في إيران بعد تقييده بفعل قانون برلماني جاء ردا على عدم إدانتها الهجوم العسكري على منشآت نووية كانت تخضع لمراقبة الوكالة ذاتها.
وفي حديث للجزيرة نت، يستشرف أصلاني تشديد التوتر بشأن ملف طهران النووي إثر تبني مجلس محافظي الوكالة الذرية قرارا جديدا ضد طهران سيدفع الأخيرة على اتخاذ خطوات متقابلة ستساهم بدورها في تعقيد الملف أكثر فأكثر.
كيف ردت إيران على قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية؟.. مراسل الجزيرة عمر هواش يرصد المشهد#الأخبار pic.twitter.com/npc1gY5G5W
— قناة الجزيرة (@AJArabic) November 20, 2025
وباعتقاد أصلاني، فإن ملف طهران النووي سيبلغ منعطفا أكثر تعقيدا عقب قرار الوكالة الذرية الأخير وأنه يستشرف 3 سيناريوهات محتملة للمرحلة المقبلة وفق التالي:
إعلان استمرار الوضع الراهن، وسيكون التصعيد المرحلي والمدروس السمة الأبرز فيه من دون اللجوء إلى الخيار العسكري، وأن حظوظ تحقيقه ستكون كبيرة. الخيار العسكري، وسيكون هذا السيناريو ممكنا عندما يرتكب أحد الأطراف خطأ في الحسابات قد يؤدي إلى تفاقم الوضع والانتقال إلى مرحلة جديدة من التوتر. نزع التوتر، وبالرغم من أن حظوظه ضئيلة لكنه ممكن عند أي مرونة قد يبديها أحد الأطراف، ذلك لأن هناك أملا في "مبادرات دبلوماسية" و"وساطات" قد تلعب دورا محوريا في تخفيف التوتر.وانطلاقا من كون القرار صدر بعد يومين فقط من إعلان كمال خرازي كبير مستشاري المرشد الأعلى استعداد طهران لبحث مقترح وساطة صينية روسية لإعادة تفعيل التعاون مع الوكالة الذرية، يرى مراقبون أن المخرج المتاح يتطلب تبني مسار دبلوماسي جاد، بعيدا عن لغة التصعيد التي لا تؤدي سوى إلى تعقيد المشهد وتعميق جذور الأزمة.