جريدة زمان التركية:
2025-11-28@19:26:32 GMT

كتاب: سيف الحرية.. كيف يقرأ يوسي كوهين مصر؟

تاريخ النشر: 24th, November 2025 GMT

القاهرة (زمان التركية)ــ يأتي كتاب يوسي كوهين “سيف الحرية” مُغلفًا بالهالة التي اكتسبها خلال سنوات عمله في الموساد، عميلًا تنقل بسهولة بين العمليات السرية والغرف السياسية رفيعة المستوى. يُقدّم الكتاب نفسه كمذكرات في التجسس وإدارة الأزمات. عمليًا، هو وثيقة سياسية، صاغتها افتراضات وغرائز رجل قضى عقودًا في قراءة الشرق الأوسط من منظور أمني.

تحتل مصر مكانةً غير مألوفة بين الأطراف الإقليمية التي يناقشها كوهين. فهي لا تظهر كثيرًا، ولكن عندما تظهر، يُغيّر وجودها مسار السرد.

إن تعامل كوهين رئيس الموساد السابق مع القاهرة، والرئيس عبد الفتاح السيسي على وجه الخصوص، يسلط الضوء على نقطة نادراً ما يتم الاعتراف بها في الكتابات الاستراتيجية الإسرائيلية: إن قرارات مصر يمكن أن تحدد حدود طموحات إسرائيل.

ويتناول كوهين اللحظة الحالية التي تعيشها إسرائيل من خلال عدسة مألوفة: بلد يواجه تهديدات وجودية، محاط بجهات عدائية، ومضطر إلى الاعتماد على قوته الخاصة.

تُشكّل هذه النظرة للعالم نظرته إلى الدول العربية. فكثير منها، في روايته، ساحات نفوذ أو شركاء مؤقتين، حيث يمكن للدبلوماسية والاستخبارات الإسرائيلية أن تُغيّر موازين القوى. ولا ينطبق هذا النمط على القاهرة.

المقطع الأكثر كشفًا في الكتاب يتعلق بمبادرة كوهين في بداية حرب غزة. ففي مواجهة احتمال التعرض لانتقادات دولية بسبب الخسائر البشرية الكبيرة بين المدنيين، صاغ كوهين مقترحًا لإنشاء ممر إنساني واسع من غزة إلى سيناء.

الخطة، التي أصرّ على أنها مؤقتة، تطلبت التنسيق مع القوى الكبرى. يروي كوهين استعداده للسفر إلى واشنطن ولندن وطوكيو وبكين ونيودلهي للحصول على ضمانات مكتوبة.

ولكنه يعترف بأن كل هذه الجهود كانت تتوقف على قرار واحد، كما كتب في الجملة الأكثر أهمية في الكتاب: “في نهاية المطاف، رفض الرئيس السيسي المبادرة”.

يُعرض الرفض بوضوح، دون أي تجميل. إلا أن تداعياته واضحة. كان بإمكان إسرائيل الحصول على دعم الولايات المتحدة وعدة قوى عالمية أخرى، لكن الخطة باءت بالفشل لحظة رفض القاهرة.

وفي رواية كوهين، لا يتم التعامل مع موقف مصر باعتباره عقبة يجب التفاوض بشأنها؛ بل هو قرار سيادي يحمل في طياته النهاية.

ويوضح كوهين أن المسؤولين المصريين فهموا المنطق وراء اقتراحه، ولكنهم خشوا من أن ما وصفه بالنزوح المؤقت قد يتحول بسرعة إلى نزوح دائم.

لا يُجادل في هذا التقييم، ولا يُشير إلى أنه كان بإمكان إسرائيل تقديم ضمانات أقوى. بل يصف الرفض ببساطة، مُقرًّا بالثقل الاستراتيجي الكامن وراءه.

تُحدد هذه الحلقة ملامح مصر في بقية الكتاب. يُفصّل كوهين العمليات في إيران، ويتناول علاقات إسرائيل مع عواصم الخليج، ويصف المشهد الدبلوماسي المحيط باتفاقيات إبراهيم.

لكن عندما يتطرق إلى القاهرة، تتغير نبرته. مصر ليست دولةً تُجرّ إلى هندسة إقليمية؛ بل هي دولةٌ تُحدد قراراتها إمكانيةَ تحقيق هذه الهندسة.

إشارات كوهين الشخصية إلى الرئيس السيسي محدودة ومُقيّدة. يصف لقاءاتهما بالوضوح والموضوعية، ويشير إلى عباس كامل كمستشار مؤثر. يتجنب كوهين التلميحات النفسية أو الأحكام السياسية. هذا الغياب ملحوظ.

ويبدو كوهين مستعداً للكتابة مطولا عن شخصيات إقليمية أخرى، ولكنه يتعامل مع القيادة المصرية بدرجة من المسافة، مما يوحي، ربما عن غير قصد، بأنها تقع خارج دائرة الجهات الفاعلة التي تعتقد إسرائيل أنها قادرة على تشكيلها.

إن الإشارة الموجزة في الكتاب إلى عضوية مصر في مجموعة البريكس الموسعة تُعزز هذه النقطة. صحيح أنها ليست موضوعًا رئيسيًا في رواية كوهين، إلا أنها تُشير إلى إدراك القاهرة للعمل في بيئة دولية أوسع، حيث نفوذ إسرائيل محدود.

ومع عودة السرد إلى حرب غزة، يشعر القارئ بأن نقطة التحول بالنسبة لكوهين لم تكن الفشل الاستخباراتي المحيط بـ 7 أكتوبر/تشرين الأول فحسب، بل أيضاً الحقيقة الدبلوماسية المتمثلة في أن إسرائيل لا تستطيع تنفيذ استراتيجيتها المفضلة من دون موافقة مصر.

إن “الشرق الأوسط الجديد” الذي يسعى كوهين إلى وصفه، والذي بني حول التحالفات المتغيرة، والتعاون التكنولوجي، وإعادة ترتيب التحالفات في الخليج، يلتقي بالحدود في اللحظة التي يصل فيها إلى الحدود الغربية لمصر.

بالنسبة للقراء المصريين، فإن قيمة كتاب “سيف الحرية” لا تكمن في إعادة سرد الأزمات الإقليمية المألوفة، بل في النظرة الخاطفة التي يقدمها إلى كيفية تفسير المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لخيارات القاهرة.

إن مصر التي يخرج بها الكتاب ليست مجرد لاعب سلبي يستجيب للضغوط الخارجية؛ بل هي دولة تحدد حدود ما يمكن للآخرين أن يحاولوا القيام به.

في هذا الصدد، قد تكون الفكرة المحورية للمراجعة هي الأبسط. يُعدد كوهين عدة قوى يعتقد أنها ستُشكل المنطقة في السنوات القادمة: القيادة الخليجية، والسياسة الأمريكية، والطموحات النووية الإيرانية. ومع ذلك، فإن التدخل الأكثر حسمًا في روايته هو سطر قصير يُقر فيه برفض مصر التعاون مع خطة اعتبرها أساسية.

لا يُصوّر الكتاب هذا الأمر على أنه فشل دبلوماسي أو سوء فهم لمصر، بل يُقدّمه كواقع إقليمي.

هذا يجعل كتاب “سيف الحرية” أكثر فائدة بكثير مما قصده مؤلفه. فهو يُتيح نافذة نادرة على حدود القوة الإسرائيلية كما تُرى من داخل النظام الذي غالبًا ما يتخيل نفسه بلا قيود. كما يُؤكد على أمرٍ أدركه المصريون منذ زمن طويل: أن بلادهم تلعب دورًا مُستقرًا في المنطقة، ليس من خلال الخطابات أو الطموحات، بل بفضل قرارات ملموسة متجذرة في السيادة والاستراتيجية.

يروي كوهين قصتين في آنٍ واحد. إحداهما قصة صمود إسرائيل، وخبرتها الاستخباراتية، ووضوحها الاستراتيجي. أما القصة الأخرى، المُضمَّنة بين السطور، فهي قصة نظام إقليمي لا تزال مصر طرفًا حاسمًا فيه. وهذه القصة الثانية هي التي تعطي الكتاب أهميته الدائمة.

Tags: سيف الحريةكتاب - سيف الحرية -يوسي كوهين pdfكتاب سيف الحريةيوسي كوهين

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: سيف الحرية يوسي كوهين فی الکتاب

إقرأ أيضاً:

موعد افتتاح مهرجان العسل المصري بحديقة الحرية.. العروض والفعاليات

مهرجان العسل المصري.. ساعات قليلة تفصلنا على افتتاح مهرجان العسل المصري، بمشاركة الشركات المتخصصة، و بالتعاون مع الاتحاد العربي للنحالين، حيث تسليط الضوء على الجودة الفائقة للعسل المصري والتعريف بأحدث الأبحاث في عالم تربية النحل. فتساءل الكثير من المواطنين عن موعد افتتاح مهرجان العسل المصري.

وفي هذا الصدد، توفر «الأسبوع»، لزوارها ومتابعيها كل ما يخص موعد افتتاح مهرجان العسل المصري، وذلك من خلال خدمة إخبارية شاملة يقدمها الموقع على مدار اليوم من خلا السطور التالية:

موعد افتتاح مهرجان العسل المصري

ويكون موعد افتتاح مهرجان العسل المصري اليوم الخميس، ضمن فعاليات الدورة الثامنة بحديقة الحرية في الزمالك، وتستمر فعاليات مهرجان العسل المصري حتي يوم 30 نوفمبر الجاري،

وسيشارك في حفل افتتاح مهرجان العسل المصري في دورته الثامنة السفير السلوفيني بالقاهرة، مصاحباً لكبار المسؤولين المدعوين، وفي مقدمتهم الوزير الدكتور إبراهيم صابر، محافظ القاهرة، والدكتور علاء عزوز، رئيس قطاع الإرشاد الزراعي بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضي المصرية، نائباً عن الوزير علاء فاروق، وزير الزراعة واستصلاح الأراضي، وسيشارك أيضاً الشركات المتخصصة، و بالتعاون مع الاتحاد العربي للنحالين

فعاليات مهرجان العسل المصري

ويقدم مهرجان العسل المصري هذا العام برنامجا متنوعا من الفعاليات، يضم معرضا لبيع وتذوق منتجات العسل من مختلف محافظات مصر، إضافة إلى معرض متخصص لمستلزمات تربية النحل، كما يشمل ندوات علمية وجلسات نقاشية يقدمها خبراء محليون وعرب، إلى جانب مسابقات وأنشطة ترفيهية وجوائز للجمهور.

وتضم النسخة الثامنة من مهرجان العسل المصري ما يقرب من 75 عارضاً من مصر والسعودية واليمن وليبيا، وتشمل فعاليات المهرجان، بالإضافة إلى معرض بيع العسل، مجموعة من الأنشطة المتخصصة تشمل: حلقات نقاشية وورش عمل حول تطور صناعة إنتاج نحل العسل ومنتجاته المختلفة، حلقات تثقيفية حول التغذية بعسل النحل وفوائده.

وتشير الإحصاءات إلى أن متوسط عدد زوار المهرجان في الدورات السابقة بلغ نحو 3500 زائر يوميا، فيما تجاوز عدد المشاركين من النحالين ألف نحال من مصر ودول عربية متعددة، ما يعكس الإقبال المتزايد على المهرجان والدعم المتنامي لصناعة العسل.

اقرأ أيضاًوزير الزراعة يبحث تعزيز التعاون العربي لتطوير القطاع وتمكين صغار المزارعين

انطلاق الدورة الثامنة من مهرجان العسل المصري غدًا بحديقة الحرية بالزمالك

بمشاركة 60 عارضًا.. بدء فعاليات مهرجان العسل المصري في نسخته السابعة

مقالات مشابهة

  • لبنان يقدم شكوى إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل لبنائها جدارين داخل حدوده
  • المناضل علي سلامة.. رمز الحرية والديمقراطية في مصر
  • محافظ القاهرة يفتتح مهرجان العسل المصري الثامن بحديقة الحرية
  • افتتاح مهرجان العسل المصرى الثامن بحديقة الحرية بالزمالك
  • “العفو الدولية”: الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة لم تتوقف
  • موعد افتتاح مهرجان العسل المصري بحديقة الحرية.. العروض والفعاليات
  • كاتس: لسنا على طريق السلام.. عراقجي: المناطق التي احتلتها إسرائيل في سوريا أكبر من غزة!
  • العفو الدولية: الإبادة الجماعية التي ترتكبها "إسرائيل" بغزة لم تتوقف
  • منظمات حقوقية دولية: الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في غزة لم تتوقف
  • محلل سياسي: التصعيد في لبنان يصب في مصلحة إسرائيل واستمرار الاحتلال