من بين الركام، وعلى أطلال بيتٍ محطّم في بيت لاهيا شمالي قطاع غزة ، يقف يوسف الشافعي، شاب في مطلع العشرينيات من عمره، يدرس الطب البشري في جامعة الأزهر الشريف بمصر. عاد إلى مدينته ليجد نفسه فجأة الأب والأم والأخ الأكبر لخمسة إخوة صغار، بعدما التهمت الحرب عائلته كاملة.

يقول يوسف وهو ينظر إلى الركام الذي كان يومًا منزلهم:

“كان والدي دائمًا يقول: حافظ على القرآن، سيحفظك الله.

.. واليوم أعيش على هذا الوعد. أحاول أن أكون قدوة لإخوتي، وأن أملأ الفراغ الكبير الذي تركه غيابهم.”

حياة بسيطة قبل الإبادة

يوسف، الشاب الهادئ الحافظ لكتاب الله، نشأ في أسرة عُرفت بتدينها والتزامها الديني والوطني ، تتكوّن من ثمانية أفراد وشاء القدر أن يكون الثاني على الجميع . والده كان يعمل بجد لتأمين حياة كريمة لأسرته، ووالدته كانت الحاضنة الدافئة التي تجمع الجميع حول مائدة الطعام كل صباح .

لكن كل ذلك تبدّد في ليلة واحدة

في مارس 2023، غادر يوسف غزة متجهًا إلى مصر لاستكمال دراسته. وبعد أيام قليلة، اندلعت الحرب وأُغلِق المعبر، فانقطعت به السبل في الجنوب بخمية مع جدته ،وانفصل الجنوب عن الشمال. لم يكن يدري أن تلك الرحلة ستكون آخر مرة يرى فيها عائلته.

يستذكر يوسف تفاصيل الفقد بصوتٍ خافت:

“في 13 نوفمبر 2024 استُشهد والدي وأخي الأكبر بعدما أعدمهم جيش الاحتلال أمام أعين إخوتي. لم أكن معهم وقتها، كنت في الجنوب مع جدتي. بعد أسبوعين فقط، في 29 نوفمبر، استُشهدت أمي وأخي الأصغر بقصفٍ استهدف المنزل. كنت أتلقى الأخبار وكأنها طعنات متتالية لا تتوقف.”

بداية التحول

عاش يوسف صدمة متتالية، لكنه سرعان ما وجد نفسه أمام مسؤولية ثقيلة.

“أدركت أنني لم أعد أملك رفاهية الانهيار. إخوتي الصغار بحاجة إليّ. توضأت، صليت، وبكيت كثيرًا. شعرت أن الله وحده يفهمني. ومنذ تلك اللحظة بدأت حياتي الجديدة.”

القرآن صديق الإنسان

يتحدث يوسف عن علاقته بالقرآن وانه صديقه الوحيد قائلا "كلما شعرت بالضعف، أ فتح المصحف وأقرأ. كنت أجد في آيات الصبر والتوكل مواساة لا تشبه شيئًا. حين أقرأ واصبر وما صبرك إلا بالله أشعر أن الله يضع يده على قلبي.”

مسؤولية تفوق العمر

تحمّل مسؤولية إخوتِه الخمسة وحده. ينظّم حياتهم اليومية: يعتني بطعامهم، يتابع دراستهم، يواسيهم في ليالي الفقد، ويحاول أن يكون لهم سندًا نفسيًا قبل أن يكون معيلًا ماديًا.

يقول: “أصعب اللحظات هي حين يسأل أحد إخوتي عن أمّنا أو أبينا. أحاول أن أبتسم وأقول لهم إنهم في الجنة، لكن قلبي يتفتت من الداخل.”

تلقى بعض المساعدات من أقارب وجمعيات محلية، لكنها لا تكفي. ومع ذلك، يرى أن كل ضيق يعقبه فرج صغير يمنحه الأمل.

“كلما ضاق الحال، يرسل الله فرجة صغيرة، تبكيني من شدة الامتنان.”

التحدي الأكبر بالنسبة له، كما يقول، هو أن يشعر إخوته بالأمان رغم غياب العائلة.

“أريدهم أن يعيشوا حياة طبيعية قدر الإمكان، أن يضحكوا، أن يتعلموا، أن يشعروا أن لهم مستقبلًا رغم الحرب.”

لقاء بعد الغياب

حين فُتح الحاجز مؤقتًا، عاد يوسف إلى غزة سيرًا على الأقدام ليلتقي بإخوته في منطقة السرايا بمدينة غزة، حيث كانوا نازحين مع خالته. لكنه لم يتمكن حتى اليوم من معرفة مصير والده وأخيه الكبير:

“لا نعرف إن كانا قد دُفِنا أو أُخِذا من الجيش. أمي وأخي الثاني دُفِنا في المكان الذي كانوا نازحين فيه.”

اليوم، يعيش يوسف على يقينٍ بأن والديه فخوران به.

“أؤمن أنهم يرونني من مكانٍ أجمل، يبتسمون لي ويقولون: أحسنت، لم تنكسر. هذا وحده يمنحني طاقة للاستمرار.”

ويختم قائلاً: “شعاري اليومي أن أكون سبب سعادتهم، كما كان والداي سبب سعادتي. أريد أن أتعلم وأصبح طبيبًا كما حلمت، لأجعلهم فخورين بي. حياتي الآن لإخوتي، لكني لا أنسى نفسي، لأنهم يستحقون أن يروا أخاهم ناجحًا كما كانوا يتمنون.”

المصدر : وكالة سوا - نسمة الحرازين اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين رئيس الوزراء: لدينا خطة إعمار وتعافي لقطاع غزة ولها برنامج تنفيذي محافظة القدس تحذر من قانون إسرائيلي جديد بشأن بالضفة الغربية الاحتلال يعيق عمل الصحفيين في طوباس ويحتجز صحفيين الأكثر قراءة سفراء عرب بالجامعة العربية يطالبون فنلندا الاعتراف بدولة فلسطين غزة: بدء المرحلة الأولى لانتشال جثامين الشهداء السبت المقبل محدث: عبيد وعريقات تحرزان فضيتيْن لفلسطين في دورة ألعاب التضامن الإسلامي منظمات حقوقية تطالب إسرائيل بإخلاء عاجل لمرضى غزة إلى الضفة والقدس عاجل

جميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025

المصدر: وكالة سوا الإخبارية

إقرأ أيضاً:

علا الشافعي: الدراما المصرية ليست فى معزل عن تحديات الدولة والمجتمع

كشفت الناقدة علا الشافعي عضو لجنة الدراما فى المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام تفاصيل بشأن دراما رمضان ٢٠٢٦ وعلاقتها بتحديات الدولة وحقيقة إصدار قرارات محددة فى هذا الموضوع.

وكتبت علا الشافعي منشورا عبر حسابها الرسمي على فيسبوك ، قالت فيه: “بصفتي عضوًا في لجنة الدراما بالمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام، أودّ توضيح عدد من النقاط بشأن ما يُتداول حول دراما رمضان: اللجنة لم تُعقد منذ فترة، وبالتالي لا توجد أي مستجدات صادرة عنها في هذا الشأن.”.

علا الشافعي: لا يوجد أى قرارات ملزمة بشأن الأعمال المشاركة فى دراما رمضان ٢٠٢٦

واستكملت : “ما يتم داخل الاجتماعات، حين تُعقد، هو نقاشات بناءة عن الدراما ولصالحها فقط، ولا تتضمن أي قرارات مُلزمة بشأن الأعمال”.

وأضافت: “لم تصدر أي جهة أخرى قرارات تخص مسلسلات رمضان، وكل ما يتم تداوله خارج ذلك غير دقيق الجهة الوحيدة المخوّلة بإجازة النصوص رقابيًا هي الرقابة على المصنفات الفنية التابعة لوزارة الثقافة، وهي صاحبة الاختصاص الأصيل في هذا الملف”.

واختتمت: “أخيرا .. أي طرح يحاول أنه يبين أن الدراما فى معزل عن تحديات الدولة والمجتمع المصري، ولا تعبر عنه يجافى الواقع والعقل والمنطق، والأكيد أن كل أطراف صناعة الدراما فى مصر، بداية من السيناريو وحتي الجهات الرقابية نفسها هدفهم الأول والأخير المشاهد دمتم بخير ، سالمين من أهواء التريند والانفردات الوهمية ومستنينكم فى رمضان 2026”.

طباعة شارك علا الشافعي المجلس الأعلى لتنظيم الإعلام الرقابة على المصنفات الفنية

مقالات مشابهة

  • مدير أوقاف بني سويف ينهي خصومة بين عائلتي الشحاتية وآل يوسف بصفط راشين
  • علا الشافعي: الدراما المصرية ليست فى معزل عن تحديات الدولة والمجتمع
  • لجنة المال: التحقيق في الهدر المالي مسؤولية القضاء والحكومة معًا
  • أذكار المساء مكتوبة كاملة .. اعرف وقتها الصحيح وأفضل أدعية النبي قبل الغروب
  • أذكار الصباح كاملة مكتوبة .. اغتنم فضلها ورددها الآن
  • منظمة العفو الدولية تكشف جرائم الدعم السريع ضد المدنيين في الفاشر
  • هل يجرؤ الإرهابي عبد الحي يوسف على تكفير أردوغان ؟
  • الجيش يقول أنه صدّ هجوماً للدعم السريع ببانوسة
  • نبيل عيوش: القاهرة السينمائي مهرجان عالمي وأحتفظ بذكريات مع يوسف شريف رزق الله