إطلاق النسخة الرابعة من “نموذج المنظمة الدولية” تحت شعار “بيانات الهجرة والذكاء الاصطناعي”
تاريخ النشر: 8th, December 2025 GMT
في إطار التعاون بين وزارة الخارجية والهجرة وشئون المصريين بالخارج واللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة ومنع الهجرة غير الشرعية والاتجار بالبشر، انطلقت فعاليات النسخة الرابعة من "نموذج المنظمة الدولية" تحت شعار "بيانات الهجرة والذكاء الاصطناعي".
ويأتي إطلاق النسخة الجديدة بهدف إتاحة منصة تفاعلية تجمع الطلاب لاستكشاف قضايا الهجرة من منظور أكاديمي وقانوني وتكنولوجي، مع التركيز على دور البيانات واستخدامات الذكاء الاصطناعي في تحسين فهم أنماط الهجرة وصياغة السياسات المبنية على الأدلة.
ومن خلال وحدة بحوث الهجرة بجامعة القاهرة، تواصل المبادرة جهودها في بناء قدرات الطلاب، وتزويدهم بالمعارف والأدوات التي تمكنهم من تحليل قضايا الهجرة في مختلف أبعادها، بما يسهم في إعداد جيل واعٍ بقضايا الهجرة وتحدياتها وفرصها.
وقد تم تنفيذ هذه المبادرة بدعم من الاتحاد الأوروبي، تعزيزًا للشراكة الفاعلة في دعم الجهود الوطنية بمجالات الهجرة والتنمية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزارة الخارجية المصريين بالخارج الهجرة غير الشرعية الإتجار بالبشر قضايا الهجرة
إقرأ أيضاً:
بعد «تمصير» النسخة الرابعة من معرض الصناعات الدفاعية والعسكرية.. هل نجح «إيديكس 2025»؟
جاءت الوفود إلى النسخة الرابعة من معرض الصناعات الدفاعية والعسكرية «إيديكس 2025» بدوافع واضحة تتجاوز الاطلاع على المعروضات، فالمشاركون العسكريون والأمنيون حملوا ملفات معدة مسبقًا تتضمن تقييمًا لقدرات الشركات، مواعيد الاجتماعات المغلقة، ونتائج المتابعات الاستخباراتية للعروض الجديدة.
كما بحثت الوفود عن فرص لإنجاز صفقات فعلية واستكشاف ترتيبات صناعية استراتيجية تشمل نقل التكنولوجيا وتوطين مكونات محددة، بما يتيح تحقيق توازن بين الحاجة الفورية إلى التسليح وبناء قدرات محلية مستدامة.
مَنْ جاء؟ ولماذا؟
مشاركة وفود رسمية من أكثر من 100 دولة في معرض الصناعات الدفاعية والعسكرية «إيديكس 2025»، تعددت مستوياتها القيادية القادمة من أنحاء العالم (وزراء دفاع، رؤساء أركان، قيادات عسكرية رفيعة المستوى)، يعزز القيمة المضافة للنسخة الرابعة، التي حرصت القيادتان السياسية والعسكرية على «تمصيرها» لأول مرة، بعدما كان يتم تنظيم نسخ سابقة عبر شركة أجنبية تُعد الأكبر عالميًا في تنظيم المعارض العسكرية.
ربما كان هذا مؤشرًا مباشرًا على مكانة المعرض المصري الدولي في الحسابات العالمية، وإن كانت هناك مؤشرات أخرى تترتب على مستوى المشاركة، أقصد حسم قرارات مهمة ترتبط بالتسليح والصناعة المشتركة بدون تعقيدات بيروقراطية، كون هذا المستوى من الحضور الذي شهده المعرض، قبل ختام فعالياته الخميس الماضي، يعكس اهتمامًا يتجاوز الاطلاع على المعروضات إلى إنجاز صفقات وبحث شراكات فعلية.
يعرف المختصون أن الوفود العسكرية-الأمنية، التي تأتي بمسؤولين من الصف الأول، تفعل ذلك لأنها تتعامل مع المعرض بوصفه فرصة مناسبة لاستكشاف ترتيبات استراتيجية جديدة، كما أن وجود هؤلاء المسؤولين يعطي الشركات مساحة أوسع لعرض منتجاتها، ويمنح الدبلوماسيين العسكريين فرصة لنقاش ملفات تتعلق بنقل التكنولوجيا أو توطين مكوّنات محددة، في توقيت يجمع الفاعلين الرئيسيين على مساحة 50 ألف متر مربع.
من يفهم طبيعة الوفود العسكرية الآسيوية يكون على قناعة بأنها تحمل أهدافًا مركبة تتراوح بين شراء أنظمة جاهزة واستكشاف فرص للتعاون في مرحلة التطوير، وهناك دول آسيوية متوسطة الحجم تبحث عن معدات توفر توازنًا بين السعر والقدرة التشغيلية، لأنها تتعامل مع بيئات أمنية تتحرك بسرعة، لذلك تركز على الطائرات المسيّرة وأنظمة المراقبة بعيدة المدى.
لا يمكن التغاضي عن نظرة بعض الوفود الآسيوية التي تنظر أيضًا إلى السوق المصري باعتباره مدخلًا لشراكات أوسع في المنطقة، هذه الوفود تهتم بمدى استعداد مصر لفتح خطوط إنتاج مشتركة، خصوصًا في المعدات التي يمكن تخصيصها لسوقين أو ثلاثة أسواق إقليمية دفعة واحدة، وهذا النوع من التفكير يجعل مشاركتها في المعرض جزءًا من سياسة صناعية استراتيجية.
أما الوفود العربية فقد جاءت إلى «إيديكس 2025» بأجندات أكثر تقيُّدًا بواقع التهديدات التي واجهتها خلال السنوات الماضية، بعض الجيوش تبحث عن تعزيز قدراتها في الدفاع الجوي، بينما تتجه جيوش أخرى إلى نظم القيادة والسيطرة بسبب تجاربها في المناطق الحدودية، لذا يحمل حضورها رغبة واضحة في اختبار المعدات بشكل مباشر، لا الاكتفاء بالعرض النظري.
الوفود الأفريقية تميل إلى الجمع بين الحاجة العملية والتكلفة المقبولة، إلى جانب اهتمام ملحوظ ببرامج التدريب، معظم قواتها المسلحة تواجه تحديات تتعلق بالمراقبة الحدودية والطائرات المسيّرة، من هنا تبحث عن حلول تشمل تشغيلًا سهلًا وصيانة منخفضة، وحضور عدد من قادة قواتها يتيح لها مقارنة المنتجات المعروضة عبر ممر واحد دون تشتت.
الشركات الأمريكية جاءت إلى النسخة الرابعة وفي ذهنها أن المنافسة لم تعد قائمة على عرض القدرات التقنية وحدها، وتدرك أن السوق الإقليمي يبحث عن تفاهمات طويلة الأجل، وعليه ترفع مستوى عروضها الخاصة بدعم ما بعد البيع، وتقدم تحديثات سريعة على أنظمتها حتى تظهر قدرتها على التكيف مع متطلبات الجيوش التي تمر بتجارب قتالية متغيرة.
الشركات الأوروبية تركز على أنظمة متخصصة كان لها حضور قوي في النزاعات الأخيرة، كالدفاع الجوي القصير والمتوسط المدى، تعرف أن «إيديكس 2025» يشكل مساحة جيدة للترويج لنظم تمت تجربتها ميدانيًا، وهي ميزة تمنحها نقاط قوة في مواجهة منافسين جدد، لكنها تعاني أحيانًا من بطء إجراءات التعاقد داخل دولها، ما يحدّ من قدرتها على تلبية الطلب العاجل.
التوازن بين مصالح الوفود يمكن ملاحظته من خلال طبيعة الأسئلة التي توجهها منذ الافتتاح حتى ختام فعاليات المعرض. وفود آسيا تميل إلى النقاش التقني المتقدم، بينما تركز الوفود العربية على جاهزية الأنظمة للتسليم السريع، وتفضّل الوفود الأفريقية معرفة القدرة على دعم التشغيل وتدريب الأطقم. هذه الفروق، من وجهة نظري، تخلق صورة مركبة لطبيعة الطلب الدولي على معرض الصناعات الدفاعية والعسكرية الناهض.
الشركات الآسيوية تقدمت بثقة أكبر في النسخة الرابعة، لأنها نجحت خلال الأعوام الماضية في تحسين جودة أنظمتها وخفض التكاليف، بعضها يقدم خيارات مفتوحة لنقل التكنولوجيا، ما يجعلها محل اهتمام الدول التي تريد توسيع صناعتها الدفاعية دون الدخول في التزامات مالية عالية، وهذا الانفتاح يمنحها مساحة واسعة أمام منافسيها في سوق يكتسب أهميته من ارتباطه الوثيق بالأمن القومي للدول.
المنافسة بين الشركات الثلاث (الأمريكية والأوروبية والآسيوية) تبدو متوازنة في قطاعات محددة، لكنها تميل لصالح آسيا في مجال الطائرات المسيّرة، ولصالح أوروبا في الدفاع الجوي، ولصالح الولايات المتحدة في الأنظمة متعددة المهام. هذا التباين يجعل المعرض ساحة اختبار حقيقية لقدرة كل شركة على قراءة احتياجات الوفود بسرعة.
الحضور الدولي في «إيديكس 2025» على صعيد الوفود ومباحثاتها يؤكد أن المعرض أصبح ملتقى تتقاطع فيه مصالح صناعية وسياسية، كل وفد يأتي حاملًا تصورًا عن مستقبل بيئته الأمنية، وكل شركة ترى في الحدث فرصة لتثبيت حضورها في أسواق تتغير باستمرار، وهذا التفاعل منح النسخة الرابعة ثقلًا لا يتعلق بعدد المشاركين فقط، بل بعمق الأهداف التي يحملونها ويكشف عن شكل المنافسة المقبلة في ساحة الدفاع العالمية.
ملفات.. وقدرات
وصلت الوفود العسكرية المشاركة في معرض «إيديكس 2025»، وهي تحمل ملفات أعدّتها سلفًا، تراجع فيها قدرات الشركات ومواعيد الاجتماعات المغلقة ونتائج المتابعات الاستخباراتية للعروض الجديدة. تعامل مسؤولو التعاقد مع المعرض باعتباره نقطة انطلاق أساسية.. هيكل التفاوض يظهر بقوة خلال يوم الافتتاح، الذي تتعامل معه الشركات باعتباره فترة اختبار لجدية الصفقات واتجاهاتها الفعلية.
التحركات، عادة، يجري التمهيد لها عبر مبادرة الوفود بوضع جدول اجتماعات مُحكم يوازن بين ضرورة لقاءات كبار المسؤولين الدفاعيين والعسكريين والشركات الكبرى وبين الحاجة لإجراء مناقشات تقنية مع فرق متخصصة. يُقسَّم الوفد إلى مجموعات صغيرة، كل منها تركز على مجال محدد (جوية، بحرية، برية، الدفاع الجوي، الذكاء الاصطناعي، المركبات المدرعة.. .).
التقسيم يسمح بتسريع تقييم العروض، ويمنح القدرة على تغطية عدد كبير من الأجنحة خلال ساعات قليلة. تفضّل الوفود إجراء معظم الاجتماعات الأكثر حساسية في اليوم الأول، لأن الشركات تكون حريصة على تقديم أفضل ما لديها. يتيح هذا الأسلوب قراءة أعمق لاتجاهات الدول المشاركة، ويمنح الوفود فرصة معرفة أيِّ الشركات تستعد لتقديم محفزات في الأسعار وشروط التعاقد وفي الملفات التقنية ذات الطبيعة الخاصة.
تبدأ المؤشرات على قرب توقيع مذكرة تفاهم من خلال تفاصيل صغيرة يلاحظها المطلعون على كواليس المعارض الدفاعية، منها تمديد الجلسات المغلقة بعد انتهاء الجدول الرسمي، وإعادة ترتيب الوفود لمواعيدها داخل الجناح نفسه، بما يعكس أن النقاش انتقل من الأسئلة العامة إلى الأرقام والمهام الفنية التي تحدد جدوى التعاون المحتمل بين الجانبين في تلك المرحلة المبكرة جدًا.
عندما تطلب الوفود أوراقًا تفصيلية عن اختبارات التشغيل أو نسخًا أولية من خطط الصيانة أو جداول نقل التكنولوجيا، يظهر مؤشر واضح على اقتراب تفاهم رسمي. هذه المستندات لا تُطلب في الزيارات البروتوكولية، بل تُطلب حين يبدأ الطرفان صياغة تصور أولي لاتفاق قد يُعلن خلال المعرض أو في الأشهر التالية إذا توفرت شروط التوافق بينهما بالفعل.
يعتمد احتمال توقيع مذكرات تصنيع مشترك على طبيعة الأسئلة المباشرة حول جاهزية خطوط الإنتاج، وحجم المكوّن المحلي القابل للتطوير، ومدى القبول بتوطين جزء من مراحل التجميع. ظهور هذه الأسئلة مبكرًا يشير إلى أن القرار السياسي لدى الدولة الزائرة يميل إلى شراكة طويلة الأجل، وليس مجرد صفقة توريد معزولة، ما يعكس التزامًا استراتيجيًا طويل المدى.
في بعض الأحيان تتقدم الوفود المشاركة بطلب لقاء ثانٍ في اليوم نفسه، يجري بصحبة خبراء تقنيين من وفدها، وهي إشارة تكاد تكون حاسمة على أن الملف يتحرك نحو مذكرة تفاهم، ومن ثم فإن وجود الخبراء يعني أن الجدل انتقل من المستوى العام إلى مراجعة خطوط الإنتاج وقياس القدرة على بناء نسخ مخصصة، وهي عادة خطوة تسبق الإعلان عن أي تفاهم رسمي.
تؤثر الحروب الإقليمية (في العالم كله، وليس في الشرق الأوسط فقط) على طبيعة المباحثات التي تجريها الوفود المشاركة، خاصة فيما يتعلق بالدفاع الجوي، الذي أصبح محورًا رئيسيًا لأي تفاوض نتيجة تنوع التهديدات من الصواريخ إلى الطائرات المسيّرة. هذه التحديات تدفع قيادة الجيوش إلى البحث عن أنظمة مرنة تعتمد على رادارات متعددة الطبقات وقدرات اندماج بيانات تمنح غرف العمليات وقتًا أطول لاتخاذ القرار.
شهدت المنطقة خلال السنوات الماضية تطورًا في استخدام الطائرات المسيّرة الهجومية والاستطلاعية، ما يدفع وفودًا إقليمية إلى التركيز على تقنيات المواجهة السريعة والاعتراض الدقيق، والبحث عن حلول عملية يمكن دمجها دون تغييرات معقدة في بنية القيادة والسيطرة، مع اهتمام خاص بالبرمجيات القادرة على رصد المسيّرات منخفضة البصمة الحرارية أو تلك التي تستخدم مسارات غير تقليدية.
تطور مفهوم الاكتشاف المبكر في الحروب الحديثة، فأصبح يشمل مراقبة الطيف الكهرومغناطيسي واستخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات الضخمة، وهو ما يدفع الوفود إلى متابعة أنظمة المسح الإلكتروني والرادارات ذات التحديث السريع، والبحث عن مصانع قادرة على توفير آليات صيانة محلية دون الاعتماد المستمر على شركات أجنبية مكلفة، وهو معيار أساسي في تقييم مدى جدوى الصفقات.
الوفود المشاركة لم تقيّم العروض تقنيًا فقط، بل وضعت رهانات على المعدات والحلول الدفاعية جاهزة الإنتاج، فهي تفضّل الأنظمة المتاحة للتسليم خلال فترة قصيرة، خاصة في ظل الضغوط الأمنية التي تفرضها النزاعات المحيطة. لذلك تراجع الوفود قدرة المصانع على العمل بطاقات إنتاجية متسارعة، وتطلب بيانات مفصلة عن خطوط الإمداد ومستوى المرونة في استيعاب الطلبيات الكبيرة.
رغم أن السعر عامل مهم، فإن الوفود المشاركة في معارض الصناعات الدفاعية تدرك أن التكلفة الحقيقية تبدأ بعد الشراء، عبر التدريب والصيانة وضمان توافر المكونات. لذا تُجري الجيوش مقارنة دقيقة بين تكلفة النظام وثمن تشغيله واحتياجاته اللوجستية، ويزداد الاهتمام بالأنظمة التي تعتمد على مكونات يمكن تصنيعها محليًا أو استبدالها بسهولة، ما يقلل الضغوط المالية ويمنح القدرة على إدارة الأزمات الأمنية والاقتصادية معًا.
تلعب شروط نقل التكنولوجيا دورًا حساسًا في تحديد اتجاهات الوفود داخل الاجتماعات المغلقة، حيث تبحث الوفود عن نماذج يمكن تطويرها مستقبلًا داخل المصانع الوطنية، سواء عبر إنتاج أجزاء محددة أو المشاركة في تطوير البرامج الإلكترونية. وتدرك الشركات أن تقديم فرص نقل معرفة يعزز فرصها في الفوز بالعقود، لذلك تعرض بعض الشركات تدريبات متقدمة أو فتح خطوط تجميع مشتركة.
تولي الوفود اهتمامًا بالقدرة على دمج الأنظمة الجديدة مع البنية الحالية دون إعادة بناء منظومات كاملة. هذا الشرط يحدد فعليًا من يمكن التفاوض معه في اليوم الأول، فالجيش الذي يمتلك مزيجًا من أسلحة متعددة المصادر يحتاج حلولًا تتعامل مع تعقيدات التشغيل، وتسمح بدورة عمل متسقة بين الرادارات والاتصالات والمنصات القتالية، دون خلق نقاط ضعف أو فجوات تشغيلية.
ومن ثم حرصت الوفود المشاركة في «إيديكس 2025» على التفقد الاحترافي لأجنحة المعرض وطريقة تسويق المعروضات. فالشركات التي تقدم عروض محاكاة حقيقية تعتبر أكثر جدية من تلك التي تعتمد على بيانات ثابتة، حيث تفضل الجيوش الاجتماعات التي تشمل مناقشة تجارب ميدانية لا وعودًا مستقبلية، لأن الحروب الحديثة لم تعد تسمح بالرهان على أنظمة غير مجربة أو تحتاج سنوات طويلة للوصول إلى جاهزية كاملة.
الوفود التي جاءت إلى المعرض لم تكن تبحث عن صفقات عشوائية، بل عن اتجاه استراتيجي يرتبط بالظروف الأمنية والاقتصادية والسياسية لكل دولة، وأظهرت المباحثات أن الجيوش تسعى إلى بناء شراكات تمنحها قدرة أعلى على مواجهة التهديدات المتغيرة، وتؤسس لعلاقات متوازنة مع الشركات الدولية، وهكذا تتحدد نقطة الانطلاق التي تحكم اتجاه المباحثات خلف الأبواب المغلقة.
منظومات وحلول
عرضت الكيانات الدولية المشاركة في «إيديكس 2025» عبر أجنحة المعرض منتجاتها وحلولها التقنية الجديدة، مستخدمة أنظمة مثبتة ومتحركة للأسلحة الدفاعية والهجومية، ومنظومات متقدمة أخرى، كما قدمت العروض التفاعلية ومجسمات واقعية، بما في ذلك نماذج ثلاثية الأبعاد، ما يتيح للزوار تجربة عملية للقدرات التكنولوجية المعروضة، ويعكس الاتجاه نحو دمج الابتكار والتقنيات الحديثة في صناعة الدفاع العالمية.
ويتعامل الخبراء مع الأجنحة الجديدة في معرض الصناعات الدفاعية باعتبارها مساحة لكشف اتجاهات الصناعة في العامين المقبلين، لذا يراقبون التفاصيل الصغيرة التي لا يلتفت إليها الزوار العاديون. أكثر ما يلفت نظرهم الأنظمة التي تظهر لأول مرة، كونها تمتلك بنية إلكترونية محدثة، ترافقها عروض تشغيل تجريبية تسمح للخبراء بفحص سلوكها تحت ضغط التفعيل المتكرر.
ركز المختصون خلال تفقد المعروضات على زمن الاستجابة، مرونة الواجهة البرمجية، وقدرة النظام على التعامل مع البيانات المعقدة دون تأخير، لأن هذه العناصر تكشف جودة التصميم الفعلية. يلاحظ الخبراء مدى ملاءمة المنظومات لبيئات الشرق الأوسط التي تتسم بتضاريس مفتوحة وحدود واسعة، وهو اختبار يحدد مستقبل هذه التقنيات في المنطقة.
اختبارات المحاكاة في «إيديكس» تمثل تجربة مهمة للشركات، لأن الوفود تتوقع مشاهدة استجابة فورية لأي سيناريو تطلقه. الخبراء يلاحظون إذا كان النظام يحتاج وقتًا إضافيًا لضبط الإعدادات، أو إذا كانت الواجهة البرمجية واضحة بما يكفي ليتعامل معها ضابط متوسط الخبرة. المحاكاة توفر للوفود قياس استقرار النظام عندما يواجه أحمالًا مرتفعة، لذا تُطلب تجارب تشمل إطلاق أهداف متعددة في وقت واحد، أو تشغيل حساسات مختلفة معًا، ومن هنا تركز الشركات على تقديم صورة مستقرة دون تجمد أو فقدان بيانات لتعزيز الثقة.
المنافسة الأهم في هذه النسخة من «إيديكس 2025» ركزت على الأنظمة المضادة للطائرات بدون طيار، لأن الحروب الأخيرة أثبتت أن هذا المجال أصبح حيويًا. الخبراء كانوا يبحثون عن حلول قادرة على كشف المسيرات صغيرة الحجم التي تحلق على ارتفاع منخفض، يراقبون نوع الحساسات، ودقة التتبع، ونظم التحكم في موجات التشويش، ومدى قدرة النظام على إسقاط الهدف دون تأثير على البنية الصديقة.
تبدّى ذلك عبر أجنحة الشركات التي تقدم منظومات متكاملة تشمل رادارًا قصير المدى، ووحدة تشويش موجه، وتقييمًا بصريًا فوريًا، حيث حظيت باهتمام أكبر خلال فعاليات المعرض. الخبراء يلاحظون كيف تنتقل المنظومة من طور الكشف إلى طور التعامل خلال ثوانٍ قليلة، وكيف تدمج بين البيانات الحرارية والكهروضوئية في صورة واحدة. مزايا توضح جدوى النظام أمام الوفود التي كانت تبحث عن حلول عملية.
في مجال الدفاع الإلكتروني، اتجهت الأنظار إلى قدرة الأنظمة على مواجهة الهجمات المعقدة التي تستهدف شبكات القيادة والسيطرة. الوفود المختصة فحصت بنية الحماية النشطة التي تعتمد على التحليل اللحظي للبيانات، وبحثت عن نماذج تُظهر استجابة تعتمد على التعلم المتواصل، أما الشركات التي تقدم منصات قادرة على معالجة الإشارات الضارة دون تعطيل النظام فكسبت نقاطًا مهمة.
في «إيديكس 2025»، شكل الذكاء الاصطناعي العسكري أحد أهم محاور التنافس، خاصة في التطبيقات التي تساعد القادة على تقييم الموقف بسرعة، خصوصًا إذا كانت الخوارزميات قادرة على تحليل صور جوية، أو دمج بيانات، أو التنبؤ بحركة الأهداف المتغيرة. هذا النوع من الأنظمة يلفت اهتمام الجيوش التي تريد تقليل العبء البشري في مراكز القيادة.
تباينت الشركات في طريقة عرض تقنيات الذكاء الاصطناعي، فبعضها اكتفى بعرض مقاطع تشغيلية، بينما قدمت شركات أخرى محاكاة حقيقية تمكِّن الوفود من إدخال سيناريو محدد ورؤية استجابة النظام مباشرة، لكن الخبراء يفضلون النموذج الثاني لأنه يسمح بقياس واقعية الخوارزمية، ومعرفة ما إذا كانت تتعامل مع مفاجآت القتال أو تلتزم بمسارات جامدة.
بوصلة الأسلحة
أسهم معرض «إيديكس 2025» في تحرك «بوصلة» السوق الدفاعية سريعًا، حيث تُظهر الوفود اهتمامات مختلفة تعكس أولويات تفكيرها ومتطلباتها العسكرية- الأمنية. بعض الدول تبحث عن شراء جاهز يعوّض خسائر أو تحديثات تأخرت بفعل ميزانيات متقلبة، بينما تتحرك دول أخرى نحو مسار أعمق يقوم على بناء علاقة ممتدة تؤمّن لها قدرة إنتاجية مستقرة وتقلل اعتمادها على الاستيراد الكامل.
الدول التي تفضل الشراء الجاهز تنتمي غالبًا إلى بيئات أمنية تعتمد على ردع عاجل، لاسيما تلك التي شهدت توترات حدودية أو هجمات بطائرات مسيرة في الأعوام الأخيرة. وفودها تميل إلى زيارة الأجنحة التي تعرض أنظمة تشغيل فورية، وتطلب تفاصيل التسليم والزمن اللازم لنقل المعدات، لأنها تركز على سد فجوة تشغيلية وليس على بناء قدرات صناعية.
أما الدول التي تبحث عن الشراكات الاستراتيجية فإنها تقوم بإيفاد عناصر فنية تمتلك خلفيات صناعية، وقد ركزت على سؤال واحد: هل يتيح الطرف المقابل تعاونًا يطور قاعدة التصنيع المحلية؟ هذه الوفود تفحص البنية الهندسية، وتبحث عن خطوط إنتاج قابلة للتوسيع، وتدقق في تفاصيل الوثائق الفنية، لأن هدفها ليس شراء منتج بل إنتاج سلسلة مستمرة تحت سيادتها.
هذا التباين يخلق حوارًا مختلف الإيقاع داخل القاعات المغلقة. الوفود الباحثة عن شراء جاهز تطلب عروض أسعار واضحة، بينما الوفود الساعية للتصنيع المشترك تطلب نماذج تشغيل وخطط تصنيع وبيانات حول المواد الخام ومراحل الإتاحة التقنية. هذه المقارنة تمنح المعرض طابعًا مركبًا يجمع بين التجارة السريعة والتفاوض الاستراتيجي الممتد.
تنعكس هذه التوجهات مباشرة على فرص الإنتاج المشترك مع مصر، لأن الصناعات المصرية أصبحت أكثر قدرة على استيعاب مستويات متعددة من التعاون. الشركات الوطنية تعرض خطوط إنتاج مرنة تستطيع تنفيذ تصنيع جزئي لدول تريد تجربة التعاون أولًا، كما تقدم مشاريع مشتركة لدول ترغب في بناء مصانع تستفيد من الخبرات المصرية المتراكمة.
الوفود التي تبحث عن شراكة استراتيجية ستنظر إلى مصر باعتبارها بيئة مستقرة تنظيميًا، قادرة على توفير كوادر فنية وتسهيلات صناعية. هذا الانطباع تشكل خلال الدورات السابقة، لكنه يزداد قوة حين يجد الضيوف خطوط إنتاج محدثة ومختبرات جاهزة لاستقبال نسخ أولية من مكونات يمكن تطويرها معًا، وهذا ما يجعل مصر مرشحًا مفضلًا للإنتاج المشترك.
تتأثر بوصلة السوق الدفاعية أيضًا بموقف الشركات الناشئة (الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني) التي تتحرك بثقة أكبر في هذه النسخة، إذ تظهر حضورًا مختلفًا، لأنها لم تعد تكتفي بعرض منتجات تجريبية، بل تقدم حلولًا مكتملة في مجالات تتطور بسرعة، ومنها الأنظمة البصرية الدقيقة، والبرمجيات الدفاعية، وأدوات المراقبة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي، وتلبي احتياجات متغيرة للقوات المختلفة في مناطق عمل متعددة.
تنظر الوفود إلى الشركات الناشئة باعتبارها مؤشرًا على نضوج القاعدة الصناعية، لأن وجودها يعني أن البيئة تسمح بولادة تقنيات جديدة خارج المؤسسات الكبرى. بعض الوفود العسكرية تتعامل مع هذه الشركات بحذر إيجابي، وتطلب إثباتات إضافية حول قدرات الإنتاج وسجلات التشغيل، لكنها في الوقت نفسه تعترف بأن الأفكار التي تقدمها لا يمكن تجاهلها.
خلال «إيديكس 2025»، سعت الشركات الناشئة إلى إثبات جدارتها عبر عروض تشغيل قصيرة وواضحة، تفصل آليات المعالجة الرقمية أو دقة التحليل البصري أو سرعة التتبع. هذه العروض تمنحها فرصة لكسب انتباه وفود تبحث عن حلول متقدمة دون تكاليف هائلة، ولذلك تقترب منها جيوش صغيرة ومتوسطة تبحث عن تقنيات قابلة للتطوير بسرعة.
التفاهمات والصفقات
كانت الوفود التي بحثت عن شراء «عاجل» تميل أيضًا لتثبيت نيتها عقب الافتتاح، لأنها أرادت ضمان أولوية التسليم، خصوصًا في الأنظمة المرتبطة بالدفاع الجوي والطائرات المسيرة. وحين قدمت بعض الوفود المشاركة طلبات عروض أسعار مكتوبة بعد افتتاح المعرض، دلّ ذلك على أن اتفاقًا مبدئيًا كان في طريقه للحسم، إما في اليوم الثاني وإما في أعقاب المعرض مباشرة.
تحول اليوم الثاني في «إيديكس 2025» إلى مساحة عمل أكثر تخصصًا، حيث بدأت الفرق التقنية بمطابقة المواصفات مع احتياجات الجيوش، ثم انتقلت الشركات للتفاوض على الجداول الزمنية والاختبارات التشغيلية. غالبًا شهدت هذه المرحلة تسريبات عن قرب توقيع تفاهمات دون إعلان رسمي، لأن القرار كان يحتاج مراجعة وفود عليا تصل عادة في اليوم الثالث.
أما اليوم الثالث، فقد حمل ملامح الحسم، حيث أُغلقت الملفات «فنيًا». وكانت التوقعات قبل النسخة الحالية من «إيديكس 2025» تشير إلى أنها ستشهد زخمًا أكبر في مذكرات التفاهم، لأن الوفود مرت بتجارب قتالية واختبارات ميدانية خلال العامين الماضيين. هذا يعني أنها حضرت للمعرض حاملة ملفات مكتملة، وعليه، يمكن وصف النسخة الرابعة من المعرض بالمهمة جدًا في ضوء ما شهدته من صفقات واتفاقات وتقاربات بين الدول المشاركة.
اقرأ أيضاًخبراء: الرئيس السيسي أعاد الصناعة الحربية لمسارها الصحيح.. و«إيديكس 2025» يعكس مكانة مصر في الصناعات الدفاعية
وزير الانتاج الحربي: معرض إيديكس 2025 رسالة للمواطن ليطمئن بأن قواته المسلحة قوية وجاهزة
من بينها طائرة «حمزة».. رئيس الهيئة العربية للتصنيع يكشف تفاصيل أبرز المنتجات في معرض «إيديكس»