الصين وماليزيا وسنغافورة.. تجارب مُلهمة في مواجهة التضخم السكاني
تاريخ النشر: 6th, September 2023 GMT
يشهد العالم طفرة سكانية وزيادة مستمرة فى معدلات النمو السكانى، لا سيما فى الدول النامية التى تجاهد حكوماتها لتدبير وإدارة الموارد المتاحة لديها لسد احتياجات مواطنيها من الغذاء والمسكن وخلق فرص العمل وتقليل معدلات الفقر والبطالة وتحسين مستويات المعيشة والخدمات العامة، وفى خِضم هذا التحدى برزت نماذج لبعض الدول التى تحاول استغلال الموارد البشرية ودفع عجلة التنمية الاقتصادية، وتعد تجربة الصين من أبرز تجارب الدول الناجحة فى مواجهة الزيادة السكانية، حيث أجرت بكين أول تعداد سكانى عام 1953، ورأت أن الزيادة أصبحت مشكلة أمام أى محاولة للتقدم الاقتصادى، نظراً للنمو السريع لعدد السكان مقارنة بالنمو الاقتصادى، ومن هنا تأكد لها أن التنمية الاقتصادية وحدها لن تكفى لتحقيق التقدم وأن حل المشكلة السكانية أمرٌ لا بد منه.
بدأت الصين تجربتها بإصدار الحكومة تعليمات لوزير الصحة، تدعوه إلى مساعدة الشعب بشأن تحديد النسل، لتكثيف حملات الدعاية لوسائل منع الحمل، ومثّل العام 1956 نقطة تحول فارقة فى مستقبل الجمهورية، إذ أعلن الاتحاد الديمقراطى للنساء الصينيات إطلاق حملة واسعة لتحديد النسل.
وطبّقت هذه السياسة بصورة تجريبية فى الريف الصينى، الذى يضم 900 مليون من السكان، حيث يؤمن أهله بمفهوم «تربية الأولاد لرعاية المسنين»، وفى بداية تطبيق سياسة تنظيم الأسرة، كان أكبر عائق هو امتعاض الفلاحين، ما دفع بعض وحدات تنظيم الأسرة إلى تطبيق الغرامة على الأسر التى تخالف سياسة تنظيم الأسرة، ونجحت الصين فى تلك الخطة ولم تعد الظاهرة موجودة اليوم، حيث تغيرت مفاهيم الإنجاب لدى سكان الريف بعد احتكاكهم بحياة قاطنى المدن، ومع ارتفاع مستوى التحول الحضرى للأرياف، كما بدأ المزارعون يدركون العبء الكبير الناجم عن تكاليف تعليم الأبناء، ولهذا قرر المزيد من شباب الفلاحين إنجاب طفل واحد اختيارياً.
حديد النسل خلق نهضة اقتصادية فى «بكين» وقضى على البطالة فى «كوالالمبور»وفى ماليزيا، لم تختلف التجربة كثيراً عن الصين، حيث عملت الحكومة على عدة محاور للتوعية بخطورة الزيادة السكانية، كان أهمها توجيه الإعلام وشنّ الحملات للتوعية أحيانا والترهيب أحياناً، كما وضعت قانوناً صارماً وملزماً للحد من النمو السكانى، ووفرت الرعاية الصحية للأم والطفل للوصول إلى صحة جنسية وإنجابية، كما قضت على الفقر والبطالة باستخدام سياسة الدمج الاجتماعى. وفى سنغافورة، وجدت الدولة نفسها بعد خروجها من الاتحاد الماليزى، غارقة فى مشكلات اجتماعية واقتصادية كثيرة، علاوة على البطالة وتدنى مستوى التعليم والإسكان غير اللائق، وانعدام الموارد الطبيعية وصغر المساحة، فعمدت إلى تطبيق برنامج وطنى لتغيير سلوك الشعب ومن ضمنه قوانين تحديد النسل.
وخلال ستينات القرن الماضى، طبقت حكومة فيتنام سياسة صارمة للنمو السكانى مشددة على ضرورة الحدّ من الإنجاب ليقتصر على طفل أو طفلين فقط، ويتم إدارة برامج تحديد النسل فى فيتنام تحت إشراف المكتب العام للسكان وتنظيم الأسرة، وفى عام 2008 شددت عقوبات التهاون فى تنظيم الأسرة بحرمان موظفى الحكومة الذين ينجبون طفلاً ثالثاً من زيادة الراتب والترقى.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: المجتمع المدني المؤسسات الدينية الزيادة السكانية الأمن القومي البرلمان تنظیم الأسرة
إقرأ أيضاً:
صيف الطلبة .. تجارب تُنمي القدرات وتغرس المعاني التربوية
تنوعت تجارب الطلبة خلال فترة الإجازة الصيفية بين أنشطة تعليمية وروحية وثقافية، شكّلت لكل واحد منهم محطة مختلفة للتعلم والنمو الشخصي، وقد عبّر عدد منهم عن انعكاس هذه التجارب على وعيهم وسلوكهم، مؤكدين أنها ساعدتهم على استثمار أوقاتهم في بيئات محفزة، واكتساب مهارات جديدة، وبناء علاقات إيجابية أثّرت في شخصياتهم ومسارهم المعرفي.
تجربة مختلفة
يرى فارس بن حمود العدوي، طالب بالصف الحادي عشر من ولاية بهلا، أن انضمامه إلى مركز الرياضيات السريع جاء بدافع شخصي مدعوم بتشجيع أسري، بعد أن تعرّف على المركز من خلال الإعلان المدرسي ومنشورات التواصل الاجتماعي، ويوضح أن ما حفّزه على المشاركة هو رغبته في استثمار وقته الصيفي في برامج مفيدة تخرج عن نطاق الصف التقليدي.
وفي مقارنته بين هذه التجربة وتجارب سابقة في برامج صيفية أخرى، أشار إلى أنه سبق له المشاركة في أحد برامج نادي الولاية، لكنه يعتبر تجربته في هذا المركز مختلفة تمامًا، إذ تميّز -كما يصف العدوي- بحُسن التنظيم وتنوع البرامج التعليمية، إلى جانب وجود مشرفين أكفاء وبيئة محفّزة، مضيفًا: "شعرت أنني أتعلم وأستمتع في الوقت ذاته، على عكس البرامج السابقة التي ركزت على جانب واحد فقط".
اهتمامات متنوعة
من جانبه، عبّر إبراهيم بن إسحاق المفرجي، طالب مقيد بالصف الحادي عشر من ولاية بهلا، عن ارتياحه الكبير لما لمسه من تنوع في الأنشطة التي قدمها مركز بلعرب بن سلطان لمهارات المستقبل، والذي التحق به خلال الصيف، وتحدّث عن مشاركته في برامج متعددة منها التصوير الضوئي، والبرمجة بلغة بايثون، إلى جانب أنشطة رياضية وبرامج سلوكية.
وأشار إلى أن دورة البرمجة كانت الأقرب إلى ميوله نظرًا لاهتمامه بمجال التقنية، مؤكدًا أن أسلوب الطرح التفاعلي ساعده في تعلّم أساسيات جديدة بسهولة، ويرى أن ما يميّز المركز هو مراعاته لتنوع الفئات العمرية والاهتمامات، حيث شمل البرنامج أنشطة فكرية وعلمية وفنية ورياضية.
بيئة قرآنية
أما الطالبة الريان بنت أحمد الجساسية، فبدأت حديثها بتأكيد أن مدرسة كبّارة لتعليم القرآن ليست مكانًا لحفظ الحروف فحسب، بل بيئة متكاملة تُغرس فيها القيم، وتُصنع فيها أجيال واعية تؤمن برسالة القرآن، وتقول: "أشارك كل سنة في مدرسة كبّارة، وهذا يساعدني على حفظ القرآن وفهمه من خلال المقررات والدروس التي تقدمها الأستاذات بكل عناية ووضوح، ومدرسة القرآن هي مكان النور والسعادة، نحفظ فيها كلام الله ونقرأه بأصوات جميلة، وكل آية نحفظها كنز في القلب، وحسنة في الميزان، ونور في الطريق".
قيم وتجارب ممتعة
فيما تحدّثت الطالبة رغد بنت ناصر الجساسية عن مشاركتها في المدرسة نفسها، ووصفت التجربة بأنها غنية، مشيرة إلى أنها تعلّمت كثيرًا، وأكثر ما لفت انتباهها هو الحديث عن صحابة رسول الله ﷺ، حيث أتاح لها ذلك اكتساب معلومات دينية قيّمة، إلى جانب التعرف على أسماء الله الحسنى وفهم معانيها، مضيفة: "كان صيفي جميلًا جدًا".
من جانبها، عبّرت الطالبة ميس بنت خالد الغافرية من الصف الرابع، عن إعجابها الكبير بمركز "الأمين" الصيفي، مشيرة إلى تنوع الفعاليات، ومتابعة حفظها وتصحيح تلاوتها، إلى جانب المداومة على الأذكار اليومية، واصفة تجربتها بـ"المثرية والممتعة".
فيما أكدت الطالبة تقى بنت حسين الناصرية (الصف التاسع) حرصها على المشاركة في المركز صيفًا وشتاءً، مشيرة إلى أن الفعاليات المتجددة تُثريها بمعلومات جديدة، وتساعدها على مواصلة حفظ القرآن الكريم عامًا بعد عام.
ومن مدرسة العبلة لتعليم القرآن الكريم، عبّرت مجموعة من الطالبات عن تجارب ثرية ومؤثرة، حيث أوضحت الطالبة هاجر بنت ناصر المقبالية أنها حفظت سورًا جديدة واستفادت من المراجعة والأنشطة، فيما وصفت الطالبة دانة بنت محمد الناصرية الملتقى بأنه "رائع ومتنوّع"، لما تضمّنه من دروس في التجويد وأنشطة ذهنية، كما أشارت ربى بنت علي الناصرية إلى أن تخصيص يوم الخميس للأنشطة الترفيهية، أضفى على التجربة روحًا من التوازن بين العلم والمتعة.
وذكرت نجود بنت علي الناصرية أنها تعلّمت المواظبة على الأذكار وتلاوة القرآن، فيما تحدّثت حور بنت فهد الناصرية عن تعلّم الوضوء والصلاة، وأشادت سما بنت ناصر الفارسية بالدروس المفيدة، بينما اعتبرت طيف بنت سيف الناصرية الملتقى وسيلة لاستغلال الإجازة بشكل مفيد وممتع، ووصفت وديمة بنت هلال الناصرية الملتقى بأنه "مفيد وممتع"، بينما أكدت بيان بنت أحمد الناصرية أنها اكتسبت معلومات جديدة من خلال الفعاليات والمسابقات.
أما الطالبة سبأ بنت وائل الكلبانية من مركز الحومانية لتعليم القرآن الكريم، فأشارت إلى مشاركتها في مراجعة الحفظ السابق والاستعداد لمقرر العام القادم، إلى جانب تعلّم الأخلاق الحميدة، والوضوء، والخرائط الذهنية لبعض السور، مؤكدة أن المركز جمع بين الفائدة والمتعة.
تكوين الذات
وفي مركز جامع العين بولاية إزكي، عبّر الطالب مجاهد بن محمد الخنجري، وهو في سنته الثالثة بالمركز، عن تجربته قائلًا: "ليست مجرد وسيلة لملء وقت الفراغ، بل هو محطة لبناء الذات وتنمية المهارات، وكل سنة أشارك أزداد يقينًا بأهميتها في صقل الشخصية علميًا وروحيًا".
كما عبّرت الطالبة تقوى بنت وليد الرواحية عن امتنانها للتجربة في مركز إزكي الصيفي الداخلي التي وصفتها بالنعمة، قائلة: "نعيش أجواء إيمانية تُحيي القلب وتُنعش الروح، وننهل من مجالس الذكر والسكينة، وتزرع فينا حب التفقه في الدين، لأكون فتاة تحمل رسالة دعوية معاصرة".
وأكدت الطالبة رقية بنت عبدالله الفهدية، السنة الخامسة بالمركز ذاته، أن المركز منحها نقلة نوعية في توجيه طاقتها، مشيدة بالنظام والمنهج والبيئة الداعمة، وقالت: "أشعر أنني أسير بخطى ثابتة في مساري العلمي والديني، وهذا ما كنت أبحث عنه منذ البداية".
تُبرز هذه التجارب الطلابية أن الإجازة الصيفية حين تُستثمر في بيئات تعليمية وإيمانية محفّزة، تتحول إلى فرصة حقيقية لبناء الذات وتوسيع الأفق؛ فقد وجد الطلبة في هذه البرامج مساحات للنمو والتعبير، ومجالات لاكتشاف القدرات وتوجيه الطاقات، في إطار تربوي يسهم في تشكيل جيل أكثر وعيًا وصلابة وقيمًا.