الخطأ الشائع في تعريف العلم النافع
تاريخ النشر: 8th, September 2023 GMT
#الخطأ_الشائع في تعريف #العلم_النافع
د. #عبدالله_البركات
في الحديث الشريف (اللهم اني اعوذ بك من علم لا ينفع )دعاء نبوي عظيم يجب ان يعاد فهمه في سياق العلم الحديث والتجربة الانسانية الطويلة.
فقد كان يفهم منه ان العلم الذي لا ينفع معروف للجميع او على الاقل يمكن للفقيه تحديده.
وقالوا (هو العلم الذي لا يحتاج إليه، ولا يوجد إذن شرعي في تعلمه، ولا تصل بركته إلى قلب صاحبه)،
هذا التعريف قد يكون قيداً على العقول فما دخل الفقيه بالموضوع اذا كانت العلوم اكثر مما يمكن حصره.
فمن كان يدري ما تنتهي اليه عمليات الرصد التي قام بها علماء الفلك الاوائل قبل قرون وهل كانت تبدو للفقيه ولعامة الناس اكثر من لهو صبياني. ومن كان يدري ان معادلات الخوارزمي لها ما بعدها بعد قرون ومن كان يعلم ان محاولات عباس بن فرناس والاخوين رايتس ستجعلنا ننعم بالبث المباشر من البيت الابيض. ( قد يعترض احد على المثال) ومن كان سيقرر هل تجارب رونتجن ستؤدي الى الصورة الطبقية بعد السينية. وما نفع من انكب على حساب سرعة الضوء وما فائدة اكوام التراب التي عفرت وجه ماري كوري ومن ضمن لها ان تكتشف الراديوم وما حاجتنا إلى الراديوم اصلاً.
هم لم يكونوا يعلمون مآلات ابحاثهم. فما بالكم بالفقيه.
لا نهاية للامثلة المفحمة. ولكنني معني بالحديث الشريف وكيف نفهمه اليوم الفهم الصحيح.
لقد استعاذ النبي صلى الله عليه وسلم في جملة ما استعاذ منه بالاضافة الى العلم الذي لا ينفع، بالقلب الذي لا يخشع والعين التي لا تدمع ودعوة لا تستجاب.
وهذه الامور يجمعها رابط واحد. الا وهو انها ليست مما يختاره الانسان. فليس ضمن اختيارك ان يخشع قلبك او لا يفعل او ان تدمع عينك او لا تفعل. والاوضح من هذه كلها انه ليس بارادتك ان تستجاب دعوتك او لا تستجاب. اذاً النبي علمنا الدعاء بها ليهدينا الله الى العلم النافع ويشرفنا عن العلم الفارغ لا لنقرر نحن او الفقيه ما هو الفعل النافع. عليك ان تعمل وان تتابع كل ما يثير شغفك واهتمامك وان تدعو ان لا يكون ذلك بلا فائدة لك او لغيرك في زمنك او اي زمن قادم. انها كالاستعاذة من الدعوة التي لا تستجاب تماماً فأنت تدعو ولا تعلم هل تستجاب دعوتك وانت تتعلم ولا تعلم هل سيكون ذلك علماً نافعا ام لا.
ويبقى ان أقول إن الانشغال بما هو لازم فوراً أولى من الانشغال بما لا يعلم مآله ولكن يجب ان يكون لكل فن من يقوم به. وذلك استفادة من قوله تعالى. (وما كان المؤمنون لينفروا كافة، فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة). مقالات ذات صلة
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: الذی لا
إقرأ أيضاً:
خرافة الزئبق الأحمر بالمغرب.. العلم يفكك الأسطورة
بعد فترة طويلة من انقطاع أخبار القبض على عصابات النصب باسم "الزئبق الأحمر"، التي تدّعي وجود تلك المادة التي تفتح لمن يمتلكها الأبواب الموصدة، ظن كثيرون أن التوعية التي مارستها وسائل الإعلام خلال السنوات الماضية قهرت الخرافات.
غير أن الخبر القادم من مدينة مراكش المغربية مؤخرا، والذي يشير إلى إلقاء القبض على شبكة إجرامية استطاعت الإيقاع بكثير من الضحايا تحت وهم بيع تلك المادة، ربما يشير إلى الحاجة لمزيد من الجهد من أجل تفكيك هذه الخرافة بشكل علمي.
وحملت التقارير المنشورة عن إلقاء القبض على الشبكة الإجرامية الإشارة إلى أنهم كانوا يخدعون ضحاياهم من المهووسين بالتنقيب عن الكنوز والمعادن النفيسة بأن تلك المادة السحرية يمكن أن تعمل كمغناطيس يلتصق بالأماكن التي تحتوي على المعادن والكنوز، وهو الأسلوب الذي استخدمته سابقا شبكات إجرامية في مصر نجحت أيضا في خداع الراغبين في الثراء السريع.
انتشار الحديث عن الزئبق الأحمر في المغرب والعديد من الدول يرتبط غالبا بـ3 دوائر متقاطعة، يغذي كل منها الآخر:
وهم الدفائن والكنوز والشفاء: يُباع الزئبق الأحمر كأنه مادة قادرة على كشف الكنوز، كما أن هناك استخدامات مزعومة أخرى مثل إشاعة قدرة تلك المادة على الشفاء من جميع الأمراض، أو "تجديد الخلايا"، أو علاج العقم وإطالة العمر أو قدرتها على تحويل المعادن العادية إلى ذهب أو استخدامها في إنتاج أسلحة نووية وكيميائية. سرديات مواقع التواصل: مع دخولنا إلى عالم وسائل التواصل، بات حضور الزئبق الأحمر واضحا، وعلى سبيل المثال في يوليو/تموز الماضي اشتعلت وسائل التواصل الاجتماعي المغربية بعد إعلان أحد "مؤثري اليوتيوب" عثوره على كنز بسبب الزئبق الأحمر، وباتت المقاطع التي تحتوي على كلمات مفتاحية مثل "كنز" تخلق موجات اهتمام وتعليقات وسوقا وهمية. القانون الصارم يحوّل الأمر إلى نشاط سري: فالتنقيب غير المرخّص عن الآثار في المغرب مُجرَّم وتحيط به إجراءات وترخيصات وعقوبات، بما يدفع بعض الباحثين عن الكنز السريع إلى العمل في الظل بدل اللجوء لقنوات رسمية، وهنا يصبحون هدفا سهلا للمحتالين، حيث لا يوجد استشارات أو فواتير أو تحقق.وتعود جذور تلك المادة المزعومة إلى السبعينيات والثمانينيات، حين التقطت صحف غربية في الولايات المتحدة وبريطانيا الطعم الذي ألقته المخابرات السوفياتية، والذي كان عبارة عن تقارير غامضة عن مادة سوفياتية سرية تستخدم في تصنيع أسلحة نووية وأجهزة تفجير متقدمة.
إعلانوالحقيقة أنه لم تكن هناك مادة في الأساس، فمع انهيار الاتحاد السوفياتي في مطلع التسعينيات وانكشاف العديد من أسراره، ظهر تقرير استخباراتي أوضح أن "الزئبق الأحمر" كان جزءا من عملية تضليل استخبارية متعمدة، والهدف كان استدراج تجار السلاح والمجموعات الإرهابية الذين يبحثون عن طرق سريعة لصنع أسلحة متقدمة، وكانت الفكرة أن يلهث المشترون خلف مادة لا وجود لها، فيسهل تتبعهم والإيقاع بهم.
والمفارقة أن مصطلح "الزئبق الأحمر" بمجرد ظهوره في الإعلام الغربي خرج عن السيطرة، حيث التقطته وسائل الإعلام في الشرق الأوسط خلال التسعينيات ومطلع الألفية، لينتقل من سياق الاستخبارات إلى هالة من الغموض الشعبي، وتحول إلى أسطورة غذتها الشائعات والأساطير والمبالغات، حتى بات يربط بالسحر، والجن، وتجارة الآثار، وصناعة الأسلحة، رغم عدم وجود دليل علمي على وجوده أصلا.
ومن بين أبرز تلك الأساطير أن المومياوات الملكية المصرية القديمة تحتوي على الزئبق الأحمر المسؤول عن لعنات الفراعنة، وأن استخراجه منها يعطي من يمتلكه قوة خارقة، وهو ما نفاه علماء الآثار مرارا وتكرارا.
ورغم الجهد المبذول في التوعية، جاءت الحادثة المغربية الأخيرة لتثير تعجب المختصين من علماء الآثار والمصريات من بقاء تلك الأسطورة حية إلى الآن.
ويعزو بسام الشماع، المؤرخ وكاتب علم المصريات، بقاءها إلى الرغبة في الثراء السريع، وهي رغبة بشرية لا تتغير بتغير الزمن، وتجعل من الإنسان إن لم يحسن ضبطها صيدا سهلا للمحتالين.
ويقول للجزيرة نت: "ماذا علينا نحن المؤرخين أن نفعل للتوعية أكثر من التأكيد من حين لآخر أننا لم نعثر في أي مقبرة أو ورشة تحنيط على مادة يمكن تسميتها بالزئبق الأحمر، ولم يرد ذكرها في أي نص فرعوني أو بردية طبية".
ويجد المحتالون والنصابون، رغم نفي الشماع وغيره من المؤرخين والأثريين، طريقا سهلا لخداع الضحايا، بمساعدة بعض وسائل الإعلام التي تساعد من حين لآخر على إحياء تلك الأسطورة، كما حدث قبل 7 أعوام عندما عثر في محافظة الإسكندرية المصرية على تابوت أثري أثناء هدم أحد المنازل، ليفاجأ الحاضرون في مشهد فتح هذا التابوت، ومنهم صحفي أجنبي، بسائل أحمر، ليروج هذا الصحفي أنه "زئبق أحمر".
ورغم تأكيد وزارة الآثار المصرية، في بيان صحفي، أن التحليلات الكيميائية كشفت أن هذا السائل ما هو إلا صرف صحي تسلل إلى داخل التابوت من فتحة توجد بداخله، فإن المشهد كان مادة خصبة لمحاولة إحياء تلك الأسطورة لفترة من الزمن، قبل أن تأتي الحادثة المغربية الأخيرة لتؤكد أنها لم تمت.
وربما يجد المحتالون طريقا للنفاذ إلى عقول ضحاياهم، بالإشارة إلى دراسات كيميائية أثرية تستخدم اسم "الزئبق الأحمر" كوصف للمادة التي تعرف باسم "الزنجفر".
ويقول الدكتور ماهر القاضي الأستاذ المساعد في قسم الكيمياء والكيمياء الحيوية بجامعة كاليفورنيا للجزيرة نت: "أعتقد أن إطلاق المخابرات السوفياتية اسم الزئبق الأحمر على المادة الوهمية كان ضربة تضليل ذكية اعتمدت على نصف الحقيقة، فهناك فعلا مادة أثرية معروفة بهذا الوصف في الكيمياء القديمة، لكن لا علاقة لها بالقدرات السحرية أو النووية التي نُسجت حولها الأسطورة، وهكذا استخدم جزء صحيح لإلباس الوهم ثوب العلم".
إعلانوالزئبق الأحمر التاريخي صبغة فنية قديمة تستخدم لوصف ما يعرف علميا بكبريتيد الزئبق، واستخدمها الفنانون منذ العصور القديمة وفي أوروبا القرون الوسطى لتلوين المخطوطات واللوحات، وهو مادة حقيقية وآمنة نسبيا عند التعامل معها بحذر، ولا تمتلك أي خصائص خارقة.
وكان باحثون برتغاليون قد نجحوا في تصنيعها باستخدام مواد وأدوات تشبه ما كان متاحا للفنانين في العصور الوسطى، وذلك بالاعتماد على وصفة تاريخية مدونة في مخطوط يهودي برتغالي قديم بعنوان "كتاب كيفية صناعة الألوان"، وأعلنوا عن ذلك قبل 11 عاما في دورية "دايز آند بيجمنتس".
وقام الباحثون خلال الدراسة بمزج الزئبق مع الكبريت، ثم تسخين الخليط تدريجيا في ظروف مشابهة للأفران القديمة، وخلال التسخين تحولت المادة من السوداء إلى الأحمر عند حوالي 235 درجة مئوية.
بعد ذلك، طحنت الصبغة ومزجت مع غراء طبيعي لتصبح جاهزة للتلوين، تماما كما كان الفنانون والرهبان يفعلون في المخطوطات واللوحات الأوروبية القديمة.
وقارن الباحثون الصبغة المصنعة حديثا بالصبغات الأصلية في المخطوطات، وتبين أن الأعمال الفنية البرتغالية القديمة اعتمدت غالبا على المصدر الطبيعي للصبغة، وهو حجر "السينابار" وليس على النسخة الصناعية.
تجربة طريفة من زغربوفي تجربة عملية طريفة لبيان خداع المحتالين باسم "الزئبق الأحمر"، تحولت أسطوانة معدنية صغيرة صادرتها شرطة زغرب بكرواتيا من أحدهم إلى مادة علمية لباحثين من معهد "رودر بوسكوفيتش".
وخلال الدراسة المنشورة قبل 18عاما، قام الباحثون بتحليل العينة باستخدام تحليل التنشيط بالنيوترونات بطاقة 14.1 ميغا إلكترون فولتا، الذي كشف العناصر الكيميائية في العينة، وتحليل الأشعة السينية المعزز بالطاقة، لتحديد أي العناصر موجودة داخل المادة وأيها في الحاوية المعدنية نفسها.
وأظهرت النتائج أن الأسطوانة تحتوي على 4 عناصر، وهي: الزئبق، والحديد، والكروم، والنيكل. وأثبت تحليل الأشعة السينية أن الحديد والكروم والنيكل موجودون فقط في جدار الحاوية المعدنية، بينما كانت المادة الداخلية عبارة عن زئبق نقي.
ويبدي القاضي إعجابه بتعاون السلطات في زغرب مع الباحثين قائلا "ما أحوجنا في العالم العربي لتجارب عملية من هذا النوع، فربما تنجح مثل هذا التجارب عند تنفيذها والإعلان عن نتائجها في القضاء على أسطورة الزئبق الأحمر".