قال د. فايد محمد سعيد ‏السكرتير العام لهيئة الفتوى والشئون الإسلامية في المركز الثقافي الإسلامي وإمام وخطيب المسجد المركزي بلندن: ‏لقد وفقت وزارة الأوقاف في اختيار موضوع مؤتمرها الدولي 34 عن الفضاء الإليكتروني الذي بات يؤرق الجميع، فلقد تقاربت المسافات وذابت الحدود واختفت، وأصبح الجميع يتحدث عن قيم كونية، فنحن أمام تحد كبير، وفي رأيي المتواضع هذا التحدي هو فرصة لنشر قيم الدين الحنيف وإرسال رسالة الرحمة.

الأوقاف المصرية تشهد تطورًا عظيمًا وغير مسبوق

فقد قال ربنا (عز وجل) مخاطبًا رسوله (صلى الله عليه وسلم): "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين" (الأنبياء: ١٠٧)، ففي هذه الآية قصر موصوف على صفة بمعنى أن رسالته (صلى الله عليه وسلم) ما هي إلا رحمة، رحمة لمن؟ للعالمين، لا للمسلمين وحدهم، فقد تجاوزت حدود الدين والعرق والجنس بل حتى البشر! فرب العالمين أرسل رسوله رحمة للعالمين.

وأكمل: ‏فهذا التحدي فرصة حقيقية لنشر رسالة الرحمة والتواصل الإنساني والتعاون على الاستفادة من هذ الابتكار الإنساني لتسخيره فيما ينفع الناس عملًا بقوله (صلى الله عليه وسلم): "أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ" (الطبراني، المعجم الأوسط: 6026)، فلا يجدي البكاء والتباكي والتحذير، بل المطلوب هو العمل الجاد والمثمر لملء الفراغ بخطاب متوازن يغذي العقل والروح ويخدم المجتمع في جميع مناحي الحياة، ولقد شملت الموضوعات التي تناولتها أوراق المؤتمر الجانب الشرعي والتقني الفني، وناقشت جلسات المؤتمر الواقع المعاش والمستقبل المأمول، وكم أسعدني التطور الكبير الذي تشهده وزارة الأوقاف المصرية بقيادة الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف في المجالات الثلاثة المهمة:

١. رفع مستوى المُخَاطِب وهو الإمام (الركن الأساسي في الخطاب الديني) عن طريق الأكاديمية الفريدة من نوعها، والتي لم أسمع بها في مكان آخر أبدًا، في مجالات التدريب، حيث شملت الجوانب الشرعية والعربية والعلوم الإنسانية والتقنية والرياضية، وهذا يُمكِّن الإمام من أداء مهمته على أكمل وجه لمعرفته المجتمع بجميع فئاته.

٢. الارتقاء بمستوى الخطاب وتنويعه باختيار أفضل السبل التي تتناسب مع المستويات المختلفة والتي تراعي الفروق الفردية، فقد خاطب المولى جل في علاه رسوله (صلى الله عليه وسلم) بقوله: "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" (النحل: ١٢٥) 

٣. الاهتمام بالمُخاطب وتهيئة البيئة الجاذبة والمناخ المناسب وفهم المتغيرات والتحديات.

‏وشدد: لقد حققت وزارة الأوقاف في كل هذه الجوانب نتائج عظيمة رأيناها في التطوير والتجديد الذي تشهده مساجد مصر ومن جميل ما شاهدت عند زيارتنا لمسجد سيدنا عمر بن العاص (رضي الله عنه) وقد وصلنا إليه بعد ساعتين من صلاة الجمعة فوجدنا المسجد عامرًا بالناس سواء لقراءة القرآن وحلق الذكر أو اجتماع العائلة، فأي شيء أعظم من أن يجتمع الناس في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه.

وأكمل: ‏هذه هي المرة الأولى التي أشارك فيها مؤتمرات المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، ولقد وجدتها قوية ومنظمة، ومما أسعدني تواجد معالي الوزير في الجلسات ومتابعة التفاصيل واستحضار الأرقام، كما أكرمنا الله بختمة للقرآن الكريم وابتهالات ومدائح نبوية.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الأوقاف الفضاء الإليكتروني الخطاب الديني صلى الله علیه وسلم

إقرأ أيضاً:

د. منال إمام تكتب: المرأة المصرية.. حارسة القيم ومصدر التوازن الأسري في زمن التحولات

تُمثّل الأسرة البنية التحتية الأخلاقية والوجدانية لأي مجتمع، فهي المدرسة الأولى التي يُبنى فيها الوعي، وتتكوَّن فيها الشخصية، وتتبلور فيها القيم والسلوكيات. في حضنها يتعلم الإنسان معنى الانتماء، ويكتسب أدوات التفاعل مع ذاته ومحيطه، ولهذا كان الحفاظ على تماسك الأسرة مرادفًا لصيانة استقرار المجتمع وتنميته.
وفي قلب هذه المنظومة، تقف المرأة المصرية شامخة بدورها المتجذر، لا كمجرد عنصر داخل الأسرة، بل كروح تنبض فيها الحياة، وعقل يرشدها، وضمير يقيها من الانهيار أمام العواصف الاجتماعية والثقافية.
منذ فجر الحضارات، أثبتت المرأة المصرية مكانتها الرفيعة. ففي مصر الفرعونية، لم تكن المرأة مجرد تابع، بل شريكة في الحكم والتعليم والتدبير، تُقدّر كأم وملهمة وزوجة ومعلمة. وعبر العصور الإسلامية، ازدادت مكانتها رسوخًا، فكانت نموذجًا للحكمة والصبر والتضحية، ومصدرًا لتربية الأجيال على الفضيلة والانتماء.
ومع تطوّر الزمن ودخول المجتمع المصري في معترك القرن الحادي والعشرين، بدأت الأسرة تواجه تحديات عميقة تمس جوهر القيم التي نشأت عليها، وكان للمرأة النصيب الأوفر من المواجهة والعبء.

عولمة القيم وتحدي الازدواجية

أدخلت العولمة أنماطًا ثقافية مستوردة قد لا تنسجم دائمًا مع الروح الأصيلة للأسرة المصرية. فتولد صراع صامت داخل الأبناء بين ما يُغرس فيهم داخل البيت من مبادئ، وما يواجهونه خارجه من مفاهيم مغايرة، مما خلق ازدواجية تربوية تهدد بتآكل القيم.

وسائل التواصل الاجتماعي: الاتصال الذي فرّق

رغم أن هذه الوسائل قرّبت المسافات، إلا أنها في كثير من الأحيان باعدت بين القلوب داخل الأسرة الواحدة. فقد أفرزت أنماطًا من العزلة الرقمية، وأعادت تشكيل العلاقات داخل البيت، ودفعت القيم الفردانية والاستهلاكية إلى الواجهة، على حساب التضامن الأسري والانتماء الجمعي.

التحديات الاقتصادية: عبء مزدوج على كاهل المرأة

أمام تزايد الضغوط الاقتصادية، اضطرت ملايين النساء إلى خوض سوق العمل، دون أن يُخفف عنهن عبء رعاية الأسرة. فوقعن في مأزق التوفيق بين العمل والبيت، وبين الذات والواجب، وهو ما أسهم أحيانًا في اهتزاز المنظومة الأسرية وارتفاع معدلات الطلاق، وتبدّل بعض المفاهيم المرتبطة بالزواج والأسرة.

المرأة المصرية... خط الدفاع الأخير عن القيم

وبرغم كل هذه التحديات، ورغم تعدد الأدوار لم تتخلَّ المرأة المصرية عن دورها. بل واجهت التغيرات بوعي متنامٍ، مستندة إلى إرث ثقافي عريق وتجربة تاريخية فريدة، متمسكة بجوهر هويتها الدينية والوطنية. فقد أثبتت أنها ليست مجرد متلقٍ للتغيرات، بل فاعل رئيسي قادر على تهذيبها وتكييفها بما يخدم استقرار الأسرة واستمرار نهضة المجتمع.
ولذا، فإن دعم المرأة المصرية وتمكينها ليس ترفًا اجتماعيًا، بل ضرورة وطنية. فتمكينها ثقافيًا واقتصاديًا هو تمكين للأسرة ذاتها، وللمجتمع بأسره. إنها الحارسة التي تحفظ التوازن بين الأصالة والتجديد، بين الروح والقانون، بين القلب والعقل.
 

طباعة شارك الأسرة المرأة المصرية العواصف الاجتماعية

مقالات مشابهة

  • مليشيا الحوثي تطرد إمام مسجد بصنعاء بعد الإفراج عنه وتعيّن بديلاً موالياً لها
  • الأوقاف تفتتح 7 مساجد اليوم الجمعة ضمن خطة إعمار بيوت الله
  • عبدالله العبدالهادي إلى رحمة الله
  • رحمة محسن ترد على منتقدي وصية بعض الفنانين بحذف أغانيهم بعد الوفاة
  • في 4 محافظات | الأوقاف تفتتح اليوم 7 مساجد ضمن خطتها لإعمار بيوت الله
  • أمين الفتوى: التوسعة على الأهل في يوم عاشوراء سنة نبوية ولها فضل عظيم
  • تصرف نبوي عظيم الأجر يجهله البعض .. أمين الإفتاء يكشف عنه| فيديو
  • الحر في أوروبا.. لندن تعيش "اليوم الأسخن" وإصابة المئات في "قيظ" باريس
  • عدن.. وفاة إمام وخطيب مسجد إثر حادث مأساوي في البريقة
  • د. منال إمام تكتب: المرأة المصرية.. حارسة القيم ومصدر التوازن الأسري في زمن التحولات