تفسيرات متناقضة في مصر لدعوة تقنين الهجرة غير النظامية
تاريخ النشر: 12th, September 2023 GMT
تباينت ردود الأفعال في مصر حيال دعوة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في 5 سبتمبر/ أيلول الحالي، لتنظيم الهجرة غير النظامية إلى بعض الدول التي تعاني نقصاً في القوى البشرية، ضارباً المثل بدولة صربيا التي تستقبل عمالة مؤقتة لتحقيق مكاسب مشتركة.
وقال السيسي، في جلسة حوارية ضمن فعاليات المؤتمر العالمي الأول للسكان والصحة، إن مصر لديها “فرصة كبيرة في تنظيم الهجرة الشرعية إلى الدول الأوروبية التي تعاني نقصاً في أعداد المواليد، لأنها طاقة عمل ستحقق عوائد للاقتصاد في هذه البلدان”.
تقنين الهجرة في مصر أمر جديد
وفي السياق، قال المساعد السابق لوزير الخارجية المصرية، السفير معصوم مرزوق، في حديث لــ”العربي الجديد” إن “أي تحرك قانوني للعمالة المصرية في الخارج، سواء في أوروبا أو خارجها، يعد أمراً إيجابياً، وهو أمر دأبت عليه وزارة الخارجية المصرية لعقود طويلة”.
وأضاف أن الوزارة “كانت تبرم اتفاقيات لحماية حقوق العمالة المصرية سواء في أوروبا (مثل فرنسا وإيطاليا واليونان)، أو دول الخليج، باعتبار ذلك أفضل من ركوب البحر وصولاً للقارة العجوز، وهي مخاطرة شديدة تكلف الآلاف حياتهم، وهو أمر لا يختلف مع ما دعا إليه الرئيس إلا في مسمى الدعوة فقط”.
معصوم مرزوق: كانت مصر تبرم اتفاقيات لحماية العمالة المصرية في أوروبا والخليج
وفي السياق، قال إن “إيطاليا سمحت بوصول أعداد من العمالة المصرية، إلا أن الأمر شابته سلبيات، في مقدمتها عدم تأهيل العمالة المصرية وتدريبها بشكل كاف لضمان تلبيتها لاحتياجات السوق الإيطالية”.
ولفت مرزوق إلى أن “الحديث عن تقنين الهجرة إلى أوروبا، يجب أن يسبقه الوصول لاتفاقية قانونية ملزمة، تحدد شكل هذه الهجرة، وما إذا كانت مؤقتة أم دائمة، وعن حقوق هذه العمالة في التمتع بظروف عمل مناسبة وفقاً لمواثيق منظمة العمل الدولية”. وأشار إلى أن “وصف الأمر بتقنين الهجرة قد يشعل مخاوف بلدان أوروبية من أن تكون هذه الهجرة دائمة”.
وفي وقت اعتبر أن مشاكل مصر أعقد من أن تحلها قضية تقنين هجرة العمالة للخارج، رأى مرزوق أن المشاكل “تحتاج منظومة سياسية واقتصادية وتنموية كاملة، فضلاً عن الحاجة الشديدة لتأهيل الكوادر المهاجرة، خصوصاً أصحاب الشهادات المتوسطة، وتحديد احتياجات الدول الأوروبية”.
عدة أبعاد لدعوة تقنين الهجرة في مصر
من جهته قال أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، عصام عبد الشافي، في حديث لـ”العربي الجديد” إن الحديث عن تنظيم هجرة المصريين له العديد من الأبعاد، “أولها: الانتقال من التجارة غير المباشرة في ملف الهجرة غير النظامية إلى التجارة المباشرة”.
وأوضح أن “عمليات تهريب كثيرة للبشر عبر الحدود المصرية كانت تتم من خلال شركات، تتورط فيها مؤسسات وشخصيات رسمية، تسبب الكشف عنها في إحراج للنظام، فلماذا لا يتم تقنينها وتكون رسمية للتحكم في عائدات هذه التجارة؟”.
أما البعد الثاني بحسب عبد الشافي فيتمثل في “فرض القدرة على التحكم في مصادر دخل من هاجر، حيث يمكن فرض نسب من مدخولهم، وشروط لاستخراج أية وثائق أو تمديد الهجرة، وبالتالي تقنيين السيطرة على هذه المصادر”.
وأضاف بالمقابل أنه لا يوجد قدرة على التحكم في دخل من هاجر بطريق غير نظامي، “خصوصاً أنه تُطرح دورياً العديد من المبادرات لاستنفاد قدرات المصريين في الخارج، لكنها من وجهة النظر الرسمية غير كافية”.
عصام عبد الشافي: تُستخدم فكرة الإدارة بالفزاعات في موضوع تنظيم هجرة المصريين
كما اعتبر أن البعد الثالث “يتمثل في فكرة الإدارة بالفزاعات، والرسائل غير المباشرة”، موضحاً أنه “منذ سنوات كان يستخدم ملف الإرهاب، ثم ملف الهجرة غير الشرعية، والآن ملف الكثافة السكانية في مصر وعدم قدرة الدولة على التعاطي معها، باعتبارها سبب فشل السياسات الاقتصادية، وأن الحل المطروح هو تخفيف هذه الكثافة عبر هجرة البشر”.
وبالتالي قال عبد الشافي إن ذلك “يحقق هدفين، عائدات تجارة البشر تحت مسمى تنظيم الهجرة واللجوء من ناحية، أو الحصول على منح وقروض لمواجهة الأزمة السكانية من ناحية ثانية”.
بدورها، ذكرت أستاذة الاقتصاد والعميدة السابقة لكلية الاقتصادية والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، الدكتورة عالية المهدي، في منشور على صفحتها على “فيسبوك” أنها كانت مدعوة كخبيرة اقتصادية في أسواق العمل للمؤتمر الوزاري بمالطا عام 2017.
وكان الهدف هو إعداد البيان الذي سوف يصدر عن دول الاتحاد الأوروبي في ما يخص تنظيم الهجرة، الذي يقصدون به الحد من الهجرة غير النظامية أو إيقافها تماماً.
وأضافت أن مقترحها كان تنظيم هذه العملية ليس باعتبارها هجرة، بل “على أساس توفير عقود عمل مؤقتة، مثلما هو الحال مع كل الدول العربية، وبانتهاء العقد، يعود العامل أو الموظف إلى بلده، وبذلك تتحقق مصلحة للطرفين، البلد الأوروبي المحتاج لعمالة شابة والشباب الباحث عن عمل”.
تقنين الهجرة في مصر ينهي ظاهرة قوارب الموت
بالمقابل لم تنف الأصوات التي انتقدت دعوة السيسي، وجود إيجابيات لها. فقد رأى المحامي أحمد بدوي المتخصص في شؤون الهجرة واللجوء، في تصريحات تليفزيونية أن “الدعوة لتقنين الهجرة تسدد ضربة قوية للهجرة غير النظامية، وتنهي ظاهرة قوارب الموت التي تستغل الراغبين في الوصول لأوروبا، وتعرض حياتهم للخطر، وبل تقلل احتمالات استغلال جماعات العنف والتطرف لهؤلاء المهاجرين”.
واعتبر الدعوة لتقنين الهجرة “تطبيقا للاتفاقية العالمية للهجرة، الموقعة عام 2018، واستثماراً للقوى البشرية، وتحقيق مكاسب اقتصادية للطرفين، والتوازن بين الدول التي تتمتع بفائض من القوة البشرية، ومن يعانون من مشكلات النقص في هذه الكوادر”.
وتشكل الدعوة، بحسب بدوي، “دفعاً للتنسيق الدولي لمواجهة الهجرة غير النظامية، وإيجاد آليات تحدد احتياجات الدول المستقبلة للمهاجرين، بشكل يتطلب من الدولة الموردة للعمالة تدريب وتأهيل كوادرها، لتكون قادرة على العمل في البلدان الأوروبية”.
العربي الجديد
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الهجرة غیر النظامیة العمالة المصریة تنظیم الهجرة عبد الشافی
إقرأ أيضاً:
حكومة العمالة تواصل تضييق الخناق على المواطن وترفع سعر الكيلو الروتي الى 2000 ريال
احتجاجات نسوية غاضبة تجتاح المحافظات المحتلة عقب إعلان مليشيات الاحتلال منع التظاهرات والوقفات الاحتجاجية
في الوقت الذي يعيش فيه المواطن اليمني في المحافظات المحتلة أزمة انقطاع الكهرباء وانعدام المياه، تصدرت أزمة إغلاق المخابز والأفران في عدن المشهد، نتيجة عدم قدرة ملاكها على مجابهة النفقات التشغيلية المكلفة للأفران والمخابز، في ظل انهيار العملة والأزمة الاقتصادية الصعبة التي تشهدها المحافظات المحتلة .
الثورة / مصطفى المنتصر
واستدعى قرار رفع أسعار الخبز إلى 100 ريال للقرص الواحد من قبل مالكي الأفران في “المحافظات المحتلة” نتيجة انهيار الريال اليمني أمام العملات الأجنبية، ردود أفعال غاضبة بين اليمنيين، وسط دعوات لعودة الحراك الشعبي والاحتجاجات الشعبية الغاضبة للإطاحة بقيادات حكومة المرتزقة بقطبيها السعودي والإماراتي والانقلاب على تحالف العدوان في اليمن ورفض سياسة تجويع الشعب اليمني.
وقالت مصادر إعلامية إن عددا من المخابز في مدينة عدن المحتلة أغلقت أبوابها أمام المواطنين نتيجة الانهيار المتواصل للعملة المحلية، مما تسبب في خسائر فادحة لأصحابها وأثر بشكل مباشر على صناعة الخبز والروتي.
وأكدت المصادر أن الارتفاع الكبير في أسعار المواد الأساسية خاصة الدقيق الذي وصل سعره إلى نحو 54 ألف ريال للكيس عبوة 50 كجم، أدى إلى إغلاق العديد من المخابز، وسط تحذيرات من تداعيات خطيرة تهدد آلاف الأسر التي تعتمد على شراء رغيف الخبز من المخابز جراء تدهور الوضع المعيشي والتي عكست الفشل الذريع لـ”حكومة المرتزقة ” في تقديم حلول فعلية لوقف الانهيار الاقتصادي الكارثي، مما زاد من معاناة المواطنين الذين يعانون من ارتفاع الأسعار وندرة المواد الأساسية.
حكومة العمالة تواصل تضييق خناق المواطن
وكانت ما تسمى جمعية المخابز والأفران في عدن، قد كشفت عن اتفاق جديد مع حكومة المرتزقة التابعة للتحالف، يقضي برفع أسعار الخبز إلى أسعار خيالية خارج متناول يد المواطن.
وقال ما يسمى رئيس جمعية المخابز والأفران في عدن، عبدالجليل عبده، إنه تم الاتفاق مع وزارة الصناعة والتجارة في حكومة المرتزقة ، يقضي ببيع “الكيلو الروتي بمبلغ 2000 ريال”.
وأشار رئيس الجمعية إلى أن المخابز ستعاود فتح أبوابها ابتداء من الخميس الماضي بناء على الاتفاق، عقب الإضراب الذي نفذته المخابز الأربعاء الماضي في عدن، احتجاجا على عدم قدرة المخابز على تحقيق أي أرباح بسبب انهيار العملة في المناطق المحتلة الخاضعة لسيطرة التحالف جنوب وشرق اليمن.
ويعتبر السعر الجديد الذي تم الاتفاق عليه بين حكومة المرتزقة وجمعية المخابز والأفران، مبالغاً فيه، بحسب ما تداوله ناشطون ومواطنون على مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصا في ظل تراجع القدرة الشرائية للعملة المحلية، وعدم حدوث أي تحسين للأجور في موازاة تضخم العملة المحلية.
وعادت الاحتجاجات الغاضبة إلى شوارع عدن وعدد من المحافظات الجنوبية المحتلة من جديد، لكن هذه المرة بشكل آخر، حيث خرجت يوم أمس الأول تظاهرة نسائية في خور مكسر بعدن هي الثانية خلال أسبوع عقب التظاهرة التي خرجت الأسبوع الماضي في عدن ولاقت صدى واسع على المستوى المحلي والدولي، بعد أن ألهب انهيار العملة المحلية إلى مستويات قياسية وانقطاع الكهرباء لأكثر من 16 ساعة في اليوم حماس الكثير من أبناء المحافظات الجنوبية المحتلة وابرزها عدن ولحج والمهرة وأبين.
ولعل اللافت في الدعوات التي أطلقتها مكونات نسائية مستقلة للتظاهر ضد تحالف العدوان وقيادات حكومة المرتزقة، نابعة من الشعب والى الشعب بلا كيانات وأحزاب سياسية أو جماعات دينية، كونها دعوات حركها الجوع والقهر وأوقد لهيبها جحيم المعاناة والألم الذي يتجرعه المواطن اليمني في المحافظات المحتلة وتأكيدا على استمرار المواطن في الدفاع عن حقوقه المنهوبة، ورفضه القاطع لتلك المساعي التي يحاول المحتل فرضها لإسكات صوته وحجب حقيقة المعاناة التي يعيشها المواطن في ظل سيطرة الاحتلال وأدواته الرخيصة .
فيما توقع مراقبون وخبراء أن تؤدي هذه التطورات التي تشهدها المحافظات المحتلة إلى تفاقم الأوضاع الإنسانية، بالتزامن عجز واضح لمرتزقة التحالف في معالجة الأسباب الجذرية للأزمة الاقتصادية الخانقة نتيجة وصول سعر بيع الدولار الأمريكي في عدن إلى2556 ريالا يمنياً للبيع وسط تصاعد مستمر.
وأكد الخبراء، أن غرض الأزمات المفتعلة، هو صرف نظر المواطن عن حجم الفساد والنهب المهول الذي تتعرض لها الموارد اليمنية والثروات من قبل الاحتلال السعودي الإماراتي ومرتزقتهم دون إيجاد أي حلول عاجلة لمعاناة المواطن طيلة عشرة أعوام من الاحتلال .
يشار إلى أن احتجاجات واسعة ستندلع هذا الأسبوع في جميع المناطق المحتلة، مطالبة بطرد تحالف العدوان ومحاسبة قيادات المرتزقة الفاشلة والفاسدة.