أين البعثات الخارجية في علم النفس؟
تاريخ النشر: 14th, September 2023 GMT
نقاء بنت ياسين اللواتية
تخرجت في نهاية 2021 بشهادة البكالوريوس في علم النفس من جامعة لاتروب في مدينة ملبورن الاسترالية، بعد حصولي على بعثة خارجية نهاية عام 2016. الدراسة كانت ممتازة لأبعد الحدود من حيث جودة التعليم، والعلم والخبرة الأكاديمية التي حصلتُ عليها، فضلًا عن الانفتاح على ثقافات مختلفة تعلم إدارة الشؤون الشخصية.
كانت تجربة الابتعاث من أفضل تجارب حياتي وحياة معظم الخريجين، لكن خلال سنوات دراستي، ظل القلق يُساورني على مستقبلي الوظيفي؛ إذ مما يغيب عن أنظار الكثير أنه في الدول المتقدمة مثل أستراليا وبريطانيا، لا يُسمح لأي شخص أن يكون أخصائيًا نفسيًا دون الحصول على شهادة الماجستير. لكن في عمان الوضع مختلف؛ فشهادة البكالريويس تكفي للتوظيف!
لكن.. هل البكالوريوس وحده يؤهل الخريج لكي يصبح أخصائيًا نفسيًا يتعامل مع حياة الناس؟ غالبًا لا، فالبكالوريوس هو مقدمة لعلم النفس كما إنه نظري بنسبة 100%. لذلك، منذ البداية كانت خطتي هي استكمال دراسة الماجستير في علم النفس.
غير أن ما يبعث على القلق الآن قلة البعثات الخارجية للماجستير؛ حيث تتوفر بعثة واحدة كاملة للماجستير للسنة الواحدة في تخصص علم النفس، وهذا يضع جميع طلاب سلطنة عُمان في منافسة عالية على مقعد واحد! ومع ذلك كنت أبذل قصارى جهدي للحصول على هذا المقعد والفوز بهذه البعثة. ولله الحمد حصلت على اعلى الدرجات، لكن أصابتني صدمة بعد أن علمت بإلغاء البعثة، فهل كل ذلك الجهد ذهب هباءً منثورًا؟
قضيتُ مئات الساعات في التفكير في بدائل، لكني لم أجدُ بديلًا جيدًا.
ووجدتُ البدائل كالتالي: الأول: دراسة ماجستير في الإرشاد النفسي بجامعة السلطان قابوس، لكن المشكلة في الإرشاد النفسي أنه لا يُعلِّم تشخيص الأمراض النفسية والتعامل مع الأمراض النفسية الصعبة، كما إنه لا يتطرق للبحث العلمي الذي هو في غاية الأهمية للأخصائي النفسي، لأنه يجب على الأخصائي مواكبة العلم وتحديث معلوماته كل سنة أو أقل من خلال قراءة الأبحاث العلمية.
الإرشاد النفسي أيضًا لا يتطرق لموضوع الأحياء وكيمياء الدماغ؛ فيصبح المرشد النفسي غير قادرٍ على العمل مع الطبيب النفسي في حالة احتاج المريض لهذا الأمر.
مشكلة أخرى واجهتني في برنامج جامعة السلطان قابوس لماجستير الإرشاد النفسي أنه باللغة العربية، في حين أن دراستي بالخارج كانت باللغة الإنجليزية، إضافة إلى أن البرنامج يكلف ما يقرب من 2000 ريال عُماني، وهذا المبلغ ليس متاحًا للجميع.
أما الخيار الثاني؛ فهو الدراسة خارج عُمان، على نفقتي الشخصية، وتكلفتها على أقل تقدير 10 آلاف ريال عماني للدراسة والمعيشة، وهو مبلغ كبير جدًا، وقلّما يستطيع أي خريج توفيره!
أما الخيار الأخير فهو الانخراط في سلك الوظيفة بشهادة البكالوريوس؛ وهذا يعني عدم تسلح الأخصائي بكفاءة عالية، رغم أنها وظيفة شائكة تتعلق بحياة الإنسان، والمهارة المحدودة قد تتسبب في سوء حالة المريض؛ وما يترتب عليها من ارتفاع في معدلات الأمراض النفسية، والأهم من ذلك عدم وجود كوادر وطنية تعمل في هذا المجال، رغم حيويته وأهميته.
بالنظر إلى المنافع التي سيُجنيها ليس فقط المبتعث، وإنما أيضًا الفئات التي تحتاج إلى العلاج من أبناء المجتمع، أقترحُ على وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار العودة إلى النظام السابق المُلغى، والبدء ببعثة واحدة سنويًا، فإن أفضل برامج الماجستير هي التي تتضمن مواد دراسية متنوعة، ومواد تُدرِّس البحث العلمي، وتوفر التدريب كذلك، وفوق كل ذلك الاستفادة من الخبرات الأجنبية المتقدمة في هذا التخصص المُهم.
من خلال المتابعة الحثيثة، وبعد دراستي للموضوع وتخصصي في علم النفس ومهنة الأخصائي النفسي، ومقارنتي بين نمط التدريس في أستراليا والتدريس في الجامعات البريطانية، يمكنني القول إن أستراليا هي الخيار الأفضل للابتعاث في هذا المجال البالغ الأهمية؛ لأنه في بريطانيا عادة لا يتوفر التدريب، كما إن المواد العلمية ليست بجودة المواد المُتاحة في الجامعات الأسترالية.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: الإرشاد النفسی فی علم النفس
إقرأ أيضاً:
الكوابيس المستمرة.. أسبابها وكيفية التعامل معها
روسيا – تشير الدكتورة يوليا رومانينكو، أخصائية علم النفس، إلى أن الكوابيس ليست تجربة ممتعة، خاصة إذا تكررت بانتظام. وتوضح الأسباب الكامنة وراء حدوثها، بالإضافة إلى طرق التخلص منها.
ووفقا للدكتورة، يُعتبر النوم دائما فرصة لاكتشاف أشياء جديدة عن اللاوعي. ففي كثير من الأحيان، لا تقتصر الكوابيس على كونها أحلاما مزعجة فقط، بل تتحول إلى تجارب حية ومخيفة تجعلك تستيقظ متصببا عرقا، مع تسارع في ضربات القلب وشعور بالقلق.
وتقول الدكتورة: “إذا كان الشخص يعاني من الكوابيس بشكل مستمر، فهذه إشارة إلى وجود شيء ما في داخله يسبب قلقا مزمنا. وقد يكون لهذا أثر فعلي، إذ أن السبب غالبا يكون خارج نطاق الوعي، ما يعني أنه قد يظهر في أي لحظة، ليس فقط أثناء النوم، بل خلال النهار أيضا، مثل نوبات الهلع المفاجئة التي تحدث بدون سبب واضح”.
وتشير الطبيبة إلى أنه إذا تكررت الكوابيس عدة مرات في الأسبوع، وتداخلت مع النوم وقللت من جودة الحياة، فقد تكون علامة على اضطراب القلق، أو اضطراب ما بعد الصدمة، أو اضطرابات نفسية أخرى. وترجع أسباب الكوابيس غالبا إلى مشكلات نفسية لم تُعالج بعد.
وتتابع قائلة: “يستمر الدماغ أثناء النوم في معالجة الانفعالات التي حدثت خلال النهار. وإذا كانت هناك صراعات غير محلولة، أو مشاعر مكبوتة، أو أحداث صادمة في الحياة الواقعية، فإن النفس تستمر في معالجتها من خلال الأحلام. والسبب دائما يكمن في عدم اكتمال معالجة هذه الانفعالات. فمثلا، الشخص الذي تعرض لهجوم ولكنه لم يعبر عن خوفه داخليا، قد يرى مشاهد خطر متكررة في أحلامه”.
ووفقا لها، فإن سببا محتملا آخر للكوابيس هو التوتر والقلق المزمنان. عندما يعاني الشخص من توتر مستمر، ينشط الدماغ “وضع التهديد” أثناء النوم، ويتجلى ذلك في مشاهد مثل المطاردة، السقوط، العنف، أو الكوارث. كما يمكن أن تنشأ الكوابيس من مشاهدة أحداث مزعجة قبل النوم، مثل أفلام الرعب، أخبار الكوارث، أو حتى الأحاديث المتوترة.
وتضيف: “يجب مراعاة الخصائص النفسية الفردية، فالأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من القلق، أو يمتلكون تفكيرا إبداعيا وخيالا واسعا، هم أكثر عرضة لتكرار الكوابيس”.
وتقدم الطبيبة عدة نصائح للتخلص من الكوابيس، أولها تحليل المخاوف والتغلب عليها. ومن الأدوات المفيدة الاحتفاظ بـ”مذكرات أحلام”، حيث يتم تدوين الكوابيس بهدف البحث عن الروابط بينها وبين الانفعالات الحقيقية. كما يُساهم العلاج النفسي في تقليل تكرار الكوابيس.
وتنصح الطبيبة باستخدام أسلوب “إعادة كتابة السيناريو”، حيث إذا تكرر الكابوس، يتخيل له نهاية بديلة وإيجابية، ما يساعد على تخفيف العبء العاطفي المرتبط به.
وتشير الطبيبة إلى أهمية اتباع عادات نوم صحية، مثل الخلود للنوم في نفس الوقت يوميا، وتجنب الكافيين والأطعمة الدسمة قبل النوم، وتهوية الغرفة جيدا. كما تؤكد على ضرورة الاسترخاء الجسدي قبل النوم، مثل ممارسة التأمل، أو تمارين التنفس، أو اليوغا الخفيفة، التي تُرخي الجسم وتساعد النفس على التخلص من القلق.
وتختم الطبيبة حديثها قائلة: “الكوابيس إشارة من النفس إلى توتر داخلي. وإذا كانت تزعج الشخص باستمرار، فهي علامة واضحة تستدعي استشارة معالج نفسي في أقرب وقت ممكن”.
المصدر: gazeta.ru