التصنيع لأوروبا والبيع في الخليج
تاريخ النشر: 15th, September 2023 GMT
هناك مصطلح يدعى harsh environment ويقصد به الظروف البيئية القاسية في منطقة ما، فهناك مواقع تكون نسبة الرطوبة فيها عالية، ومواقع أخرى تكون جافة جدا وذات طقس حار تصل فيه الحرارة إلى أعلى من 50 درجة مئوية، ومناطق تكثر فيها العواصف والأتربة. ظروف هذه المناطق والمواقع تؤثر بشكل مباشر على تشغيل الطائرات، من تعطل أجزاء مهمة في الطائرة بشكل مفاجئ أو خروجها من الخدمة قبل عمرها الافتراضي.
كل هذه النتائج تكبّد شركات الطيران الخسائر أو تفقدها الفرص، وكل ذلك يتسبب به مصنعو الهياكل والمحركات والكمبيوترات والأجهزة الرئيسة في الطائرات؛ لأنهم يستندون عند تصنيعهم واختباراتهم إلى الظروف الاعتيادية وربما النموذجية، جو صحو ودرجة حرارة أقل من 20 درجة مئوية، ورطوبة أقل من المتوسط، إنهم يصنعون أنظمة تكييف مناسبة لطائرات تعمل في مطار جنيف؛ لكنها في الحقيقة لا تعمل بكفاءة جيدة في أجواء الخليج! وأنتجت إحدى الشركات محركات بمتطلبات ألمانية تقاوم الثلج؛ لكنها تتأثر بأتربة ورطوبة الخليج. وقامت شركات أخرى بتصنيع كمبيوترات لا توجد في إعداداتها درجات حرارة تتجاوز الـ 40؛ لذا تجدها في فصل الصيف -عندنا في الخليج- (تتنّح)، لا (ريسِت) ينفع معها ولا إيقاف التشغيل.
إن استمرار تطبيق هذا الأسلوب- من عدم أخذ الظروف البيئية للعملاء بعين الاعتبار- هو دليل على عدم احترافية المصنعين، وهو أيضا تجاهل لمنطقة فيها أكبر نسبة نمو لقطاع الطيران في العالم.
لذا أقترح تشكيل فريق من شركات الطيران الخليجية يكون مسؤولاً عن مفاوضة المصنعين ومطالبتهم بإنتاج خاص لمنطقتنا، وذلك فيما يتعلق بالأجزاء التي تتأثر بالأجواء والظروف المناخية الصعبة في المنطقة، ففي التجارة والأعمال لا شيء يضاهي القوة الشرائية.
المصدر: صحيفة عاجل
إقرأ أيضاً:
يوميات رجل أنهكته الظروف
صراحة نيوز- بقلم / نضال السعودي
مع بزوغ كل صباح، أفتح عيني على عالم لا يمنحني فرصة لالتقاط أنفاسي .. أبداء يومي قبل أن يستيقظ الضوء الكامل، أحمل في داخلي ثِقَل الأيام الماضية، وأمضي نحو يوم جديد أحمل إليه تحديات لا تنتهي.( أنــا رجــل أنهكـته الظـروف)، فلم تترك لي الحياة خياراً سوى المضي قدماً رغم التعب الذي يلازمني ، ورغم أن صوتي الداخلي يصرخ بأنني بحاجة إلى راحة لا تأتي.
في دفتر يومياتي. الذي لا أكتبه على الورق بل أحفظه في ذاكرتي المثقلة، تتكدس التفاصيل الصغيرة: فاتورة مؤجلة، كلمة جارحة، مرض مسن، فرصة عمل ضائعة، ومحاولة جديدة للحفاظ على توازني هش بين ما أريد وما أستطيع. أواجه الحياة بظهر مستقيم، ليس لأن القوة تسكنني، بل لأن السقوط ليس خياراً متاحاً لدي.
أمشي في شوارع مزدحمة، تشبه ازدحام الأفكار في رأسي، أحاول أن أبدو طبيعياً بين الناس، بينما داخلي معركة لا يسمعها أحد. أحافظ على ابتسامتي لأن في بيتي من ينتظر مني الطمأنينة، ولأن التعب – مهما اشتد – لا يجوز أن ينعكس على من أحب. كثيراً ما أتظاهر بالثبات، وكثيراً ما يخفي تشققات روحي خلف كلمات مطمئنة، كأنني أحمي الآخرين من الألم الذي أتجرّعه بمفردي ..
وعندما يحلّ المساء، أعود إلى بيتي بخطوات ثقيلة. أجلس قليلاً إنظر إلى سقف غرفتـي، لا أنتظر جواباً ولا أسأل أحداً، بل أسترجع ما مرّ بي خلال يوم طويل، وأشكر الله على القليل الذي ما زلت أملكه: والقدرة على الصبر، وأشعل أمل لا تنطفئ تماماً مهما حاصرتني الظروف. أعرف أن الغد لن يكون أسهل، لكنني أنهض كل يوم من جديد، لأن بداخلي قناعة تقول إنني الإنسان أختبر بقوتي وصمودي وكبريائي لا بما يُفرض علي من قسوة الحياة.
هكذا تمرّ يومياتي: تعبٌ لا يُرى، وصمودٌ لا يُشكر، وإصرارٌ على العيش رغم كل ما سلبته مني الأيام. لكنني، برغم الإنهاك، أضل اؤمن بأن الله لا يترك قلباً صدق في الدعاء، ولا يضيع جهداً بذل من أجل حياة كريمة، وأن الفجر مهما طال غيابه لابدّ أن يأتي.