يعكس السلوك السياسي والاجتماعي والاقتصادي لدولة الاحتلال في السنوات الأخيرة اعتقادًا خطيرًا لدى عموم الاسرائيليين بأن تجاهلها للعواقب المترتبة على سياستها في الاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية، وفي الساحة الدولية، وفي الهجرة العكسية لهم، وفي الانقلاب القانوني، كل ذلك قد يدفعها نحو مستقبل أكثر تعقيدًا وصعوبة.



وذكرت توفا هرتسل، السفيرة الاسرائيلية السابقة، أنه "عندما تتصرف الحكومة الإسرائيلية أو عناصر من الائتلاف كما لو أن الواقع يمكن تشكيله وفقًا لإرادة أحادية الجانب، وكأن الأفعال لا عواقب لها، فإن هذا يعني أن اليمين الحاكم فيها الذي يُصرّ على تحقيق رغباته، متجاهلاً عواقب أفعاله، يعني أن هناك مشكلة في الإصرار عليها، وترسيخها، مما يضع تساؤلات مريبة حول كيف ستبدو إسرائيل عندما تبلغ المئة عام".

وأضافت في مقال نشره موقع ويللا، وترجمته "عربي21" أن "القضية المحورية في كل سياسة اليمين الحاكم هي المتعلقة بالسيطرة على الأراضي الفلسطينية، خاصة في الضفة الغربية، حيث اختار تعبيرا خاليًا من الأحكام القيمية، رغم أنها أراضٍ استولت عليها إسرائيل من الأردن في حرب 1967، ومع ذلك، فقد أكدت إسرائيل في سنوات وعقود سابقة، وفي أطر مختلفة، عن التزامها بحق الفلسطينيين في تقرير المصير، لكنها تتصرف كما لو أنها تنوي السيطرة على الشعب والأراضي إلى الأبد".

وأوضحت هرتسل أن "هذه السياسة الاسرائيلية تُخالف القانون الدولي، الذي يحظر توسيع أراضي الدولة من خلال الاحتلال، ويمنع نقل السكان من أرض محتلة إلى أخرى، وبالعكس، بل لأسباب أمنية، وهناك أسباب تاريخية واستراتيجية لاستمرار السيطرة، لأنه بجانب التكاليف المالية، هناك ثمن دولي لاستمرار انتهاك القانون، وقد يؤدي حتى إلى فرض عقوبات خانقة، عندما تُعمِّر تلة أخرى، وتُعبِّد طريقًا آخر، فهل يفكر أحد في الثمن السياسي الذي ستدفعه الدولة في هذه المرحلة".

وأشارت إلى أن "هذه الحكومة لا تنظر للمقاطعة المتزايدة بعد الحرب الصعبة في غزة، حيث لم تُقدّم خطة اليوم التالي لنهايتها، باستثناء شعارات مثل النصر الكامل، ولكن ماذا سيحدث للمزارعين الذين قُطعت مصادر رزقهم بسبب الحرب، وماذا سيحدث للأكاديميين الذين يجب عليهم النشر، ويحتاجون إلى علاقات مع زملائهم حول العالم ممن يتعرضون للمقاطعة، رغم مزاعم إسرائيل بأن المقاطعين منافقون أو معادون للسامية، لكن هذا لا يُقدّم حلاً للإسرائيليين الذين يجدون أنفسهم معزولين عن العمل، وسبل العيش".

وأكدت هرتسل أن "الثمن الإضافي لسياسة اليمين يتعلق بميزان الهجرة السلبي المعاكس، فعدد المهاجرين اليهود من داخل الدولة يفوق عدد الوافدين إليها، حتى أنني سمعتُ مقولة من بعض أنصار اليمين القائلة أنه من لا يرغب في تحمل عبء الحفاظ على الدولة، فلا مكان له بيننا، رغم أن الكثير من المغادرين شبابٌ ذوو مهنٍ مطلوبة، مما يطرح التساؤلات الصعبة على صناع القرار في الدولة عمّن سيحلّ محلّ الأطباء الذين ستوظفهم المستشفيات في الخارج، وخبراء التكنولوجيا المتقدمة".

وأضافت أنه "بصرف النظر عن الرد المتزمت من قبل أنصار اليمين بأن من يغادرون الدولة لا يستحقون البقاء فيها، لكنهم لا يطرحون حلولا عملية لمشكلة هجرة الأدمغة، ولم تضعها الحكومة للمناقشة على بساط بحثها، وحتى لو احتاج النظام القانوني إلى إصلاح، فماذا سيحدث إذا عيّن السياسيون قضاة جدد، لبحث القضايا الجنائية والمدنية، كما أن الحكومة لم تبحث أين يتجه نظام التعليم، بما في ذلك الزيادة المستمرة في عدد الطلاب الذين لا يجتهدون في الدراسة، مما سيترك آثاره السلبية على التفوق النوعي للدولة".

يشير هذا الاستعراض للأثمان التي تدفعها دولة الاحتلال بسبب سياساتها الداخلية والخارجية، إلى أنها تواجه مشاكل صعبة، ولا يوجد حل سحري لأي منها، لأن جميعها تتطلب جهودًا وتنازلات، والنجاح غير مضمون، لكن تجاهل القضايا الوجودية، والوهم الطفولي السائد في الدولة بأن "الأمور ستكون على ما يرام"، وكل هذه الأمور ستحدد مسار الدولة، لأن التوقعات قاتمة على كل الأحوال.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة عربية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال الهجرة غزة غزة نتنياهو الاحتلال الهجرة العزلة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة قضايا وآراء أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

مكتب نتنياهو: وفد إسرائيلي سافر إلى القاهرة لإجراء محادثات مع الوسطاء

أعلن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أن وفد إسرائيلي أجرى محادثات في القاهرة اليوم مع الوسطاء المعنيين بوقف إطلاق النار في القطاع بشأن عودة آخر رفات رهينة محتجز في غزة.

انسحاب إسبانيا وإيرلندا وهولندا من يوروفيجن 2026 احتجاجا على مشاركة إسرائيلالسفير التركي بالقاهرة: القرآن الكريم نزل بمكة وقرئ في مصر وكتب بإسطنبول

وكشف مكتب نتنياهو، أمس الأربعاء أن الطب الشرعي الإسرائيلي خلص إلى أن الرفات التي سلمتها حماس أمس الأول الثلاثاء لم تكن للرهينتين الأخيرتين في غزة.

يأتي ذلك فيما، ناشد مسؤول في منظمة أطباء بلا حدود الدول بفتح أبوابها أمام عشرات الآلاف من سكان غزة المحتاجين بشدة إلى الإجلاء الطبي، محذرا من أن المئات ماتوا بالفعل وهم ينتظرون.

رعب في حي التفاح.. استشهاد فلسطينية وعشرات الإصابات برصاص الاحتلال الإسرائيليبوتين يصل نيودلهي.. مودي يستقبله بالعناق وعروض ثقافية في مستهل زيارته الرسمية للهند

وقال هاني اسليم، الذي ينسق عمليات الإجلاء الطبي من غزة لصالح منظمة أطباء بلا حدود الخيرية، المعروفة اختصارا باسمها الفرنسي "أطباء بلا حدود": "الحاجة هائلة حقا".

وقال إسليم في مقابلة صحفية إن الأعداد التي استقبلتها الدول حتى الآن "لا تشكل سوى قطرة في المحيط".

وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 8 آلاف مريض تم إجلاؤهم من غزة منذ اندلاع الحرب الإبادة في 7 أكتوبر 2023.

طباعة شارك مكتب نتنياهو وفد إسرائيلي رئيس الوزراء الإسرائيلي رهينة محتجز في غزة الطب الشرعي الإسرائيلي

مقالات مشابهة

  • سياسة الأرض والحصار: كيف تُعيد إسرائيل هندسة الضفة الغربية؟
  • ماريسكا يدافع عن «سياسة المداورة» في تشيلسي
  • مكتب نتنياهو: وفد إسرائيلي سافر إلى القاهرة لإجراء محادثات مع الوسطاء
  • نيويورك تايمز: سياسة ميرتس وماكرون وستارمر تخدم أقصى اليمين بأوروبا
  • وزير الدولة للإنتاج الحربي: ندفع من 2 إلى 3 مليارات جنيه ضرائب سنويا
  • لا يوجد أي استثناءات أو إعفاءات... وزير الإنتاج الحربي: ندفع بين 2 و3 مليارات جنيه ضرائب سنويا
  • رئيس الوزراء: نعمل على تطوير وتحديث وثيقة سياسة ملكية الدولة
  • رئيس الوزراء: الدولة تحدث وثيقة سياسة ملكية الدولة
  • عاجل | ديوان نتنياهو: رئيس الوزراء كلف بإيفاد فريق إسرائيلي للقاء مع مسؤولين حكوميين لبنانيين