الأهدافُ والثمارُ لإحيَــاء ذكرى مولد المختار
تاريخ النشر: 16th, September 2023 GMT
منير الشامي
من المؤسف جِـدًّا أن يجهل الكثير من الأمتين العربية والإسلامية أهميّة إحيَــاء مناسباتنا الدينية وتعظيم رموزها العظماء سواءً في بلدنا أَو في البلدان العربية والإسلامية، ومن المؤسف أكثر أن نجدهم لا ينأون عن التعاطي الإيجابي معها فحسب، بل يتحَرّكون ضد إحيَــائها بكل جهدهم وطاقاتهم وبمختلف الوسائل المتاحة لديهم، لدرجة أن يصلوا في محاربتها إلى وصفها بالبدعة وتسميتها بالطائفية والمستوردة والدخيلة على مجتمعاتنا، وفي ذات الوقت نراهم يندفعون لإحيَــاء معظم مناسبات أعداء الأُمَّــة الدينية والاجتماعية والثقافية بشكل عجيب وهي المناسبات المنحرفة والمستوردة والدخيلية والغريبة عنا وعن موروثنا السوي وثقافتنا الحصينة!!
فهل يعون حقاً خطورة مواقفهم هذه والنتائج المترتبة عليها؟ أم لا؟ وهل تساءلوا في أنفسهم عواقب إحيائهم لمناسبات أعدائهم، وعواقب حربهم لمناسباتهم الدينية؟
ألا يدركون أنهم بمواقفهم هذه تحولوا إلى جنود لأعدائهم لمحاربة دينهم وتغييب رموزهم عن واقعهم واستبدال هُــوِيَّتهم وثقافتهم بهُــوِيَّة وثقافة أعدائهم، وتدمير مكامن قوة مجتمعاتهم، وتدجين أجيالهم وَتسهيل نجاح مؤامرات أعدائهم!
مناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف على صاحبها أزكى صلوات الله وعلى آله، على سبيل المثال ستحل علينا خلال الأيّام القادمة، ومثل كُـلّ عام لن يتم إحيَــاؤها رسميًّا وشعبيًّا وبالشكل اللائق سوى من شعبنا اليمني وفي المحافظات الواقعة تحت سلطة صنعاء فقط، أما في بقية الدول العربية والإسلامية فستمر مرور الكرام باستثناء جموع شعبيّة محدودة في دولتين أَو ثلاث دول، وهذا أمر محزن جِـدًّا ومأساة تدمي القلوب، ذلك؛ لأَنَّ الواقع الذي تعيشه شعوب الأمتين العربية والإسلامية وأحداثه المتلاحقة تؤكّـد بأنه لم يعد أمامها من مخرج لها من هذا الوضع المخزي والمزري إلا بالعودة الصادقة إلى التمسك برسولها والاقتدَاء به وإلى التمسك بكتابها والعمل بمقتضى توجيهاته، فرسول الله وكتاب الله هما الركنان الجوهريان القادران على توحيد الأُمَّــة ولم شملها وتسديد مسارها وهذا هو الخيار الوحيد والمتاح أمامها، وبدون هذين الركنين يستحيل أن تقوم لها قائمة أبدا، والعودة إلى رسولها يبدأ من حبه وتعظيمه وإجلاله وتكريمه والاعتزاز به والتفاخر بشخصيته من خلال مواقف عملية تعكس للعالم أن الروح المحمدية مقيمة في نفس كُـلّ مسلم وهي من تحَرّكه وتحدّد مساره واتّجاهه وتثير دوافع انطلاقه نحو غاياته، ولا شك أن إحيَــاء ذكرى مولده الشريف إحيَــاء مشرفاً وعظيماً يليق بمقام رسول الله -صلوات الله عليه وعلى آله- أنسب مناسبة وأفضل مناسبة للانطلاق العملي والتجسيد الفعلي للتعبير الصادق عن حبه ومودته، وحبه ومودته هي الوسيلة لتوحيدهم واتّحادهم حوله، ومتى ما التفوا حوله، تحَرّكوا بحركته القرآنية واجتمعوا تحت ظلال التوجيه القرآني، وهذا هو ما يخاف منه أعداء الأُمَّــة ويرعبهم وهو ما دفعهم إلى منع تحقّقه بأي ثمن سابقًا ولاحقاً، ولذلك سخّروا لأجله كُـلّ طاقاتهم وإمْكَانياتهم؛ بهَدفِ طمس معالم إحيَــاء هذه المناسبة وأساليب إحيائها في كُـلّ الدول العربية والإسلامية ولا زالوا.
ويكفي المستبصر دليلاً على ذلك أن يتأمل في موقف الكيان الصهيوني وصدمته المروعة من إحيَــاء الشعب اليمني لذكرى المولد النبوي وتدبر ما قاله عن المناسبات السابقة وما سيقوله في مناسبة هذا العام، ليتأكّـد ويتيقن أن هذا الموقف يغيظ اليهود والنصارى والمنافقين والمشركين في مشارق الأرض ومغاربها وكلّ فعل يغيظ أعداء الله فهو جهاد في سبيله، ومعلوم أن الجهاد سنام الإسلام وهو واجب شرعي وأمانة يجب أن تؤدى من كُـلّ مسلم.
المصدر: يمانيون
كلمات دلالية: العربیة والإسلامیة
إقرأ أيضاً:
جلسة «دور الإعلام في دعم الهوية العربية» تؤكد على الدور المحوري للإعلام والمؤسسات التربوية والثقافية في تعزيز الهوية
استعرضت جلسة دور الإعلام في دعم الهوية العربية ضمن فعاليات اليوم الثاني لقمة الإعلام العربي 2025، التي تعقد في مركز دبي التجاري العالمي وتختتم أعمالها غدا الأربعاء، وتزامناً مع اليوم الأول لمنتدى الإعلام العربي، كيفية استثمار الأدوات الإعلامية لتوثيق وحماية الهوية العربية حيث أجمع المشاركون في الجلسة أن الإعلام والمؤسسات التربوية والثقافية يقع على عاتقها دور محوري في تعزيز هذه الهوية، وترسيخها في عقول الأجيال، لتظل صمام الأمان في مواجهة التحديات الثقافية والفكرية والاجتماعية.
وخلال الجلسة التي أدارها الاعلامي عبد الله المديفر من روتانا خليجية بحضور الباحث والكاتب الدكتور رشيد خيون، وعبد الله الغذامي الأكاديمي والناقد الثقافي تم التطرق إلى دور الإعلام في الحفاظ على الهوية العربية مع التأكيد على أهمية الإعلام كأداة قوية في تعزيز الوعي والتصدي للتحديات التي قد تواجهها الهوية في ظل العولمة، باعتبار أن الهوية الوطنية ثروة قومية يجب المحافظة عليها ورعايتها على الدوام، لأهميتها في الحفاظ على الذات، وتشكيل الوعي والوجدان لدى الشعوب..
وأوضح رشيد خيون أن قطاع الإعلام يتحمل مسؤولية كبيرة في هذا المجال من خلال دوره في تشكيل الرأي العام وتعزيز القيم والاتجاهات الإيجابية التي تضمن ترسيخ الهوية العربية وتعزيزها بكل رموزها ومكوناتها، مشيرا الى ضرورة تعزيز الاهتمام باللغة العربية التي تعد أهم رابط يربطنا بهويتنا الوطنية، إلى جانب تزويد المجتمع بالمعلومات الكافية لتعزيز قيم المواطنة والانتماء الوطني، مع ضرورة رصد التحديات المجتمعية والعمل على التصدي للأفكار الدخيلة التي تهدد نسيج المجتمع العربي..
من جهته، قال عبد الله الغذامي أن الإعلام هو البوابة الرئيسية لحماية الهوية العربية، معتبرا أن رسوخ منظومة القيم والمعتقدات والأفكار والسلوكيات المعبرة عن الهوية الوطنية يمنح الإعلام سمات متفردة ويوفر أمامه مساحات للانطلاق والتواصل مع المجتمع المحلي بفاعلية بما يتيح للإعلام بلورة رسالة معبرة عن الوطن وخصوصياته الثقافية والحضارية..
وأشار عبد الله الغذامي إلى أن الهوية الوطنية ليست كيانا جامدا أو ثابتا، بل هي كائن حي يتفاعل مع متغيرات الزمن، يستمد من الماضي جذوره العميقة، ومن الحاضر زخمه، ويتأهب للمستقبل بروح متجددة دون أن يفقد أصالته. وأضاف ان الإعلام قوة فاعلة ومؤثرة في التعبير عن الهوية وتحديد ملامحها وتفاعلها ومقوماتها وبالتالي تشكيلها..
وأوضح عبد الله الغذامي أن الإعلام باعتباره أداة رئيسية للتأثير المجتمعي، يحمل مسؤولية كبيرة في تعزيز الوعي الجماهيري وتوجيهه نحو القيم الوطنية، مشيراً إلى أن حماية الهوية العربية تتطلب تقديم محتوى إعلامي يتسم بالمصداقية والجودة، ويعمل على مواجهة التحديات الثقافية والفكرية التي تفرضها العولمة والتكنولوجيا الحديثة.