الغارديان: هكذا استغل حفتر وأبناءه إعصار درنة المدمر لبسط نفوذهم
تاريخ النشر: 18th, September 2023 GMT
نشرت صحيفة "الغارديان" تقريرا لمراسلتها روث مايكلسون، قالت فيه إن أمير الحرب الليبي خليفة حفتر وأبناءه يستخدمون جهود الرد على الفيضان المدمر (إعصار دانيال)، كوسيلة لممارسة السلطة، وبسط النفوذ، بدلا من التأكد من وصول المساعدات الإنسانية الضرورية للمدنيين المنكوبين.
وفي وقت تستمر فيه عمليات البحث عن الناجين وجثث الضحايا ومنع انتشار الأمراض، بسبب الإعصار الذي قتل الآلاف، ودمر نحو 900 بناية في مدينة درنة، قالت "الغارديان" إن عمال الإنقاذ عملوا وسط وجود عناصر الميليشيا التابعة لحفتر.
وتم وصول الناس إلى مركز البلدة الذي تضرر بشكل كبير، ويحاول سكان البلدة النجاة بدون كهرباء أو مياه صالحة للشرب أو طعام. وقال رئيس البرلمان في شرق ليبيا أسامة حماد إن السلطات تفكر بإغلاق كامل المدينة والتي كان يعيش فيها مرة أكثر من 100.000 نسمة، ولمنع انتشار الأمراض والأوبئة.
وعلق عماد الدين بادي المحلل في الشؤون الليبية بالمجلس الأطلنطي "بالضرورة هناك حضور عسكري يخلق اختناقات بدلا من أن يكون مساعدا لعمليات الإغاثة"، مضيفا "الجهود الرئيسية للإغاثة لم تسهلها القيادة العسكرية التي من مصلحتها الظهور وكأنها مسيطرة على الوضه وحرف المسؤولية على الضحايا، ولكن من المتطوعين والفرق الطبية والهلال الأحمر وشباب الكشافة وفرق الإنقاذ الأجنبية".
وقام حفتر الذي قاد حملة عسكرية في 2014 للسيطرة على ليبيا بجولة في بلدة درنة يوم الجمعة. وأثنى على جهود فرق الإنقاذ الاولى ومقاتلي الجيش الوطني الليبي، وهو تحالف من الميليشيات يشرف عليه الرجل العجوز الذي كان مرة رصيدا مهما للمخابرات الأمريكية، والذي يصفه نقاده بأنه يدير المنطقة الخاضعة لسيطرة كديكتاتور.
وقال بادي "من جانب العلاقات العامة فإنهم يحاولون الإستفادة من قنوات الدعاية الموجودة للظهور بأنهم يتحكمون [بالوضع] وأنهم الوجه الرئيسي في إدارة الأزمة وحراس المدينة" و "لكن هذا يخلق، مرة أخرى نقاط اختناق في كل مكان. وكانت زيارة حفتر هي ميكرسوم لهذا الموضوع، حيث تم تجميد كل شيء لمدة ساعة من اجل خبطة علاقات عامة".
وأضافت الصحيفة أن أبناء حفتر الذين يسيطر كل واحد منهم على شبكة مالية وأحيانا عسكرية في الشرق الليبي، ردوا على الجهود الإنسانية في درنة من خلال توسيع السيطرة على عمليات الرد على الأزمة. وفي نفس اليوم الذي ضربت فيه الكارثة درنة، أعلن نجل حفتر، الصديق عن اهتمامه بالترشح في الإنتخابات التي طال انتظارها.
ويقول المراقبون إن صدام، 34 عاما الذي نظر إليه بأنه الخليفة المرشح لوالده رغم جهود أشقائه، استخدم دوره كرئيس للجنة الرد على الكوارث لتشريع موقفه الدولي وإحكام السيطرة على المساعدات الإنسانية.
ويقود صدام حفتر كتيبة طارق بن زيادة، وهي ميليشيا تابعة للجيش الوطني الليبي واتهمته منظمة أمنستي انترناشونال قبل فترة بـ "ارتكاب كاتالوج من الفظائع بما فيها القتل غير الشرعي والتعذيب وإساءة المعاملة والتغييب القسري والإغتصاب والعنف الجنسي والتهجير القسري بدون خوف من العواقب".
وقال جلال الحرشاوي، المختص بليبيا في المعهد الملكي للدراسات المتحدة في لندن إن جهود صدام حفتر تظهر السيطر على فرق المساعدة الدولية التي تصل إلى درنة وكيف أبطأ هذا وصول المساعدات الضرورية للرد على الكارثة وسط الأزمة: "كل شيء يتركز في يد عائلة حفتر، وأتمنى لو أخبرتك بوجود مراكز قوة أخرى في ليبيا ولكن لا يوجد شيء من هذا القبيل".
وظلت ليبيا على مدى العقد الماضي منقسمة بين الشرق والغرب وكل طرف لديه شبكة من المصالح العسكرية والميليشيات التي ظهرت بعد التدخل العسكري لحلف الناتو دعما للإنتفاضة ضد معمر القذافي.
ويقول الحرشاوي إن سيطرة عائلة حفتر على جهود العمل بعد الكارثة، وبخاصة الدور البارز لصدام يقضي على أي أمل لتحقيقات محلية ودولية بما حدث في درنة وخسارة الأوراح ودورهم كمسؤولين وأي شخص آخر مسؤول.
ووعد النائب العام الليبي الصديق الصور في التحقيق بانهيار سد درنة، وتخصيص الملايين لتمويل خصص للبنى التحتية للسدين اللذين بنيا في السبعينات تحت إدارة شركة يوغسلافية.
ورغم تعهده بالتحقيق في السلطات المحلية بدرنة ودورها إلا أنه التقى صدام حفتر. وذكرت الصحافة المحلية أن عمدة درنة أوقف عن عمله يوم السبت بانتظار التحقيقات.
ويعلق الحرشاوي "وضع صدام نفسه نفسه كرئيس، والاتصال مع الضحايا والمدينة يعتمد على حسن نيته" و "تسير الأمور ببطء نحو نتيجة واحدة وهي أن المسؤولين في صف الوسط هم المسؤولون، وتم استبعاد نتيجة كبيرة منذ البداية، فلن يكون هناك تحقيق مفتوح".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة درنة ليبيا ليبيا درنة اعصار دانيال صحافة صحافة صحافة تغطيات سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
كاتبة في الغارديان: تغير حديث العالم عن إسرائيل لن ينقذه أو يغيّر التاريخ
شددت الكاتبة في صحيفة "الغارديان" البريطانية، نسرين مالك، على أن طريقة حديث العالم عن دولة الاحتلال الإسرائيلي تغيرت جراء العدوان المتواصل على قطاع غزة، مشيرة إلى أن "جواء التواطؤ دفعت قادة المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي إلى خطاب جديد. لكن هذا لن يُنقذهم - ولن يُغير مجرى التاريخ".
وتابعت متسائلة في مقال ترجمته "عربي21"، "لماذا الآن؟ هذا هو السؤال. لماذا الآن، بعد 19 شهرا من الهجوم المتواصل الذي كان واضحا للجميع، والذي أعلنته السلطات الإسرائيلية نفسها، هل بدأ توجه الأمور يتغير بشأن غزة؟".
وأضافت أن "التغيير الملحوظ في لهجة قادة المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي، يُمثل تحولا واضحا عن هراء المخاوف والتأكيدات المتكررة على حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها. الآن، أصبح الخطاب هو أن أفعال إسرائيل "غير مبررة أخلاقيا" و"غير متناسبة تماما"، وأن تهديدات قادتها "بغيضة". بعض هذا يُبشر بالمستقبل".
وبحسب المقال، فقد بلغت الحرب حد الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بطرق باتت لا يمكن إنكارها أو تبريرها، أو تحويلها. حاول البعضُ ذلك بجد لمدة عام ونصف، لكنهم الآن لا يستطيعون الوقوف على منبر أو الجلوس على مائدة عشاء والقول، نعم، في الواقع، إن هناك حجة لقتل 100 شخص يوميا، كما كان الحال الأسبوع الماضي. أو أن لدى إسرائيل خطة أخرى غير ما أعلنه قادتها باستمرار بأنها خطة تهجير واستيطان. لقد ولى زمن الحجةِ القائلة بأن الأمر ببساطة يهدف إلى القضاءِ على حماس. إسرائيل، كما اشتكى أحدُ حلفاءِ وسائلِ الإعلامِ البريطانية، قد تركت أصدقاءها في وضع صعب.
ولكن ثمةَ فجوة بين الإدانة والغضب، وما يحدثُ على الأرض، وفقا للكاتبة، فعندما يتعلق الأمر بإسرائيل، تُحطَّم أذرع اللومِ الدولي. طوال الحرب، أصبحت المنظمات الدوليةُ والبعثات الإنسانيةُ ومحاكم العدلِ عاجزة بسببِ عجزِها عن ترجمةِ نتائجِها إلى أفعال. الكلماتُ وحدها لا تعني شيئا. إنها ببساطة ترتدُّ عن قبةِ إسرائيلَ الحديديةِ للإفلاتِ من العقاب.
وتابعت الكاتبة بالقول إن كل يوم، يستيقظ العالم ويواجه قيادة إسرائيلية تنتهك كل قانون من قوانين الأخلاق والمنطق. الضحايا هم المعتدون، والعاملون في المجال الإنساني متحيزون، والجيش الذي يقتل المسعفين العزل هو الجيش الأكثر أخلاقية في العالم. الأعلى هو الأسفل.
وشددت الكاتبة على أن التغيير الأخير في لغة حلفاء إسرائيل الدوليين أمر لافت للنظر. ولكن من الخطر المبالغة في تقدير أهميته. فليس الأمر أن السلطات الإسرائيلية لا تهتم فحسب، بل تستمد القوة من الإدانة. كل هذا يثبت أن البلاد بمفردها ويجب أن تستمر لأنها، كما كانت دائما، يُساء فهمها، ويتم التمييز ضدها، ومحاطة بالأعداء. يبدو التحول وكأنه تقدم كبير فقط بالمقارنة بما حدث من قبل. لفترة طويلة، تم تشويه فعل تسمية ما يحدث في غزة باسمه، بل وتجريمه.
وأشار المقال إلى أنه هناك أشخاص يقبعون في الاحتجاز بتهمة وصف الواقع. إذا كان هناك شيء، فقد شهد العام والنصف الماضيان سلسلة من الاختراقات التي لم تعني شيئا: احتجاجات تاريخية، وتغير جذري في الرأي العام العالمي، وصراع في قلب المؤسسات السياسية والقانونية والأكاديمية الغربية حول الحق في الاحتجاج ضد إبادة جماعية متواصلة. فلسطين، التي كانت قضية هامشية في يوم من الأيام، أصبحت قضية رئيسية تكمن في قلب السياسة والخطاب الغربي. ومع ذلك، طالما رفضت الحكومات ذات النفوذ على إسرائيل التصرف، لم ينقذ أي من ذلك حياة واحدة.
لا يزال هناك شيء في هذه اللحظة يمكن توسيعه إلى شيء ذي معنى. تميل السياسة نحو الجمود - مراعاة التحالفات والوضع الراهن. يتطلب قلب ذلك أزمة حقيقية، ومع ذلك تمكنت إسرائيل من تصعيد حملتها في غزة إلى مستوى تجاوز حتى هذا الحد العالي. تقف الحكومات مكتوفة الأيدي بينما يتضور السكان جوعا، وتشاهد الأرواح تتلاشى أمام أعين الجميع، وترى أضلاع وعيون الأطفال الذابلة، ملطخة بوصمة التواطؤ، وفقا لما ورد في المقال.
وقالت الكاتبة إن حرمان الناس من الطعام، وممارسة هذه السلطة عليهم، ليس حملة عسكرية ذات أهداف استراتيجية تنطوي على أضرار جانبية مؤسفة، بل هو خلق غيتو للعقاب الجماعي. فصل تاريخي فاصل يُكتب الآن. رعاة هذا العمل واضحون، ويدعمونه بشدة، ومع ذلك يبدو الآن منزعجين من الوضع الذي وجدوا أنفسهم فيه. المدة الزمنية تلعب دورا أيضا. لقد طال أمد كل هذا، وبات من المستحيل إجبار الناس على التعود على القتل الجماعي. ولكن قد يكون هذا أيضا هو المرحلة الخاصة من حملة إسرائيل، التي أصبحت أكثر وحشية ووضوحا في نواياها من أي وقت مضى.
وأضافت الكاتب أنه إذا كان هذا الموقف الجديد الذي اتخذه القادة الغربيون يهدف إلى تجنّب الحساب، فهو قليل جدا ومتأخر جدا: لقد سُجِّلَت الحقيقة بالفعل. وإذا كان الهدف هو ردع إسرائيل عن تنفيذ خططها الرامية إلى تقويض الحياة، وإجبار الناس على الرحيل، وتجويع وقتل من تبقى منهم، فإنهم يواجهون قوة ضاربة لا تستخدم سوى البيانات الصحفية. لا تزال الفجوة بين أفعال إسرائيل ورد فعل العالم واسعة جدا بحيث لا يمكن قياسها. لقد أهان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، فرنسا والمملكة المتحدة وكندا، متهما حكوماتها بالانحياز إلى حماس لمجرد إعلانها أخيرا عن الأمر الواضح: أن على إسرائيل أن تتوقف عن قتل وتجويع الناس.
ولفتت الكاتبة إلى أنه في أي عالم يُعلن عضو في الحكومة أنه ينوي محو ما تبقى من منطقة ويهدف، "بعون الله"، إلى تهجير سكانها، فقط ليكون الرد مجرد تهديدات غامضة "بإجراء ملموس"؟ ما هو الردع المطلوب لمنع وقوع مجازر حيث تذهب طبيبة إلى عملها ثم تعود إلى رفات تسعة من أطفالها العشرة متفحمين، أُبيدوا بضربة واحدة؟
يتطلب الأمر، وفقا للمقال، أكثر بكثير من مجرد مراجعة وتعليق محادثات التجارة المستقبلية بين إسرائيل والمملكة المتحدة. لقد حطمت إسرائيل آليات الاستنكار التي تُعبّر عن الاستياء وتُحفّز الخارجين عن القانون على العودة إلى صفوفها، بل وجعلت من كونها خارجها فضيلة: إن الإجراء المطلوب يستلزم قلب المخاوف والافتراضات الراسخة.
أولا، الاعتقاد المُضحك الآن بأن إسرائيل حليف مُستقر في منطقة مُعادية، وأنها دولة تُشارك القيم الغربية المُتحضرة، ولذا يجب دعمها. ثم، الخوف من حدوث خلاف مع إسرائيل من شأنه أن يُخالف الترتيبات الأمنية والتآزر التاريخي - ففي نهاية المطاف، إسرائيل هي من حققت ذلك بالفعل. لقد قلبت التسويات السياسية والأخلاقية الإقليمية والعالمية رأسا على عقب، ولم يستوعب ذلك حلفاؤها بعد، حسب الكاتبة.
وأشار المقال إلى أنه بمجرد قبول هذه الحقائق، فإن مجموعة الأدوات، التي يتم نشرها بسهولة لمعاقبة الدول الأخرى، موجودة ليتم توظيفها. تظل الولايات المتحدة الطرف الأكثر نفوذا، لكنها ليست اللاعب الوحيد. يشكل الاتحاد الأوروبي حوالي ثلث إجمالي التجارة العالمية لإسرائيل: يجب السعي إلى فرض حظر. يجب فرض العقوبات، ليس فقط على المستوطنين ولكن على السياسيين في الحكومة الذين مكنوهم. يجب مراعاة أحكام المحكمة الجنائية الدولية على القيادة الإسرائيلية. يجب فرض حصار، وهو ما يرسخ عمليا وضع المنبوذ الذي اكتسبته الحكومة الإسرائيلية منذ فترة طويلة من حيث المبدأ.
وقالت الكاتبة إنه حتى في هذه الحالة، لن يكون كل هذا سوى البداية، وهي بداية متأخرة بشكل هائل ومأساوي. يمكن للمرء أن يفسر سبب عدم حدوث أي من هذه الأشياء حتى الآن: الآمال في أن يحافظ الحفاظ على إسرائيل إلى جانبها على قدر ضئيل من النفوذ، والمخاوف من أن التدابير القوية ستشجع إيران، والولاء لمفهوم الديون التاريخية، مخاوف من من أن الانفصال عن إسرائيل سيُبشّر بظهور عالم غير مستقرّ. لكن هذا العالم قائم بالفعل، والجبنُ لم يُسهم إلا في تعجيل ظهوره، بدلا من منعه.
واختتمت الكاتبة مقالها بالقول إن الفلسطينيين، من غزة إلى الضفة الغربية، يدفعون ثمنا باهظا للتقاعس، لكن جرحا عميقا قد أصاب بقية العالم. إن لم يحدث شيء، فإن مرضه الأخلاقي والسياسي سيشمل الجميع.