إعادة #هندسة #المجتمع_الاردني والانزلاق نحو #الدكتاتورية

أ.د #أنيس_الخصاونة

شهدت المجتمعات الديمقراطية في العقود الثلاث الماضية جدلا واسعا حول مساحة تدخل الحكومات في الحياة العامة للمواطنين، وما إذا كان ينبغي ان تقلص او تزيد الحكومات من حضورها وتدخلاتها في حياة الناس ومعاملاتهم وحرياتهم وتصرفاتهم .

هذا الجدل الذي أفضى على ما يبدو الى أن التدخل الكبير للحكومات في تفاصيل حياة الناس عبر الشروط والتشريعات التي تتدخل وتتقاطع مع الحريات العامة ،وحقوق الانسان وانماط معيشة الافراد، تتناقض مع المبادي الاساسية للديمقراطية التي تشكل الحريات الفردية اساسا لها. وعليه فإن الجدل حول ما إذا كانت المجتمعات تريد زيادة او خفض التدخل الحكومي في حياة الناس(More Government or Less Government) قد حسم لصالح تدخل أقل للحكومة(Less Government) .لقد ساهم التمثيل الديمقراطي الحقيقي للمواطنين في البرلمانات والمجالس التشريعية إضافة لتوفر الحريات الحقيقية للتعبير والصحافة في حسم الجدل وابقاء دور الحكومات يقتصرعلى توفير بيئة قانونية وتشريعية حامية وليست متدخلة في حريات الناس ،ولذلك فلا غرابة ان تجد ان مراجعة المواطن للدوائر الحكومية للحصول على ترخيص او موافقة على تعيين في جهة حكومية او في موقع قيادي او جامعي او الحصول على حسن سلوك او براءة ذمة او عدم محكومية او..الخ هي في ادنى درجاتها.
نسوق هذه التوطئة لنتناول نزعة الحكومة الاردنية نحو مزيد من التدخل الحكومي في حياة الاردنيين مما ينبئ ،اذا ما استمرت وتفاقمت هذه النزعة ،بانزلاق الدولة نحو مزير من التدخل الذي يفضي الى الإستبداد والدكتاتورية.إن المتتبع لجدول اعمال مجلس الوزراء وقرارته المعلنة يجد بأن معظم هذه الجلسات تتناول إما أسباب موجبة لسن قانون أو تعديل تشريع او نظام ،وكأن الدولة الاردنية التي نحتفل بمئوية تأسيسها قد انشئت بالامس او خالية من القوانين التي تنظم الحياة العامة.فعلى سبيل المثال لا الحصر، شهد الدستور الاردني خلال السنوات العشر الماضية تعديلات شملت أكثر من نصف موادة البالغة 131 مادة وكثير من هذه المواد تعزز من سلطة الملك إذ اصبح الملك رئيسا لمجلس الأمن الوطني، كما انتقلت صلاحيات تعيين قائد الجيش ورؤساء الأجهزة الأمنية ،وقاضي القضاة ،ورئيس المجلس القضائي الشرعي، والمفتي العام وغيرهم الى الملك.صحيح ان الملك كان يزاول هذه الصلاحيات من قبل ولكن بموجب التعديلات اصبحت هذه الصلاحيات دستوريا بيد الملك.
وفي الوقت الذي يعتبر الدستور هو العقد الاجتماعي الذي ينظم حياة الناس فإن كثرة التعديلات عليه تثير لغطا ،لا بل وجدلا ،حول مسوغات تعديله وفيما إذا كانت تهدف كثير من هذه التعديلات الى خدمة المواطنين أو السيطرة عليهم.والحقيقة ان حجة بعض مهندسوا التعديلات الدستورية أن هذه التعديلات قد صوت عليها البرلمان الاردني وممثلوا الشعب لا تصمد امام بعض قناعات وملاحظات وارآء الأردنيين حول الدور الحكومي الذي يقف خلف هندسة شكل وتركيبة مجلس النواب عبر قوانين الانتخاب وعبر تدخل أذرع الدولة في شروط وآلية تشكيل المجالس التشريعية.
إن المتتبع لمئات القوانين والأنظمة ،الجديدة او المعدلة التي تم إقرارها خلال السنوات الماضية،يجد اننا في الاردن وعكس الاتجاهات العالمية نتجه الى مزيد من التدخل الحكومي(More Government) في تفاصل حياة المواطنين.ولعل إقرار حزمة من القوانين المعدلة والهامة ،وبصفة الاستعجال، مثل قوانين الجرائم الالكترونية والملكية العقارية وقانون السير وقانون الشركات وغيرها يؤشر الى توجه الحكومة لإحكام قبضتها على المجتمع وخططها لإعادة هندسة هذا المجتمع عبر التدخل في حريات التعبير والنقد وإبداء الرأي في القضايا العامة وأداء اجهزة الدولة. معظم معاملات الأردنيين تحتاج الى موافقات من أجهزة الدولة ..ومعظم التعيينات في المواقع القيادية تحتاج الى الموافقة الأمنية…ومعظم ما يكتب عبر وسائل التواصل الاجتماعي يخضع الى مراقبة الدولة ومساءلتها القضائية المتمثلة بحق الدولة او أحد اجهزتها في تحويل الكاتب او المعلق الى القضاء.مجمل هذه الاجواء لا تتسق مع المواقف المعلنة للملك والحكومات التي تبنت علنا برامج ومسارات للتحديث السياسي والاقتصادي والاداري.

مقالات ذات صلة وإنها لقهقهة حتى النصر 2023/09/24

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: هندسة المجتمع الاردني الدكتاتورية حیاة الناس

إقرأ أيضاً:

"حاميها حراميها".. كيف تجنّد إيران جواسيس إسرائيليين من داخل الدولة العبرية؟

يقول الخبير إن هذا النجاح الإيراني مرتبط بتفسخ المجتمع الإسرائيلي الذي يتسارع في السنوات الأخيرة. إذ لم يعد هناك تماسك وتضامن اليوم الكل يهتم بنفسه وحتى الحكومة تهتم فقط ببقائها والناس يقولون إذا كان المسؤولون يمكنهم العمل لصالح قطر فلماذا لا يعملون هم لصالح إيران؟ اعلان

في ظل التوترات المتصاعدة بين تل أبيب وطهران، كشفت عمليات تجسس متكررة عن استراتيجية إيرانية منهجية تستهدف المواطنين الإسرائيليين عبر الإنترنت، مستغلة ضائقتهم المالية وضعف الانتماء الوطني، في محاولة للنفاذ إلى القلب الأمني الدولة إلعبرية بحسب ما أوردته جيروساليم بوست.

فما أكثر القصص التي حاولت إيران من خلالها الدخول للعمق الإسرائيلي حيث تورد الصحيفة حكاية روي ميزراحي وألموغ أتياس، وهما شابان في الرابعة والعشرين من عمرهما وصديقا طفولة من مدينة نيشر القريبة من حيفا، وكيف دخلا في عالم لم يكن في الحسبان: التجسس لصالح إيران.

كان ميزراحي يعاني من ديون ثقيلة نتيجة إدمانه على القمار ولم يكن أتياس أفضل حالا حيث كان في وضع مالي متدهور. وفي لحظة ضعف، وجد الاثنان "فرصة ذهبية" عبر الإنترنت، أو هكذا ظنا، لتخرج حياتهما عن مسارها تمامًا.

ومن خلال مجموعة على الإنترنت مخصصة للعلاقات غير التقليدية، تعرّف ميزراحي إلى عضو مجهول الهوية بدأ بإرسال تعليمات أولية بسيطة: التقاط صور للموقع حول منزله ثم توثيق لوحة إعلانات وكالة سيارات ثم حرق رسالة تحتوي على نقد ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. ومقابل كل مهمة كانت هناك مبلغ مالي كبير. ومع مرور الوقت تصاعدت خطورة المهام حتى أصبح واضحًا أمام ميزراحي أن من يوجه الأوامر ليسوا مجرد مجهولين بل جهة استخباراتية إيرانية. وفي واحدة منأكثر المهام خطورة طُلب منه نقل حقيبة مدفونة اعتقد أنها تحتوي على قنبلة من مكان إلى آخر.

وثم جاء الدور على "المهمة الرئيسية" وهي تركيب كاميرا مراقبة أمام منزل وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس في كفار آحيم. واستخدم المتهمان غرفة فندقية في تل أبيب كقاعدة لتنفيذ العملية لكن المهمة فشلت بسبب وجود حراس الأمن.

مصادر أمنية أكدت أن هذا الاستطلاع كان جزءًا من خطة أوسع تستهدف اغتيال الوزير كاتس.

زيادة بنسبة 400% في قضايا التجسس الإيراني

ميزراحي وأتياس ليسا الحالتين الوحيدتين. فبحسب تقرير صادر عن جهاز الأمن الداخلي "الشاباك" في يناير 2024 سجل العام الحالي زيادة بنسبة 400% في قضايا التجسس مقارنة بالعام الماضي.

من جانبه، المفتش ماور غورين رئيس قسم الأمن في وحدة الجرائم الوطنية "لاهاف 433" التابعة للشرطة الإسرائيلية أكد أن اعتقال ميزراحي وأتياس يمثل الحالة العشرين التي تم التعامل معها خلال العام الأخير فقط والخاصة باتهام إسرائيليين بالتجسس لصالح إيران.

وأضاف، حتى الآن تم الكشف عن 20 حالة تجسس وإيداع 30 لائحة اتهام. وعن هويات العملاء، فليس كل القصص متشابهة لكن أنماطًا مشتركة بدأت تتضح. إذ أن الغالبية العظمى من الذين يتم تجنيدهم يعانون من ضائقة مالية وكثيرٌ منهم هم من المهاجرين اليهود الجدد خاصة من دول الاتحاد السوفيتي السابق ولدى البعض الآخر سجل جنائي فيما يكون الآخرون مواطنين عاديين يبحثون عن مصدر دخل سريع.

Relatedالشرطة الإسرائيلية تعتقل زوجين من اللد بتهمة التجسس لصالح إيرانسُجنوا بتهمة التجسس.. طهران تفرج عن ناشطين في مجال حماية الحياة البريةفنلندا تتهم إيران بالتجسس وتصف نشاطها بـ"العدائي"إسرائيل تحترق من الداخل

يوسي ميلمان الخبير في شؤون الاستخبارات ومؤلف كتاب "الجواسيس ضد يوم القيامة" يقول إن معظم الذين يتم تجنيدهم لا قيمة لهم ويمثلون شخصيات هامشية في المجتمع لكن ما يثير القلق هو أن دولة معادية استطاعت التسلل إلى مجتمعنا.

وأشار ميلمان إلى أن هذا النجاح الإيراني مرتبط بتفسخ المجتمع الإسرائيلي الذي يتسارع في السنوات الأخيرة. إذ لم يعد هناك تماسك وتضامن اليوم الكل يهتم بنفسه وحتى الحكومة تهتم فقط ببقائها والناس يقولون إذا كان المسؤولون يمكنهم العمل لصالح قطر فلماذا لا يعملون هم لصالح إيران؟

التجنيد الإلكتروني... بدون تعقيدات

لا يعتمد التجنيد الإيرانيعلى أساليب معقدة أو خلايا نائمة أو على سنوات من التخطيط. إنه ببساطة يعتمد على وسائل التواصل الاجتماعي. فالإيرانيون يستخدمون ما يُعرف بـ"التصيد الإلكتروني" (Phishing) عبر منصات مثل واتساب وفيسبوك وتويتر ولينكدن وتيليغرام وإنستغرام ويعرضون مكافآت مالية مقابل مهام بسيطة: التقاط صور أو رسم رسومات غرافيتي أو حتى جمع معلومات عن مسؤولين إسرائيليين. في البداية لا يتم ذكر إيران إطلاقًا ومعظم الذين تم تجنيدهم زعموا أنهم لم يكونوا يعلمون أنهم يعملون لصالح طهران.

الفئات المستهدفة

وتستهدف إيران عدة فئات منها اليهود الأرثوذكس المتدينون (الحريديم) والمهاجرين الجدد وخاصة من الجمهوريات السوفيتية السابقة وذوي السوابق الجنائية والأشخاص العاديين الذين يبحثون عن حلول مالية سريعة ويعتقد الخبراء أن هذا التركيز قد يؤدي إلى آثار جانبية منها توليد الشكوك ووصم هذه الفئات داخل المجتمع الإسرائيلي.

نجاحات محدودة ومخاطر مستمرة

على الرغم من الجهود الإيرانية فإن جهاز "الشاباك" يمتلك سجلًا متميزًا في إحباط هذه المحاولات. حتى الآن لم تحدث أي أضرار جسيمة للأمن الإسرائيلي ولم يتم اغتيال أي من الشخصيات البارزة المستهدفة لكن العمليات لا تزال مستمرة وربما لم يُكشف بعد جميع الجواسيس العاملين باسم إيران.

اعلان

وانتقد خبراء عدم صرامة الأحكام الصادرة بحق من تم القبض عليهم بعد التعاون مع الاستخبارات الإيرانية. فالعقوبات غالبًا ما تكون سجنًا قصير الأمد وهو أمر لا يشكل ردعًا كافيًا لمن يغريهم المال الكثير الذي تقدمه إيران. أما بالنسبة لعدو إسرائيل اللدود فلا يبدو أن اعتقال عملائها يؤثر على استراتيجيتها فمسؤولو الاستخبارات في طهران ينتظرون بصبر حتى يستجيب أحد الضحايا التاليين لرسائلهم عبر وسائل التواصل.

قصص من الواقع

موشيه أتياس (18 عامًا) من بلدة يفني تلقى رسالة على تيليغرام: "شكرًا للتواصل مع الاستخبارات الإيرانية. لإرسال رسالة إلى خبرائنا إبعث رسالة إلى المستخدم التالي.." حصل على 1800 دولار لتوثيق الجناح الذي كان يقيم فيه رئيس الوزراء السابق نفتالي بينيت في مستشفى مئير ووصف لهيئة تجسس إيرانية ترتيبات الأمن في الموقع.

وموتي مامان (73 عامًا) من أشكلون اعتقل في أغسطس 2023 للاشتباه بتخطيطه لاغتيال نتنياهو ووزير الدفاع السابق يوآف غالانت ورئيس الشاباك رونين بار. تم تهريبه إلى إيران مرتين وطلب مليون دولار مسبقًا.

مواطن من بئر السبع اعتقل في مارس للاشتباه في عرضه بيع معلومات حول مركز نيفيغ النووي في النقب لعميل إيراني. زوجان من القدس من منطقة القوقاز تم تجنيدهما عبر مواطن إسرائيلي من أصل أذربيجاني حصلا على 600 دولار يوميًا مقابل جمع معلومات حول أهداف محتملة بما في ذلك مقر جهاز الموساد.

اعلان

خلية من سبعة أفراد من حيفا وجهت لها لائحة اتهام العام الماضي بعد تصوير عشرات القواعد العسكرية ووحدات "القبة الحديدية" بمقابل يتراوح بين 500 و1200 دولار لكل مهمة.

من ضمن الأهداف التي تم رصدها قاعدة نفاتيم الجوية التي تعرضت لاحقا لضربة صاروخية إيرانية. كما اعتقل سبعة فلسطينيين من القدس الشرقية في أكتوبر الماضي بعد تجنيدهم من قبل إيران واتهموا بالتخطيط لاغتيال عالم نووي إسرائيلي ورئيس بلدية كبيرة.

التحدي الحقيقي: انقسام المجتمع وفقدان الولاء

رغم عدم تسجيل إيران اختراقا كبيرا في مجال التجسس إلا أن ما يثير القلق حقًا هو استعداد بعض الإسرائيليين لخيانة وطنهم مقابل المال. "لكننا لا نعرف ما لا نعرفه"، قال ميلمان، "وما يثير القلق حقًا هو أن إسرائيليين مستعدون لخيانة وطنهم مقابل حفنة من الدولارات."

انتقل إلى اختصارات الوصولشارك هذا المقالمحادثة

مقالات مشابهة

  • التدخل الصحي السريع بمستشفى الملك فهد بالمدينة المنورة ينقذ رئة حاجة نيجيرية
  • ⛔ لاحظ التعابير التي استخدمها فيصل محمد صالح في هذا اللقاء
  • "حاميها حراميها".. كيف تجنّد إيران جواسيس إسرائيليين من داخل الدولة العبرية؟
  • الأمل الواضح في غزة.. الخدمات الإنسانية في قلب المجتمع المحلي
  • 4 محاور نوعية بمؤتمر دور القضاء في استقرار المجتمع
  • إعادة هندسة الضفة الغربية
  • الذي يعرفه كل الناس عدا الجنجويد
  • العراق: عن هشاشة الدولة التي لا يتحدث عنها أحد!
  • نعم الوضع في السودان ليس ذلك الوضع الذي يصل حد الرفاهية
  • الساعة التي أنقذت حياة حاج.. تدخل طبي سعودي دقيق في قلب مكة