أبوظبي (الاتحاد)
نظَّم جناح مجلس حكماء المسلمين في معرض إندونيسيا الدولي للكتاب الإسلامي ندوةً تناولت «وثيقة الأخوة الإنسانية»، التي وقَّعها فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر رئيس مجلس حكماء المسلمين، وقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية في أبوظبي عام 2019.
شارك في الندوة، التي حَظِيَت بحضور مكثَّف من قبل روَّاد المعرض، كلٌّ من الدكتور صلاح الشامي، عضو مركز تحقيق التراث بالأزهر، والدكتور مخلص حنفي، مدير فرع مجلس حكماء المسلمين بإندونيسيا، حيث تم خلال النَّدوة تسليط الضوء حول وثيقة الأخوة الإنسانية ومناقشتها، باعتبارها أساساً للحوار والتَّعايش وتُرسِّخ لمفهوم المواطنة.


مبادئ التسامح 
وأكَّد الدكتور مخلص حنفي أن وثيقة الأخوة الإنسانية تأتي استناداً إلى الوعي بأنَّ جميع البشر هم إخوة في الإنسانية، مشيراً إلى أن هذه الوثيقة تُعد تجسيداً لمبادئ التسامح والتعايش التي نادت بها جميع الأديان، كما أنَّها تمثل امتداداً للقيم المتضمنة في وثيقة المدينة المنورة التي وُقِّعَت في زمن الرسول محمد، صلَّى الله عليه وسلَّم، وأتاحت لجميع أفراد المدينة، بغضِّ النظر عن انتمائهم الديني أو العرقي، العيشَ سويّاً باعتبارهم مجتمعاً واحداً.
وأشار مدير فرع مجلس حكماء بإندونيسيا إلى مفهوم المواطنة، باعتباره أحدَ المفاهيم التي تضمَّنتها وثيقة الأخوة الإنسانية والذي يستند على مبدأ المساواة في الحقوق والواجبات في الوطن، بغض النظر عن العِرقِ أو الدين، لافتاً إلى أن هذا المفهومَ يعكِسُ احترام التنوُّع وتقبل الآخر اللازميْنِ لبناء الأوطان، الأمر الذي من شأنه أن يُسهِمَ في بناء مجتمع يتَّسم بالوئام والتَّفاهم.
مفهوم الإخاء
من جانبه، قدَّم د. صلاح الشامي، عضو مركز تحقيق التراث بالأزهر، شرحاً للمفهوم العام للوثيقة وتفسير مصطلحاتها الرئيسة، موضحاً أن هناك علاقةً وثيقةً بين هذه المصطلحات الثلاثة «الوثيقة والأخوة والإنسانية»، وبين «الشريعة الإسلامية»؛ فكلمة «الوثيقة» تشير إلى معنى الاتفاق أو الميثاق وما يتضمنه من توافقٍ.
وأضاف د. الشامي أن المصطلح الثاني، وهو «الأخوَّة»، يعبِّر عن مفهوم الإخاء والترابط بين البشر، مشيراً إلى أن هناك نوعين من الأخوة: أخوة دينيَّة؛ كما في الإسلام، التي تأتي من التَّعاليم الإسلامية، وتظهر في تعاليم القرآن والحديث، في حين تكمُنُ الأخوة الإنسانية في تعايش الناس سويّاً والتعاون المشترك، بغض النظر عن انتمائهم الديني والعرقي والقبلي، موضحاً أن مصطلح «الإنسانية» يشيرُ إلى جوهر دعوة الإنسان إلى التمسك بإنسانيتِه وقِيَمِها حتى قبل حتى دعوته إلى التدين.
يشارك مجلس حكماء المسلمين للعام الثاني على التوالي بجناحٍ خاصٍّ في معرض الكتاب الإسلامي بإندونيسيا 2023م، وذلك انطلاقاً من رسالة مجلس حكماء المسلمين برئاسة فضيلة الإمام الأكبر أ. د. أحمد الطيب، شيخ الأزهر، الهادفةِ إلى تعزيز السِّلم، وترسيخ قيم الحوار والتسامح ومد جسور التعاون بين بني البشر على اختلاف أجناسهم ومعتقداتهم.

أخبار ذات صلة انطلاق فعاليات مسابقة «فاطمة بنت مبارك للقرآن للإناث» بمشاركة 60 دولة أمسية تضيء على الصوت الشعري للمرأة الإماراتية

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: مجلس حكماء المسلمين وثيقة الإخوة الإنسانية وثیقة الأخوة الإنسانیة مجلس حکماء المسلمین

إقرأ أيضاً:

كابوس يلاحق المسلمين في بريطانيا.. ما الذي يجري؟

مرّ عام على هجوم ساوثبورت، الذي أشعل أعمال شغب عنصرية غاضبة في شوارع المملكة المتحدة. حشود غير منضبطة، تحفّزت بادعاءات كاذبة بأن الجاني مسلم، انطلقت في موجة عنف، وهاجمت المساجد، والمتاجر التي يملكها مسلمون، والمنازل، والأفراد الذين يُنظر إليهم على أنهم مسلمون.

وفيما كانت أعمال الشغب مشتعلة، كنت أنهي روايتي بعنوان: "الظهور الثاني". تدور أحداث الرواية في مستقبل ديستوبي تستولي فيه مليشيا مسيحية مستلهمة من القومية الإنجليزية على لندن، وتحظر الإسلام، وتنفي المسلمين إلى مخيمات لاجئين في برمنغهام.

لقد جعلتني الأحداث التي كانت تتكشف في الشوارع أثناء كتابتي الفصول الأخيرة، أدرك أننا اليوم أقرب بكثير إلى العالم الديستوبي في روايتي مما كنت أتخيل.

المشاهد والصور التي ساعدتني على تشكيل هذا العالم الخيالي، استُلهمت من إنجلترا التي عشت فيها خلال شبابي، حين كانت أعمال العنف العنصري متفشية. كانت عصابات من الشبان البيض تطاردنا، خصوصا بعد إغلاق الحانات، في موجة تلو الأخرى مما كانوا يسمّونه "تحطيم الباكستانيين".

لم تكن الهجمات بالسكاكين أو القنابل الحارقة أمرا نادرا، ولا كانت المطالبات التي أطلقتها الجماعات اليمينية المتطرفة مثل "الجبهة الوطنية" و"الحزب الوطني البريطاني" بإعادة "المهاجرين" السود (أي غير البيض) إلى أوطانهم أمرا مستبعدا.

كان الذهاب إلى المدرسة أحيانا يعني الركض عبر ممر من الأطفال العنصريين. وفي ساحة اللعب، كانوا أحيانا يحاصروننا، وهم يرددون أناشيد عنصرية.

كطالب، فقدت العدّ من كثرة عدد المرات التي تعرضت فيها لاعتداءات جسدية، سواء في المدرسة، أو في الشارع، أو في الحانات، أو في أماكن أخرى.

حين كنت أعيش في شرق لندن، كنت مع شباب منطقة بريك لين المحليين، حيث كانت تدور معارك بالأيدي لصد جحافل المهاجمين العنصريين.

إعلان

لم تكن هذه الاعتداءات ظاهرة معزولة، بل كانت مشاهد مشابهة تتكرر في أنحاء البلاد، حيث كانت "الجبهة الوطنية" و"الحزب الوطني البريطاني" ينظمان مئات المسيرات، ما منح العصابات البيضاء المتطرفة جرأة أكبر.

في تلك الفترة، تم اعتقالي مع عدد من أقراني، ووجهت إلينا تهمة "التآمر لصنع متفجرات" بسبب ملء زجاجات الحليب بالبنزين للدفاع عن مجتمعاتنا في وجه العنف العنصري؛ وقد عُرفت قضيتنا لاحقا باسم "برادفورد 12".

كانت هذه النضالات، سواء في بريك لين أو في برادفورد، جزءا من معركة أوسع ضد العنصرية المؤسسية والأيديولوجيات اليمينية المتطرفة التي كانت تهدف إلى ترهيبنا وتقسيمنا.

كان العنف العلني المباشر في الشوارع خلال تلك السنوات مرعبا، لكنه كان ينبع من هامش المجتمع. أما الطبقة السياسية الحاكمة، فرغم تواطئها، كانت تتجنب الاصطفاف العلني مع هذه الجماعات. ومثال على ذلك مارغريت تاتشر، التي قالت في مقابلة شهيرة 1978، حين كانت زعيمة حزب المحافظين: "الناس في الواقع يخشون من أن يُغمر هذا البلد بأشخاص ذوي ثقافة مختلفة".

كان ذلك تلميحا مبطنا بالموافقة على خطاب الحشود العنصرية، إلا أن تاتشر، رغم ذلك، حين أصبحت رئيسة للوزراء، حافظت على مسافة بينها وبين الجماعات اليمينية المتطرفة.

اليوم، لم تعد تلك المسافة موجودة. فرئيس الوزراء كير ستارمر وأعضاء بارزون آخرون في حزب العمال، يرددون بانتظام خطاب اليمين المتطرف، متعهدين بـ"التصدي بحزم" لأولئك الذين يسعون للحصول على ملاذ آمن هنا.

ولم يكن سلفه المحافظ، ريشي سوناك، ووزراؤه مختلفين. فقد زعمت وزيرة داخليته، سويلا برافرمان، زورا أن عصابات الاستغلال الجنسي للأطفال يغلب عليها "ذكور بريطانيون من أصول باكستانية، يحملون قيما ثقافية تتعارض تماما مع القيم البريطانية".

وعلى الرغم من أن العنصرية البيضاء الفجّة القديمة لم تختفِ، فإن شكلا أشد خبثا منها- الإسلاموفوبيا- قد جرى تأجيجه على مدى العقود الماضية. ويبدو أن عصابات "ضرب الباكستانيين" القديمة قد حلت محلها موجة جديدة، تساوي بين الإسلام والإرهاب، وبين الاستغلال الجنسي والباكستانيين، وبين طالبي اللجوء وجحافل طفيلية على وشك اجتياح البلاد.

هذه هي التربة التي ترسّخ فيها حزب "ريفورم" (Reform) ونما، حيث باتت أشكال العنصرية الأكثر فجاجة تحظى بالاحترام وتصبح قابلة للانتخاب. فحين يصبح كلٌّ من حزب العمال والمحافظين ملاذا لشبكة معقدة من الفساد السياسي، يُقدَّم خطاب "ريفورم" المبسّط المعادي للمهاجرين والإسلاموفوبي كبديل نزيه.

وقد أوصل هذا الحزبَ اليميني المتطرف إلى صدارة استطلاعات الرأي، إذ يحظى بدعم 30 بالمئة من الناخبين، مقارنة بـ22 بالمئة لحزب العمال، و17 بالمئة لحزب المحافظين.

وفي هذا السياق، لم يكن مفاجئا أن تختار مجلة "الإيكونوميست"، في الذكرى السنوية لأحداث الشغب، إجراء استطلاع يركّز على العِرق بدلا من قضايا التدهور الاقتصادي، والحرمان الاجتماعي، وسياسات التقشف المستمرة التي خضع لها الشعب العامل في هذا البلد.

وقد أظهر الاستطلاع أن نحو 50 بالمئة من السكان يعتقدون أن التعددية الثقافية لا تفيد البلاد، فيما رأى 73 بالمئة أن "أعمال شغب عرقية" جديدة ستقع قريبا.

إعلان

إن تغذية العنصرية العنيفة في الداخل تسير جنبا إلى جنب مع التاريخ الطويل لإنجلترا في ممارستها في الخارج. فوجه العنصرية الجديد يتغذّى على الصور الاستعمارية القديمة التي تصوّر "الهمج" بوصفهم بحاجة إلى الترويض والانتصار عليهم عبر "الحكم الاستعماري المتحضّر". هذه الأيديولوجيات العنصرية، التي كانت أساس تماسك الإمبراطورية، عادت اليوم لتستقر في الداخل.

وهي تتجلى في العنف العنصري في الشوارع، وفي قمع الدولة لمناصري فلسطين، كما تتجلى في الدعم السياسي والعسكري الثابت الذي تقدّمه المملكة المتحدة لإسرائيل، حتى وهي تقصف المستشفيات والمدارس في غزة، وتجوّع الأطفال.

لقد علّمت الإمبراطوريةُ بريطانيا استخدام العنصرية لتجريد شعوب بأكملها من إنسانيتها، لتبرير الاستعمار، والنهب، ونشر الحرب والمجاعات. فالإبادة الجماعية جزء من الحمض النووي البريطاني، وهو ما يفسّر تواطؤها الحالي مع إسرائيل التي ترتكب الإبادة.

في ظل هذا العنف العنصري والإمبريالي، انتفض الناس من جميع الألوان والأديان- ومن لا دين لهم- وبدؤوا في التعبئة والمقاومة. ورغم أنهم لم ينجحوا في إيقاف الإبادة الجماعية، فإنهم فضحوا الأكاذيب الوقحة والنفاق الصارخ للنخبة السياسية البريطانية. وحدها مثل هذه التضامنات، وهذه المواجهة المباشرة للعنصرية، قادرة على منع العالم الكابوسي الذي وصفته في روايتي من أن يتحول إلى واقع.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • ضمن معرض المدينة المنورة الدولي للكتاب 2025.. مركز الوثائق يستعرض صوراً لجهود المملكة في خدمة الحرمين
  • صور توثق النشاطات والفعاليات التي يقيمها مجلس عشائر الثوابية وإيماناً منه بالمسؤولية المجتمعيه
  • كابوس يلاحق المسلمين في بريطانيا.. ما الذي يجري؟
  • وثيقة تكشف تعاون كندا مع أميركا في ترحيل المهاجرين
  • جمعية مساندة الكفاح الفلسطيني تشيد بالمبادرة الإنسانية للملك وترحب بتزايد الاعتراف الدولي بدولة فلسطين
  • رئيس النواب : العالم يعيش لحظات فارقة تمس جوهر الاستقرار الإنساني العالمي
  • وزارة المالية تؤكد تثبيت موظفي العقود في موازنة 2026 (وثيقة)
  • تريندز يؤكد أهمية الإعلام الرصين في تعزيز التفاهم الإنساني
  • أكثر من 4000 وثيقة تاريخية بالمعرض الوثائقي ذاكرة وطن في أرض اللُبان بصلالة
  • مكتبة الملك عبدالعزيز تحتفي بالتراث والحِرَفِ اليدويّة في معرض المدينة الدولي للكتاب