أثارت جولة سياحية قادتني قبل أيام إلى الجهورية التونسية العديد من التساؤلات لديّ حول أهمية تعزيز السياحة العربية البينية، فالدول العربية تزخر بمجموعة لا حصر لها من المقومات السياحية، غير أنه من الملاحظ أن الكثير من السياح العرب يفضلون دولا أخرى خارج المنطقة العربية؛ في الوقت الذي نجد فيه الكثير من السياح الأجانب يقضون إجازاتهم في الدول العربية.

خلال تجوالي في تونس العاصمة والمدن الأخرى القريبة منها لمستُ ترحيب التونسيين بنا بصفتنا سياحا من سلطنة عُمان، وكثيرا ما تحدثوا عن العلاقات المتميزة لسلطنة عُمان مع مختلف دول العالم وما تتميز به المدن العُمانية من مقومات سياحية عديدة، وأثناء الحوارات التي دارت بيننا وجدت أن الاهتمام بالسياح لا يقتصر على العاملين في الفنادق فقط وإنما يشمل أيضا العاملين في المحلات التجارية والمطاعم والمقاهي ومكاتب استئجار السيارات وغيرهم من أطياف المجتمع التونسي، وخلال الزيارة التي استمرت لـ10 أيام لم نجد منهم إلا كل خير، وهو ما يعكس أصالة المجتمع التونسي وتعايشه مع مختلف الشعوب التي تزور تونس لغرض السياحة أو التجارة أو الاستثمار، وهو شعور لا يقتصر فقط على التونسيين وإنما نجده أيضا لدى مختلف الشعوب العربية التي تمتاز بترحيبها بالضيوف من مختلف دول العالم، وهو ما يدعو إلى الاهتمام بالسياحة العربية البينية خاصة في الوقت الذي نشهد فيه العديد من المضايقات للسياح العرب في الدول الأخرى مع ظهور نزعات قومية عِرقية في تلك الدول، في حين أن مقومات الدول العربية والعناصر المشتركة بين الشعوب العربية كالثقافة والعادات والتقاليد واللغة تسهم في نجاح السياحة العربية البينية.

تمتلك الدول العربية إمكانات سياحية هائلة، وبها أكثر من 80 موقعا مسجلة ضمن قائمة اليونسكو لمواقع التراث العالمي، وتتميز الأنماط السياحية المتوفرة في الدول العربية بقدرتها على تلبية تطلعات السياح سواء الراغبين في السياحة الطبيعية والثقافية أو سياحة المغامرات والشواطئ، كما تلبي السياحة في الدول العربية تطلعات السياحة العائلية.

ولعله من الأهمية الإشارة إلى عدد من التحديات التي تواجه السياحة العربية البينية، من أبرزها ضعف الترويج للمقومات السياحية العربية، وافتقاد الكثير من الدول العربية للمعارض السياحية التي تشجع السياحة العربية البينية، كما أن الاضطرابات السياسية منذ عام 2011 لا تزال تؤثر بشكل سلبي على السياحة العربية، إضافة إلى ذلك فإن المنتج السياحي العربي في عدد من الدول العربية يفتقد للطموح الذي يمكّنه من منافسة المنتج السياحي الأوروبي والآسيوي.

غير أنه من خلال التعاون العربي المشترك يمكن تسليط الضوء على إمكانات السياحة العربية وقدرة المدن العربية أن تتبوأ مكانة الصدارة على قائمة المدن السياحية الأكثر جذبا للسياح على مستوى العالم، وهي جهود لابد أن تحظى باهتمام كبير ليس فقط من خلال اهتمام المؤسسات السياحية الحكومية وإنما أيضا من خلال اهتمام الشعوب العربية، مع التركيز على تجنّب الممارسات الفردية التي تترك انطباعات سلبية لدى السياح، وإذا استطاعت الدول العربية تحقيق نجاحات أكبر في القطاع السياحي فإنها بالتالي سوف تُسهم في انتعاش قطاعات اقتصادية أخرى خاصة القطاعات المتعلقة بالاستثمار والتجارة والتطوير العقاري والصناعة، فزيارة السائح إلى هذه الدول تمكّنه أيضا من الاطلاع على الصناعات المتوفرة فيها وإمكانيات الدول العربية التجارية والاستثمارية وهو ما سوف يُسهم في تحريك مجموعة من الأنشطة الاقتصادية ويحقق بالتالي الطموحات العربية في زيادة التجارة البينية وتعزيز التعاون الاقتصادي العربي المشترك.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الدول العربیة فی الدول

إقرأ أيضاً:

فلسطين ترحب ببيان الدول العربية والإسلامية الرافض للتهجير

البلاد (رام الله)
رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، ببيان وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، والإمارات، وإندونيسيا، وباكستان، وتركيا، وقطر، الذي عبّروا فيه عن قلقهم البالغ إزاء التصريحات الإسرائيلية بشأن فتح معبر رفح باتجاه واحد، بما يهدف فعليًا إلى تهجير الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأعربت الخارجية الفلسطينية عن تقديرها العميق للمواقف العربية والإسلامية الصادقة الرافضة لمحاولات تهجير الشعب الفلسطيني من قطاع غزة، مؤكدة أن هذا الدعم يشكل شبكة أمان سياسية وقانونية في مواجهة السياسات الإسرائيلية الهادفة إلى تشكيل واقع غير قانوني للتهجير القسري.
وأشارت إلى أن المحاولات الإسرائيلية لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه، تُعدّ استمرارًا لسياسات الاحتلال الرامية إلى تقويض فرص السلام والوجود الفلسطيني على أرضه، مشددة على أن الشعب الفلسطيني، رغم ما يواجهه من معاناة غير مسبوقة، ثابتٌ في أرضه، وأن أي مخططات أو إجراءات تهدف إلى فرض التهجير أو النقل القسري ستُواجَه برفض فلسطيني قاطع، وبموقف عربي وإسلامي ودولي متماسك يرفض المساس بحقوقه غير القابلة للتصرف.
وأوضحت الخارجية الفلسطينية أن حماية الشعب الفلسطيني وحقوقه غير القابلة للتصرف، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وتجسيد دولته المستقلة على حدود الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، تظل أولوية وطنية ثابتة لا يمكن التراجع عنها وغير قابلة للتصرف، عادة أن وحدة الموقف العربي والإسلامي تمثل ركيزة أساسية في مواجهة أي محاولات تستهدف تصفية القضية الفلسطينية أو المساس بثوابتها الراسخة.

مقالات مشابهة

  • وزارة السياحة تطلق برنامجًا تدريبيًا لمزودي الخدمات السياحية لتعزيز المهارات وجودة الخدمات
  • الجامعة العربية تجدد التزامها بدعم الأسرة في يومها العالمي
  • فلسطين ترحب ببيان الدول العربية والإسلامية الرافض للتهجير
  • الاقتصادات العربية من التكيّف إلى صناعة المستقبل
  • جامعة الدول العربية تمنح نوال الدجوى جائزة خير للتنمية المستدامة
  • «السياحة»: رفع كفاءة البنية التحتية وخدمات الاتصالات بالفنادق والقرى السياحية بالغردقة
  • الأردن ثالث الدول العربية الأكثر حصولًا على تأشيرات الهجرة
  • العنف الرقمي ضد النساء في الدول العربية يتصاعد ويقوّض حقوقهن
  • الشعور بحبّ الوطن يحتاج إلى الغذاء أيضاً
  • تباين حاد في استخدام الذكاء الاصطناعي.. ما هي الدول التي تتقدم بخطى سريعة؟