التغيير حلم يداعب قلوب البسطاء في مصر والذين يكتوون بنار الأسعار والفقر الشديد والأزمة الاقتصادية الخانقة جراء الإدارة الفاشلة للبلاد خلال السنوات الأخير.. نعم التغيير أصبح حلما يراود عقول المصريين في العيش والحرية والكرامة الانسانية.. حلم المضطهدين والمطاردين والمعتقلين الذين اكتظت بهم السجون.. حلم التغيير أمسى أملا يداعب عقول الشباب والفتيات المطاردين من سيف الاعتقالات والمحاكمات الظالمة بعد انقلاب 3 تموز/ يوليو 2013.
لقد سادت حالة من الحماسة والأمل خلال الايام الماضية بين المصريين مع انطلاق تحركات حملة المرشح الرئاسي الشاب أحمد طنطاوي أمام مكاتب الشهر العقاري في جميع أنحاء البلاد.. هذه الحملة التي تهدف إلى توكيل الناخبين لصالح مرشحهم، في الانتخابات الرئاسية المقررة في كانون الأول/ ديسمبر المقبل، والتي رأى فيها الكثيرون روحا جديدة تدب في نفوس المصريين في الشوارع والميادين تحديا واضحا لطغيان السيسي الذي كتم الأنفاس وكمّم الأفواه خلال السنوات الماضية. لقد فتحت حملة طنطاوي أبواب الأمل رغم ضبابية المناخ وتمكن الاستبداد من مفاصل الحياة السياسية في مصر، وقد أثارت تلك الحملة ملاحظات مهمة على شخصية أحمد طنطاوي وطرحه في انتخابات الرئاسة..
فتحت حملة طنطاوي أبواب الأمل رغم ضبابية المناخ وتمكن الاستبداد من مفاصل الحياة السياسية في مصر، وقد أثارت تلك الحملة ملاحظات مهمة على شخصية أحمد طنطاوي وطرحه في انتخابات الرئاسة
أولا، جدية أحمد طنطاوي في الترشح للانتخابات الرئاسة رغم الضغوط الأمنية من اعتقال ومطاردة أقاربه وأعضاء حملته الانتخابية ومقربين منه، إضافة للحملة الإعلامية ضده.
ثانيا، مواقفه المعارضة علناً، الحادة في لغتها وغير الهيابة في نبرتها، داخل البرلمان وخارجه، وتوجيه نقده إلى الرئيس بالاسم، بلا مناورة، وهذا في سياق مخاطرته بالهجوم على سياسات النظام في عدد من المسائل الحساسة مثل قضية تيران وصنافير، من دون خشية التبعات.
ثالثا، موقفه المعتدل من التيار الإسلامي بترحيبه بـ"عودة الإخوان"، في إطار مصالحات ودعوات لطي صفحة الماضي وفتح المجال العام كشرط أساسي لنجاح الرئاسيات المقررة رسميا في الربع الأول من العام المقبل.
وفي أول لقاء مع ممثلي عدد من القوى السياسية والأحزاب المدنية، لم يتردد طنطاوي في الرد بوضوح على تساؤل وُصف بأنه "لغم" إن كان يؤيد عودة جماعة الإخوان المسلمين، فردّ طنطاوي أنه يؤيد ذلك "مع طي صفحة الماضي".
وأظهر النائب السابق في البرلمان خلال اللقاء عدم ممانعته "التصالح مع الإخوان وعودتهم إلى المشهد بشكل قانوني من خلال تأسيس جمعية بدلا من الجماعة، بحيث تخضع تحركاتهم لقوانين تحكم علاقة الدولة بالجمعيات الأهلية".
موقفه المعتدل من التيار الإسلامي بترحيبه بـ"عودة الإخوان"، في إطار مصالحات ودعوات لطي صفحة الماضي وفتح المجال العام كشرط أساسي لنجاح الرئاسيات المقررة رسميا في الربع الأول من العام المقبل
رابعا، موقفه من الحوار الوطني الذي دعت له السلطة، حيث وضع بعض الشروط للانخراط في الحوار مع السلطة، من بينها الإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين، ووضع محاور محددة للحوار، من بينها مناقشة "إجراء انتخابات رئاسية مبكرة". وهو ما دفعه لاتخاذ خطوة مفاجئة، بإعلان استقالته من رئاسة الحزب المشارك في الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس عبد الفتاح السيسي في نيسان/ أبريل، إلا أن الحزب رفض استقالته.
خامسا، إن طنطاوي، الأقرب في العمر إلى جيل يناير، قد راكم شعبية معتبرة في الدوائر المتبرمة من النظام، سواء كانت مسيّسة أم لا، وبالأخص بين الأجيال الأصغر سناً، وذلك لأسباب تتجاوز مواقفه البرلمانية، ومن بينها حسن مظهره وطريقته في الحديث المحتكمة لقاموس لغة حقوقية وقانونية تتخللها أحياناً مقتطفات من فصاحة تراثية، وكذا تحاشيه لرطانة شعبوية معتادة تتقاسمها السلطة وجل المعارضة على السواء، بالإضافة لخطابه المعبر عن آلام وأحلام المواطن البسيط.
سادسا، مواقفه المحافظة المتوافقة مع الشريعة الإسلامية من رفضه لتشديد العقوبة على جريمة ختان الإناث، كما عارض طنطاوي تمييزاً إيجابياً لصالح المرأة والأقباط، بمنحهم كوتا مؤقتة في اللوائح البرلمانية. وفي تصريحات لاحقة، أدان طنطاوي التحرش الذي تتعرض له النساء في الأماكن العامة، باعتبار أنها ظاهرة تسيء لمصر.
أيضا، رفض طنطاوي اقتراحاً بإلغاء خانة الديانة من البطاقة الشخصية، وفي لقاء تلفزيوني شرح مبرراته بدعوى الحاجة لمعرفة ديانة الشخص لأسباب تتعلق بإجراءات قانون الأحوال الشخصية، بل ولأغراض اجتماعية أيضا.
سابعا، تخوفات من علاقة أحمد طنطاوي بحزب الله، ويتمثل ذلك في إقامته في لبنان.. وذلك في ظل سيطرة وهيمنة حزب الله على الأوضاع السياسية في لبنان حيث أقام نحو 8 أشهر في لبنان، وقد تمتع بروابط قوية مع قيادات حزب الله.
على طنطاوي أن يبدد تلك المخاوف لتحقيق التوافق الوطني الواسع من أجل تحقيق حلم التغيير؛ فالوضع المزري للغاية والكارثي على جميع المستويات يتطلب ضرورة التوافق السياسي وتضافر الجهود لإنقاذ مصر من براثن الاستبداد واستعادة عافيتها وقوتها مرة أخرى
أيضا راجت عدة هواجس أثناء زيارة حمدين صباحي الاخيرة للأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، فسرها البعض برغبة حمدين صباحي في الحصول على دعم أحزاب قومية ترتبط بعلاقات قوية مع النظام السوري لتأييد أحمد طنطاوي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهذا أكدته زيارة صباحي للرئيس السوري بشار الأسد.
رغم أن أحمد طنطاوي يأخذ خطوات بعيدا عن حمدين صباحي والرموز الناصرية، إلا أن خلفيته ومرجعيته الناصرية المتحالفة دوما مع العسكر ضد الإسلاميين تثير المخاوف، خاصة أن ذلك التحالف حدث عقب انقلاب السيسي على الرئيس المنتخب محمد مرسي رحمه الله.
وهذا ما يحتم على طنطاوي أن يبدد تلك المخاوف لتحقيق التوافق الوطني الواسع من أجل تحقيق حلم التغيير؛ فالوضع المزري للغاية والكارثي على جميع المستويات يتطلب ضرورة التوافق السياسي وتضافر الجهود لإنقاذ مصر من براثن الاستبداد واستعادة عافيتها وقوتها مرة أخرى.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه مصر أحمد طنطاوي الانتخابات الرئاسة مصر انتخابات الرئاسة مرشحين أحمد طنطاوي مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة أحمد طنطاوی فی مصر
إقرأ أيضاً:
نيروبي.. رجل الطيور يحلّق بحلم التغيير
في قلب العاصمة الكينية، حيث يختلط صخب الباعة وضجيج السيارات، يلفت شاب في السابعة والعشرين الأنظار وهو يتجوّل محاطا بجوارح تحط على كتفيه ورأسه.
يهتف المارة: "بيردمان! بيردمان!" أي رجل الطيور، بينما يتسابق آخرون لالتقاط الصور. لكن خلف هذه المشاهد المدهشة تختبئ حكاية قاسية عن الفقدان والتشرّد، وحلم لم ينطفئ رغم قسوة الشوارع.
وُلد رودجرز أولو ماغوثا في مدينة ناكورو، حيث اعتاد التسلل إلى محمية البحيرة لمراقبة أسراب الفلامنغو والبجع. منذ صغره، كان يختلف عن أقرانه الذين يصطادون الطيور بالمقاليع، إذ كان يقنعهم بحمايتها.
غير أن وفاة والدته المفاجئة وهو في الثالثة عشرة دفعته إلى حياة التشرّد، متنقّلا بين مدن كينية عدة، قبل أن يستقر في شوارع نيروبي.
يصف ماغوثا حياة الشارع بأنها "ملاذ المضطرين"، حيث يلتقي الأيتام والناجون من العنف الأسري. هناك، وجد "عائلة بديلة" من أطفال وشباب مشرّدين، يتقاسم معهم الطعام والمأوى، ويحاول أن يزرع فيهم الأمل عبر تعليم الصغار القراءة والكتابة.
لكن نقطة التحوّل جاءت حين عثر على فرخ طائر "حدأة سوداء" جريحا. تبنّاه وأطلق عليه اسم "جونسون"، ليصبح رفيقه الدائم ورمزا للأمل في حياة يطغى عليها الحرمان.
ظل "رجل الطيور" شخصية هامشية حتى عام 2024، حين اندلعت احتجاجات واسعة ضد الغلاء والفساد. ظهر ماغوثا وسط المتظاهرين محاطا بطيوره، فانتشرت صوره على نطاق واسع، وأصبح رمزا غير متوقّع للاحتجاجات.
لكنه دفع ثمن ذلك، إذ أصيب برصاصة مطاطية في رأسه وتعرّض للضرب، بينما ظلّت طيوره متشبثة به وسط الفوضى.
إعلانورغم الشهرة المفاجئة، بقيت حياته اليومية على حالها: بحث عن الطعام، نوم في العراء، وتوتّر مع رفاق الشارع الذين ظنّوا أن شهرته ستجلب له المال.
اليوم يعيش ماغوثا في حي فقير بضواحي نيروبي، حيث يعمل في جمع البلاستيك من مكبّات النفايات ليؤمّن قوت طيوره. لكنه لا يتوقف عن الحلم: إنشاء مأوى يجمع بين البشر والطيور، ويوفّر للأطفال المشرّدين المأكل والتعليم، ويمنحهم فرصة لرعاية الطيور الجريحة والتعلّم من الطبيعة.
يقول بابتسامة: "الطيور جعلتنا مرئيين للناس. حلمي أن أجعل مجتمع الشارع مرئيا أيضا، وأن نُعامل كبشر لا كخطر".
حين يُسأل عن سر ترويضه للجوارح، يجيب ببساطة: "بالحب. عندما تمنحها الأمان، تردّ لك الحب".
بالنسبة له، هذه ليست قاعدة لتربية الطيور فقط، بل فلسفة حياة يودّ أن يزرعها في قلوب الأطفال الذين يشاركونه قسوة الشارع.