سجن صيدنايا المسلخ البشري الذي ابتلع أبناء أم كارم الـ6 وآلاف السوريين
تاريخ النشر: 3rd, December 2025 GMT
بين فرحة آلاف العائلات السورية برؤية أبنائها يعودون إلى أحضانهم بعد سقوط نظام الرئيس السوري المخلوع بشار الأسد يوم 8 ديسمبر/كانون الأول 2024، فقد أعلنت المعارضة السورية إسقاط حكم عائلة الأسد الذي استمر أكثر من 50 عاما، وبقيت بعض الأمهات على أبواب الانتظار، يحدوهن الأمل في عناق أبنائهن، لكن ذلك الأمل مات قبل أن يولد.
في ريف درعا، تعيش "أم كارم" واحدة من أكثر قصص الفقد والحرمان إيلاما، بعدما خطفت الاعتقالات في زمن نظام الأسد منها ستة أبناء، ولم تر أيا منهم منذ سنوات.
تفاصيل الاعتقالوتروي أم كارم لمراسل "سوريا الآن" مالك أبو عبيدة تفاصيل تلك المأساة: "أولادي ستة.. ستة الحمد لله رب العالمين، كلهم اعتقلوهم وما طلعوش".
وتستعيد بصوت منكسر يوما أسود في حياة عائلتها، حين لجأت قوات المعارضة في درعا إلى الوديان، اعتقل النظام أبناءها مع كثيرين كانوا يفرون هربا. ومنذ ذلك اليوم، لم يفرج عن أي منهم.
وتضيف أن جنود النظام حينها كانوا يتركون النساء ويقبضون على الرجال، بذريعة ما سموه "التسويات"، ليقتادوا من يقع في قبضتهم مباشرة إلى السجون.
وتقول إنها زارت أبناءها أربع مرات في بدايات الاعتقال، لكنهم لاحقا اختفوا في سجن صيدنايا، المعروف بـ"المسلخ البشري"، ولم تعد تعرف عنهم شيئا. وفي كل زيارة، كان الرد نفسه: "مش موجودين".
يوم خرج الجميع باستثناء أولادها.. حكاية أم كارم وأبنائها الستة الذين ابتلعهم المسلخ البشري إلى الأبد
مراسلنا مالك أبو عبيدة ينقل لنا الحكاية pic.twitter.com/zG11CvGkAn
— SyriaNow – سوريا الآن (@AJSyriaNow) December 2, 2025
رسائل من وراء القضبانوتشير أم كارم إلى أنها كانت تتلقى أخبارا خفية عن أبنائها من معتقلين آخرين، كانوا يرسلون السلامات إلى أهاليهم كإشارة على وجودهم داخل السجن، لكن تلك الرسائل لم تتحول يوما إلى لقاء حقيقي. وتقول بأسى: "ما عادش والله شوفتهم يوم، ما ظل عندي غير رب العالمين. أبوهم انجلط وراهم وتوفى، والبيت اللي كان يعج بالحياة صار فاضي".
إعلانوتفرق أبناء أم كارم بين السجون والمنافي؛ اثنان اعتُقلا في الوادي بريف درعا، واثنان حاولا الهرب عبر مهرب إلى تركيا أو إدلب، لكنهما أُوقفا وأعيدا إلى صيدنايا.
وأحدهم وصل إلى تركيا، لكنه حين عاد لزيارة أمه، أوقفه حرس الحدود وأُرسل مباشرة إلى السجن. أما الآخر، وكان في الصف الحادي عشر، فقد أجبر على الانضمام إلى إحدى الفصائل ثم اعتقل هو الآخر.
لحظات خروج المعتقلين من سجن صيدنايا الله أكبر الله أكبرررر #ردع_العدوان pic.twitter.com/OzVO4ipD3i
— مُضَر | Modar (@ivarmm) December 8, 2024
الأمل انهارمع سقوط نظام الأسد، تجدد الأمل لدى أم كارم، فكانت من مئات الأمهات اللواتي انتظرن عند بوابات السجون، يستمعن للأسماء التي تُعلن تباعًا. لكنها لم تسمع أسماء أبنائها، ولم يُفتح لها الباب لرؤيتهم.
اليوم، تقول الأم المكلومة، إنها لم تعد تنتظر لقاءهم على هذه الأرض، بل ترجوه في الآخرة: "إن شاء الله أرتقي أنا وإياهم، بدنا عن النعيم إن شاء الله".
حكاية أم كارم ليست إلا صورة مصغرة لمأساة آلاف العائلات السورية التي تلاشى حلمها بلقاء أحبائها، بعدما خرج آخر المعتقلين من السجون دون أن يكون أبناؤهم بينهم.
وفي هذا السياق، أعلن رئيس الهيئة الوطنية للمفقودين في سوريا، محمد رضا جلخي، أن عدد الأشخاص الذين فُقدوا خلال عقود حكم عائلة الأسد، وفترة الحرب التي أعقبت الثورة، قد يتجاوز 300 ألف شخص. وأضاف جلخي -رئيس الهيئة التي شُكّلت في مايو/أيار الماضي- أن تقديراتهم تشير إلى أن العدد يتراوح بين 120 و300 ألف شخص، وربما أكثر، نظرًا لصعوبة الحصر، مشيرًا إلى أن صلاحيات الهيئة تمتد من عام 1970 إلى الوقت الراهن، دون إطار زمني محدد لإنهاء عملها.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: دراسات شفافية غوث حريات
إقرأ أيضاً:
علي جمعة: من الأسباب التي تقوي محبة الله عز وجل عند العبد التخلية والتحلية
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف، إن من الأسباب التي تُقوِّي محبَّةَ اللهِ عزَّ وجلَّ عند العبد التخليةُ والتحلية؛ أَخْرِجْ حبَّ غيرِ الله من القلب، {مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ}، وأَدْخِلْ حبَّ الله في قلبك؛ فقوَّةُ المحبَّة هذه سوف تؤدِّي بك إلى الشعور باللذَّة، ولذلك يقول بعض أهل الله: «إنَّنا في لذَّةٍ وسعادةٍ لو عرفها الملوكُ لجالدونا عليها بالسيوف».
واضاف جمعة، في منشور له عبر صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، أن محبَّةُ اللهِ للعبد، هل لها علامات؟ ذُكِرَت في القرآن: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ}، إذًا هو سبحانه يكره الإدبارَ يوم الزحف. {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}، إذًا هو سبحانه يكره العصيانَ والاستمرارَ فيه، وأن يستمرَّ الإنسانُ في غيِّه، ويكره غيرَ المتطهِّرين، فهو سبحانه يحبُّ المتطهِّرين. {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ}. {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ}.
«إنَّ اللهَ يُعْطِي الدُّنْيَا مَنْ يُحِبُّ وَمَنْ لا يُحِبُّ، ولا يُعْطِي الإيمانَ إلَّا مَنْ يُحِبُّ». (أخرجه الحاكم).
وقال النبيُّ ﷺ فيما يرويه عن ربِّه عزَّ وجلَّ: قال الله تعالى: «لا يزالُ العبدُ يتقرَّب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّه، فإذا أحببتُه كنتُ سمعَه الذي يسمع به، وبصرَه الذي يُبصر به…» إلى آخر الحديث. وكذلك: «إذا أحبَّ اللهُ تعالى عبدًا ابتلاه، فإن صبر اجتباه، فإن رضي اصطفاه». أخرجه الديلمي في «الفردوس»، وفيه ضعف، لكنَّ الجمال فيه هو التدرُّج في العلاقة مع الله.
فهذا كلُّه يبيِّن لنا أن حبَّ الله سبحانه وتعالى يتفرَّع منه حبُّ الإسلام، وحبُّ الشريعة، وحبُّ الجنَّة، وحبُّ النبيِّ عليه الصلاة والسلام، وحبُّ التكليف الذي كلَّفنا إيَّاه، ونحن نقوم به بشوق.
كلُّ ذلك يدلُّ على أن حبَّ الله أمرٌ عظيمٌ جدًّا، وأن هذا الحبَّ يؤثِّر في النفس. وفي الحديث: «إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا جَعَلَ لَهُ وَاعِظًا مِنْ نَفْسِهِ، وَزَاجِرًا مِنْ قَلْبِهِ يَأْمُرُهُ وَيَنْهَاهُ».
فما أثر الحبِّ؟ «واعظًا من نفسه وزاجرًا من قلبه»؛ أي يضع له في قلبه شيئًا يوجِّهه، مثل رقابةٍ داخليَّةٍ ذاتيَّة، «يأمره وينهاه»؛ أي يقبل نصيحة الناصحين؛ من يأمره بالمعروف، وينهاه عن المنكر؛ إذًا الحبُّ يجعل فيك واعظًا من نفسك.