عِندما عدَّ الرئيس الأميركي السَّابق، دونالد ترامب، احتلال العراق «غلطة سمينة قاتلة»، فإنَّه لَمْ يكُنْ ينتقد غرماءه من «آل بوش» على فعلة ابنهم، جورج، فقط؛ لأنه كان يروم أن تذهبَ فوائض الثروة الأميركيَّة (أموال بأرقام فلكيَّة هائلة) إلى أغراض أكثر أهمِّية وإلحاحًا. هذا هو السؤال بالضبط، الذي يشغل العقل السِّياسي الأميركي الآن: هل نرصد فائض ثرواتنا لـ»أوكرانيا»؟ أم لحلِّ مشكلة الحدود الجنوبيَّة للولايات المُتَّحدة الأميركيَّة: أيُّهما أهمُّ؟
يذهب مؤيِّدو الرأي الأوَّل إلى أنَّ عدم ضخِّ الأموال الأميركيَّة لتسليح وتقوية أوكرانيا له تداعيات مُدمِّرة: فهو سيفتح شهيَّة الرئيس الروسي بوتين للتطلُّع لاحتلال دَولة أوروبيَّة أخرى، إذا نجح في «ابتلاع» أوكرانيا! ناهيك عن مخاطر فتح الممرِّ للصين (كسابقة) من أجْلِ تتبُّع خُطى «الرفيق السَّابق»، بوتين، من أجْلِ احتلال جمهوريَّة الصين الوطنيَّة (تايوان)، عَبْرَ بحر الصين.
أمَّا مؤيِّدو الرأي الثاني، فيذهبون إلى أنَّهم يؤمنون بأنَّ أميركا أوَّلًا؛ لأنَّها أهمُّ من أوكرانيا والصراع ضدَّ موسكو: لذا فإنَّهم يقولون إنَّ ضبط الحدود الأميركيَّة لمنْعِ تسلُّل المُهرِّبين الذين يُدخلون أطنانًا من مادَّة «الفينتنول» المخدّرة إلى دواخل أميركا، الأمْرُ الذي يَقُودُ إلى تدمير فئة واسعة من الشبَّان والشَّابَّات الأميركان الذين يتزايد اعتمادهم على المخدّرات المُسرَّبة، تهريبًا، عَبْرَ الحدود، من المكسيك بخاصَّة.
والسؤال الأكثر إلحاحًا أمام الإدارة الأميركيَّة هذه اللحظة، هو: هل إنَّ حماية أميركا من المخدّرات المُهرَّبة أكثر أهمِّية، مقارنة بدعم أوكرانيا بمليارات الدولارات من فائض المال الأميركي؟ نقَّاد الرئيس الأميركي، «جو بايدن»، يعدونه أدنى حكمة بسبب «هدر» المال الأميركي من خلال إرساله لأوكرانيا، بَيْنَما تبقى الحدود الدوليَّة الأميركيَّة منفلتة، بلا ضبط أو حماية كافية للدِّفاع عن الشَّبيبة الأميركيَّة التي راحت المخدّرات المستوردة عَبْرَ الحدود المكسيكيَّة تدمِّر أجيالها الناشئة والشَّابَّة بلا هوادة وبلا رحمة؟
أ.د. محمد الدعمي
كاتب وباحث أكاديمي عراقي
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: ة الأمیرکی
إقرأ أيضاً:
هل دمرت أميركا حقاً البرنامج النووي الإيراني؟
26/6/2025-|آخر تحديث: 14:34 (توقيت مكة)