مؤيدو الاحتلال يتراجعون.. لماذا يتناقص الدعم الجماهيري لإسرائيل في الغرب؟
تاريخ النشر: 10th, October 2023 GMT
تباينت ردود الأفعال عالميا حول عملية طوفان الأقصى، التي أطلقتها كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) ضد الاحتلال الإسرائيلي، ففي حين اتخذت الدول الغربية موقفا منحازا للاحتلال، أعلن الكثير من المشاهير في الغرب تأييدهم للفلسطينيين، فيما امتنع البعض عن التعليق مفضلا التزام الصمت، أما الظاهرة الأهم فهي أن الكثير من المشاهير الذين اختاروا دعم الاحتلال وجدوا أنفسهم عرضة لنقد شديد من قبل الجماهير على مواقع التواصل، ما اضطرهم إلى التراجع.
وجاء الممثل والسيناريست الأميركي "مارك رافالو" على رأس الداعمين للفلسطينيين (1)، حيث كتب على حسابه الشخصي على منصة إكس (X) المعروفة سابقا باسم تويتر قائلا: "أريد أن أشارككم رسالة وصلتني اليوم من ناثان ثرال، وهو مؤلف كتاب "يوم في حياة عابد سلامة"، الذي كان له صدى عميق في عقلي". وتابع رافالو ساردا رسالة الكاتب المذكور: "من المروع أن نرى مدنيين أبرياء يُقتلون ويُحتجزون رهائن، وليس هناك أي مبرر لذلك (وفق قوله). وندعو لهم بالسلامة كما ندعو لسلامة أهالي غزة الأبرياء الذين يتعرضون للقصف والحصار".
بشكل عام، اعتاد رافلو التضامن مع الشعب الفلسطيني وانتقاد إسرائيل في أكثر من مناسبة، حيث سبق أن استنكر عدوان جيش الاحتلال على حي الشيخ جراح قبل عامين، وطالب متابعيه آنذاك في مايو/أيار 2021 بتوقيع عريضة تطالب الحكومة الأميركية بفرض عقوبات على إسرائيل بسبب عدوانها المتكرر على غزة، كما أرفق تلك التغريدات بوسم "أنقذوا حي الشيخ جراح". وبينما رأى الكثيرون في تعليق رافالو نوعا من العقلانية والشجاعة، فإنه هوجم من قِبل مؤيدي الاحتلال الإسرائيلي، مثلما نال ناثان ثرال هو الآخر هجوما من البعض خلال التعليقات.
يُذكر أن ناثان ثرال صحفي وكاتب أميركي مقيم في القدس، ويُعَدُّ من أبرز المحللين السياسيين في الشرق الأوسط، كما عمل محللا في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية. وكتاب "يوم في حياة عابد سلامة" (2) يستعرض بالتفصيل العديد من الحواجز البيروقراطية والإهانات التي تجعل حياة الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي أكثر صعوبة، عبر واقعة حقيقية جرت عام 2012، حين توفي الطفل عابد الذي يبلغ من العمر 5 سنوات في حادث تحطم حافلة خلال رحلة مدرسية ميدانية إلى حديقة ترفيهية. ويسلط الكتاب الضوء على البحث اليائس الذي أجراه والده "سلامة" طوال يوم كامل، لتحديد مكان جثة طفله في مدن ومستشفيات مختلفة، حيث واجه العديد من الحواجز والإهانات بسبب نظام الاحتلال الإسرائيلي، مثل بطاقات الهوية المختلفة التي توفر مستويات متفاوتة من الوصول عبر نقاط التفتيش العسكرية ونقص المساعدة من السلطات.
على الجانب الآخر، أعلن اللاعب الأوكراني الذي يلعب لنادي أرسنال الإنجليزي "أولكسندر زينتشينكو" أنه يقف مع إسرائيل، وأرفق ذلك بوضع صورة علم دولة الاحتلال على حسابه الشخصي على موقع إنستغرام، الأمر الذي أثار استياء الكثير من متابعيه، وحاول البعض تذكيره بأن ما تتعرض له أوكرانيا لا يُعَدُّ شيئا مقارنة بما يتعرض له الفلسطينيون منذ نحو 80 عاما على يد دولة الاحتلال، وعلق آخرون أن اللاعب يكيل بمكيالين ما دام يساند دولة احتلال أخرى في الوقت الذي يتباكى فيه على هجوم روسيا على بلاده، ما دفع اللاعب إلى حذف منشوره وحجب حسابه عن الجمهور في الأخير.
وبخلاف زينتشينكو، لجأ بعض مشاهير هوليوود إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن دعم دولة الاحتلال، وكان على رأس هؤلاء الأميركيتان مادونا وصوفيا ريتشي والإسرائيلية جال جادوت، المولودة في بلدة كفر قاسم الفلسطينية شرق مدينة يافا، والمعروف أن كفر قاسم شهدت واحدة من أفظع المجازر على يد جيش الاحتلال عام 1956 التي راح ضحيتها 50 فلسطينيا آنذاك، في حين أن جادوت نفسها خدمت في جيش الاحتلال قبل سفرها إلى الولايات المتحدة. لكن اللافت للانتباه هو رد فعل المتابعين الذين سارعوا إلى توبيخ هؤلاء المشاهير ونشر التعليقات والصور المؤيدة لفلسطين، كما وصف البعض هؤلاء المشاهير أنهم لا يعرفون كثيرا بشأن حقيقة ما يكتبون عنه، ما دفع بعضهم إلى التراجع.
على سبيل المثال، الإعلامية الأميركية كايلي جينر شاركت منشورا يؤيد دولة الاحتلال على منصة إنستغرام، ثم أزالته في خلال ساعة بعدما غمر المتابعون منشورها بتعليقات تتضمن أعلام الدولة الفلسطينية ووجهوا لها الانتقادات بسبب افتقارها إلى المعرفة. أما الممثلة الأميركية آشلي تيسديل فقد كتبت منشورا يتعاطف مع دولة الاحتلال وأتبعته بقولها: "إظهار الدعم لإسرائيل لا يجعل الشخص معاديا لفلسطين، وإظهار الدعم لفلسطين لا يجعل الشخص معاديا للسامية"، ما دفع المتابعين إلى الإعراب عن خيبة أملهم في الممثلة، وأعلن الكثيرون أنهم بصدد مقاطعة أفلامها مستقبلا.
تعد هذه التعليقات جزءا من اتجاه أوسع في المجتمع الأميركي الذي بات يُظهر تعاطفا أقل مع ممارسات الاحتلال الإسرائيلي. يوضح استطلاع (3) أجرته مؤسسة غالوب في الولايات المتحدة الأميركية خلال مارس/آذار 2023 أن مشاعر الديمقراطيين من جيل الألفية (الذين تتراوح أعمارهم بين 23-43 عاما) بشأن الصراع الفلسطيني الإسرائيلي قد تغيرت خلال العقد الماضي وتحولت من الوقوف بقوة في الزاوية الإسرائيلية إلى التعبير الآن عن المزيد من التعاطف تجاه الفلسطينيين.
ويشير التقرير إلى أن تعاطف الديمقراطيين مع الفلسطينيين ارتفع إلى درجة أن النسبة الأكبر من مؤيدي الحزب تتعاطف الآن مع الفلسطينيين أكثر من تعاطفها مع الإسرائيليين (49% مقابل 38% على التوالي). ويذكر التقرير أن أحد الأسباب وراء ذلك هو تقلص نسبة الجيل الصامت في أميركا "مواليد الفترة ما بين أعوام 1900-1945″، في حين تزايدت نسبة جيل الألفية مع وصول المزيد منهم إلى مرحلة البلوغ، ونتيجة لذلك صار جيل الألفية وأعضاء الجيل زد (Z generation) يمثلان نسبة متزايدة من الديمقراطيين كل عام، مما يؤدي باستمرار إلى تضخيم تأثير وجهات نظرهم على الحزب عموما.
ويتابع التقرير رصد تغير انحياز جيل الألفية المستقل أو التابعين للحزب الجمهوري أيضا، إذ أصبح هؤلاء أقل انحيازا كذلك للاحتلال الإسرائيلي مما كان عليه الحال قبل عقد من الزمن. لذلك، يخلص موقع "التعاون في البث العالمي" (Coopwb co-operation of worldwide broadcast) (4) إلى أن دعم دولة الاحتلال لم يأتِ هذه المرة دون نصيبه من الجدل، وأن العديد من المشاهير الذين أبدوا دعم إسرائيل واجهوا ردود فعل عنيفة، خاصة من الأجيال الشابة، ولم تكن موجة الانتقادات موجهة إلى دعمهم فقط، بل أيضا إلى فهمهم لطبيعة الصراع بين الفلسطينيين ودولة الاحتلال، واختيارهم تمثيل الاحتلال في تلك القضية، فيما تحولت هذه المناقشات على مواقع التواصل الاجتماعي إلى مناقشات أوسع نطاقا حول القضية الفلسطينية، مما يعكس طبيعة الاستقطاب.
______________________________________
المصادر:
1- مواقع التواصل الاجتماعي 2- A day in the life of Abed Salama 3- تقرير موقع غالوب مارس 2023 4- Coopwb 9 Oct. 2023المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: الاحتلال الإسرائیلی دولة الاحتلال مواقع التواصل العدید من
إقرأ أيضاً:
ليس صلاح فقط.. «5 نجوم» يتراجعون في المستوى بعد «عقود التجديد»!
معتز الشامي (أبوظبي)
واجه عدد من نجوم كرة القدم تراجعاً حاداً في مستواهم، بعد توقيعهم على تمديد عقود كبيرة، آخرهم وأبرزهم النجم المصري محمد صلاح «جناح» ليفربول.
ومن الطبيعي أن يبذل اللاعب قصارى جهده، عندما يكون مستقبله الوظيفي على المحك، ثم يسترخي لا شعورياً بمجرد ضمان الأمان.
وفي التقرير التالي نرصد أبرز 5 نجوم في الدوري الإنجليزي الممتاز تراجع بشكل كبير مستواهم بشكل ملحوظ بعد توقيعهم على عقود جديدة مع أنديتهم.
محمد صلاح
هناك عوامل عدة وراء تراجع مستوى صلاح مؤخراً، منها تقدم العمر اللاعب «33 عاماً»، لكن هل يمكن أن يكون من قبيل المصادفة أن يكون موسم 2024-2025 هو أفضل مواسم «جناح» ليفربول منذ سنوات، وذلك عندما كان عقده على وشك الانتهاء؟
واستغل صلاح موقعه بذكاء، حيث سجل الأهداف التي قادت ليفربول للفوز باللقب، وأدلى بتصريحات علنية بين الحين والآخر لزيادة الضغط على مجلس الإدارة.
وحصل «الفرعون المصري» على مكافأة عبارة عن تمديد لمدة عامين بقيمة 400 ألف جنيه إسترليني أسبوعياً، لكن مستواه تراجع هذا الموسم بشكل كبير.
مسعود أوزيل
خلال السنوات الأخيرة لأرسين فينجر في أرسنال، وجد النادي نفسه أمام موقف لا يحسد عليه، وهو أن أفضل لاعبيهم وأكثرهم أهمية يقتربون من نهاية عقودهم.
وكان الأمر مؤلماً وغير جماهيري في ذلك الوقت، ولكن السماح لأليكسيس سانشيز بالانتقال إلى مانشستر يونايتد أثبت أنه «ضربة معلم» بالنظر إلى المسار الذي اتخذته مسيرته المهنية منذ ذلك الحين.
بالنظر إلى الماضي، ربما كان من الأفضل لو فعل الشيء نفسه مع أوزيل، بعد 10 أيام من رحيل سانشيز في يناير 2018، وقع صانع الألعاب، الذي كان يبلغ 29 عاماً آنذاك، عقداً لمدة 3 سنوات ونصف سنة جعله اللاعب الأعلى أجراً في تاريخ النادي.
حظي أوزيل بلحظات تألقه بعد ذلك، لكنه لم يعد آلة التمريرات الحاسمة المبهرة التي كان عليها في أوج عطائه، وفي النهاية، تم تهميشه من زميله السابق في الفريق ميكيل أرتيتا، وتم إنهاء عقده قبل 6 أشهر من موعده.
ماركوس راشفورد
أنهى راشفورد موسم 2022-23 بحصوله على جائزة السير مات بوسبي، لأفضل لاعب في العام للمرة الأولى، بعد أن سجل أفضل رقم في مسيرته وهو 30 هدفاً في جميع المسابقات.
وبناء على ذلك، كان من البديهي بالنسبة لمانشستر يونايتد أن يجدد عقد نجمه، حتى مع الأجور المرتفعة للغاية، في صيف عام 2023.
وجدد راشفورد عقده مع أولد ترافورد حتى عام 2028، بموجب صفقة جعلته أحد اللاعبين الأعلى أجراً في الدوري الإنجليزي، لكن لسوء الحظ، تراجع مستواه بشكل ملحوظ بعد ذلك، ولم يسجل سوى 8 أهداف في 43 مباراة، بينما تعثر مانشستر يونايتد ليحتل المركز الثامن، والآن «معار» إلى برشلونة، ويبدو من غير المرجح أن يلعب مجدداً لنادي طفولته.
أوباميانج
هناك بعض أوجه التشابه بين أوزيل في سنوات عصيبة عاشها أرسنال خارج دوري أبطال أوروبا، بدءاً من أواخر عهد فينجر، مروراً بأوناي إيمري، وصولاً إلى بداية عهد أرتيتا.
في فريق كان عادياً في مجمله، كان أوباميانج استثنائياً بكل معنى الكلمة، لا سيما خلال النصف الأول من موسم أرتيتا، حيث قاد «المدفعجية» إلى لقب كأس الاتحاد الإنجليزي بشكل غير متوقع، بفضل أهدافه الحاسمة في المراحل الأخيرة، وسط موسم باهت قضاه الفريق في منتصف الترتيب.
وبالنظر إلى تألقه اللافت أمام المرمى، كان من المفهوم لماذا اعتبره الكثيرون اللاعب المنقذ والقادر على انتشال النادي من هذا الوضع المتردي، لكنه كان في الحادية والثلاثين من عمره، عندما وقع عقداً ضخماً لـ 3 سنوات في سبتمبر 2020، وسرعان ما بدا واضحاً أنه تجاوز ذروة عطائه، ومثل أوزيل، مكانه في التشكيلة الأساسية تحت قيادة أرتيتا، وتمّ فسخ عقده قبل موعده بـ 18 شهراً، قرار جريء، لكنّ الزمن أثبت جدواه، بالنظر إلى مسار أرسنال الحالي.
ديلي آلي
كان من المنطقي أن يكافئ توتنهام ديلي آلي بعقد طويل ومربح في عام 2018، ويغيب عن بالنا الآن، لكنه كان مذهلاً في تلك المواسم الأولى عندما كان توتنهام بقيادة ماوريسيو بوكيتينيو في قمة عطائه.
وبعد عام، شارك أساسياً في نهائي دوري أبطال أوروبا، لكن تلك السلسلة المذهلة من الانتصارات غطت على التراجع الواضح الذي شهده اللاعب ومشروع بوكيتينيو.
ولم يسهم وصول جوزيه مورينيو في تحسين الأمور، بينما لم تفلح انتقالات ديلي آلي إلى فنربخشة وإيفرتون في إعادة إحياء مسيرته.