هل يردّ حزب الله في المكان والزمان المناسبين؟
تاريخ النشر: 11th, October 2023 GMT
عندما كتبت في هذه الزاوية أن "حزب الله" في موقف لا يُحسد عليه لامني بعض الأصدقاء وقالوا لي: "هيدا الكلام مش وقتو هلأ". فهذا الكلام كان قبل أن تشن المقاومة أكثر من هجوم على مواقع للعدو في مزارع شبعا المحتلة، وقبل أن يقع للحزب شهداء في القصف الإسرائيلي على الجنوب. ولكن بعد كل ما يحصل في قطاع غزة، وما يتعرّض له المدنيون من استهدافات مباشرة، وما تخطّط له إسرائيل للقطاع والضفة، لم يعد أمام "حزب الله" خيارات عدّة سوى الانغماس في حرب لا هوادة فيها ولا تراجع، أو كما يُقال "يا قاتل يا مقتول"، وإن كان مسؤولوه يميلون إلى الاعتقاد بأن عنصر المفاجأة والحرب النفسية هما من بين أهم أسباب النجاح في أي معركة أو حرب ضد العدو، وأن قلّة من هؤلاء القادة يعرفون متى تُضبط ساعة الانتقام، وهم الذين يحدّدون الزمان والمكان المناسبين للردّ على أي اعتداء غير اعتيادي قد يتعرّض له لبنان، وبالتحديد الجنوب.
الذين تواصلوا مع "حزب الله" في الساعات الأخيرة لمسوا أن ليس لديه نية بتوسيع رقعة الحرب لتشمل الجبهة الجنوبية، لكن هؤلاء فهموا أن الحزب الذي سقط له شهداء لا يسعه سوى الردّ على هذا العدوان بما يتناسب مع حجم هذه المجزرة. أما متى وكيف سيكون الردّ فهو أمر يُترك توقيته لظروف المعركة. فإذا كان الردّ الاسرائيلي على ردّ الحزب بما هو متعارف عليه، وكما كان يحصل في كل مرة كان التخاطب العسكري بين العدو والمقاومة محكوما بمعادلة "توازن الرعب" فإن لكل حادث حديث. فكرة النار هي الآن في الملعب الإسرائيلي. فإذا أراد أو بالأحرى إذا كان قادرًا على أن يوسّع رقعة الحرب الدائرة رحاها بحمم نارية تُصبّ على رؤوس المدنيين في غزة لتشمل الجنوب أولًا وكل لبنان لاحقًا، فإن الردّ سيكون بحجم يتناسب مع حجم أي اعتداء، خصوصًا أن قادة العدو يعرفون ما ستكون عليه كلفة أي حرب من هذا النوع، التي يسعون إليها من ضمن مخطّط شامل "لتغيير وجه المنطقة".
فالردّ من قِبَل "حزب الله" حتمي، لأنه لن يغض الطرف عن سفك دماء أبنائه. لم يفعلها في الماضي، ولن يفعلها اليوم. هذه الحقيقة يعرفها العدو والصديق. وكذلك يعرف الحزب أن إسرائيل ستردّ على الردّ. وعلى طبيعة هذا الردّ ستكون ردّة الفعل، وإن كان الحزب يؤكد لجميع الذين يتواصلون معه أنه لا يزال يضرب الأخماس بالأسداس بالنسبة إلى ما يمكن أن تكون عليه نتيجة أي حرب على جميع اللبنانيين، على رغم أنه يرى أن من واجب كل عربي أن تكون له مساهمات معينة للدفاع عن الشعب الفلسطيني في قطاع غزة الذي يتعرّض لأبشع أنواع المجازر.
فأي خطوة قد يخطوها الحزب ستكون مصيرية، وسيكون لها انعكاسات وتداعيات على مستوى لبنان كله. من هنا يتأكد للمراقبين بأي ميزان يقيس "حزب الله" خطواته وقراراته. وبهذا المعنى كتبنا أنه في موقف لا يُحسد عليه، لاقتناعنا بأن الوقت ليس وقت مغامرات غير مدروسة، ولا وقت تسجيل مواقف تصدر من هنا وهناك، مع العلم أن ثمة اجماعًا لبنانيًا على دعم الصمود الفلسطيني في غزة بكل الوسائل الممكنة والمتاحة، ولكنهم بالتأكيد مع تحييد لبنان عن هذا الصراع، الذي سرعان ما سينخلط فيه الحابل بالنابل.
ولأن المسؤولية تاريخية فإن أي خطوة سيكون لها تأثير مباشر على جمل التطورات المتسارعة، التي تتطلب وعيًا غير مسبوق في هذه الظرف التاريخي. وعليه فإن مستقبل لبنان القريب والبعيد سيكون رهن ما يمكن أن يتخذ بوعي وبمسؤولية لرسم ملامح هذا المستقبل، الذي يكتنفه الغموض والضبابية. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
بيانا مليونية صنعاء وعشرينية بغداد.. الأول نقش عليه تعزيز الصمود والآخر نقش عليه ترسيخ العمالة
يمانيون|قراءة| محسن الجمال
إثني عشر ساعة فقط.. المدة التي عقدت واختتمت فيها فعاليات قمة جامعة الدول العربية في دورتها الرابعة والثلاثون المنعقدة أمس السبت 17 مايو 2025م في العاصمة العراقية بغداد، بحثت القمة قضايا المنطقة على الإعلام وكتبت مظلومية غزة على الورق حبرا بالأقلام.. وعبر شاشات القنوات الفضائية عرضت كلمات القمة، كان الجميع يشاهد استمرار نزيف حمام الدم في قطاع غزة وتتصاعد فيها ارتكاب الجرائم الوحشية بشكل يومي، حيث وصل عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 53,339 شهيداً جلهم من النساء والأطفال، بحسب آخر إحصائية أعلنها المكتب الإعلامي الحكومي في القطاع المحاصر بتواطؤ دولي وتخاذل عربي، على خلاف الموقف اليمني الذي أجمع عليه العالم اليوم بأنه في الخط المتقدم لإسناد فلسطين وأن كفة اليمن أرجح.
قمة بغداد.. نكبة جديدة
منذ الساعة الأولى لانطلاقة القمة صباحا وإعلان مخرجات البيان الختامي مساءا وما بينهما لم يتوقف العدو الصهيوني في ارتكاب المجازر بغزة بمختلف أنواع الأسلحة الأمريكية المحرمة دوليا، فقد توجت مخرجاته بـ12 عنواناً كان من أبرز نقاطه “التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية كونها قضية الأمة وعصب الاستقرار في المنطقة، الذي اعتبره محللون حبر على ورق، وإعادة تدوير لكل مخرجات القمم العربية السابقة التي عقدت بشأن هذا الموضوع منذ عام النكبة 77 وحتى اليوم، لتضيف هذه القمة نكبة مشتركة جديدة للأمة العربية من جهة، ونكبة إضافية لمسلسل نكبات الخذلان للشعب الفلسطيني من جهة أخرى.
مخرجات القمة تفتح شهية العدو
ورغم أن هذه القمة العربية تعد هي الثالثة منذ معركة طوفان الأقصى في العام 2023، لكن لم يتجاوز سقفها بعبارات المناشدات والمطالبات، والتنديدات الهزيلة والضعيفة، حيث يرى محللون سياسيون بأن العدو الإسرائيلي والأمريكي يرى في مخرجاتها بمثابة حافزاً جديدا يفتح شهيته لبسط المزيد من السيطرة والاحتلال في المنطقة العربية، وتشجعه على ارتكاب المزيد من الجرائم بحق أي دولة عربية وإسلامية، وأنها لا تشكل عليه أي مخاوف أو تهديدات حقيقية يحسب لها أي حساب، مقارنة بما هو حال الشعب اليمني قيادة وشعبا وجيشا الذي يقف بثبات وصلابة في إسناد غزة، بلا كلل ولا ملل ولا فتور، وتتعاظم قدراته وعملياته في عمق كيان العدو ملحقا بالعدو خسائر فادحة، منذ دخول اليمن على خط معركة الإسناد في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس.
ضعف بيان قمة بغداد وقوة بيان صنعاء
مخرجات القمة المعلنة أظهرت من جديد عجز الدول والعربية والإسلامية وضعفها وهوانها في التحرك العملي لنصرة سكان غزة، وأن لا جدوائية وآمال تعلق عليها في تبني قضايا الأمة أيا كانت، مقارنة ببيان مسيرات “مع غزة.. لمواجهة جريمة الإبادة والتجويع” المليونية عصر الجمعة 16 مايو 2025م بالعاصمة صنعاء والمحافظات، اسناداً لغزة وثباتاً مع الشعب الفلسطيني، وكتفاً بكتف وجنبا إلى جنب نصرة للمستضعفين وجهادا في سبيل الله وابتغاء مرضاته، حيث حيا البيان مواقف الشعب الفلسطيني الخالدة في مواجهة غطرسة الكيان المحتل وأنهم بجهادهم وصبرهم يمنعون تكرار النكبة، مذكرا شعوب الأمة بالمسؤولية الدينية والإنسانية والأخلاقية، وداعيا لهم إلى التحرك الحقيقي وتفعيل كل الطاقات للدفاع عن إخوانهم ومقدساتهم في فلسطين.
رسالة اليمنيين في ذكرى النكبة
وفي ذكر النكبة أكد بيان صنعاء أن الشعب الفلسطيني بمواقفه الخالدة يقف حجر عثرة أمام العدو الصهيوني ويحمي الأمة من تكرار النكبات بحق بلدان أخرى”، وأضاف: “نحن معكم وإلى جانبكم، لن تتكرر النكبة بل سيتحقق وعد الله المحتوم بزوال الكيان الظالم”.
وأكد البيان الصادر عن المسيرة المليونية بصنعاء، الاستمرار في الخروج الأسبوعي في مسيرات مليونية بلا كلل ولا ملل، نصرة ومساندة للشعب الفلسطيني المسلم المظلوم جهاداً في سبيل الله وابتغاء لمرضاته، واستمرارا في الموقف المحق والمشرف.
وخاطب الشعب الفلسطيني عامة وأهل غزة خاصة في ذكرى النكبة الكبرى بالقول “إنكم بجهادكم في سبيل الله، وصبركم، وثباتكم الذي لا مثيل له، واستمراركم في ذلك، فإنكم بكل ذلك تمنعون تكرار النكبة، وأنتم بهذه المواقف الخالدة تقفون حجر عثرة أمام العدو الصهيوني، وتحمون الأمة العربية والاسلامية من تكرار النكبات بحق بلدان أخرى، ونحن معكم وإلى جانبكم، وبتوكلنا على الله، وجهادنا في سبيله، لن تتكرر النكبة بإذن الله؛ بل سيتحقق وعد الله المحتوم بزوال الكيان الظالم، وظهور دين الله على الدين كله ولو كره الكافرون”.
وأضاف بيان مليونية صنعاء “نتشرف برد التحية والسلام وعهود الوفاء للإخوة في سرايا القدس ولكل المجاهدين الأعزاء الذين أهدوا لنا ولقائدنا التحية في عمليتهم الصاروخية الأخيرة ضد الكيان، وخصوا الحشود المليونية في ميدان السبعين وبقية الساحات، ونقول لكم: إن رسالتكم هذه أغلى ما يصلنا في هذه المعركة المقدسة، ولكم منا العهد والوعد بأننا سنبقى إلى جانبكم أوفياء لخط الجهاد والاستجابة لله، مهما كانت التحديات، متوكلين على الله ومعتمدين عليه وواثقين بنصره، والعاقبة للمتقين”.