قبل خمسة وسبعين عامًا وفي عام 1948م تحديدا، احتل العدو الغاشم الأراضي الفلسطينية فذبح وهجّر أهلها منها مما غير المنطقة العربية بالكامل من حيث البنية السياسية والثقافية والاجتماعية حتى اليوم. في الآن ذاته، قدم الفلسطينيون منذ تلك الفترة المشؤومة والتي تعرف بالنكبة الأولى حتى اليوم دروسا للعالم بأجمعه -ولا يزال يفعل- في مشهد يبث القشعريرة في المحب والشانئ لهذا الشعب العظيم.
لنعد قليلا إلى الوراء، فقبل أن نتحدث عما تمثله فلسطين اليوم وما يمثله أبطالها، يجب الحديث عن مبادئ في القضية الفلسطينية رُسّخت على مدى أجيال وأثبتت الدور الفعال للبروباغاندا -الدعاية- الإعلامية وما تفعله في تغيير عقلية الشعوب بل وتشكيلها حتى!. وقع العرب ضحية لهذه الدعاية لسنوات طويلة، ولنكون أكثر صدقا مع أنفسنا فقد وقعنا وآباؤنا من قبل في المصيدة التي أرادها العدو لنا، والتي تتمثل في كون الوطن لأصحاب الدين الواحد، قبل أن يتسع هذا المفهوم ويتشظى ليصبح الوطن مخصوصا لأصحاب المذهب الواحد مقابل المذاهب الأخرى، وهو ما تجلت آثاره في بلدان مجاورة لا تزال تحت وطأة هذا التغييب المتعمد للحقائق فصارت الحرب الطائفية والمذهبية الداخلية هي ما تقوض هذه البلدان من الداخل وليس العدو الخارجي. إذا عدنا للوراء قليلا، فسنجد بأن العرب والبلدان العربية ضمت ديانات كثيرة ومذاهب كثيرة جدا، وتعايش أصحاب الديانات والمذاهب المختلفة في وئام وتلاحم؛ فالوطن يجمع الناس ويفكك الاختلاف دائما، فالوطن هو الهوية العامة والدين هوية خاصة لكل إنسان بذاته.
أدت الدعاية الصهيونية دورا فعالا في عدة جبهات لا تزال آثارها باقية حتى اللحظة، ففي بدايات القرن التاسع عشر بدأت النظرة إلى المواطنين من الديانات الأخرى تحمل شيئا من الريبة والتوجس، فقد كان المسلم واليهودي والمسيحي وأصحاب ديانات أخرى كثيرة يعيشون في ذلك البلد العتيق المعروف بفلسطين في لحمة ووئام. وفور الشروع في تطبيق المخططات الصهيونية، بدأت النزاعات والفُرقة تظهر وتتسع الفجوة بين المواطنين حيث ينظر كل واحد إلى الآخر بعين الريبة والشك. وهو ما كانت تصبو إليه الحركة الصهيونية، فلم يعد الفلسطيني هو المولود في فلسطين والساكن فيها بغض النظر عن ديانته؛ بل صار الذي يعتنق دينا معينا -الإسلام غالبا نتيجة اضطهاد معتنقيه- مقابل اليهودي والمسيحي من نفس الوطن.
يتذكر أجدادنا أناسا عاشوا بينهم بطريقة عادية وكأي مواطن آخر، وكان هؤلاء الناس يعتنقون أديانا أخرى، ولكن آثار النكبة غيرت ديموغرافية الدول العربية فهاجر المختلفون نجاة بحياتهم نتيجة عدم التفرقة بين اليهودي والصهيوني والمسيحي والصليبي والمسلم والإرهابي؛ وهي مصطلحات تكرر استعمالها حتى غدت في عقول الشعوب كالمسلّمات التي لا تقبل المراجعة. فيمكن للمسيحي والمسلم أن يكونا من الصهاينة، ويمكن لليهودي أن يكون مواطنا عربيا عاديا ومعاديا للصهيونية في الآن ذاته. ويمكن أن يكون الإرهابي شخصا لا يؤمن بأي دين البتة، فما يحدد الإنسان الصالح من الطالح إنسانيته الحقيقية وإيمانه الصادق بمبادئه؛ لا شعاراته الدينية التي يلبسها ويخلعها متى ما يشاء وفقا للظروف والمواقف والفرص.
مثلت المواجهة الأخيرة للمقاومة الفلسطينية مثالا حيا لما يفعله الإيمان العميق والصادق والوفاء للأرض والمقدسات مقابل الوحشية الهمجية للمحتل، كما أنها علمتنا أن حب الوطن والإيمان بالذات والهدف النبيل يصنع المعجزات؛ فكيف لشعب مخنوق أسير في مساحة صغيرة وأعداد مكتظة في السجن الكبير المسمى غزة بأن يستبسل ويقاوم المحتل ويصنع التكنولوجيا الخاصة به في ظروف تجعل من المستحيل على الإنسان العادي أن يفعل فيها كل هذا!، بل كيف تتفوق الضحية المنبوذة من الجميع والتي لا تملك قوت يومها فضلا عن الكماليات بأن تتفوق على جلادها المزود بأحدث الاختراعات والتكنولوجيا؟. الإيمان يفعل المستحيل، وغدا تشرق الشمس الساطعة للحرية فتجلو غمامة البؤس وتحرق العدو المحتل وتعود الحقوق لأهلها والوطن لأهله ويتلظى المحتل في شقائه وما جنته يداه بحق الأبرياء فـ «إِنَّ مَوعِدَهُمُ الصُّبحُ أَلَیسَ الصُّبحُ بِقَرِیب».
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
ألتراس الفيصلي يعلن حضوره مباراة النشامى في عُمان
صراحة نيوز ـ أعلن ألتراس الفيصلي، عن مشاركته الرسمية في دعم المنتخب الوطني الأردني “النشامى” خلال مباراته المرتقبة أمام المنتخب العُماني يوم الخامس من حزيران 2025 في العاصمة مسقط.
ويأتي هذا الإعلان في إطار تأكيد الألتراس على دورهم كـ”حكّام المدرجات”، معبرين عن حماسهم الشديد لدعم المنتخب في هذه المواجهة الحاسمة التي تمثل خطوة محورية نحو التأهل لكأس العالم.
وتاليا بيانهم:
من حكّام المدرجات إلى النشامى و النشميّات
بدأ العد التنازليّ لغيّم سماء الذهب، و سطوع شمس تأهلنا للمحفل الأسمى ها هو يلامس اراضي الكرامة الهاشميّة، لسنا متشبثينَ بوَهْم و لا نكترثُ لِـ ايِّ خَصْم فغايتنا في ايادينا و بيّن اقدامنا و بإكتمال عظيم العمَل سنصنع تاريخاً منَ الأمَل فاليوّم نحنُ أقربُ من ايّ وقتٍ مضى و لن نسمح بأن يذهب توحّدنا سُدى. هبّوا يا اردنيين و حلّقوا في السماء نصرةً لحُلم شيبانِكم في شبابِهم فالقارّة تعلم تمامَ العِلم اننا في التحدي لا نعرفُ السِلم.
يسُرنا نحنُ التراس الفيصلي ما نراهُ من التفافٍ شعبويّ حوّل منتخبنا الوطنيّ و التماسنا لحقيقة ايمان ابناء وطننا باحقيّة وصولنا لهدفنا الذهبيّ، هذا و ندعوا عموم الأردنيين و ابناء مدرجات نادي الوطن الفيصلي خاصّة الذين أكدوا لنا سابِقاً انهم لا يحتاجون لدعواتِ حضور فوطنيّتهم جعلت منهم قادةً لرياضةِ الوطن و الجمهور، ندعوكم جميعاً لـ اللحاق ببعثة المُنتخب استعداداً لمواجهة المُنتخب العُمانيّ في موّقعتنا القادمة في الخامِس من حزيران المُقبِل و لنجعلها ليلةً رغيدة تُقربنا خطوةً ما قبل أخيرة نحوَ التأهل و العيد الوطنيّ.
امّا لاعبينا الأبطال، نعلم أنكم لا تنتظرونَ شُكراً او ثناء و بأنكم متعطشون ليُكتب حُلمنا واقِعاً بأفعالكم و لتعلموا جيداً ان الوطن اجمَع هو عائلتكم الكبيرة و كلنا اخوانٌ لكم، اباءً و أمهات و لا ننظر لكم سِوى بمُقَلِ الفَخْر و سنحفرُ صوركم بمخالبنا بالصخْر، و ايّاكم و الإكتراث للأفواه و الأقلام التي تُقاد بفُتات الأموال المُسخّرة لمحاولة اصلاح ما احدثتموه من جِراح بسطوتكم و ريمونتاداتكم.
للأردن نحنُ فِداء تعريفنا بالجنسيّة لا بالاسماء، قُلناها سابِقاً و اصبحت شعاراً وطنيّ و ستبقى واقعَ حال نتوّج بهِ تأهلنا للمونديال.
خطوتان، هبّوا يا اردنيين
الـتـراس الـفـيـصـلـي الأردنـيـة الـحـاكـمـة