قراءة في رواية “على تخوم المستقر” من تاليف الأستاذ/النور يوسف!
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
بسم الله الرحمن الرحيم
نشرت دار أضافة المصرية في عام 2023 رواية للكاتب السوداني النور يوسف بعنوان (علي تخوم المستقر). الراوية من الحجم المتوسط و عدد صفحاتها 155 صفحة. قرأت الرواية كلها في جلسة واحدة, اذ جذبتي من سطرها الأول ولم أستطع منها فكاكا الا بعد أن قرأتها كلها, فقد أمسك بطلها بتلابيبي وجعلني أتابع رحلته الوجودية بشغف و متعة وفي ذلك مايكفي من أشارات تدل عي جودة صنعة الرواية.
عند الأنتهاء من قراءتها فاول ماخطر ببالي كان كتاب : “رسالة الغفران" وهو كتاب يعد من أجمل أعمال ابي العلاء المعري النثرية. وفيه جعل المعري من صديقه ابن القارح بطلا لرسالة الغفران و تركه يتجول في ربوع ألآخرة مابين الجنة و النار, محاورا الشعراء و الادباء و الفلاسفة. لكن بطل رواية النور يوسف لم يكن كصاحبه ابن القارح مقيما دائما في ربوع الآخرة, بل كان زائرا مؤقتا لتخومها, ومن هنا نحت الكاتب هذا الاسم الجميل لروايته, “علي تخوم المستقر", لكن بطلنا كان أيضا, كأبن القارح, محاورا بارعا لمن سعي للقياهم في ذلك العالم الموازي وقد قابل و حاور هناك شخصيات محورية في حياتنا كلنا .
تتبع حوادث الرواية قصة بطلها الراوي بين الحاضر وهو عالم البرزخ- الذي وجد الراوي نفسه فيه, وهو العالم الذي سماه النور "تخوم المستقر" و بين عالم الماضي للراوي وهو دنيانا الفانية. نجح الكاتب نجاحا باهرا في التنقل السلس و تتبع بطل الرواية بين عالميه, ولو فشل القاص في ذلك لأصاب الرواية في مقتل.
ترسم الرواية صورة مغايرة و غير نمطية لذلك العالم الماورآي الذي وجد صاحبنا نفسه فيه , وهو حسب ماقيل له هناك:(عليك أن تنسي تلك الصورة النمطية التي تعشش في ذهنك, تلك الصورة الساذجة التي حقنتك بها قلة المعرفة….هذه العوالم ليست حفلة شواء علي واقد من الجمر) . و عن نفسه المعدلة في ذلك العالم يقول:(أستطيع ترتيب حتي أشتهاءات نفسي و تمنيات فؤادي وفق آلية منضبطة, أنا وحدي من يرسم مسارها, أجمالا يمكنني القول أن عنصر المفاجأة لم يعد قط موجودا في عالمي.), و يصف الحياة هناك بقوله:(يمكنني القول أن الحياة هنا في تطور مستدام لامنتهي له و لاحدود،و أرتقاء متجدد لكل تفاصيله و عمومياته , هي ببساطة الحياة المثال لمعاني الدهشة و المتعة و الدقة و الكمال! )
وحيث أن بطل الرواية صحفي ومثقف, فالرواية تنضخ ببعض الحوارات الفلسفية كقوله: (الحروب قبل أن تكون قتالا علي الأرض, كانت سطورا علي الورق، لا فرق أبدا بين القلم و الرصاصة حين يكون القلم ماجورا و مدفوع الثمن..). أو كقول مرافقه النوراني حين أراه الدرك الأسفل الذي يقبع فيه الظالمون ممن عملوا في مرافق القضاء والأمن:(نعمل علي نزع جلباب الغرور الذي أعماهم….لن يجدي مع الذين عاشوا طيلة أعمارهم في أبراج عاجية سوي جرعات من المذلة و الهوان, جرعات مكثفة تعيدهم الي أحجامهم الطبيعية…).
لغة الرواية هي لغة راقية, بل أن بعض فقراتها تكاد أن تكون شعرا نثريا كقول الراوي عن محبوبته:
ثم جاءت!!
كماء السماء و نضرة الآرض
كأنثي الورد و حرائر البقول و أول الثمار
ككل شيء يمكنك أن تشتهيه و يحتويك في رواحك و غدوك وفي صهيل خيل مبتغاك.
أختم بالقول بأن الكتاب شهادة بمولد روائيا سودانيا بارعا يضاف للصف الأول من كتاب الرواية العربية المعاصرين, ولم يدهشني ذلك لمتابعتي لكتابات الاستاذ النور يوسف في منتدي سودانيات منذ مايزيد عن الخمس عشر عاما مما مكنني من معرفة قدراته, و أقول ذلك دون أي مجاملة, ولمن لديه أي شك في ذلك فما عليه سوي قراءة الرواية و الحكم بنفسه.
husseinabdelgalil@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی ذلک
إقرأ أيضاً:
الكاتب سمير أيوب: اليمن يعيد فلسطين إلى واجهة العالم ويكسر احتكار الرواية الصهيونية
يمانيون../
أكّد الكاتب الصحفي سمير أيوب أن العمليات العسكرية والاقتصادية التي تنفذها صنعاء ضد كيان العدو الصهيوني تمثل تحولاً استراتيجيًا يعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية على المستوى الدولي، ويضع اليمن في قلب معركة التحرر الإقليمي.
وفي تصريح لقناة المسيرة، شدّد أيوب على أن جبهة الإسناد اليمني باتت اليوم الأكثر فاعلية وحضوراً في معادلة الردع، مشيرًا إلى أن استهداف الموانئ والمنشآت الاقتصادية للعدو الصهيوني لا يقتصر فقط على إرباك الاحتلال، بل يؤدي إلى رفع الكلفة السياسية والاقتصادية لاستمراره، ما يضعف قبضته ويدفع المجتمع الدولي إلى إعادة النظر في دعم هذا الكيان.
وأضاف أن الحصار البحري الذي تفرضه القوات المسلحة اليمنية أفضى إلى انسحاب عدد من شركات النقل العالمية من التعامل مع الموانئ التابعة للعدو، بينما اضطرت أخرى إلى رفع رسوم التأمين خوفًا من الاستهداف اليمني، وهو ما يعكس حجم التأثير المباشر للعمليات اليمنية على الاقتصاد الصهيوني.
وأوضح أيوب أن هذا الحضور العسكري اليمني، المنطلق من موقف مبدئي ومساند للشعب الفلسطيني، فرض نفسه على الساحة الدولية، مؤكدًا أن كثيرًا من دول العالم باتت تتفهّم دوافع صنعاء وتُقدّر دورها في الدفاع عن المظلومين ومواجهة الجرائم الصهيونية ضد الإنسانية.
وتابع قائلاً: “الرد اليمني لم يأتِ من فراغ، بل هو نتيجة طبيعية لمجازر الإبادة الجماعية التي يرتكبها العدو في غزة”، مضيفًا أن تلك المجازر كشفت الوجه الإجرامي الحقيقي للكيان الصهيوني، وساهمت في عزله أخلاقيًا وسياسيًا، حتى مع استمرار الدعم الأمريكي اللامحدود له.
وختم بالقول إن الكيان، ورغم غطرسته العسكرية، بات منبوذًا عالميًا، في حين أن اليمن، بعملياته الدقيقة ورسائله الإنسانية، أعاد صياغة معادلات القوة الإقليمية، وجعل من فلسطين قضية حيّة تتقد من جديد في ضمير الشعوب الحرة.