أسماؤهم على أشلائهم.. آباء يكتبونها بالحبر على أجساد أطفالهم في غزة (شاهد)
تاريخ النشر: 23rd, October 2023 GMT
في محاولة لحفظ هويات الأطفال في حال استهدفتهم إحدى غارات الاحتلال، بدأت عوائل عديدة في قطاع غزة بكتابة أسماء أبنائها بالحبر الأسود في مناطق مختلفة من جلودهم.
ولاحظ أطباء في قطاع غزة وجود كتابات على أرجل عدد من الأطفال الذي استشهدوا جراء عدوان الاحتلال على قطاع غزة، تشير إلى أسمائهم وهويات عائلاتهم.
لا تعتاد المشهد
لا تعتاد الخبر
لا تألف فـتتلف
غزّة | ٢٠٢٣ pic.
وأشار مدير قسم الطوارئ في مستشفى "شهداء الأقصى"، عبد الرحمن المصري، إلى أن الأهالي يخشون من استهداف أبنائهم وعدم تمكنهم من التعرف عليهم بسبب تحول جثامين كثير من الشهداء إلى أشلاء ما يتسبب في تعذر التعرف عليهم في ظل استمرار العدوان.
وأوضح المصري أن هذا الحبر الأسود هو علامة صغيرة على الخوف واليأس الذي يشعر به الآباء في قطاع غزة الذي يتعرض لإبادة جماعية من قبل قوات الاحتلال منذ السابع من شهر تشرين الأول/أكتوبر الجاري، بحسب شبكة "سي إن إن" الأمريكية.
أبرأ إلى الله ???? pic.twitter.com/SCUFmS9qjR — راية (@Raiah___) October 22, 2023
وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صورا تظهر جثامين أطفال صغار ارتقوا بقصف الاحتلال في غزة، توثق وجود أسمائهم مكتوبة بالحبر الأسود على أرجلهم، للتعرف عليهم وسط ساحة مليئة بالشهداء.
وانتشرت مقاطع مصورة توثق لحظات كتابة العديد من الآباء أسماء أبنائهم على أذرع أبنائهم وأرجلهم.
" ما يحدث في غزه حتما سيدخل في تاريخ الابادات"
????????TRT
" في غزه من وحشية القصف أصبحوا يكتبون أسماء الأطفال على اذرعهم
وعلى اجسادهم ليتم التعرف على هويتهم حال تعرضوا للقصف pic.twitter.com/izhsRZLidv — Dr.mehmet canbekli (@Mehmetcanbekli1) October 22, 2023
وكان أهالي قطاع غزة اضطروا مرتين إلى دفن عشرات الشهداء في مقابر جماعية بسبب تعذر التعرف على هوياتهم بسبب تمزق أجسادهم جراء القصف، في ظل غياب أي إمكانية لحفظهم في ثلاجات حفظ الموتى لارتفاع أعداد الضحايا بشكل متواصل.
ولليوم السابع عشر على التوالي، يواصل الاحتلال عدوانه على قطاع غزة، في محاولة لإبادة أشكال الحياة كافة في القطاع، وتهجير سكانه قسريا، عبر تعمده استهداف المناطق والأحياء السكنية، بالإضافة إلى قوافل النازحين ومزودي الخدمات الطبية.
وأسفر القصف المتواصل عن ارتقاء أكثر من 4741 شهيدا بينهم 1873 طفلا و1023 سيدة، وإصابة ما يزيد على الـ15 ألفا بجروح مختلفة، وفقا لأحدث أرقام وزارة الصحة في غزة.
*أهالي غزة يكتبون أسماء أطفالهم على أجسادهم ليتم التعرف عليهم بعد استشهادهم #غزة #فلسطين* pic.twitter.com/EWL5vS0i0d — Lana Kamleh( لانا كاملة )اعلامية مقدسية فلسطينية (@LanaKamleh) October 22, 2023
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية غزة فلسطينية فلسطين حماس غزة الاحتلال الإسرائيلي حرب الابادة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة pic twitter com
إقرأ أيضاً:
أجساد ضاوية وقلوب مقاتلة.. عندما تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها
بين الجسد والقلب والروح تناسب عكسي في غزة، فالنار واللهب والجوع تملأ الأجسام هشاشة وانحناء، تمتص نضرة الجسم، وتحيله أكواما متراكبة من العظام الناحلة، أما القلوب فيزيدها الألم قوة وعنفوانا وتعلقا بالشهادة. هكذا تنطق الوجوه الشاحبة، وتفتر الشفاه المتقلّصة إلا عن بسمة تغالب شبح الجوع الرهيب.
هنا غزة، يبيت مئات الآلاف ويظلون على الطوى في انتظار مأكل كريم، تقف دونه سطوة الاحتلال ولهب صواريخه، وخذلان ذوي القربى عربيا وإسلاميا.
رياحين تحت نار المجاعةلم تعد المجاعة في غزة شرَّ غائب منتظر، بل أصبحت الشبح المرعب الذي يجول بين الخيام، ويطبع ببصماته المؤلمة على الأمعاء الخاوية، ويمتص عصارة سنوات من خِصب قليل تحت حصار سيئ.
أكل الجوع ما بتلك الأجسام الصغيرة من نضارة، وأنضَب أثداء الأمهات اللائي طالما أرضعن أبناءهن عصارة سحرية من الصمود والمقاومة، فلم تعد تلك الأثداء الشاحبة تَبِضُّ بمِصاص لطفل رضيع مُنعت عنه كل أسباب الحياة، وذوَى جسمه الضاوي كما يذوي الغصن الرطيب تحت لافحات السَّموم.
وحده الجلد المتغضّن حدّ اليبس يحنو على عظام بالية، ويرسم الصورة البشعة التي تقرع بعنفها غفوة الشعوب والأنظمة التي يفترض أن تنهض دعما لغزة وفكا للحصار، وإنهاء للحرب التي أكلت الأرض وما عليها، ثم أكلت من عليها.
إعلان
أبواب الموت
للموت اليوم ألف باب، وإنّ منها لما يهبط من السماء لهبًا لا رحمةَ فيه، وغضبا إسرائيليا على أبرياء أرادوا أن يعيشوا بكرامة في أرض يرون أنهم ألصق بها من العنف والوحشية بقلوب من يصبّون عليهم نار الموت كل حين.
للجوع في غزة أكثر من مليون قصة، تتعدد الألسنة، وتتكاثر الحالات؛ دعك من شيخ يأكل جسمَه السكري والسرطان، ثم يأتي الجوع ليأكل ما بقي من ركام السنين، ومن طفل ضنّ عليه ثدي أمه التي تُكاتم لوعة الجوع، وشابٍّ يعصب على بطنه مقاوما شبح الاحتلال وشبح الجوع في الآن ذاته.
لم يعد اللهب القاتل الوحيد في غزة، بل يُتوقع أن يتراجع إلى الرتبة الثانية إذا تواصل الحصار المؤلم، واستمر شريان الحياة في التوقف بعد أن كان -قبل استئناف الحرب- يقطر بتباعدٍ وضآلة عبر الشاحنات التي ترد بين الحين والآخر من المعابر إلى غزة.
الجوع اليوم هو القاتل الأكبر، وعما قريب ستحدُث -لا قدر الله- واحدة من أبشع المجاعات التي عرفها العالم في قرنيه الأخيرين، خصوصا أنه لا أمل يلوح في الأفق، ولا سند يحنو على الأجساد الضاوية، ولم يعد في الأرض ما يَنبت ولا في الضرع ما يدِرّ.
من ينقذ الأمعاء المتكلسة؟تأكل المجاعة في غزة أجساد أكثر من 876 ألف إنسان لم يعرف للراحة ولا الأمن ولا استمرار النظام الغذائي طعما منذ أكثر من سنة ونصف، كما ينخر شبح المجاعة بوحشية أيضا أكثر من مليون طفل اجتمع عليهم الجوع والخوف والاضطراب النفسي جراء موج اللهب المستمر منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
على أن من بين هذا المليون نحو 60 ألف طفل أصبحوا في وضعية كارثية أو في عداد الأموات تقريبا بسبب سوء التغذية الحاد، فلم تعد أجسادهم غير ركام من العظام الصغيرة التي يكسوها جِلد امتصّ الجوعُ نضارته وروحه وتركه شنًّا باليا، شاهدا على أبشع جرائم العصر وأطول نومات الضمير العالمي.
إعلان
عالم من البدانة والوجبات السريعة
في حين يمتص الجوع ما بقي من أجساد الغزيين مما لم تأكله نار القصف، يعيش العالم بشكل عام والعالم العربي فورةً في البدانة، وصرفا غير مسبوق على الوجبات السريعة، تُظهره فواتير متعددة لأرباح المطاعم وسوق الأغذية أيام الأعياد والمناسبات وغيرها، وكأن الدنيا قد قُسّمت عالمين بينهما سور، باطنه فيه عذاب أهل غزة وجوعهم القاتل ومأساتهم المستمرة، وظاهره من قبله فورة في الرفاهية والمتعة واستمرار رتيب لحياة لا تشكو مراكبها عِوجًا ولا أمتًا.
وتُقدر مصادر متعددة ما ينفقه العالم العربي سنويا على الوجبات السريعة وفي الأفراح والأعياد والمناسبات المختلفة، بعشرات المليارات من الدولارات، دون أن يكون لأهل غزة من ذلك أي نصيب سوى وجبات سريعة مستمرة من الموت الزؤام واللهب الفتاك والجوع ذي الأنياب المتوحشة.
ولقد أبيت على الطوى وأظلهلا صوت في غزة ولا صِيت يعلو على الصمود، يهدم اللهبُ والجوع البنايات والأجساد، غير أنه لا يهدم الأرواح المتوثبة كالخيل العتاق؛ وحدها الأجساد تذوي، كما يذوب الشمع الذي أضاء للعالم العربي والإسلامي بل وللعالم كله فجَّين عميقين أحدهما عن أنصع ما تكون المقاومة، وأعلى ما يكون التصدي للاحتلال، والآخر عن أفظع ما يرسم الجوع وأسوأ ما يكون الخذلان.
وبين الفجّين العميقين، يواصل أهل غزة يوميات من الموت والشهادة والجوع، ولسان حالهم يتردد بين ثلاث لا تتخلف:
ولي وطن آليت ألا أبيعه … وأن لا أرى غيري له الدهر مالكا
فإذا ما عض الجوع بأنيابه العُصل، ترنم الصوت المبحوح في الجسد الضاوي:
ولقد أبيت على الطوى وأظله … حتى أنال به كريم المأكل
ثم كانت بسمات الشهادة هتافا إلى الخلود "وعجلت إليك رب لترضى".