من غزة إلى السودان وليبيا.. مصر الملاذ الدائم للأشقاء العرب
تاريخ النشر: 24th, October 2023 GMT
أكد عدد من الخبراء والمحللين السياسيين العرب أن مصر لطالما كانت هى الداعم الأول للاستقرار فى المنطقة العربية، والمنقذ الدائم لكل الأشقاء من ليبيا إلى السودان إلى فلسطين، بفضل استقرارها وكفاءة جيشها، وهو ما ظهر بوضوح فى مواقفها الإنسانية ودعمها للقضية الفلسطينية والأزمة السودانية، سواء كان دعماً سياسياً أو مادياً، إلى جانب دعم الشعب الليبى خلال إعصار دانيال الذى دمر 25% من مدينة درنة الشهر الماضى.
ترتكز سياسة مصر الخارجية فى المنطقة على شعار الرئيس عبدالفتاح السيسى بعدم التدخل فى شئون الدول تزامناً مع بذل الجهود لدفع عملية السلام والاستقرار فى المنطقة، وفى ظل القصف المستمر لقطاع غزة دون هوادة، لا تزال الجهود المصرية مستمرة لوقف إطلاق النار ونزيف الدم، وتقديم الدعم للقطاع، حيث تم تخصيص مطار العريش لتوصيل المساعدات المصرية والدولية لأهلنا فى القطاع، كما نجحت الجهود المصرية فى الإفراج عن محتجزتين، وتم تقديم الرعاية الطبية اللازمة لهما، وفى القضية السودانية، فتحت مصر أبوابها أمام المرضى والمصابين من كبار السن، قدمت لهم المأوى والمساعدات الطبية والإنسانية، فضلاً عن الدعوة لقمة دول جوار السودان لبحث كيفية الوصول إلى حلول مشتركة لإرضاء الطرفين لوقف النزاع فى البلد العربى الشقيق.
الدكتور أيمن الرقب، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس وعضو المجلس الثورى بحركة فتح، قال إنّ مصر هى الدولة العربية التى حملت القضية الفلسطينية على كاهلها منذ بداية الأزمة فى أربعينات القرن الماضى، موضحاً أنها حالياً تقود زمام التنسيق العربى المشترك، وهو ما تجلى فى الأزمة الأخيرة بقطاع غزة، حيث استطاعت الإفراج عن محتجزتين وقدمت لهما الدعم الطبى، فى محاولة حثيثة للتأثير على الجانب الإسرائيلى لوقف العنف والقصف المستمر على القطاع الذى بدأ فى 7 أكتوبر الجارى.
وتابع: «لا أحد ينكر الجهود المصرية المبذولة تجاه القضية الفلسطينية، بداية من إعمار غزة وتأهيل البنية التحتية من خلال شركات مقاولات مصرية، فضلاً عن الدعوات المتكررة للفصائل الفلسطينية للاجتماع فى القاهرة للتشاور والوصول إلى توافق فى وجهات النظر، فضلاً عن التنسيق العربى المشترك، إذ دعت القاهرة إلى قمة ثلاثية بين الأردن ومصر وفلسطين لدعم القضية العادلة».
«عبدالعزيز»: فتحت أبوابها لاستقبال اللاجئين السودانيين ودعت لقمة دول الجوار لدعم الاستقرار فى البلد الشقيقوأضاف مجدى عبدالعزيز، الخبير السياسى والمحلل السودانى، أنّ مصر هى الشقيقة الكبرى للسودان، مؤكداً أن العلاقات بين القاهرة والخرطوم ليست اختيارية بل مصيرية، موضحاً أن موقف مصر تجاه الأزمة السودانية اتسم بالعقلانية والرزانة، مضيفاً أن الرئيس عبدالفتاح السيسى قدم الكثير لأبناء السودان مع حرصه على عدم التدخل فى الشأن الداخلى، تاركاً حرية الاختيار للشعب، مضيفاً أن مصر استضافت الحوار «السودانى - السودانى»، فى فبراير الماضى، حيث قدمت دعوات لعدد كبير من القوى السياسية لتوسيع قاعدة التشاور والتفاهمات بين السودانيين، حتى الوصول لاتفاقات، وهذا هو منطق مصر للتعامل المباشر وتقديم المساعدات الطبية للسودانيين.
وأكد أن استضافة مصر لقمة دول جوار السودان، جاء بحثاً عن مصلحة الشعب الذى ينزف الدماء ويتعرض للعنف والتدمير، خاصة أن الكثير من الوقائع تمحورت وأصبح واضحاً للعالم أن المتضرر الوحيد هو الشعب السودانى الذى حُرم من الخدمات بعد تدمير البنية التحتية، واضطر للنزوح: «السودان الآن فريسة لأجندات دولية تحاول استغلال الحرب، وكان لا بد لمصر أن تتدخل لأنها تأمل فى تحقيق الاستقرار والسلام»، موضحاً أنّ مصر استقبلت مئات الآلاف من اللاجئين السودانيين، وفتحت لهم ذراعيها، وقدمت الدعم الإنسانى والطبى لكثير منهم.
من جانبه، أكد الكاتب والخبير السياسى الليبى رجب إبليبو، أنّ مصر كانت السند الأول للشعب الليبى خلال إعصار دانيال الذى تسبب فى خسائر فادحة، موضحاً أن الدعم المصرى ظهر فى كلمات الرئيس عبدالفتاح السيسى الذى وجَّه الهلال الأحمر المصرى بالدخول وتقديم الدعم لأهالى المناطق المنكوبة فى ليبيا، وأضاف أن العلاقات بين مصر وليبيا تاريخية، وأن هناك مشاورات وتنسيقاً مستمراً بين قيادات البلدين، خاصة فيما يتعلق بالقضايا المشتركة مثل الهجرة غير الشرعية.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: غزة السيسي السودان
إقرأ أيضاً:
السودان بين أقدام الفيلة-الحرب، والمصالح الدولية، والتواطؤ الصامت
zuhair osman
بين البرهان وحميدتي... ما يُخفى أكثر مما يُقال
منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو "حميدتي"، دخل السودان في أتون نزاع دموي مُعقّد، تتقاطع فيه صراعات داخلية على السلطة والموارد، مع أجندات إقليمية ودولية تجعل من البلاد
مسرحًا صامتًا لتصفية الحسابات.
في ظل غياب إرادة دولية حقيقية لوقف النزيف، ووسط تحركات أمريكية تلمّح بالعقوبات أو تضغط في اتجاهات غير معلنة، تبرز أسئلة محورية: هل نحن أمام نزاع داخلي صرف، أم إعادة ترتيب لموازين القوى في منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر على
حساب السودان؟
انسحاب تكتيكي أم هندسة خارجية؟
مؤخرًا، انسحبت قوات الدعم السريع من بعض مناطق أم درمان، في خطوة فُسّرت عسكريًا بأنها تكتيكية لتفادي الضربات الجوية أو لإعادة التموضع. غير أن تزامن هذا الانسحاب مع تلويح الولايات المتحدة بفرض "تدابير وشيكة" على قيادة الجيش، يفتح الباب
أمام قراءة أعمق تُلمّح إلى وجود هندسة غير معلنة للوقائع الميدانية.
الولايات المتحدة، بحكم حضورها في ملف السودان منذ عقود، لا تتحرك دون حسابات دقيقة. وقد يكون توقيت الانسحاب مفيدًا سياسيًا لدفع الجيش نحو التفاوض أو تهيئة المسرح لإعادة تعريف المشهد، خاصة في ظل اتهامات أمريكية غير مباشرة للجيش
باستخدام أسلحة غير تقليدية.
هل الدعم السريع هو "البديل الأقل إزعاجًا"؟
من الناحية البراغماتية، لا يمكن استبعاد فرضية أن بعض الدوائر الغربية باتت ترى في الدعم السريع طرفًا يمكن التحكم فيه أو إعادة هندسته ليصبح شريكًا "أقل خطرًا"، خصوصًا بعد تجربته السابقة في التحالف العربي باليمن، وعلاقاته المفتوحة مع الإمارات
والسعودية.
في المقابل، الجيش السوداني يُنظر إليه بحذر متزايد في بعض الدوائر، لاتهامه باحتضان عناصر تنتمي للتيارات الإسلامية، المصنّفة غربيًا كمصدر تهديد إقليمي محتمل، خاصة مع تحليلات تتحدث عن تقاربه النسبي من محور إيران – سوريا في لحظة تعقيد
إقليمي شديد الحساسية.
أبعاد استراتيجية أعمق: السودان في ميزان الجيوبولتيك
اهتمام الولايات المتحدة بالسودان ليس طارئًا. فالموقع الجغرافي الحاكم على بوابة البحر الأحمر، ووجود ثروات غير مستغلة (مثل اليورانيوم والمياه)، يجعل السودان نقطة ارتكاز مهمة في لعبة النفوذ بين الغرب، وروسيا، والصين، والفاعلين الإقليميين
كإيران وتركيا.
من هنا، يُفهم لماذا تحرص واشنطن على إعادة رسم المشهد، بطريقة تُضعف الفاعلين الرافضين للتطبيع مع إسرائيل أو المقاومين للديانة الإبراهيمية كمدخل سياسي ناعم، وتعزّز الأطراف الأكثر مرونة تجاه المشروع الأمريكي في المنطقة.
احتمالات السيناريو: بين التفكك والتدويل
استمرار الحرب في ظل "مفاوضات ديكورية": قد يلجأ الجيش إلى تبني مبادرات تفاوض شكلية، بينما يُعيد انتشاره في مناطق أقل تكلفة ميدانيًا، فيما تستفيد قوات الدعم السريع من مرونة الحركة وغطاء الدعم الإقليمي غير المُعلن.
تصعيد محدود بضوء أخضر دولي: قد تلجأ واشنطن إلى فرض عقوبات، وربما تنفيذ ضربات محددة ضد مواقع عسكرية للجيش في حال ثبوت تجاوزات جسيمة (كما حدث في النموذج السوري)، لكن هذا مرهون بتوازنات معقدة تشمل الموقف المصري والسعودي.
تفكك فعلي للدولة السودانية: في ظل غياب الحلول السياسية واستمرار التمويل الخارجي للطرفين، قد يتجه السودان نحو انقسام واقعي لا يُعلَن رسميًا: الجيش في الشرق، والدعم السريع في الغرب، وسط غياب سلطة مركزية، ووجود حُكم أمر واقع متعدد الرؤوس.
خاتمة: الجريمة تُرتكب على مرأى العالم
الحرب في السودان تُدار ليس فقط بأصابع داخلية، بل بحسابات دولية لا تخفى. الولايات المتحدة لا تبدو بعيدة عن مسار المعركة، حتى لو لم تكن في المشهد بصورة مباشرة. القوى الإقليمية تموّل وتُغذّي، والمجتمع الدولي يكتفي بالبيانات.
لكن الحقيقة الكبرى أن من يدفع الثمن هو الشعب السوداني: ملايين النازحين، انهيار الدولة، ومجازر في مدن كانت تعج بالحياة.
الخروج من هذه الكارثة لن يتم من خلال "مبادرات تعويم" شكلية، بل يتطلب وقفًا صارمًا للتمويل الخارجي، وتدخلاً دوليًا نزيهًا يُعيد للسودان حقه في تقرير مصيره دون وصاية أو اقتتال مفروض.