قال عضو كتلة "الوفاء للمقاومة" النائب الدكتور علي فياض إن "العدو الإسرائيلي نفذ في يوم واحد 390 غارة، وقضى فيها على ما يقارب 450 إنسانا في غزة، حيث تجاوز عدد الشهداء الخمسة آلاف بينهم ألفا طفل، في حين دمّر لغاية الآن، 180 ألف وحدة سكنية وتجارية، وللتذكير في حرب تموز 2006 دمّر العدو كلياً أو جزئياً 120 ألف وحدة سكنية وتجارية".

كلام فياض جاء خلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه "حزب الله" لشهيده وسام محمد حيدر في حسينية بلدة دبين الجنوبية، في حضور عدد من العلماء والفاعليات والشخصيات وعوائل الشهداء، وحشد من الأهالي. وأشار إلى أن "هناك دمارا وقتلا غير مسبوق للمدنيين الذين لا ملجأ ولا مفرَّ لهم، وهذا لم يحصل في التاريخ الحديث"، قائلا: "إن أخطر من القتل للمدنيين هو شرعنة قتل المدنيين الفلسطينيين وتسويفه وتبريره من قبل الغرب أي الأميركيين والأوروبيين تحت عنوان حق إسرائيل في الدفاع عن النفس، كما أعلنت أميركا في موقف رسمي رفضها لوقف إطلاق نار إنساني، وإزاء ذلك لم نعد نجد الكلمات المناسبة لوصف وإدانة واستنكار ما يحصل، فكل الكلمات عاجزة وكل العواطف والمشاعر قاصرة". أضاف: "إن هؤلاء في مواقفهم هذه، يضعون لداعش "مئة بحصة" كما يقال في العاميّة، في ممارسة التوحش وفي تبرير التوحش، في الدم البارد وفي الابتسامات الصفراء، فالعقلية المتوحشة ذاتها، ولكن الاختلاف هو في الشكل بين ربطة العنق والجلباب، وفي اللغة بين أن تكون دبلوماسية مواربة، وبين أن تكون صريحة فظة". ورأى فياض أن "ما يجري هو أن إسرائيل بغطاء أميركي وتواطؤ أوروبي، تقتل المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ، حرقاً وهرساً وتقطيعاً بآلاف أطنان المواد المتفجرة والحارقة"، مشيراً إلى أن "هذه الحرب على غزة في ظل الإمعان الصهيوني في التوحش وفي ظل الغطاء الغربي، تدفع الشعوب الإسلامية إلى حالة من الغضب غير قابلة للضبط، ولا تترك مجالاً لأرضية قانونية وشرعية مشتركة تتفاعل عبرها الأمم والمجتمعات وتتعاون من خلالها لإنتاج مستقبل إنساني آمن وإيجابي، فما يحصل هو فعلاً أكبر تهديد للأمن والإستقرار الدوليين". واعتبر أن "القانون الدولي بات مقولة فارغة لا معنى لها، وانهارت إنهياراً كاملاً كل الإدعاءات الغربية والأوروبية تحديداً حول منظومة حقوق الإنسان وحقوق الشعوب والحرية والديموقراطية وغيرها، وليعلنوها بصراحة، تبنيهم لمقولة وزير دفاع العدو الإسرائيلي عندما وصف الفلسطينيين بأنهم حيوانات بشرية، لأن ما يجري لا يمكن فهمه وفق أي معيار إنساني أو حقوقي، سوى أنهم يفصلون بين البشر والمجتمعات، وبين من يحق له الدفاع عن النفس وبين من لا يستحق الحياة". وقال: "نحن آمنا بالمقاومة منذ أكثر من أربعين عاماً كطريق للحرية والسيادة، أما اليوم فنحن بتنا نؤمن بالمقاومة كطريق للحياة والحق في الوجود، فهؤلاء لم يتركوا لنا خياراً آخر، أن نكون قادرين على الحياة معناه أن نقاوم وإلا فمصيرك أن تكون حيواناً بشرياً بحسب تعبيرهم، مسلوب الحرية والإرادة أو مصيرك القتل والإفناء. نحن نعتبر أنفسنا كمقاومة في لبنان في مختلف تنويعاتها الأيدلوجية والسياسية في قلب هذه المعركة وفي صميمها، لأن هذه معركة كل شريف وحر، وكل من يؤمن بالكرامة الإنسانية". تابع: "إن ما يجب أن نعيه جيداً، هو أن غزة يجب أن تنتصر في هذه المعركة، لأنه لا سمح الله، فيما لو تمكن العدو من تحقيق أهدافه في غزة، فإن السيناريو ذاته سينقله إلى لبنان على نحوٍ أشرس وأكثر عنفاً، ويخطئ من يقلل من أهمية وقيمة إستراتيجية الدور الذي تقوم به المقاومة في الجنوب اللبناني على الحدود مع فلسطين، فلقد أدخلت هذه المقاومة العدو الإسرائيلي في معركة إستنزاف وإشغال وتشتيت لقواه، وهي معركة تؤدي دوراً  إنهاكياً له ميدانياً ومعنوياً". وقال:"المقاومة تخوض هذه المعركة وتديرها بكل شجاعة وحكمة وثبات وقدرة وإرادة صلبة وقدرات عالية وتجهيز متقدم وخبرات إحترافية راكمناها على مدى سنوات طويلة، وبصراحة، فإن معركتنا هذه لمؤازرة غزة والدفاع عن لبنان، وفق أهداف واضحة وحسابات دقيقة ومعادلات مسؤولة وأفق مفتوح. إن مقاومتنا تفكر وطنياً وإقليمياً وهي تتمسك بدورها وواجبها ومسؤولياتها تجاه الصراع الشامل مع الكيان الصهيوني، دون أي إستعداد للتفريط بالمصالح الوطنية اللبنانية، ونحن نتحرك في إطار رؤية شاملة تأخذ بعين الإعتبار مصالح الأمة والمصالح الوطنية". وجدد فياض تأكيده أن "دماء شهدائنا غالية وثمينة وعزيزة، لا تذهب هدراً بل في سبيل الله وفي سبيل الدفاع عن لبنان وعن أهلنا وقرانا وأمننا ومستقبلنا، وفي الآن ذاته في سبيل مؤازرة غزة والقدس والقضية الفلسطينية".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

سوريا من بوابة المقاومة إلى ممر التطبيع

كيان الأسدي

لم تعد سوريا التي عرفناها لعقود؛ تلك التي وقفت إلى جانب قوى المقاومة واحتضنت قضايا الأمة من لبنان إلى فلسطين، ومن العراق إلى اليمن. اليوم، تتغير ملامح المشهد السوري على نحو دراماتيكي، حيث تتحول البلاد تدريجياً إلى ساحة وظيفية تخدم مصالح قوى إقليمية ودولية، وفي طليعتها الكيان الصهيوني.

التحولات الأخيرة على الساحة السورية لم تعد قابلة للتبرير أو التجاهل. فوجود فاعل مثل أبو محمد الجولاني، زعيم “هيئة تحرير الشام”، وسيطرته على مفاصل القرار في سوريا، وما يتسرب من معلومات حول تفاهمات غير معلنة مع قوى غربية وإقليمية، يوحي بأن المشروع السياسي القادم لا يقف عند حدود التغيير الداخلي، بل يمتد نحو نسف موقع سوريا التاريخي في محور المقاومة.

من رام الله إلى إدلب: نسخة جديدة من السلطة الوظيفية

إن ما نشهده اليوم في سوريا يعيد إلى الأذهان تجربة “سلطة أوسلو” في رام الله، حيث تحولت السلطة الفلسطينية إلى أداة تنسيق أمني مع الاحتلال، بدل أن تكون أداة تحرر. التفاهمات الأمنية التي تربط الأجهزة الفلسطينية بنظيرتها الإسرائيلية، باتت النموذج الذي يُراد استنساخه في سوريا، ولكن بغطاء “محاربة الإرهاب” أو “إدارة مناطق خفض التصعيد”.

وتماماً كما جرى في الضفة الغربية، حيث أصبح التنسيق الأمني سيفاً مسلطاً على رقاب المقاومين، فإن نفس السيناريو يُهيأ لسوريا، لتكون فيها قوى الأمر الواقع أدوات وظيفية لضرب أي نشاط مقاوم، أو ملاحقة أي تحرك يعارض الانخراط في مشروع التسوية الإقليمية.

معاهدة أبراهام: سـوريا على الهامش أم في قلب المخطط؟

معاهدة أبراهام، التي مهّدت الطريق لتطبيع عدد من الدول العربية مع الكيان الصهيوني، لم تكن مجرد اتفاق سياسي؛ بل جزء من إعادة هيكلة شاملة للمنطقة، تقوم على تحييد قوى المقاومة، واختراق الجغرافيا العربية من الداخل. وإذا كانت بعض الدول الخليجية قد انخرطت صراحة في هذا المشروع، فإن سوريا – في ظل المتغيرات الحالية – قد تُستدرج إليه من الباب نفسه، عبر تفاهمات أمنية تحت الطاولة، وتسهيلات استخباراتية تعني في المحصلة مشاركة وظيفية في المشروع الصهيوني.

ولا يمكن تجاهل أن هذه المرحلة تتزامن مع انفتاح عربي رسمي على الكيان، ومع زيادة الضربات الجوية الإسرائيلية داخل سوريا، في ظل صمت رسمي مطبق، وتحول الأجواء السورية إلى ساحة تصفية حسابات دون أي رد يُذكر. وهذا ما يؤكد أن مسار التطبيع لا يتم فقط عبر السفارات والبيانات، بل من خلال التفكيك الصامت للبنية الاستراتيجية للممانعة.

الأمن القومي العراقي واللبناني في مرمى النيران

التبعات لا تقف عند حدود سوريا. فالعراق، الذي يرتبط عضوياً بسوريا في الجغرافيا والمقاومة، سيكون أول المتأثرين بهذا التحول الخطير. أي اختراق أمني صهيوني في سوريا سيعني مباشرة تمدد هذا النفوذ نحو الداخل العراقي، عبر تجنيد عملاء، أو تنفيذ اغتيالات، أو حتى رسم خرائط جديدة للنفوذ داخل المناطق الحدودية. وليس من قبيل المصادفة أن تزايدت عمليات الاستهداف داخل العراق في اللحظة ذاتها التي بدأت فيها ملامح التحول السوري تتضح.

أما في لبنان، فالمعادلة لا تقل خطورة. إذ إن وجود استخباراتي أو عسكري إسرائيلي في الداخل السوري، وتحديداً في المناطق القريبة من الحدود اللبنانية، سيمنح العدو قدرة أكبر على تطويق المقاومة، ومراقبة تحركاتها، وفرض معادلات ميدانية جديدة. وسنكون أمام تهديد جدي للعمق الاستراتيجي الذي طالما وفّرته سوريا لخطوط الإمداد والعمليات بين فصائل المقاومة في لبنان وفلسطين.

ما بعد التطبيع: إعادة هندسة الشرق الأوسط

ما يجري لا يمكن قراءته كخطوات منفردة أو عشوائية. نحن أمام مخطط متكامل لإعادة هندسة الشرق الأوسط سياسياً وأمنياً، بحيث يُمحى فيه كل ما تبقى من قوى الرفض والممانعة. فالمسألة لم تعد تتعلق فقط بالتطبيع السياسي، بل بإعادة تعريف العدو والصديق، وتقسيم المنطقة إلى كيانات خاضعة لمنظومة أمنية واحدة، بقيادة كيان “إسرائيل”، وبرعاية أمريكية-خليجية.

وفي هذا الإطار، فإن سوريا، في حال استمرار هذا المسار، قد تتحول إلى “دولة فاصلة” بين “إسرائيل” وبقية المحيط العربي، تؤدي وظيفة عزل لا احتضان، وتتحول من بوابة عبور للمقاومة، إلى حاجز أمني ضدها.

المطلوب: موقف واضح لا يحتمل التأويل

إن القراءة الباردة أو المترددة لهذا المشهد تعني عملياً التسليم بالاختراق الصهيوني دون مقاومة. المطلوب اليوم ليس احتواء سوريا الجديدة، بل تسميتها كما هي: كيان وظيفي ناشئ، قد يتحول إلى رأس جسر للتطبيع الأمني والعسكري.

وعليه، فإن قوى المقاومة، ومعها كل القوى الحيّة في المنطقة، مطالبة بتحديد موقف لا لبس فيه. لا حوار مع من ينسق مع العدو. ولا دعم لمن يفتح أرضه لاستخبارات الاحتلال.
وسوريا التي تتحول إلى نسخة محدثة من سلطة رام الله، لا يمكن معاملتها كحليف، بل يجب مواجهتها كخطر استراتيجي يهدد مستقبل الصراع العربي-الصهيوني.

مقالات مشابهة

  • الحوثيون يطلقون صاروخاً تجاه إسرائيل ويسقط في السعودية
  • رفعت فياض يتهم أصحاب السناتر والمطابع الخاصة بالهجوم على وزير التعليم
  • اليمن يفرض حظراً جوياً على كيان العدوّ: من بلد محاصر إلى قوة إقليمية تخلط أوراق الصراع وتعيد تشكيل معادلات الردع
  • الخطيب من إيران: سلاح المقاومة ليس خاضعًا للابتزاز
  • وفد من مجموعة فيينا يزور دار الإفتاء ويشيد بدورها في تعزيز السلام ومواجهة خطاب الكراهية.. صور
  • حبس مؤرخ جزائري بسبب الأمازيغية يُشعل جدلا وطنيا.. إهانة للهوية أم حرية رأي؟
  • أين تقف الصين من الصراع بين الهند وباكستان؟
  • خريس: لن نرضخ للتطبيع مع العدو
  • سوريا من بوابة المقاومة إلى ممر التطبيع
  • تحالف الأحزاب يؤيد قرار القوات المسلحة فرض حصار جوي على العدو الصهيوني