تلتزم سلطنة عُمان بموقفٍ ثابتٍ من نصرة القضيَّة الفلسطينيَّة، وتقديم كافَّة أوْجُه الدَّعم المادِّيِّ والمعنويِّ لأبناء فلسطين المحتلَّة؛ إيمانًا مِنْها بأنَّ القضيَّة الفلسطينيَّة ستظلُّ القضيَّة المركزيَّة للأُمَّتَيْنِ العربيَّة والإسلاميَّة، نظرًا لكون الحلِّ العادل والشَّامل للقضيَّة الفلسطينيَّة يظلُّ أهمَّ الحلول لحالة عدم الاستقرار الَّتي تعيشها المنطقة والعالَم، ومنذ انطلاق النهضة العُمانيَّة المباركة كان المغفور له بإذن الله تعالى السُّلطان قابوس بن سعيد ـ طيَّب الله ثراه ـ حريصًا على التأكيد على ضرورة تحقيق السَّلام الشَّامل والعادل على أساس حلِّ الدولتَيْنِ، وتطبيق كافَّة القرارات الدوليَّة ذات الصِّلة.

وعلى ذات النَّهج المتمسِّك بالقِيَم والمبادئ الإنسانيَّة، يسير حضرة صاحب الجلالة السُّلطان هيثم بن طارق المُعظَّم ـ حفظه الله ورعاه ـ. ورغم حرص سلطنة عُمان على الالتزام بالحياد الإيجابيِّ في القضايا الإقليميَّة والدوليَّة، إلَّا أنَّ نظرتها إلى القضيَّة الفلسطينيَّة تُعلَن في صراحة دُونَ مواربة دعمها للحقوق المشروعة للشَّعب الفلسطينيِّ، وعلى رأسها حقُّه في الاستقلال التَّامِّ وإقامة دَولته ذات السِّيادة وعاصمتها القدس، ويتجلَّى الموقف العُمانيُّ اليوم أمام العدوان الهمجيِّ الجارية أحداثه على قِطاع غزَّة، حيث عبَّر معالي السَّيد بدر بن حمد البوسعيدي وزير الخارجيَّة عن موقفٍ شديد الصَّرامة، يؤكِّد أنَّ عُمان ملتزمةٌ بالحلول السِّياسيَّة المستندةِ إلى الحوار وسيادة القانون الدوليِّ، لكنَّها أيضًا تدعو إلى ضرورة تدخُّل المُجتمع الدوليِّ لوقف العدوان الغاشم على غزَّة وردع كيان الاحتلال الصهيونيِّ لانتهاكه القانون الدوليَّ واستمرار عمليَّاته العسكريَّة في إبادة المَدنيِّين داخل القِطاع، وهدم المنشآت والمباني والأحياء المَدنيَّة في جميع الأراضي الفلسطينيَّة، وذلك عَبْرَ إجراء تحقيقٍ مستقلٍّ حَوْلَ العدوان «الإسرائيليِّ» ومحاكمة دَولة الاحتلال الإسرائيليِّ على استهدافها المتعمَّد للمَدنيِّين في منازلهم ومنشآتهم، وحرمان السكَّان الفلسطينيِّين من احتياجاتهم الإنسانيَّة وتجويعهم وإخضاعهم للحصار والعقاب الجماعيِّ. إنَّ هذه الرؤية العُمانيَّة الَّتي تربط بَيْنَ البدء فورًا في وقف العدوان والتمهيد لإطلاق عمليَّة سلام مُلزِمة للجانب الصهيونيِّ، على أساس حلِّ الدولتَيْنِ والمبادرة العربيَّة للسَّلام الَّتي تراها سلطنة عُمان أساسًا قويًّا يُبنَى عَلَيْه؛ لأنَّها قابلة للتطبيق لاستنادها إلى القانون الدوليِّ وقرارات مجلس الأمن التَّابع للأُمم المُتَّحدة، وشاملة لأنَّها تُعالِج مشكلات جميع الأراضي العربيَّة المحتلَّة تمامًا، كما نصَّتْ عَلَيْه قرارات الشرعيَّة الدوليَّة. ويبقى محاسبة الكيان الصهيونيِّ على جرائمه، خصوصًا من قِبَل المؤسَّسات والمنظَّمات العدليَّة الأُمميَّة، لِتكُونَ تلك المحاسبة عاملَ ردْعٍ تمنعُه من تكرار جرائم الحرب الَّتي يرتكبها ولطالما أفْلَتَ من العقاب، ما يجعله يتمادى ويصرُّ على فرض حلول أحاديَّة، كانت ولا تزال شرارة العنف الَّذي تشهده السَّاحة الفلسطينيَّة.
ولعلَّ أبرز ما يُميِّز المواقف العُمانيَّة هو طرح رؤية شاملة للحلِّ انطلاقًا من الحقوق والثوابت التاريخيَّة، متضمِّنةً دعوة كافَّة أطراف المعادلة وعلى رأسها الكيان الصهيونيُّ إلى الاحتكام إلى صوت العقل، مؤكِّدةً في هذا الصَّدد أنَّ دعاوى الدِّفاع عن النَّفْس لا يُمكِن أنْ تبرِّرَ الإبادة الجماعيَّة أو العقاب الجماعيَّ واستهداف الأبرياء من المَدنيِّين الَّتي نشهدها في غزَّة، ومؤكِّدةً بوضوح أنَّ الردَّ «الإسرائيليَّ» مفرطٌ للغاية ومبالغ فيه بشكلٍ صارخ، مُشدِّدةً على حقِّ الشَّعب الفلسطينيِّ في الدِّفاع عن نَفْسِه، مؤكِّدةً في الوقت ذاته استحالة تحقيق حلٍّ عسكريٍّ للقضيَّة الفلسطينيَّة أو للصراع العربيِّ «الإسرائيليِّ»، وعلى الجميع تقبُّل الحوار، خصوصًا المُجتمع الدوليَّ الَّذي تجاهل الحلَّ الجذريَّ القائم على الحقوق الفلسطينيَّة كثيرًا. لذا عَلَيْه إطلاق صحوة حقيقيَّة داخل مجلس الأمن بفرض قراراته وتطبيق القانون الدوليِّ على جميع الدوَل دُونَ تمييز أو ازدواجيَّة في المعايير، وإطلاق عمليَّة سلام ذات فعاليَّة ومصداقيَّة تشمل جميع الأطراف دُونَ استقصاء.

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: القانون الدولی ة الفلسطینی الع مانی

إقرأ أيضاً:

مشهد مستشار قانوني يبحث عن المياه في غزة يشعل المنصات غضبا من التجاهل الدولي

وأصبح المستشار القانوني غانم العطار -الحاصل على درجة الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة دمشق والنازح من بيت لاهيا إلى منطقة المواصي جنوب قطاع غزة– رمزا لمعاناة أهل القطاع بعد انتشار الفيديو على نطاق واسع، حيث خرج لاحقا في مقطع جديد وبعث برسالة صمود إلى العالم رغم المعاناة والتجويع.

وأبرزت حلقة (2025/7/31) من برنامج "شبكات" انقسام المغردين إلى فريقين رئيسيين، الفريق الأول ركز على الإعجاب بصمود الشعب الفلسطيني وقوته رغم المحن، بينما ركز الفريق الثاني على وصف حجم الكارثة الإنسانية وانتقاد تقاعس المجتمع الدولي عن التدخل لوقف هذه المأساة.

وضمن التيار الأول الذي أبدى إعجابه بصمود أهل غزة، عبّرت المغردة لبنى عن تقديرها لقوة الشعب الفلسطيني رغم الظروف الصعبة، مشيرة إلى أن "كلنا منعرف انكن شعب جبار صاحب إرادة وعندكن كرامة وعنفوان، شعب رغم الحصار اللي دام لسنين طويلة كان قادر يطور حاله… شعب مثقف صحاب الشهادات والتعليم العالي".

وفي السياق ذاته، أشادت الناشطة نجلاء بثبات أهل غزة وصمودهم، معتبرة أنه "عندما يتحدث هامات الرجال تبقى كلماتنا عنهم بغير معنى، غزة ستظل ثابتة قوية ما دامت تحتضن مثل هؤلاء الرجال المؤمنين الصابرين الثابتين على الحق".

كارثة إنسانية

وعلى الجانب الآخر، وصفت المغردة أميمة الكارثة وانتقدت الصمت الدولي، وكتبت تقول "كارثة إنسانية لا تفرق بين دكتور ومعلم وعامل نظافة، هذه حرب مدمرة، هذه هندسة تجويع لشعب كامل".

وبنبرة أكثر حدة، انتقد المغرد أيمن فشل القانون الدولي والمجتمع الدولي في حماية أهل غزة، معتبرا أن "كل ما درسه عن القانون الدولي كان كذبا! كان يظن أن الأمم المتحدة ومواثيقها تحمي الإنسان، فإذا بها تحمي القاتل وتبرر الإبادة، أين المجتمع الدولي عندما يحاصَر شعب ويحرق أمام الكاميرات؟!"

إعلان

وتأتي هذه التفاعلات في ظل أرقام مأساوية تكشف عمق الأزمة المائية في القطاع، حيث لا يتوفر في غزة يوميا سوى أقل من 20 ألف متر مكعب من المياه الصالحة للشرب، وهو أقل بكثير من الاحتياج الضروري، بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا).

وجعل هذا الوضع غزة مصنفة في مرحلة الشح المائي الحاد، حيث 95% من السكان لا يحصلون على ماء كاف، والمياه المتوفرة أقل بكثير من الحد الأدنى للبقاء.

وفي هذا الإطار، اعتبرت المقررة الأممية المعنية بالتعذيب أليس جيل إدواردز أن تجويع المدنيين في غزة وحرمانهم من الطعام والماء عمل قاتل وغير إنساني وانتهاك جسيم يجب أن يتوقف.

31/7/2025-|آخر تحديث: 22:07 (توقيت مكة)

مقالات مشابهة

  • ضياء رشوان: جرائم إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني تستحق الغضب والتظاهر
  • مشهد مستشار قانوني يبحث عن المياه في غزة يشعل المنصات غضبا من التجاهل الدولي
  • وقفات تضامنية لأبناء مربع الحي الثقافي بمدينة البيضاء مع الشعب الفلسطيني
  • تهدد أمن المجتمع.. النيابة العامة تواصل جهودها لمواجهة جرائم الاتجار بالبشر
  • النيابة تعلن مواصلة جهودها الحثيثة في مواجهة جرائم الاتجار بالبشر
  • شخصيات إسرائيلية عامة تدعو المجتمع الدولي لفرض عقوبات على إسرائيل لارتكابها جرائم حرب في غزة
  • حركة الأحرار الفلسطينية تدين الصمت العربي والعجز الدولي عن وقف جرائم الإبادة في غزة
  • وقفات طلابية تضامنية في حجة مع الشعب الفلسطيني
  • وزير الخارجية: صمت العالم أمام هذه الجرائم، وعلى رأسها المجازر وسياسة التجويع الممنهج، يمثل تجسيدًا مؤلمًا لفشل النظام الدولي
  • علي جمعة: الخطأ من شيم النفس البشرية وعلى المسلم أن يتوب ويتسامح مع نفسه والآخرين