لم يكن الفرار من بيته بفعل الاشتباكات أكبر مآسي التاجر السوداني عوض محمد علي، فقد جاء نهب متجره في سوق أم درمان، غربي العاصمة الخرطوم، ثم حرقه؛ أشدَّ مرارة.

وكان محمد علي يملك معرضا للعطور وأدوات التجميل في سوق أم درمان الذي يُعد أكبر أسواق السودان قاطبة، وتسبب القتال الذي اندلع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع منذ أواسط أبريل/نيسان الماضي، ثم مهاجمته من عصابات الإجرام والسرقة؛ بتدميره كاملا.

ويقول التاجر محمد علي للجزيرة نت إن "حرق السوق جزء من الحالة الانتقامية لعتاة الإجرام في العاصمة". ويضيف بأسى "منذ اندلاع الحرب، أتحسس كل صباح مفاتيح متجري، ولا أنسى أن أيادي آثمة قد دمرته تماما". ويضيف أن إغلاق أبواب المحلات التجارية بقوة لم تمنع المخربين من كسرها وسرقة محتوياتها قبل حرقها.

وفي الأسابيع الأخيرة، خلت شوارع وأزقة أسواق الخرطوم من الحياة الطبيعية، فأشرعت أبوابها لخلايا الإجرام النائمة وعتاة اللصوص التي هاجمت أسواق العاصمة السودانية المثلثة (الخرطوم، والخرطوم بحري، وأم درمان) بعد أن دمرتها آلة الحرب وتبعاتها، فأصبحت أثرا بعد عين.

مشهد من سوق "الخرطوم بحري" الذي تعرض للتدمير كاملا أيضا (الجزيرة) حُطام أكبر أسواق البلاد

يمكن للمار سريعا من أسواق العاصمة مشاهدة كيف تعرضت لنهب البضائع وحرق كل ما فيها من ممتلكات خاصة وعامة، وكيف قضت النيران التي أُشعلت بعد سرقة ونهب المتاجر -بما يشبه الانتقام- على جميع المحلات التجارية والمعارض ومكاتب الشركات، ولم تسلم حتى عربات الباعة المتجوّلين.

ويشهد من تبقى من مواطنين وتجار، كيف تحوّل سوق أم درمان وهو أكبر أسواق البلاد وأوفرها حركة تجارية، إلى أنقاض كساها السواد من أوله إلى آخره، وكيف تفحّمت البضائع في جوانبه المختلفة.

ومن بين الحطام ينبعث الدخان من مخلفات بعض المواد الكيميائية كالعطور وأدوات التجميل والأدوية ومواد سائلة أخرى.

ويُعد سوق أم درمان أكبر الأسواق والممول لكل حركة التجارة في السودان بما يُقدر بنحو مليون دولار أميركي يوميا، وقد قضت النيران عليه بالكامل.

 

 

ورغم تحطم متجره واحتراقه، يأمل السوادني موسى محمد أن تتوقف الحرب ويعود لإصلاح وفتح محلّه من جديد، لكنه كما قال لم يكن يتصوّر أن يتم تدمير السوق "بكل هذا الغل".

ويضيف "يبدو أن حرق كل المحلات التجارية والمعارض والشركات، يكشف أن أمرا مسكوتا عنه قد أظهرته الحرب وكشفت عنه غطاءه".

أما سوق الخرطوم بحري، فقد أصابه ما أصاب سوق أم درمان من نهب وتدمير وحرق لم يتوقعه أحد من قبل. وقدر متابعون خسائره مع خسائر سوق أم درمان بأكثر من 13 مليار دولار أميركي.

سوق للسودان ودول الجوار

يقول أستاذ الإحصاء في الجامعات السودانية البروفيسور محمد أدهم، إن حرق سوق أم درمان تحديدا أثّر سلبا على مجمل أسواق السودان، وأسواق بعض دول الجوار مثل تشاد وأفريقيا الوسطى وجنوب السودان، وحتى مصر بنسب متفاوتة.

ووفق البرفيسور أدهم، في حديث للجزيرة نت، يحرّك سوق أم درمان ما نسبته 50% من الصادرات السودانية عبر البيوتات التجارية والشركات المنتشرة في السوق. كما يحرّك نحو 70% من البضائع المستوردة والمصنّعة محليا من الذهب والمواد الغذائية نحو ولايات غرب وجنوب ووسط السودان.

وتسبب حرق الأسواق الكبيرة والمصانع والشركات المحلية وخروجها من دائرة الإنتاج؛ بأزمة غذائية في العاصمة بعد نفاد المخزون منها في البيوت أو المتاجر الصغيرة بالأحياء السكنية.

وفي مقابل ذلك، بدأت بعض المجموعات العمل بحذر شديد على حصر المتضررين لرفعها للجهات ذات الصلة بغية تعويض من أدت الحرائق إلى إفلاسهم بالكامل.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

الجيش السوداني يعلن العثور على مقابر جماعية في معتقل للدعم السريع

الجيش السوداني أكد تحرير عدد كبير من المعتقلين “مدنيين ومتقاعدين من القوات النظامية” اعتقلتهم قوات الدعم السريع من منازلهم.

الخرطوم: التغيير

أعلن الجيش السوداني، العثور على مقابر جماعية تضم رفات المئات داخل مدرسة اتخذتها قوات الدعم السريع معتقلاً في منطقة الصالحة جنوبي أم درمان بولاية الخرطوم، وذلك عقب استرداد الجيش للمنطقة.

وأمس الأول أعلن الجيش اكتمال سيطرته على ولاية الخرطوم بشكل كامل، وأكد خلو العاصمة من أي وجود لقوات الدعم السريع، بعد عمليات عسكرية متواصلة ضمن ما سماه “حرب الكرامة الوطنية”.

وقالت القوات المسلحة السودانية، إنها عثرت خلال عملياتها الأخيرة لتطهير مناطق جنوب أم درمان، على مقابر جماعية تضم رفات ضحايا احتجزتهم مليشيا أسرة دقلو (إشارة إلى الدعم السريع) داخل إحدى المدارس بمنطقة الصالحة جنوبي أم درمان، حيث استخدموا كدروع بشرية في ظروف إنسانية مأساوية.

وأضاف أن القوات تمكنت من تحرير عدد كبير من المدنيين والمتقاعدين من القوات النظامية، كانت “المليشيا” قد اعتقلتهم من منازلهم على خلفية انتماءات عرقية، دون ارتكابهم لأي جرم.

وكشف البيان أن عدد المحتجزين داخل المدرسة كان 648 مواطناً “استشهد منهم 465 بسبب الإهمال الحاد ونقص الغذاء والدواء والرعاية الطبية قبل أن يتم دفنهم في مقابر جماعية، ضمّت بعضها أكثر من 27 جثماناً”.

ولم تعلق قوات الدعم السريع على هذه المزاعم، غير أنها ظلت تنفي كل الاتهامات التي توجه لها بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وإساءة معاملة المدنيين واعتقالهم دون مسوغات، فضلاً عن جرائم أخرى تتصل بالاغتصاب والإرهاب الجنسي، فيما ترد الاتهام إلى قوات الجيش بارتكاب الفظائع.

ومثلت استعادة الجيش لمناطق الصالحة والجموعية جنوبي أم درمان وإعلان خلو ولاية الخرطوم من الدعم السريع، أبرز التطورات الميدانية منذ اندلاع القتال بينه وبين قوات الدعم السريع منتصف أبريل 2023م، والذي خلف آلاف القتلى وشرد الملايين، وتسبب في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في تاريخ السودان الحديث.

الوسومأم درمان الجموعية الجيش الدعم السريع السودان الصالحة حرب 15 ابريل ولاية الخرطوم

مقالات مشابهة

  • الكوليرا تنتشر في الخرطوم و «6» ولايات
  • الكوليرا تنتشر في الخرطوم و6 ولايات
  • الجزيرة نت ترصد حقيقة المعادن النادرة في جزيرة غرينلاند
  • الجيش السوداني يعلن العثور على مقابر جماعية في معتقل للدعم السريع
  • الذي يحكم الخرطوم يحكم السودان، فهي قلب السودان ومركز ثقله السياسي
  • تفشي الكوليرا في جنوب الجزيرة.. 46 حالة إصابة و6 وفيات
  • الجيش السوداني يعلن العثور على 465 جثة بمقابر جماعية في أم درمان (شاهد)
  • هنا أم درمان.. عامان من الإتلاف المتعمد لصوت السودان
  • العراق من أكبر المستوردين.. البرازيل ترصد نوعاً جديداً لإنفلونزا الطيور عالي الضراوة
  • الجزيرة ترصد معاناة النزوح القسري للعائلات الفلسطينية في غزة