ستظل قضية الإصلاح هي الشغل الشاغل للسياسيين والاقتصاديين وكل المهتمين بالشأن العام، وهى قضية قديمة طرحت فى مصر منذ منتصف السبعينيات بعد الانفتاح الاقتصادى الذى أعلن عنه الرئيس الراحل أنور السادات وامتد الحديث حول أولويات الإصلاح حتى الآن، وطرح سؤال مهم وقتها هل الإصلاح الاقتصادى أولا أم الإصلاح السياسى؟
ومنذ أيام تلقيت كتاب الدكتور هانى سرى الدين القيادى الوفدى ورئيس لجنة الشئون الاقتصادية والمالية بمجلس الشيوخ، وأستاذ القانون التجارى بكلية الحقوق جامعة القاهرة، وعنوانه «إصلاح مصر.
وعرض الدكتور هانى سرى الدين رؤيته بأنه لا إصلاح اقتصاديًا إلا بإصلاح سياسى حقيقى. ويقول «أنا واحد من المؤمنين أن الإصلاح الاقتصادى والسياسى وجهان لعملة واحدة. لن تتحقق التنمية بمفهومها الشامل إلا بإصلاح اقتصادى مدعوم بإصلاح سياسى يراعى الظروف الآنية».
وهو الرأى الذى يتجه اليه أغلب المفكرين والسياسيين المؤمنين بالليبرالية والمدافعين عن حقوق الإنسان ورجال الأعمال، فهم يرون أن الإصلاح لابد أن يكون متوازيا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ولا يجوز إهمال جانب لحساب جانب، فهى منظومة واحدة، إما أن نأخذها كلها أو نتركها كلها.
ورغم طرح الدكتور هاني نجاح بعض دول شرق آسيا فى تحقيق تنمية عظيمة ولم تستند إلى نظام سياسى ديمقراطى، لكنه يرى أنها اعتمدت فى نجاحها على تبنى عناصر أساسية تتفق فى جوهرها مع مبادئ النظم الديمقراطية، وإن لم تتفق معها فى الإطار الخارجى، فكان لديها مثلا رؤى واضحة للإصلاح الاقتصادى والاجتماعى، صاحبها خطة تنفيذية سنوية أولويات الإصلاح.
وهو طرح يجب أن يراعى كل من دعاة الإصلاح الاقتصادي أولا معرفته خصوصا أن فى عمليات الإصلاح الاقتصادى مع الانغلاق السياسى يترعرع الفساد وينمو بصورة مخيفة ويطل علينا الفاسدون بكل بجاحة يتفاخرون بفسادهم ويعتبرون أنفسهم فوق القانون.
وبنت الصين نهضتها عندما قام ماو تسى تونج بحملة موسعة ضد الفساد وصلت إلى حد إعدام نائبه ولم يتردد فى محاكمة قيادات حزبه فى محاكمات علنية، وانطلقت الصين إلى نهضتها الكبرى وأصبحت نموذجا اقتصاديا، فهى ليست دولة ديمقراطية بمعنى أنه لا يوجد فيها انتخابات أو تداول سلطة وسجل حقوق الإنسان ليس على ما يرام، لكنها طبقت مبادئ الشفافية والحوكمة وكان لديها رؤية حقيقية للإصلاح لا تتغير بتغير زعامات الحزب الشيوعى أو قيادات الدولة.
كتاب إصلاح مصر مرجع مهم لمن يريد أن يفهم القضية الجدلية، خاصة وأن الكتاب أجاب فى فصوله عن كل الأسئلة من بداية الفصل الأول الإصلاح السياسى وملحقاته، ومنها كفالة حقوق الإنسان وإطلاق الحريات العامة، ومنها حرية الرأى والتعبير والحق فى نقد المسؤولين. كما تناول فى الفصل الثانى الاقتصاد والتنمية الشاملة ودور القطاع الخاص كشريك فى مسيرة التنمية وإصلاح المؤسسات بمختلف أنواعها والعودة إلى الأدوار الدستورية لها. وتناول فى الفصل الثالث التنمية الاجتماعية والثقافية ونقطة الانطلاق فيها التعليم والمعلم.
هذا الكتاب صدر فى وقته ونحن مقبلون على انتخابات رئاسية، وستكون قضية الإصلاح أساس البرامج الانتخابية للمرشحين، والخطط التنفيذية لتطبيق هذه الإصلاحات على أرض الواقع. وأنا مع ما انتهى إليه المؤلف أنه لا إصلاح اقتصاديًا فى مصر إلا بإصلاح سياسى شامل أساسه الدستور المصري والمواثيق التى وقعت عليها الدولة المصرية، وعلى رأسها مواثيق حقوق الإنسان واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: هاني سري الدين إصلاح مصر قضية الإصلاح حقوق الإنسان
إقرأ أيضاً:
مؤسسة حقوق الإنسان بليبيا: نحمّل الدبيبة مسؤولية أي انتهاكات لوقف النار في طرابلس
حملت المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان في ليبيا عبد الحميد الدبيبة مسؤولية أي انتهاكات لوقف النار في طرابلس، معربة عن قلقها العميق إزاء التعبئة العسكرية الأخيرة في طرابلس وما حولها، محذرة من أن مثل هذه التطورات قد تؤدي إلى زعزعة السلام الهش وإعادة إشعال العنف في العاصمة.
وحذرت المؤسسة الوطنية، في بيانٍ شديد اللهجة، من أن تجدد الأعمال العدائية لن يُعرّض المدنيين للخطر فحسب، بل سيُقوّض جهود المصالحة الوطنية الجارية.
وشددت البيان، على أن أي خرق لاتفاق وقف إطلاق النار يُشكّل “مخاطر جسيمة” على حياة السكان وسلامتهم، وقد يُقوّض بشدة الأوضاع الإنسانية على الأرض.
أكد البيان، على أهمية الالتزام بوقف إطلاق النار والترتيبات الأمنية التي وضعها المجلس الرئاسي. وأشارت إلى أن هذه التدابير بالغة الأهمية لمنع عودة الصراع المسلح وضمان حماية المدنيين.
ودعا البيان؛ جميع الأطراف السياسية والجماعات المسلحة إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وحثت على الوقف الفوري لجميع أشكال التصعيد العسكري في طرابلس.
ولفت البيان إلى ضرورة وفاء جميع الأطراف بالتزاماتها بموجب القانون الوطني والدولي، والامتناع عن العنف الذي قد يعرض الأرواح للخطر ويلحق الضرر بالبنية التحتية المدنية.
وحملت المؤسسة الوطنية حكومة الوحدة المؤقتة ورئيسها الدبيبة الذي يشغل أيضا منصب وزير الدفاع في حكومته المسؤولية القانونية عن أي انتهاكات لوقف إطلاق النار أو الترتيبات الأمنية التي أقرها المجلس الرئاسي.
وذّكر البيان أيضا جميع الأطراف بتعهداتها الملزمة بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان، محذرا من أن استهداف المدنيين أو الإضرار بالبنية التحتية يمكن أن يشكل جرائم حرب ويؤدي إلى المساءلة الدولية.
وختم البيان، داعيًا لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة إلى تنفيذ القرارين 2174 و2259، اللذين يجيزان اتخاذ تدابير عقابية ضد الأفراد أو الكيانات التي تقوض السلام والاستقرار في ليبيا.
الوسوممؤسسة حقوق الإنسان بليبيا