أحمد ياسر يكتب: فرنسا ترسم مسارًا مستقلًا بشأن غزة
تاريخ النشر: 16th, November 2023 GMT
على الرغم من أن فرنسا لا تزال تعتبر حماس منظمة إرهابية وأدانت بشدة هجمات 7 أكتوبر٢٠٢٣، فقد قاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الجهود الرامية إلى وقف الحرب في غزة، وتحسين الظروف الإنسانية ومعالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الأساسي.
وقد انشقت فرنسا عن الولايات المتحدة في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة من خلال دعم المسودات، التي اعترضت عليها الولايات المتحدة في نهاية المطاف، والتي دعت إسرائيل إلى حماية المدنيين والالتزام بالتزاماتها بموجب القانون الإنساني الدولي.
ثم، في التاسع من نوفمبر ٢٠٢٣، استضاف ماكرون المؤتمر الإنساني الدولي للسكان المدنيين في غزة، والذي مثل أوضح علامة على تصميم فرنسا على تولي زمام المبادرة في هذه القضايا.
وتجمع نحو 80 دولة ومنظمة، خلال مهلة قصيرة، في قصر الإليزيه، بما في ذلك رؤساء الدول والحكومات وقادة المنظمات الدولية.
ومن بينها منظمات الأمم المتحدة التي فقدت موظفيها في الحرب؛ فقد قُتل العشرات في الهجمات العشوائية التي شنتها إسرائيل، وهو عدد أكبر مما قُتل في أي صراع سابق....لقد كانوا، على حد تعبير أحد المتحدثين، "خيطًا رفيعًا بين المأساة والسلامة، بين الذبح والإنسانية".
في بداية المؤتمر، بدا أن المنظمين أرادوا تجنب مناقشة القضايا السياسية خوفا من أن تثير الانقسام.
*وعلى هذا النحو، فقد قدموا أجندة إنسانية بحتة، مع التركيز على أربع نقاط رئيسية: ضمان الالتزام بالقانون الإنساني الدولي؛ وحماية المدنيين والعاملين في المجال الإنساني؛ والاستجابة بشكل أفضل لاحتياجات الصحة والمياه والغذاء والطاقة؛ وتعبئة المزيد من الأموال لتلبية تلك الاحتياجات المتزايدة.*
وبينما كان المندوبون يستمعون إلى شهادات مقنعة من مجموعات الإغاثة، شعروا بالرعب من تكتيكات الحرب الإسرائيلية... وطالبوا بقيادة جان إيجلاند، رئيس المجلس النرويجي للاجئين، بوقف فوري لإطلاق النار وإنهاء الحصار والعقاب الجماعي لسكان غزة.
*وقال إيجلاند، وزير الدولة السابق في وزارة الخارجية النرويجية ثم وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، إن شن حرب حول المستشفيات في غزة، "إهانة للإنسانية والقانون الإنساني". وأضاف: “بالتأكيد يجب الآن أن تكون هناك دعوة عالمية لوقف كامل لإطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن... التاريخ سيحكم على الأطراف والمتفرجين”.*
وكان مارتن غريفيث، كبير مسؤولي الإغاثة الحالي في الأمم المتحدة، قويا بنفس القدر، قائلا إن "الوضع لا يطاق. والسماح لها بالاستمرار سيكون بمثابة مهزلة”.
وبعد ذلك، أدان المتحدثون تلو الآخر تصرفات إسرائيل، التي تنتهك بشكل واضح الأعراف الدولية... ودعوا زعماء العالم إلى الدفع من أجل وقف فوري ومستدام لإطلاق النار وتحسين وصول المساعدات الإنسانية والامتثال لقواعد الحرب.
وانضم إلى المتحدثين من الولايات المتحدة وحفنة من الدول التي أعربت عن دعمها لإسرائيل في الماضي، وشجبوا الخسائر الفادحة في الأرواح والحاجة إلى توصيل مساعدات أكثر فعالية للسكان المدنيين المحاصرين.
لم يكن حشد الأموال هو الهدف الأساسي للمؤتمر لأن المشكلة في غزة تكمن في الوصول إلى الأموال أكثر من نقص الأموال، على الرغم من أن هناك حاجة إلى المزيد.
إن مصدر القلق الأكثر إلحاحًا هو أن قدرة سكان غزة على الحصول على المساعدات محدودة بسبب الحصار الإسرائيلي المحكم والقصف المتواصل، مما يجعل من الصعب وصول إمدادات الإغاثة إلى السكان المدنيين.
وبالإضافة إلى ذلك، أوقفت إسرائيل إمدادات الوقود بشكل كامل، وهو أمر ضروري لتشغيل المستشفيات ومرافق معالجة المياه... ومع ذلك، ورغم عدم وجود ضغوط للإعلان عن تعهدات مالية، فقد تم الإعلان خلال المؤتمر عن مساعدات بقيمة مليار دولار.
وبينما دعوا إلى توصيل المساعدات الإنسانية دون عوائق وتحسين الوصول إليها، أشار معظم المندوبين أيضًا إلى أن المفاوضات ستكون بمثابة نهج أفضل لإطلاق سراح الرهائن والمحتجزين المدنيين، فضلًا عن مناقشة مستقبل الحكم في غزة.
كما دعا الكثيرون إلى إعادة تنشيط عملية السلام نحو حل الدولتين على طول حدود عام 1967 باعتباره السبيل الوحيد المؤكد لإعادة المنطقة إلى طريق السلام والمصالحة.
كما دعا المتحدثون في القمة إلى بذل جهود منسقة لمنع انتشار الحرب في غزة إلى الضفة الغربية.
وأفاد ممثلو الأمم المتحدة أن أكثر من 150 فلسطينيًا قتلوا في الضفة الغربية منذ 7 أكتوبر، على يد المستوطنين وقوات الأمن الإسرائيلية... لقد تم اقتلاع العديد من العائلات وعدد من المجتمعات المحلية وتشريدها بسبب عنف المستوطنين، والذي يتم في كثير من الأحيان بالتنسيق مع الجيش.
وأعرب البعض عن قلقهم من أن سلوك إسرائيل المارق، إذا لم يتم ضبطه، سيقوض احترام سيادة القانون الدولي.
*لقد كان مؤتمر باريس نجاحا دبلوماسيا واضحا للرئاسة الفرنسية... لقد نجحت في صياغة خمسة مبادئ أساسية في التعامل مع حرب غزة.*
*أولًا، هناك حاجة إلى مزيد من الضغط لضمان احترام القانون الإنساني الدولي والكرامة الإنسانية الأساسية، وهذا يعني أنه يجب حماية المدنيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية أينما كانوا في غزة... وشدد ممثلو الأمم المتحدة على أنهم لا يمكن أن يكونوا جزءا من دفع إسرائيل لمئات الآلاف من المدنيين اليائسين في غزة إلى ما يسمى بالمناطق الآمنة.*
*ثانيًا، ينبغي السماح بدخول إمدادات الإغاثة الإنسانية، بما في ذلك الوقود، إلى غزة بأمان ودون عوائق، وبشكل موثوق وعلى نطاق واسع.*
*ثالثًا، يجب أن يكون الوقف الفوري لإطلاق النار هو الهدف والأولوية الرئيسية.*
*رابعًا، لا ينبغي السماح لهذا الصراع بالانتشار إلى الضفة الغربية أو المنطقة الأوسع.*
*خامسًا، يجب تعظيم الجهود المتعددة الأطراف والدبلوماسية لوقف هذه الحلقة المفرغة من العنف من خلال إعادة تنشيط عملية السلام نحو حل الدولتين في حل عادل وشامل وفقًا للمعايير الدولية المعروفة.*
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: احمد ياسر غزة فلسطين اخبار فلسطين الصراع الفلسطيني الإسرائيلي الاحتلال الاسرائيلي نتنياهو حماس طوفان الاقصي فرنسا ماكرون بريطانيا الرئيس الفرنسي الولایات المتحدة الإنسانی الدولی الأمم المتحدة لإطلاق النار فی غزة
إقرأ أيضاً:
إسرائيل في مرمى الانتقادات الأوروبية.. الحصار الإنساني بغزة عار
تتواصل الانتقادات الدولية تجاه إسرائيل بسبب منعها لدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، إضافة إلى مشاهد المعاناة والحرمان التي يعيشها الفلسطينيون بالقطاع، في حين تستمر إسرائيل بعرقلة مرور شاحنات المساعدات.
وذكر وزير خارجية بلجيكا ماكسيم بريفو أن الصور من قطاع غزة تثير الغضب، وأن الحصار الإنساني عار، وتجويع السكان عمدا جريمة حرب.
من جهتها، استدعت الخارجية السويدية السفير الإسرائيلي في ستوكهولم للمرة الثانية خلال 24 ساعة لتجديد التأكيد على ضرورة أن تضمن الحكومة الإسرائيلية بشكل فوري، ودون عوائق، وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة.
وقالت الخارجية السويدية إن منع دخول الغذاء والمساعدات إلى المدنيين أمر لا يمكن تبريره، وإن ما يحدث حاليا يمثل أسوأ وضع إنساني منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2003.
بدوره، قال المستشار الألماني فريدريش ميرتس، اليوم الثلاثاء، إنه يشعر بقلق عميق إزاء تكثيف الجيش الإسرائيلي لأنشطته في قطاع غزة، وبالرعب إزاء المعاناة الرهيبة التي يعيشها المدنيون في القطاع.
وفي مؤتمر صحفي عقده في مدينة توركو الفنلندية مع رئيس الوزراء الفنلندي بيتيري أوربو، أكد المستشار ميرتس أنهم يواصلون الدفاع عن حق إسرائيل في الوجود دون أي استثناءات، لكنهم يشعرون بالقلق أيضا بشأن الوضع في غزة.
إعلانوأضاف "لا تناقض في القول إننا نشعر بقلق بالغ إزاء تكثيف الجيش الإسرائيلي لأنشطته العسكرية في غزة، وبالوقت نفسه نشعر بالرعب إزاء المعاناة الرهيبة التي يعيشها السكان المدنيون هناك".
وأوضح أنهم في حوار وثيق مع الحكومة الإسرائيلية، ويطلبون منها السماح بدخول المساعدات الإنسانية وضمان الأمن الغذائي وضمان إمدادات المياه والغذاء للسكان في غزة.
من جهته، قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان إنه يجب أن تتوقف الإبادة الجماعية والمأساة الإنسانية في غزة حالا، وإلا فإن من المستحيل منع الفوضى التي ستعم إسرائيل أيضا.
وأضاف فيدان، خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو، أن على المجتمع الدولي أن يبذل ما بوسعه من جهد للنجاح مجددا في الاختبار الذي رسب فيه.
كما أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، التي تستهدف البنية التحتية المدنية، أمر مرفوض بشدة.
وقالت إن دعم المفوضية الأوروبية لحقّ إسرائيل في الأمن والدفاع عن النفس مستمر، لكنّ التصعيد واستخدام القوة بشكل غير متناسب ضدّ المدنيين لا يمكن تبريره بموجب القانون الإنساني والدولي.
وأطلق الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي مراجعة لاتفاق الشراكة مع إسرائيل على خلفية الانتهاكات المفترضة لحقوق الإنسان في غزة، بعدما أيدت 17 من دوله الـ27 الخطوة.
دعم إغاثة القطاعفي السياق ذاته، دعت السعودية إلى "تضافر الجهود الدولية لدعم الإغاثة الإنسانية في قطاع غزة"، وفق ما أفاد به وزير الخارجية فيصل بن فرحان، اليوم الثلاثاء، في كلمة ألقاها خلال قمة خليجية مع رابطة دول جنوب شرق آسيا "آسيان" بالعاصمة الماليزية كوالالمبور.
وجدد ابن فرحان "تأكيد المملكة على الالتزام بحل عادل وشامل يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية، وفق حل الدولتين وقرارات الشرعية الدولية".
إعلانودعا إلى "تضافر الجهود الدولية لتعزيز السلام، ودعم الإغاثة الإنسانية في غزة، وتعزيز الاستقرار الإقليمي من خلال معالجة التوترات السياسية والإنسانية بشكل شامل".
وبدعم أميركي مطلق، ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة خلّفت نحو 177 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين.