الخلف: الأرباح الدورية ستكون مصدراً لنفقات العائلات 
العمادي: توظيف العوائد وضخ أموال جديدة في السوق 
عقل: زيادة السيولة وتوقعات بارتفاع أسعار الأسهم 
 

أكد خبراء المال والبورصة أن الضوابط الجديدة لتوزيعات أرباح الشركات المساهمة في البورصة تدعم السوق المالي وتعزز من جاذبية الاستثمار فيه سواء من الشركات او المؤسسات.

. وتوقع الخبراء انتعاش البورصة في العام الجديد وزيادة التعاملات والسيولة بها من خلال ضخ العوائد التي سيتم تحقيقها في البورصة من جديد.. واكدوا ان الشركات القيادية ستكون المبادرة بتنفيذ الضوابط الجديدة وسيتم سحب البساط من أسهم المضاربة، التي يمتلكها المستثمرون بغرض المضاربة وتحقيق الأرباح السريعة.


من جانبه يؤكد رجل الأعمال أحمد الخلف أن الإجراءات الجديدة لتوزيعات الأرباح تزيد من قوة وصلابة السوق المالي، وتساهم في رفع تصنيفه باعتباره من الأسواق الناشئة التي تجذب رؤوس الأموال وتحقق عوائد جيدة على الاستثمار بها.
ويضيف ان الضوابط الجديدة تدعم جاذبية البورصة للأفراد والمؤسسات الصغيرة التي تبحث عن العوائد الدورية، بدلا من الانتظار عام كامل للحصول عليها، فهناك العديد من المستثمرين الافراد الذين يرغبون في التوجه نحو الاستثمار في الشركات القيادية، باعتبارها الاكثر قدرة على التوزيعات الربع والنصف سنوية مثل صناعات، مصرف، ملاحة، كهرماء، اريد، وقود، الميرة، وغيرها، وبالتالي أصبحت هذه الشركات ذات جاذبية واغراء لشراء أسهمها، والاستفادة من التوزيعات بالنظام الجديد.

تغييرات جوهرية
ويؤكد الخلف أن الضوابط الجديدة تتضمن تغييرات جوهرية في آليات توزيع الأرباح السنوية على المساهمين في الشركات المساهمة المدرجة في بورصة قطر، كما تتضمن تنظيم توزيع الأرباح المرحلية (ربع سنوي، نصف سنوي) للشركات الراغبة في ذلك.
ويضيف إن شركة إيداع ستكون مسؤولة عن التوزيعات الجديدة التي ستقوم بتوزيع أرباح المساهمين نيابة عن الشركات المساهمة المدرجة.
حيث سيتم إلزام الشركات بتحويل الأرباح التي تمت الموافقة على توزيعها على المساهمين، لشركة «إيداع»، لتقوم بدورها بتحويلها للمساهمين من خلال عدة خيارات نصت عليها المادة (13) من الضوابط وتشمل التحويل إلى الحساب البنكي لكل مستثمر، أو إلى حساب التداول الخاص بالمستثمر لدى شركة الوساطة التي يتعامل معها، أو إضافتها الى أرصدة البطاقة الائتمانية القطرية (هميان) الخاصة بالمستثمر، وذلك بحسب اختيار المستثمر لوسيلة تحصيل الأرباح المستحقة له.
ويؤكد ان هذه التيسيرات تساهم في جعل جاذبية السوق اكثر وضوحا امام المستثمرين خاصة الافراد الذين يعتمدون على هذه العوائد، لتكون مصدرا لنفقاتهم الشهرية اذا كانت كبيرة بدلا من الاعتماد على ودائع البنوك، وهي مزايا كبيرة تحققها الضوابط الجديدة.
ويتوقع الخلف انتعاش البورصة في العام الجديد بعد تطبيق الضوابط الجديدة، وان يكون هناك اقبال كبير من الشركات خاصة القيادية على تنفيذ هذه الإجراءات. 

توفير فرص جاذبة للاستثمار
من جانبه يؤكد السيد عبد العزيز العمادي رجل الاعمال ان الإجراءات الجديدة تساهم في دعم البورصة وتوفير فرص جاذبة للاستثمار بها، باعتبارها من الاسواق الواعدة في المنطقة.
يضيف ان الإجراءات كما اعلن رئيس هيئة قطر للأسواق المالية تحقق للمستثمرين في سوق الأسهم، عائدا دوريا (ربع سنوي أو سنوي) على قيمة استثماراتهم بدلا من انتظار العائد في نهاية كل سنة مالية، كما تساهم في إعادة ضخ جزء أو كل الأرباح الموزعة في السوق بشكل دوري خلال السنة المالية، وزيادة النشاط بالسوق، إضافة إلى جذب نوعية جديدة من المستثمرين إلى سوق الأسهم، وتعزيز ثقة المستثمرين في الأداء التشغيلي للشركات المدرجة، وقوة مركزها المالي وقدرتها على توليد إيرادات وتدفقات نقدية حقيقية مرحلية.
ويؤكد أن هذه الإجراءات تساهم بلا شك في انتعاش السوق وزيادة التعاملات حيث سيتم توظيف هذه العوائد في شراء الأسهم وبيعها، مما يؤدي إلى زيادة التعاملات اليومية، وزيادة السيولة في السوق.
وحول إجراءات الضوابط الجديدة يقول العمادي انه سيكون سداد الأرباح لمستحقيها خلال فترة لا تتجاوز نهاية يوم العمل الخامس بعد تاريخ تلقي الأرباح من الشركة المدرجة، على أن «تلتزم الشركة المدرجة بتحويل كامل قيمة الأرباح النقدية الموزعة إلى حساب توزيع الأرباح المخصص لذلك، والذي تم إخطارها به من قبل جهة الايداع وإرسال كشوف بأسماء المساهمين المستحقين للأرباح النقدية التي تقرر توزيعها ونصيب كل منهم من الأرباح الى شركة إيداع، وذلك خلال فترة لا تتجاوز ثلاثة أيام عمل من تاريخ قرار الجمعية العامة، أو مجلس الإدارة بتوزيع الأرباح المرحلية»، على أن يتم تحويل الأرباح إلى حساب المستثمر خلال فترة لا تتجاوز 10 أيام من تاريخ إقرارها من قبل الجهة المعنية في الشركة سواء كانت الجمعية العمومية أو مجلس الإدارة.
كما أن توزيع الأرباح على المساهمين من خلال شركة إيداع، يهدف إلى تسهيل وتيسير إجراءات توزيعها، والمحــافظة عـــلى أربــاح المســاهــمين لــدى جــهة مـوثـوقـة، وتوحيد إجراءات وجهة توزيعها، وتسريع عملية توزيعها وإيصالها إلى مستحقيها، من خلال اختزال فترة حصول المساهم على أرباحه وحصرها في أيام معدودة، فضلا عن تخفيــــض التكــــاليف والاعباء عــــلى الشركات المدرجة، وتشجيع المستثمرين على توجيه كل أو بعض هذه التوزيعات الى داخل السوق مرة أخرى، إضافة إلى تمكينهم من اختيار الوسيلة الأنسب لتحصيل مستحقاتهم من التوزيعات النقدية وفقا لما يرونه مناسبا لهم.
 
صالح المستثمرين 
الخبير المالي احمد عقل يؤكد ان القرار الأخير بالضوابط الجديدة لتوزيعات الأرباح قرار إيجابي ويصب في صالح المستثمرين، ويشجع على الاستثمار بشكل كبير لجميع فئات المستثمرين.
عقل يضيف ان القرار سيكون له تأثير إيجابي كبير خلال الفترة القادمة، فتوزيعات الأرباح نصف السنوية وربع السنوية، تناسب السواد الأعظم من المستثمرين الذين يبحثون عن عوائد على استثماراتهم في البورصة. 
ويوضح ان الحصول على العوائد بشكل مرحلي سواء ربع او نصف سنوي يحقق مزايا كبيرة في مقدمتها إعادة ضخ هذه الأموال مرة أخرى في السوق وبالتالي ارتفاع التعاملات ودورة رأس المال، وبالتالي تحقيق عوائد أخرى على هذه الأموال، مما يرفع من حجم الاستثمارات لكل مستثمر.
ويضيف عقل أنه من ضمن المزايا زيادة السيولة في السوق، وبالتالي زيادة حركة البيع والشراء ومن ثم ارتفاع الأسعار وتحقيق انتعاش في تعاملات البورصة. 
ويوضح ان فترة الانتظار التي يقضيها المستثمر للحصول على العوائد أصبحت قليلة تتراوح بين 3 إلى 6 اشهر بدلا من عام كامل، وبالتالي تصبح عملية الاحتفاظ بالأسهم خاصة القيادية اكثر اغراء، فالمتعارف عليه انه بعد الجمعيات العمومية يتم بيع نسبة من الأسهم، بغرض إعادة شرائها مرة اخرى عند تراجع أسعارها.
ويضيف عقل انه في حالة التوزيعات ربع ونصف السنوية تكون عملية البيع غير مجدية، ولا تحقق صالح المستثمر، وبالتالي القرار جاء ليحقق ميزة الاحتفاظ بالأسهم بدلا من بيعها وذلك للاستفادة من التوزيعات الدورية التي تتم على الأسهم، خاصة اذا كانت التوزيعات ربع سنوية أي أنها 4 مرات سنويا، مما يدعم المستثمرين في البورصة.
ويؤكد عقل ان الضوابط الجديدة تسهم في جعل المستثمر مشاركا في الاستثمار في البورصة، كما أنه يوضح توجهات الشركات المساهمة في المستقبل وتوقعات الأرباح عليها خلال فترات العام، مما يساعد المستثمرين على تغيير وتعديل مراكزهم المالية وفقا للتوقعات الجديدة ووفقا لتوزيعات الأرباح.
ويضيف عقل ان القرار ينظم التدفقات النقدية في السوق، لأن المستثمرين يعرفون العوائد المتوقعة والمستقبلية، خاصة من يعتمد على هذه الأرباح في النفقات والمصاريف اليومية، مما يساعد في توفير الكاش لتمويل النفقات اليومية للمستثمرين، وبالتالي المنافسة مع البنوك في توفير الكاش للمستثمرين بدلا من الاعتماد على الودائع او الأموال المودعة في البنوك سيكون هناك مصدر آخر للأموال يتمثل في التوزيعات الدورية للأرباح.
ويتوقع عقل ان تكون الشركات القيادية هي المبادرة بتنفيذ الضوابط الجديدة وسيتم سحب البساط من أسهم المضاربة، التي يمتلكها المستثمرون بغرض المضاربة وتحقيق الأرباح السريعة، وستكون هناك تحركات إيجابية على الأسهم القيادية، التي من المتوقع ان توزع الأرباح بصورة ربع سنوية وهي الأنسب لعدد كبير من المستثمرين.

دراسة شاملة 
وكان الدكتور طامي بن أحمد البنعلي، الرئيس التنفيذي لهيئة قطر للأسواق المالية قد اعلن الضوابط الجديدة لتوزيعات الأرباح، حيث قامت الهيئة بإجراء دراسة شاملة حول إمكانية توزيع الأرباح المرحلية في سوق رأس المال القطري، كما استطلعت من خلال استبيان، آراء كافة المعنيين بالضوابط الجديدة لتوزيع الأرباح، حيث اتضح أن غالبية المستثمرين وشركاء الهيئة، يفضلون التوزيع المرحلي للأرباح سواء كان ربع سنوي أو نصف سنوي، والذي يضمن لهم دورة سريعة الدخل، ويتيح لهم بديلا استثماريا للأوعية الادخارية بالبنوك، ويجذب المزيد منهم نحو الاستثمار في الشركات المدرجة، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس إيجابا على زيادة النشاط بالأسواق المالية، ويؤدي إلى ارتفاع حجم السيولة فيها.
ويتوجب على الشركة المدرجة في حال قيامها بتوزيع أرباح نقدية مرحلية على المساهمين خلال العام المالي، مراعاة استيفاء عدد من الشروط التي تشمل تضمين النظام الأساسي للشركة بندا يسمح لمجلس الإدارة بتوزيع أرباح مرحلية خلال العام، والحصول على موافقة مصرف قطر المركزي بالنسبة للشركات الخاضعة لرقابته، وإصدار قرار من مجلس إدارة الشركة بتحديد نسبة توزيع الأرباح المرحلية خلال العام المالي (ربع سنوي أو نصف سنوي) وتاريخ الاستحقاق للأرباح، وفقا للضوابط التي يتضمنها النظام الأساسي للشركة، ولا يجوز لمجلس الإدارة الموافقة على توزيع أرباح مرحلية إلا بعد صدور القوائم المالية ربع السنوية، أو نصف السنوية للشركة والمرفق بها تقرير مراجعة من المدقق الخارجي للشركة.
كما يجب الإعلان عن موعد اجتماع مجلس الإدارة لمناقشة بند توزيع الأرباح المرحلية بمدة لا تقل عن أسبوع قبل الاجتماع، وأن تكون الشركة حققت أرباحًا صافية في القوائم المالية ربع السنوية، أو نصف السنوية التي تقرر بناء عليها توزيع أرباح للمساهمين، ولا يجوز توزيع أرباح مرحلية إلا بعد استقطاع النسبة المقررة للاحتياطيات القانونية والاختيارية إن وجدت.
ويجب ألا تكون قيمة الأرباح الموزعة في نهاية كل ربع سنوي، أكبر من الأرباح المحققة في القوائم المالية عن الربع سنوي بعد استقطاع الاحتياطيات المقررة، وأن يتضمن التقرير السنوي للشركة المقدم للجمعية العامة نسب الأرباح المرحلية التي وزعت على المساهمين خلال العام إضافة إلى نسبة الأرباح المقترح توزيعها في نهاية السنة المالية، وإجمالي هذه التوزيعات.
 ووفقا لهذه الشروط، يجب على الشركة عدم إلزام المساهم برد الأرباح المرحلية التي وزعت وفقًا لهذه الضوابط في حال تحقيق الشركة لخسائر في الفترات المالية اللاحقة خلال العام، وأن يتضمن تقرير المدقق الخارجي بمراجعة القوائم المالية المرحلية (ربع / نصف السنوية) بعض البيانات التي تشمل تحقيق الشركة لأرباح حقيقية، وقيمة صافي الأرباح المحققة بعد خصم الاحتياطيات، وتوافر السيولة الكافية لتغطية التوزيعات المقترحة من مجلس الإدارة، وعدم تأثير التوزيعات المقترحة على سداد الشركة لمديونياتها، والتزاماتها في مواعيدها المقررة.

المصدر: العرب القطرية

كلمات دلالية: قطر جاذبية الاستثمار الشرکات المساهمة القوائم المالیة الضوابط الجدیدة على المساهمین من المستثمرین مجلس الإدارة الاستثمار فی توزیع أرباح نصف السنویة خلال العام فی البورصة ربع سنوی نصف سنوی تساهم فی فی السوق من خلال بدلا من عقل ان أو نصف

إقرأ أيضاً:

الشركات العائلية.. من بناء الوطن إلى تسريع وتيرة «عُمان 2040»

د. يوسف بن حمد البلوشي -

لم تكن الشركات العائلية يومًا عنصرًا هامشيًا في أي اقتصاد مُنتِج حول العالم، وإنما مثَّلت على مدى العصور أحد الأعمدة الرئيسية إنتاجًا وتمويلًا وتنميةً؛ فمن «المتيلشتاند» (المؤسسات الصغيرة والمتوسطة) في أوروبا، إلى أبطال الصناعة المُثابرين في آسيا، وسلاسل التجارة في الخليج، تضخ الشركات العائلية استثمارات طويلة المدى، وتُوظِّف وتدرِّب العمالة المحلية، وتعمل في قطاعات متعددة لدورات اقتصادية متتالية. وهذه القدرة على الاستمرارية تمثل هدفًا تسعى إليه الدول عند انتقالها من الاقتصاد القائم على الاستهلاك، إلى النمو المُرتكِز على الإنتاج والتصدير وبناء القدرات الوطنية. وتعكس تجربة سلطنة عُمان هذا النموذج؛ فمنذ سبعينيات القرن الماضي أسهمت الشركات العائلية العُمانية في بناء الموانئ والطرق، وتوزيع السلع الأساسية، وإنشاء الورش والأساطيل، والانخراط في شراكة مع الدولة لتوفير البنية الأساسية للحياة الحديثة. أما اليوم فقد اجتازت عُمان هذه المرحلة؛ إذ تنشد «رؤية عُمان 2040» من القطاع الخاص أداء أدوار وطنية أكثر عمقًا وتأثيرًا، وبالتحديد مُضاعَفة التصنيع المحلي وزيادة الصادرات الوطنية للخارج، والتوسع في خلق الوظائف المناسبة للمواطنين. وبفضل علاماتها التجارية، وخطوطها الائتمانية، وشبكات مورديها، وشركائها الدوليين، فإن الاعتماد على الشركات العائلية يمثل الطريق الأسرع نحو تنفيذ المزيد من المشروعات عوضًا عن الارتكان إلى السياسات والأجهزة الحكومية وحدها. وفي هذا المقال، ندعو الى الاهتمام بهذه الشريحة المهمة من شركات القطاع الخاص والذي يمثل من وجهة نظري الحل الاقتصادي الأول لتحقيق التحولات المنشودة لإعادة الهيكلة الاقتصادية والتنويع وتوليد فرص العمل الشركات، فلا يخفى ما تواجه الشركات العائلية من تحديات وحاجتها الملحة لتحقيق 3 تحوّلات حاسمة من أجل تعزيز أدوارها:

التحوُّل الأول: الحوكمة والتعاقب القيادي؛ إذ إنه مع تراجع دور جيل الآباء المؤسسين لهذه الشركات، لم تعد الإجراءات غير الرسمية كافية، ثم فإن وجود ميثاق عائلي مكتوب، واللجوء لمجلسٍ يُعالِج الشؤون العائلية خارج قاعة مجلس الإدارة، بجانب مجلس إدارة مهني يضم أعضاءً مستقلين، وخطة واضحة لتعاقب الرئيس التنفيذي أو المدير المالي، لن تكون مظاهر شكلية؛ لكن ستؤهل هذه الكيانات للحصول على التمويل المصرفي اللازم لتوسعة أعمالها.

والحقيقة تؤكد أن الحوكمة الجيدة تعمل على تخفيض تكلفة رأس المال، وتُسرِّع القرارات، وتَحُول دون نِزاعات تُبدِّد القيمة. وعندما نعكف على تطبيق ذلك عمليًا، فإننا نشير إلى انعقاد دوري لمجلس الإدارة، وتشكيل لجانٍ فاعلة للمراجعة وإدارة المخاطر، وصياغة عقود أداء تُكافئ عمليات تحويل واستلام النقد، والأمن والسلامة وخطط توظيف المواطنين.

التحوُّل الثاني: التركيز الاستراتيجي، من خلال الانتقال من النهج التجاري القائم على تنفيذ مشروعٍ مقابل مشروع آخر، إلى استراتيجية للتصنيع وتقديم خدمات قائمة على «العناقيد القطاعية». ومن الفرص الممكنة في هذا الجانب: الصناعات المعدنية التحويلية، والتصنيع الدقيق للمكوِّنات، ومواد البناء ذات الجودة المُعتمَدة، والصناعات الغذائية وسلاسل التبريد المرتبطة بالمزارع والموانئ، ومنصّات تقديم الرعاية الصحية، ومكوّنات نقل الطاقة وخدمات التشغيل والصيانة. وتُوفِّر المناطق الحرة والمناطق الصناعية البيئة المواتية لقيام هذه الصناعات، وفق نموذج تنفيذي بسيطـ، قائم على الاختيار بين ثلاثة مسارات: (1) شراكة محلية مع شركة عالمية، (2) مُورِّد مكوناتٍ معتمد لجهاتٍ رائدة إقليمية، (3) مُزوِّد خدماتٍ متخصصة (تشغيل وصيانة).

ومن الأفضل إبرام اتفاقيات شراء مُسبقة متى أمكن ذلك، بجانب التوسع في إصدار شهادات الاعتماد، وتطوير المُورِّدين المحليين ضمن دائرة عمل الشركة، بدلًا من منافستهم. وينبغي لكل مشروع رائد أن ينشُر ثلاثة مؤشرات: نسبة المحتوى المحلي، والوظائف المخصصة للعُمانيين، وحصة الصادرات، وذلك لمعرفة مستوى نجاح الشركة وإمكانية تكرار هذا النموذج.

التحوّل الثالث: التمويل للدورة الجديدة؛ إذ كشفت صدمة التدفقات النقدية بين عامي 2020 و2021، هشاشةَ بعض ميزانيات الشركات، ولذا يجب أن يكون رد الفعل الانضباط وليس التراجع، من خلال الالتزام بتوفير احتياطي نقدي كافي، وإعداد برامج لرأس المال العامل للتحكم في إدارة المستحقات والمخزون والديون قصيرة الأجل؛ وعزل الأصول المكتملة المُوَلِّدة للنقد (مثل العقارات المُدِرة للدخل، وخدمات تشغيل المرافق، وامتيازات الخدمات اللوجستية)؛ بهدف إعادة التمويل أو الإدراج الجزئي في البورصة.

ويمكن للصكوك والائتمان الخاص وإبرام صفقات مع عائلاتٍ إقليمية وتنفيذ إدراجات انتقائية في البورصة، أن تُعيد تدوير رأس المال لإنشاء مصانع إنتاجية، وعملياتٍ رقمية، ومنصّاتٍ تصديرية، مع الاحتفاظ بحصة تضمن استمرار السيطرة.

ومع تحسّن الحوكمة، تتراجع تكلفة التمويل، وتنخفض تكلفة رأس المال.

ولذلك يمكن؛ بل ويجب، على السياسات العامة للدولة، أن تُسهم في تسريع هذه التحوُّلات، من خلال الدعم القائم على الأداء الذي يُكافئ الإنجاز وليس فقط الاكتفاء بالوعود. 

ويتحقق ذلك من خلال:

أولًا: برنامج «الشراء المُسبق والمشروعات القيادية» في التجمعات الاقتصادية ذات الأولوية، بما يساهم في تخفيف مخاطر الإيرادات على رواد الأعمال الأوائل. وإذا التزم شركة عائلية بإنشاء مصنعٍ معتمدٍ في منطقةٍ حرة مع أهدافٍ مُعلنة عن حجم المحتوى المحلي والتوظيف، فإن عقود شراءٍ محددة المدة أو عقود جماعية يمكن أن تساعد على فتح تمويل مصرفي.

ثانيًا: «المسار السريع للتصاريح» والذي يساعد على توفير الوقت والجهد للشركات. فبينما تلتزم الشركات بتقديم أداء شفاف وإصدار تقارير ربع سنوية، فإن مشاريعها تحظى بتخصيصٍ سريعٍ للأراضي والمرافق والحصول على التصاريح التنظيمية، وفق جداول زمنيةٍ محددة.

ثالثًا: ينبغي للاستثمار المشترك أن يجذب رأس المال الخاص لا أن يُزاحمه؛ حيث إنَّ منح صناديق التنمية حصص الأقلية في المشروع، وخفض الفائدة المشروط بتعيين المواطنين، وتسهيلات رأس المال العامل المضمونة بطلبات التصدير؛ كلها عوامل تُسهم في زيادة الطاقة الإنتاجية دون أي أعباء مالية. ومن الضروري أن تمتد هذه الأدوات إلى سلاسل الإمداد؛ كي تستفيد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة عندما تنمو هذه الكيانات القيادية.

وينبغي أن تكون تنمية رأس المال البشري هدفًا أساسيًا لكل قرارٍ استثماري؛ إذ يتعين على كل مصنعٍ أو منصة خدمات إعداد برامج تدريب مقرونة بالتوظيف، وتنظيم معسكراتٍ مكثفة للمشرفين، يمكن تصميمها بالشراكة مع الجمعية العُمانية للموارد البشرية «أوشرم» أو مؤسسات التعليم العالي، مع الالتزام بالإفصاح السنوي عن أعداد المُعينين.

ويمكن للدولة احتساب تخفيضات الرسوم مقابل التوظيف، والدفع مقابل النتائج لا النوايا، وهكذا نحوِّل التدريب إلى أجور، والأجور إلى مساراتٍ مهنية.

ولا ينتقص ذلك من أهمية المؤسسات الصغيرة والمتوسطة؛ فهي عمق اقتصادنا على المدى البعيد. لكن حين يكون عامل الوقت حاسمًا، فإن الشركات العائلية تمثل الخيار الأفضل؛ لأنها تملك بالفعل خطوط التوريد وأنظمة الجودة والعلاقات المصرفية والشركاء الدوليين القادرين على بدء المشروعات في اليوم التالي.

والتعامل مع الشركات العائلية باعتبار أنها من بُناة الوطن لا يعني أبدًا المحاباة؛ بل يعني المساءلة. ويمكن لـ«ميثاق القيمة المحلية المُضافة» أن يساعد على تحقيق ذلك؛ حيث تُفصح العائلات عن حجم إنفاقها على المحتوى المحلي، وعدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة المستفيدة من أعمالها، وبرامج التدريب المخصصة للشباب، وحجم الصادرات، لتحظى في المقابل بالوصول إلى المسارات السريعة، والحصول على الأراضي الصناعية، وتخفيضات جمركية وفق حدودٍ مُعينة.

والواقع يفرض علينا تساؤلًا: وهو كيف سيبدو نجاح مثل هذه الخطط خلال السنوات العشر المقبلة وربما حتى 2040؟

من المتوقع أن نشهد عشرات المشاريع العائلية المشتركة، التي تقودها عائلات تعمل في موانئنا ومناطقنا، بجانب زيادات ملموسة في نسب المحتوى المحلي، وآلاف العُمانيين المؤهلين العاملين في وظائف إشرافية وفنية، ومنصّتين إلى 4 منصّاتٍ عائلية أُعيد تمويلها أو أُدرجت جزئيًا في البورصة لتعميق سوق رأس المال، ومنظومة متكاملة تعتمد على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة لتوريد مكوناتٍ معتمدة في سلاسل القيمة الإقليمية.

هذه ليست شعارات؛ بل نتائج قابلة للقياس تُعزّز هذه الجهود، وترفع الإنتاجية، وتزيد من النقد الأجنبي عبر بوابة الصادرات.

وأخيرًا.. إنَّ إرث شركاتنا العائلية ليس تجاريًا فحسب؛ بل مدني واجتماعي أيضًا؛ فهي الشركات التي تحافظ على استمرار توظيف الكفاءات المؤهلة في فترات الركود، وتُلبِّي النداء حين يحتاج أي مشروع للدعم، وتوفر الرعاية للمؤسسات المُعزِّزة للتماسك المجتمعي. ومع دخولنا المرحلة الثانية من «رؤية عُمان 2040»، ينبغي أن نتحدّث بصراحة عن التحديات الماثلة أمام الشركات العائلية اليوم؛ بما تتضمنه من فجوات التعاقب القيادي، والإفراط في تنويع الاستثمارات، وهياكل التمويل قصير الأجل وضغوط التدفقات النقدية، وذلك بالتوازي مع التركيز على الفرص المتاحة؛ لأنه عندما تتَّسق جهود الحوكمة والتركيز الاقتصادي والتمويل، تستطيع شركاتنا العائلية أن تُكرر ما أنجزته في «النهضة الأولى»، وأن تنطلق في مسيرة «النهضة المُتجددة»، من خلال تحويل الخطط إلى مشاريع، والمشاريع إلى منتجات، والمنتجات إلى ازدهار.. وهكذا نعتزُ بالماضي ونبني الحاضر لكي نجني ثمار المستقبل.

د. يوسف بن حمد البلوشي مؤسس البوابة الذكية للاستثمار والاستشارات

مقالات مشابهة

  • الشركات العائلية.. من بناء الوطن إلى تسريع وتيرة «عُمان 2040»
  • ضوابط صارمة لإعلان نتائج الانتخابات وحماية نزاهة الاقتراع .. وفقاً للقانون
  • حجز محاكمة اللاعب شادي محمد في الدعوى التي تطالبه بفسخ عقد شقة بالقاهرة الجديدة
  • تشمل عزل سكن الطلاب.. أبرز ضوابط "التعليم الخاص" الجديدة - عاجل
  • الذهب ينخفض ​​مع حذر المستثمرين قبيل اجتماع الفدرالي الأميركي
  • ضوابط صارمة لتصحيح المعلومات الخاطئة… والمجلس الأعلى يتدخل عند الامتناع
  • مشروبات دافئة تعزز صحة القلب وتخفف التوتر خلال الشتاء
  • الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار بأسهم البورصة عبر صناديق الاستثمار المفتوحة
  • قيادي بمستقبل وطن: التسهيلات الضريبية الجديدة تعيد ضبط بيئة الاستثمار وتمنح السوق قوة دفع حقيقية
  • مختص يوضح مزايا السماح لأعضاء مجالس إدارات الشركات المدرجة بالاستثمار في «نمو»