الثورة نت:
2025-10-28@20:35:13 GMT

صرخة الدماء وسفينة النجاة

تاريخ النشر: 22nd, November 2023 GMT

 

 

كلما أردت الكتابة عن غزة يغالبني البكاء وتمتلئ عيناي بالدمع فلا أرى شيئا أمامي إلا دماء أهل غزة وأطفالها تصرخ في وجهي كفى بكاء كفى عجزا مللنا بكائياتكم عقودا من الزمن ونحن نذبح ويقتل صغارنا وتهدم دورنا على رؤوسنا والأقصى يدنسه أحفاد القردة والخنازير، أصبحنا في نظركم مجرد أعداد تسرد على مسامعكم وأنتم ترتشفون فنجان القهوة، وأعينكم لم تعد ترى ما يحدث لنا إلا بنظرة المتبلد الذي لا تحرك مشاعره أنهار الدماء التي غرقت فيها إنسانيتكم المهترئة ، لن نخاطبكم فقد يئسنا منكم وسئمنا سخافاتكم وأعذاركم وسنجتمع معكم يوم تجتمع الخصومة بين يدي جبار السموات والأرض يوم لا يشفع لكم ما تكيلونه من أعذار وأكاذيب سمجة.


لا أخفي عليكم أن تلك الصرخة المدوية أصمت أذناي فتلفت يمنة ويسرة و الخوف الشديد يتملكني من بطش العلي العزيز، فلذت بسيدي عبدالملك الذي وجدته أمام ناظري في تلك اللحظة وناجيته قائلة يا سيدي لا تتوقف عن ضرب المجرمين من الإسرائيليين والأمريكان وغيرهم ولا تأخذك بهم رحمة أو رأفة أبدا اقصفهم ونكل بهم بما أيدك الله به من قوة وحكمة وقول سديد تخرس به كل منطق شيطاني …اضرب- يا سيدي – مهما حدث أو يحدث فنحن والله وتالله وبالله صامدون ومستعدون للتضحية بدمائنا و أموالنا وأنفسنا ونحن جندك فاضرب بنا ستجدنا إن شاء الله من الصابرين …..يا سيدي علمتنا سنوات العدوان التسع أن الجوع هو جوع الكرامة والعزة وأن ما أصابنا في سبيل الله من نصب أو وصب فسنجزاه خير الجزاء في الدنيا والآخرة …. أنت- يا سيدي- أصبحت سفينة النجاة من الغضب والسخط الإلهي الذي تستحقه البشرية جمعاء على ما اقترفته من جريمة الصمت على خطيئة قتل الفلسطينيين العزل ردحا من الزمن، بل أنت سفينة النجاة لجميع المستضعفين في الأرض بعد أن هيمن الشيطان وأولياؤه على منافذ الحياة.

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

وضعية النجاة

عانينا في الأسابيع الماضية من تدهور وضع أختي الصحي، وهي التي تعاني من مرض مزمن، كشَر عن أنيابه حتى موعد ميلادها الثاني والعشرين، وليست هذه مبالغة، إذ إن دخولها المستشفى صادف تاريخ يوم ميلادها. لم نكن نعرف أن ذلك الكائن يمتلك مخالب أيضاً، وأشياءً بتنا نتوقعها، إذ كيف وفي المرة السابقة فاتتنا تلك المخالب!

خلال هذه الفترة بعد تجاوز بعضنا مرحلة الإنكار قسراً، إذ لا نمتلك رفاهية التوقف، تبنينا فكرة واحدة: ليت الأمر يعود للوضع الطبيعي. أفزعني أننا ومع مرضها المزمن والخطير، فكرنا أن ما قبل هذه الأيام كان «طبيعيا». عندما كان الوضع «طبيعيا» كسرت أنفها مرتين، سقطت مرة على رأسها وأوشك نزيف الدم المتدفق أن يشهد على موتها.

لم ينتج هذا عن حساسية خاصة أمتلكها أو تملكني، كانت السنتان الماضيتان تدريباً شاقاً ومطولاً لاختبار هذه الفرضية بل وإعادة النظر في كل شيء. قبل أسابيع فرحنا لتوقف الحرب، قال بعضنا بحرارة أستطيع الآن تنفس الصعداء، لا بأس بكل الخسارات، العائلة التي لم تُنتشل بعد سنة ونصف من تحت ركام المنازل وقد سويت على الأرض. لا مشكلة في عدد الأطفال المبتورة أقدامهم وأياديهم. نريد عودة ما قبل السابع من أكتوبر. إذا لم تتوقف الحرب نريد أن تعود الحرب إلى استراتيجياتها السابقة، بأن تكون بعض مدن غزة آمنة، يقول لي أصدقائي إنها المرة الأولى في الحروب الأخيرة التي يُقضى فيها على غزة كلها. سمعتُ هذا من غزيين يموتون قلقاً على عائلاتهم في خِيم متهالكة لسنة ونصف، الأطفال مع الكبار وهكذا. سمعته من شاب فقد أخته على المعبر قبل السابع من أكتوبر وهي في التاسعة عشرة من عمرها لعدم السماح لها بالسفر للعلاج وهي تعاني من السرطان.

لا يبدو أن هنالك مشروعاً فلسطينياً وطنيا أو عربياً يمكن أن يقود إلى مرحلة أخرى، هنالك مصير واحد هو تدريبنا على مزيد من الخسائر التي تخترعنا كحيوات مهزومة، ومهمومة بالتفكير في «أقل الخسائر»، في عيش الحياة يوماً بيوم، ليس هنالك قتالٌ من أجل أي شيء، وعلينا أن نُحس بطارئيتنا وأن نُفعلَ «survival mode أي رغبتنا في البقاء رغم كل ما يتهددنا. وهكذا فإنه وعلى الصعيد الوطني لا نعرف عما إذا كانت هذه ممارسة سياسية أو لا سياسية. فلنستدعي هنا تاريخ هاواي الاستعماري مثلاً منذ الغزو في القرن السابع عشر، والذي أسهم الغزو في موت جماعي لسكانها، فانخفض عددهم أكثر من ٩٠٪ ، من ٤٠٠ ألف إلى ٤٠ ألفاً، وكان من بين ما جاء به المستعمر الأوبئة التي قضت على سكان الجزيرة، لا ينسى الكاتب الهاوايي ديف وونج في كتابته عن تاريخ بلاده أن آخر ملوك هاواي، ديفيد كالاكوا، نصح شعبه بتحمل اعتداءات البيض بصبر، والتمسك، قدر الإمكان، بعاداتهم البسيطة». يكتب وونج دعا كالاكوا شعب هاواي لتفعيل «survival mode». وصولاً لهذه اللحظة التي يصف فيها وونج أن الانشغال بـ«التقدم» وبالمستقبل الفردي الذي حفزه النظام الاجتماعي الجديد، كان وسيلة رائعة للانفصال عن محيط السكان، وهكذا من المرجح أنهم عاشوا في المستقبل وافتقدوا الحاضر.

يبدو واقعنا الذي نعيشه اليوم مختلفاً عن التاريخ الاستعماري في كل مكان، إذ إن المستعمر اليوم لديه وكالات لفرض نفوذه وسيطرته، ثم أن أصحاب رؤوس الأموال يمتلكوننا بشركاتهم العابرة للقارات، قد نجوع في اللحظة التالية جماعياً متى ما صدرت منهم إيماءة بذلك. لماذا نستخدم الاستعارات هنا؟ قد يُقتل منا ٦٠ ألفاً ممنُ عُرفت أسماؤهم فقط على الهواء مباشرةً. ولذلك كله كيف يمكن أن نفهم معنى للوطن، أو الهم المشترك، كيف يمكن أن ندافع عن حق جماعي، بينما يتطلب علينا أن نُخضع رؤوسنا، وأن نمشي على أصابع أقدامنا كي لا نُصدر صوتاً، كي لا نخسر حصة من أجورنا المنخفضة أصلا، أو لا نخسرها كلها، أو لكي لا نخسر فرصة أن تزيد قليلاً، ربما ١٪. إذ كيف يُمكن أن نُطرد من الفردوس، ذلك الذي يُحقق لنا تفوقاً على آخرين إذا كنا نعي أنانيتنا بوضوح، أما إذا لم نفعل فكل ما يريده الواحد منا، أن يتناول وجبة مشبعة آخر اليوم بينما ينام على نفسه من التعب أمام التلفزيون بمنصة بث على الشبكة يَدفعُ لقاء مشاهدة أفلام رخيصة عليها جزءاً مما تحصل عليه وقت امتثاله/ استعباده.

ربما يكون ما بدأت به هذه المقالة بعيداً، لكنه ليس كذلك، اخترقَ هذا النوع من التسليم والهزيمة حياتنا، ربما لم نعد نتصور/نتخيل عالماً آخر ولا طريقة أخرى للعيش. لم يكن سكان هاواي يعرفون ما الذي تعنيه «ملكية الأرض» في ثقافتهم كانت الأرض مثل الهواء والماء، ربما عليّ أن أوكد أن فكرة تشارك الأرض لم تكن قراراً سياسياً، كانت هذه هي الطريقة التي خبر بها هؤلاء الناس وطنهم وعالمهم، كيف وصل الأمر بكثيرين فيها، إما يركبون الأمواج في وقت الفراغ الضئيل، أو ينتظرون أناساً من أقصى العالم يقضون وقت فراغهم في تسلق الأمواج لقاء ثمن بخس.

من قال إن لأختي علاجاً، أن على المؤسسة الصحية التي لجأنا إليها، أن تُخبرنا كيف انتكست حالتها وتطورت بعد يومين فقط من مغادرتها المستشفى، وتناول دواء جديد وصفوه لها، كيف نُنتزع حقنا في الفهم أولاً وفي محاسبة المسؤول، ربما علينا أن نصلي طيلة الوقت، أن ننكسر ونقول: يا الله نريد الوضع طبيعياً، بالنوبات الكاملة القابلة لأن تكسر فيها ضلعاً آخر، أو تنزف بعض الدم، الوضع الذي كان قبل هذه الأيام. هناك سنعيش راحتنا، سننجو إذ لن نموت   سريعاً.

مقالات مشابهة

  • وضعية النجاة
  • كاتب صحفي سوداني: ما يحدث فى مدينة الفاشر لا يمكن وصفه
  • "صرخة طفلة قبل وفاتها " تفك لغز مذبحة فيصل
  • ترامب يعلّق على اختبار روسيا لصاروخ نووي: هم لا يلعبون معنا ونحن لا نلعب معهم
  • مفتي الجمهورية: بناء المستقبل لا يكون إلا بسواعد الشباب الواعي الذي يتمسك بدينه
  • مفتى الجمهورية: بناء المستقبل لا يكون إلا بسواعد الشباب الواعي الذي يتمسك بدينه ويعي قيمة وطنه ويعمل من أجل نهضته
  • الجفري يُحذّر: تكفير للمسلمين بسبب التوسل والتبرك طريق الخوارج وسفك الدماء
  • الصمد ناعيا الشاعر طليع حمدان: ملأ فضاء لبنان بشعره الذي لا يُضاهى
  • بالفيديو... شاهدوا لحظة وقوع حادث السير الذي أودى بحياة المأمور رباح شديد
  • ماذا يحدث لمن يقرأ يس 7 مرات قبل الفجر أو بعده؟.. احذر تفويتها