هذا المقال بقلم الباحث السياسي السعودي سلمان الأنصاري، والآراء الواردة أدناه تعبر عن رأي الكاتب ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.

تقود المملكة العربية السعودية الآن ما يمكن تصنيفه كأكبر حراك دبلوماسي في العالم في هذا العقد، وهذا الحراك يتمثل بشكل جوهري في أهمية الإيقاف الفوري للحرب على الشعب الفلسطيني، وذلك من خلال حشد منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدولة العربية، وتكوين جبهة دبلوماسية موحدة للدول السبعة والخمسين للتنسيق والضغط على دول مجلس الأمن الخمسة، الصين وروسيا وأمريكا وبريطانيا وفرنسا.

وابتداء الزيارات مع الصين وروسيا يمثل خطوة ذكية للمعرفة المسبقة بمواقف الدولتين، لإضافة زخم عالمي وتشكيل جبهة عالمية صلبة قبل زيارات الدول الثلاثة المساندة لإسرائيل، الأهداف الرئيسية تتمثل في ثلاثة أمور رئيسية، إيقاف الحرب الفوري، محاسبة إسرائيل على جرائم الحرب، وتمهيد الطريق لحل الدولتين.

قد يبدو للبعض بأن تلك المطالبات لن تأتي أكلها وبأنها لا تعدو إلا زيارات دبلوماسية وبيانات سياسية مفرغة من مضامينها، ولكن في هذا الظرف الحرج، يبدو بأن هذا الحشد العالمي الذي تقوده المملكة في هذا التوقيت الاستثنائي، سينسق لخطوات عملية وجماعية وسيستخدم كروت استراتيجية متعددة ضد كل الدول التي تساعد في استمرار هذه المجزرة الإسرائيلية البشعة.

واشنطن ولندن وباريس أمام مرحلة مفصلية، وقرار مساندة هذه الحرب سيكون له أضرار هائلة ليس فقط لسمعتهم الأخلاقية التي اهتزت وبشكل هائل، ولكن أيضا على مصالحهم الاستراتيجية، من المعروف أن الولايات المتحدة حريصة كل الحرص لإبطاء مسار العالم الجديد المتعدد الأطراف، وتعاطي واشنطن الأخير مع أزمة غزة سيسرع وبشكل هائل من هذا المسار، وستخسر مكانتها العالمية كراعية لحقوق الإنسان والمساواة والعدالة. كيان الاحتلال الإسرائيلي ليس لديه أي مقدرة لفعل كل ما فعله بلا ضوء أخضر ومساندة رسمية من قبل دول الغرب لأكثر الحكومات الإسرائيلية تطرفا في تاريخ إسرائيل.

هنالك حالة اضطراب واضح لدى دول الغرب، فشعوبهم ترى جرائم الحرب وعمليات القتل الممنهجة ضد آلاف الأطفال والنساء والأبرياء، وحكوماتهم تدعم هذه الحرب بالمال والسلاح وبالغطاء القانوني وبالدعم الدبلوماسي غير المحدود.

البعض يتوقع أن الولايات المتحدة أزاحت المملكة المتحدة من قيادة العالم بعدما صدمت العالم واستخدمت سلاحها النووي ضد اليابان، ولكن حقيقة الأمر هي أن واشنطن أزاحت لندن في عام 1956 حينما وقفت في وجه بريطانيا وفرنسا وإسرائيل وطالبتهم بكل حزم بإيقاف عدوانهم الثلاثي على مصر، بعدها اعترف المجتمع الدولي بأن لواشنطن الكلمة العليا عالميا وليست لندن.

واشنطن لديها فرصة ويبدو بأنها الأخيرة لتثبت مكانتها العالمية من خلال إيقاف آلة القتل الإسرائيلية عند حدها، وإجبار إسرائيل لتطبيق قرارات مجلس الأمن رقم 242 وحل الدولتين، إن لم تفعل واشنطن ذلك، فإنها ستخسر قيادتها للعالم، فدول العالم سئمت من ازدواجية المعايير. غزة ليست أزمة إقليمية فقط، بل لها اعتبارات وسياقات عالمية، فغزة من اسمها اصطلاحا أصبحت كإبرة للبالون الأخلاقي للنظام العالمي الغربي.

على كل حال، لدي تفاؤل بأن الحراك الدبلوماسي العالمي الذي تقوده السعودية سيؤتي أكله، خصوصا أن دول الغرب لا تستوعب إلا لغة المصالح، وهي لغة تتقنها المملكة.

نشر الأربعاء، 22 نوفمبر / تشرين الثاني 2023تابعونا عبرسياسة الخصوصيةشروط الخدمةملفات تعريف الارتباطخيارات الإعلاناتكوبونز CNN بالعربيةCNN الاقتصاديةمن نحنالأرشيف© 2023 Cable News Network. A Warner Bros. Discovery Company. All Rights Reserved.

المصدر: CNN Arabic

إقرأ أيضاً:

الطاقة والدفاع والاستثمار..ملفات ثقيلة تعزز التحالف السعودي القطري

أصدر الجانبان السعودي والقطري اليوم الاثنين بياناً مشتركاً في ختام الزيارة التي قام بها الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، أمير دولة قطر، إلى المملكة العربية السعودية، مؤكدين عمق الروابط الأخوية والتاريخية التي تجمع البلدين، وما تشهده العلاقات الثنائية من تطور متسارع في مختلف المجالات.

وجاء في البيان أن الزيارة تمت استجابة لدعوة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وأن الجانبين ثمّنا ما حققته اللقاءات المتبادلة بين قيادة البلدين من نتائج إيجابية رفعت مستوى التعاون المشترك. وخلال الزيارة، عُقد الاجتماع الثامن لمجلس التنسيق السعودي القطري برئاسة مشتركة من الأمير محمد بن سلمان والشيخ تميم بن حمد، حيث جرى استعراض مسار العلاقات الثنائية والإشادة بالإنجازات المحققة ضمن أعمال المجلس، مع التأكيد على ضرورة تعزيز التنسيق في الملفات ذات الأولوية، بما يشمل السياسة والأمن والدفاع والطاقة والصناعة والتجارة والاقتصاد والاستثمار والتقنية والبنى التحتية والثقافة والسياحة والتعليم.

وأشار الطرفان إلى قوة الروابط الاقتصادية بينهما، وإلى الطفرة الكبيرة في حجم التبادل التجاري الذي بلغ 930.3 مليون دولار في عام 2024، محققاً نمواً قدره 634% مقارنة بعام 2021. وشددا على أهمية العمل المشترك لتنويع التبادل التجاري وتسهيل انسيابه ومعالجة التحديات التي تعترضه، مع الاستفادة من فرص التعاون المتاحة ضمن رؤية السعودية 2030 ورؤية قطر الوطنية 2030، وتحويلها إلى شراكات اقتصادية ملموسة.

كما رحّب الجانبان بتعزيز الشراكة الاستثمارية المستدامة، ودعوا إلى تكثيف الزيارات المتبادلة بين المسؤولين في القطاعين العام والخاص، وعقد ملتقيات الأعمال والاجتماعات الاستثمارية التي تدعم تعاوناً أعمق.

وفي ملف الطاقة، شدد البيان على أهمية استقرار وموثوقية أسواق الطاقة العالمية وضمان أمن الإمدادات، مع إبداء رغبة الطرفين في توسيع التعاون في الكهرباء والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وتطوير المشاريع المشتركة بما يخدم اقتصادي البلدين.

أما في الجانبين الدفاعي والأمني، فأكدت الرياض والدوحة عزمهما تطوير الشراكة الدفاعية، وتنسيق المواقف الإقليمية لمواجهة التحديات، وتعزيز أمن المنطقة. وأشادتا بالتعاون الأمني القائم، وبتبادل الخبرات والزيارات والمعلومات في مجالات أمن الحدود وأمن المسافرين والأمن السيبراني ومكافحة المخدرات والتطرف والإرهاب والجرائم بكافة أنواعها.

وفي القضايا الدولية، جدّد الطرفان التزامهما بتكثيف التنسيق لتعزيز السلم والأمن الدوليين، وتبادلا وجهات النظر بشأن التطورات الإقليمية والعالمية. وقد ثمّنت السعودية مصادقة قطر على ميثاق المنظمة العالمية للمياه، الهادف إلى تنسيق الجهود الدولية لمعالجة تحديات المياه.

واختُتمت الزيارة بتوجيه الشيخ تميم شكره وتقديره للعاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان على حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

خليل اسامة

انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند الطاقة والدفاع والاستثمار..ملفات ثقيلة تعزز التحالف السعودي القطري وقف إطلاق النار ينهار..تايلند تتوعد كمبوديا بعد اشتباكات دموية الجيش السوداني يكشف عن دولة إقليمية تدعم قوات "الدعم السريع " مليار دولار لمنع قيام دولة فلسطينية..لماذا يخطط سموتريتش؟ دانا مارديني تنهار بالبكاء بعد تسريبات الرئيس السابق بشار الأسد.. وتعلّق بعبارات قاسية Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا فريقنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • د.حماد عبدالله يكتب: المشروعات " الوطنية " الكبري !!
  • على عكس تصريحات ترامب عن خسارة أوكرانيا.. مصادر لـCNN: الوضع في ساحة المعركة لم يتغير كثيرا
  • إبراهيم النجار يكتب: وعود ترامب.. وماذا بعد؟!
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: (يا أيها القبر… كم أنت حلو)
  • في اليوم العالمي لمكافحة الفساد.. المملكة في مقدمة دول العالم وتحقق أدنى نسب الفساد عالمياً
  • في اليوم العالمي لمكافحة الفساد.. المملكة في مقدمة دول العالم وتحقق أدنى نسب الفساد عالمياً-عاجل
  • مجانًا.. القنوات الناقلة لمباراة مصر ضد الأردن في كأس العرب 2025:- مواجهة الحسم وفرصة العبور الأخيرة
  • الطاقة والدفاع والاستثمار..ملفات ثقيلة تعزز التحالف السعودي القطري
  • أحمد الزرقة يكتب للموقع بوست عن: ما الذي يعنيه اليمن في استراتيجية الأمن القومي الأمريكية لعام 2025؟ وما دور السعودية والإمارات؟
  • عام على السقوط: الشرع بالزيّ العسكري وهدية من بن سلمان.. ماذا عن ساعات الأسد الأخيرة؟