القدس المحتلة- لم يتمكن الطفل المقدسي عبد الرحمن عامر الزغل (14 عاما) من الابتهاج بقرار الإفراج عنه، أمس الأحد، ضمن الدفعة الثالثة من صفقة تبادل الأسرى بين حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وسلطات الاحتلال، والتي شملت 21 طفلا مقدسيا، فقد كان يخضع لعملية جراحية في مستشفى "هداسا عين كارم" بعد إصابته بجراح خطيرة في 18 أغسطس/آب الماضي.

ووسط حضور محدود لعائلته وتحت تأثير المخدر نزعت شرطة الاحتلال السوار الإلكتروني عن كاحله، ليُعلن بذلك انتهاء حبسه المنزلي غربي القدس .

وكان الزغل الطفل الوحيد الذي يمكث في الحبس المنزلي من بين 68 طفلا مقدسيا أسيرا شملتهم الصفقة، في لفتة واضحة من المقاومة الفلسطينية التي تنبهت لمعاناة الأطفال في الحبس المنزلي.

ويتمثل الحبس المنزل في إجبار الأسير على المكوث في منزل معين لمدة محددة أو غير محددة، ولا يخرج منه إلا لحالات استثنائية، ويُجبر أحد أفراد عائلته على ضمان عدم خروجه، ويقيّد كاحله بسوار إلكتروني يرصد تحركاته.

لم يتمالك الطفل عبد الرحمن نفسه عندما قرأ اسمه ضمن قوائم الأسرى المتوقع الإفراج عنهم بداية الهدنة المؤقتة، فقفز كثيرا وصرخ فرحا وتحدث هاتفيا مع أصدقائه حتى غلبه النعاس من الفرحة والتعب فنام بعمق.

عبد الرحمن (يمين) اعتقل مصابا ثم أخضع للحبس المنزلي بعيدا عن بلدته ومنزله (الجزيرة) الطفل المعجزة

تقول والدته نجاح الزغل للجزيرة نت "مش مصدق حاله، متحمس يلتقي بصحابه ويرجع على حارته، ويكمل علاجه، ويحاول يرجع على مدرسته".

وتخشى الأم من إمكانية تأثير الإصابة على مستقبل طفلها الأكاديمي، حيث أطلق الاحتلال النار عليه ليلا أثناء ذهابه لشراء الخبز في بلدة سلوان جنوبي المسجد الأقصى، ما أدى إلى إصابته برصاص في رأسه أدى إلى تهشم جمجمته وتضرر عينه اليسرى، إضافة إلى شظايا في الحوض.

ورغم إصابته نقل عبد الرحمن إلى المستشفى ليعالج وهو مقيد، ثم اعتقل بعد أسبوعين من إصابته بتهمة إلقاء زجاجات حارقة، وأفرج عنه في 14 سبتمبر/أيلول الماضي بشرط الحبس المنزلي المفتوح في قرية بيت نقوبا غربي القدس، والإبعاد عن منزله في الحارة الوسطى ببلدة سلوان.

ولد الزغل في ذكرى النكبة 15 مايو/أيار 2009، وتوفي والده عامر قبل 4 سنوات، وأصيب في حارة مراغة ببلدة سلوان وهي ذات الحارة التي استشهد فيها الفتى ميلاد عياش عام 2011، والفتى وديع أبو رموز مطلع العام الجاري.

وتقول الأم نجاح إن الأطباء وصفوا ابنها بالطفل المعجزة، فقد نجا بأعجوبة بعد أن شاع ليلتها خبر استشهاده، وتماثل للشفاء بعد إصابته الخطرة.

روت الأم تفاصيل أسبوعين من التنكيل في المستشفى الذي عولج فيه عبد الرحمن وهو مقيد اليدين والقدمين. وتقول إن غرفته كانت تخضع لحراسة مشددة، بالإضافة إلى منع أقاربه من زيارته، ومنعها هي أيضا من الاقتراب منه إلا في أوقات وجيزة نادرة، بينما كانت تقضي الوقت كله في اختلاس النظر إليه عبر نافذة الغرفة، التي كان عناصر الشرطة يغلقون ستارتها متعمدين.

أجبرت نجاح الزغل على ملازمته ابنها طوال الحبس المنزلي بعيدا عن منزلها (الجزيرة) تنكيل في المستشفى

"في البداية خضع عبد الرحمن لعملية جراحية استمرت 5 ساعات، رأيته بعدها في غرفة العناية المكثفة وقد انتفخ رأسه، حينها طلبوا مني أن أجهز نفسي لأي احتمال، أصبت بجلطة وفقدت الوعي ونُقلت إلى الطوارئ"؛ هذا ما ترويه الأم حول لحظات الصدمة الأولى بعد إصابته.

ثم تتابع: "كلما كنت أحاول رؤيته كان عناصر الشرطة يسخرون ويشمتون بي، أمسك أحدهم القيود وبدأ بهزها مستهزئا، منعوا الممرضة حتى من إطعامه، وتمكنت من دخول غرفته بعد 3 أيام من إصابته".

كان الطفل الجريح يتواصل مع أمه بالإشارات معظم الوقت، ويرسل إليها القبلات عن بعد عبر النافذة، ورغم إصابته البليغة ظل مقيدا حتى عند استخدام الحمّام، كما تعمد عناصر الشرطة إطفاء أنوار غرفته نهارا كي لا تراه عائلته، وإضاءتها ليلا لإزعاجه أثناء النوم.

كما أبعدت الشرطة عن المستشفى بعض عمال النظافة ومرافقي المرضى المقدسيين لأنهم تحدثوا إلى عائلة عبد الرحمن أو حاولوا مساعدتها.

وتفاجأت العائلة في أحد الأيام بنقل نجلها من مستشفى هداسا عين كارم إلى سجن الرملة، وتقول إنه تعرض هناك للإهمال الطبي رغم حساسية وضعه الصحي، والتهب جرحه، وكان يزود بالمسكنات فقط، ومكث هناك 12 يوما قبل أن يُنفى إلى قرية عين نقوبا ويخضع للحبس المنزلي شهرين ونصف قبل تحرره.

سوار إلكتروني لازم عبد الرحمن حتى أثناء إجرائه عملية جراحية (الجزيرة) معاناة الحبس المنزلي

وخلال تلك المدة ظل عبد الرحمن حبيس المنزل مع والدته بعيدا عن مدرسته وأصدقائه، حيث اضطرت الأم -وهي الكفيل الوحيد له للالتزام بشروط الحبس- إلى ترك عملها الذي تعيل به أسرتها، وترك أبنائها في البيت ببلدة سلوان، حيث فرض عليها منع عبد الرحمن من الخروج، وكانت دوريات الشرطة تتأكد من ذلك هاتفيا وميدانيا.

وبعد الإفراج عنه أمس الأحد، أمام عبد الرحمن سلسلة من العمليات والعلاج الدوري، لاستعادة النظر في عينه اليسرى وترميم جمجمته التي تشوهت، ويقول للجزيرة نت إنه اشتاق لمدرسته كثيرا ويطمح أن يصبح رجل أعمال ويرد الجميل لوالدته.

ويضيف أنه نجا سابقا من الموت مرات عديدة فقد عضه قبل أشهر كلب مفترس، وانغرز قضيب حديدي في ظهره حين كان في السابعة من عمره.

ورفض عبد الرحمن رفضا قاطعا التقاط صور له، وقال لنا "هذا ليس شكلي الحقيقي، عندما أتعافى ويعود رأسي ووجهي كما كانا، سألتقط الكثير من الصور".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الحبس المنزلی عبد الرحمن

إقرأ أيضاً:

قوات الاحتلال تعتقل طفلًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس

#سواليف

اعتقلت #قوات_الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأحد، طفلاً من #مخيم_الفارعة، جنوب طوباس، شمالي الضفة الغربية.

وأفاد مدير “نادي الأسير” في طوباس، كمال بني عودة، بأن “الاحتلال اعتقل #الطفل محمد سالم أبو الروس (17 عاماً)، عند حاجز الحمرا العسكري”.

ووفق مؤسسات الأسرى، فإن الاحتلال الإسرائيلي يعتقل حتى نهاية الشهر الماضي نحو 350 طفلا، أغلبهم بلا محاكمة، ويعزلون عن العالم في ظروف قاسية، أسوة بما يتعرض له #الأسرى البالغون.

مقالات ذات صلة طلب نتنياهو العفو يثير زوبعة ردود في إسرائيل 2025/12/01

ووفق معطيات مؤسسات الأسرى الفلسطينية، فإن إجمالي عدد #الأسرى_الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي يبلغ نحو 9 آلاف و250، بينهم نحو 3 آلاف و360 معتقلا إداريا.

ووفق نفس المصدر، فإن حصيلة أعداد حالات الاعتقال في عامي حرب الإبادة على غزة بلغت نحو 20 ألفا و500 حالة اعتقال، بينهم أكثر من 1630 طفلا.

وكان نشر مركز “إعلام الأسرى” (حقوقي مستقل)، قد نشر مطلع الشهر الجاري، شهادات لأطفال أُفرج عنهم من معتقل “سيديه تيمان” (قاعدة عسكرية تابعة لجيش الاحتلال جنوب فلسطين المحتلة)، كشفت عن أشكال تعذيب قاسية منها: الضرب، الصعق الكهربائي، الحرمان من النوم داخل ما تُعرف بـ”غرفة الديسكو” (موسيقى عالية)، التقييد المستمر، اعتداءات بالكلاب.

مقالات مشابهة

  • كلب يهاجم طفلا في لبنان
  • القبض على عصابة تستخدم 14 طفلا فى أعمال التسول بالقاهرة| صور
  • ضبط طالبين تعديا على أخر بسلاح أبيض بالدقهلية
  • القبض على شخصين بالتعدى بالضرب على آخر وإحداث إصابته بسلاح أبيض
  • الأزهر للفتوى: مرض الإيدز لا يعني الفجور بالضرورة ولا يبرر النبذ المجتمعي
  • رعاية في البيت لا في المستشفى: هل يَفتح لبنان باب الاستشفاء المنزلي؟
  • قوات الاحتلال تعتقل طفلًا من مخيم الفارعة جنوب طوباس
  • العدو الصهيوني يبعد مقدسياً عن المسجد الأقصى لمدة 6 أشهر
  • الاحتلال يبعد مقدسيا عن المسجد الأقصى لمدة 6 أشهر
  • الاحتلال يعتقل مقدسيًا ويُفرج عن آخرين بشرط الحبس المنزلي