بقلم: أمل صقر ..
إستمعت بالصدفة الى حوار جمع بين الإعلامي المصري إبراهيم عيسى وسفير دولة فلسطين في بريطانيا حسام زملط ، كان ذلك ضمن الجلسة الافتتاحية لفعاليات النسخة الثانية لمنتدى مصر للإعلام. كان الحوار من جهة إبراهيم بالنسبة لي مستفزا ولا يتحلى بأي مهنية، ولا حتى بمجرد أخلاقيات وآداب الحديث العامة.
حقيقة لا يمكن أن يطلق على حديث كهذا تسمية حوار في منتدى إعلامي… هذا رأيي الشخصي يا عيسى، وأرجو أن لا تخرجني بسببه من الملة الإعلامية وفقا لمفهومك ،وهنا أنا أخاطبك بلهجتك، والحمد لله إنها لا تناسبني مطلقا، ولكن من قبيل مقارنة الشيء بنظيره فقط.
لنترك عيسى المختلف، وأسمحوا لي أن أوضح التالي وببساطة شديدة. ما لا يفهمه الغالبية العظمى سواء كان إعلاميا أو مجتمعيا، أن ما يسود غزة اليوم من روح المقاومة والثبات لا يقتصر على حماس. المقاومة الفلسطينية لا يمكن – بل ارفض بصورة قطعية – أن تنحصر في حماس. فالمقاومة لدى كل فلسطيني شريف أصيل، هي منهج حياة سواء في الداخل الفلسطيني أو خارجه في بلدان الشتات.
أنا فلسطينية، وأتبنى منهج المقاومة الحقة وفكرها، وأرفض الاعتراف بما يسمى (دولة إسرائيل) واعتبر أي اعتراف بها باطلا ومرفوضا جملة وتفصيلا. ما أعرفه بأن هناك دولة واحدة هي دولة فلسطين، وحدودها تمتد من النهر إلى البحر (من المياه الى المياه) دولة يتعايش تحت علمها جميع أبناء الشعب الفلسطيني بدياناتهم وقومياتهم واختلاف مشاربهم السياسية. كما كثير من بلدان الشرق الأوسط، وأرى بأن المقاومة حق من حقوق الفلسطينيين جميعا، وسأظل حتى آخر يوم في عمري متمسكة بحقي في مقاومة عصابات بني صهيون المحتلة، ومتمسكة بحقي في العودة إلى وطني.
هل يعني ذلك أنني أنتمي إلى حماس أو فتح أو جبهة التحرير أو الجبهة الشعبية؟ أو أي جهة حزبية أو تنظيمية فلسطينية؟ بالطبع لا!
الأمر أكبر وأعظم وأجل من كل التنظيمات والتي بمجموعها هي في الأصل حركات مقاومة، وكانت تحمل السلاح وتقاتل جنبا إلى جنب. اختلفت الرؤى في مرحلة من مراحل الصراع مع عصابات بني صهيون، البعض منها ترك السلاح ولجأ مضطرا إلى التفاوض مع تلك العصابات الهمجية، تحت ضغط المجتمع الدولي واتفاقيات حقوق الإنسان، والسلام، والتقسيم… الخ.
وبغض النظر عن الدوافع والاسباب التي اضطرت بعض تلك التنظيمات الى التخلي عن نهج المقاومة المسلحة واللجوء الى المفاوضات- لانها متعددة وترتبط بتطور مراحل الصراع العربي الصهيوني، وليس الفلسطيني الصهيوني وشرحها يطول – على تلك التنظيمات ان تعترف الآن بانه كان نهجا فاشلا، ولم يحقق اي هدف للفلسطينيين، وبالتالي فان الاستمرار بحضور قمم عربية مطبّعة من الالف الى الياء، وادانة مقاومة حماس الآن تحديدا، ماهو الا خيانةّ! والاستمرار بالالتزام بأي معاهدة او اتفاقية دولية على كافة الصعد السياسية والانسانية أيضا خيانة، وتغليب مصلحة فئوية على حساب الشعب الفلسطيني هو أيضا خيانة.
اتوجه بحديثي هذا الى السياسيين الفلسطينيين، وأصحاب الرأي، ممن يمتلكون وعيا حقيقيا، لأن هذه النقطة يجب ان تكون بمنتهى الوضوح، ويجب ان تُعلَن صراحة، ماذا بقي لفهم ذلك؟! كل ما وقع خلال الاسابيع الماضية من كوارث في غزة يثبت فشل الحوار، وكل ما كان يُطلق عليه اسم مفاوضات سلام، التي تبنتها بعض الجهات طيلة 75 عاما منذ النكبة، وان الحل الوحيد هو الكفاح المسلح.
البلاغة والإيجاز! الكلمتان اللتان وردتا على لسان المقاتل الأممي جيفارا في خطابه الشهير في الامم المتحدة، كانتا الأبلغ لايصال الفكرة (الوطن او الموت) لايمكن ان يكون هناك خيار آخر.
ولا يسعني في نهاية هذه العُجالة الا أن أوجّه الف تحية لسفرائنا في الدول الغربية جميعهم، فمنطقهم واحد، وأيمانهم بالقضية واحد، ومعرفة حقوق شعبهم واحد، والثبات على الموقف واحد. فقد مثلت كل لقائاتهم نموذجا راسخا في كيفية الدفاع عن الحق، وبيان عدالة القضية الفلسطينية، ودحض هرطقات الطرف الآخر وأعوانه في الغرب والشرق الذين انغمسوا في الترويج للأكاذيب، ولسردية عرجاء لم تعد مفرداتها قادرة على مواجهة غزارة الدم الفلسطيني المسفوح، ولا قادرة على النظر في عيون أم ثكلى، ولا أب فقد عائلته ولم يفقد إيمانه. الرواية الصهيونية سقطت بالضربة القاضية تحت أشلاء الأطفال وأنقاض المباني التي ما تزال تضم رفات الاف الشهداء. إن محاولة حصر ما حدث في غزة بحماس وأحداث السابع من أكتوبر مع التركيز على إدانة حماس ووصفها بالارهابية، ما هي الا محاولة بائسة لتزييف التاريخ، بعد أن عرف العالم أجمع مَن هو الجلاد، ومَن هي الضحية، بالصوت والصورة، وعلى الهواء مباشرة.
لم يكن السابع من أكتوبر سوى نتيجة حتمية لعقود من العيش في ظل احتلال صهيوني يتعمد أبادة الشعب الفلسطيني، والاستيلاء على أراضيه بشتى الطرق. إن رفض أحرار العالم إدانة حماس، بل التركيز على أصل الموضوع والقضية، وإدانة الصهاينة والمجتمع الدولي المتآمر عمليا أو بصمته، كان أكثر من رائع، ولا يعكس صورة السياسي الفلسطيني الواعي والملهم، المدافع عن وطنه بكل ما أوتي من قوة فحسب، بل يعكس أيضا إيمان الملايين من أحرار العالم في جهاته الأربع بحق الفلسطينيين في العودة الى وطنهم، والعيش فيه بأمن وسلام، شأنهم شأن جميع شعوب العالم المتحضر، فالف تحية لكل هؤلاء جميعا.
كل أرض فلسطين حتى نعود
المصدر: شبكة انباء العراق
كلمات دلالية: احتجاجات الانتخابات البرلمانية الجيش الروسي الصدر الكرملين اوكرانيا ايران تشرين تشكيل الحكومة تظاهرات ايران رئيس الوزراء المكلف روسيا غضب الشارع مصطفى الكاظمي مظاهرات وقفات
إقرأ أيضاً:
ما رمزية استخراج جثة هدار غولدن وتأثيره على ملف مقاتلي حماس العالقين؟
يحمل إعلان كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- عن استخراج جثة الضابط الإسرائيلي هدار غولدن من مدينة رفح جنوبي قطاع غزة رمزية عميقة لدى المجتمع الإسرائيلي، فهو المتبقي الوحيد منذ حرب عام 2014.
ويُعد غولدن أحد أطول الأسرى الإسرائيليين بقاء في قبضة المقاومة داخل القطاع المحاصر، بعد أكثر من 11 عاما على أسره في أوج معركة "العصف المأكول".
ويمثل غولدن، الذي أُسر في الأول من أغسطس/آب 2014، عقدة عسكرية وسياسية لإسرائيل، إذ فشل جيش الاحتلال واستخباراته طوال عقد كامل في استعادته عبر القوة العسكرية أو المفاوضات مع المقاومة الفلسطينية.
وكانت إسرائيل قد طبقت آنذاك -لأول مرة- بروتوكول "هانيبال"، الذي يبيح للجيش استخدام قوة عسكرية مفرطة في محاولة للوصول إلى غولدن أو منع أسره "حتى لو وصل الأمر إلى مقتل هذا الجندي الأسير".
كما تبيّن لاحقا أن غولدن يرتبط بصلة قرابة بوزير الدفاع الأسبق موشيه يعالون، مما أضفى بعدا سياسيا على قضيته داخل إسرائيل.
سياق تفاوضي
وحسب مراسل الجزيرة في فلسطين إلياس كرام، فإن رمزية الحدث لا تقتصر على ذلك فحسب، بل تأتي في سياق تفاوضي حساس يرتبط بملف المقاتلين الفلسطينيين العالقين في رفح.
فقد ربطت تقارير صحفية -من بينها موقع أكسيوس الإخباري الأميركي- في الأيام الأخيرة بين تسليم جثة غولدن والسماح بممر آمن لإجلاء نحو 200 مقاتل من القسام عالقين في تلك المنطقة.
ويبدي رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير موافقة على هذا التصور وانتقال هؤلاء المقاتلين إلى منطقة آمنة، في وقت يرفض فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أي صفقة جديدة، مؤكدا أن على المقاتلين "الاستسلام أو البقاء تحت الأرض"، قبل أن يتراجع زامير لاحقا عن موافقته.
ومساء السبت، بثت الجزيرة مشاهد حصرية توثق انتشال كتائب القسام جثة غولدن برفقة فريق من الصليب الأحمر من أحد أنفاق رفح، بعد عمليات حفر كبيرة.
إعلانوقال مصدر قيادي في كتائب القسام للجزيرة إن القسام انتشلت أيضا جثامين 6 شهداء من مكان انتشال جثة غولدن.
في السياق ذاته، أشارت مصادر إسرائيلية إلى أن زامير توجّه إلى منزل عائلة غولدن، مما يعكس احتمال تلقي الجيش تأكيدات بشأن هوية الجثة، في حين لم تُعلن القسام حتى اللحظة نيتها تسليمها رسميا.
رسالة مزدوجة
في المقابل، ترى أوساط فلسطينية -حسب كرام- أن خطوة القسام تمثل رسالة سياسية مزدوجة هي: الالتزام ببنود التفاهمات السابقة، وفي الوقت نفسه إبقاء ورقة الضغط التفاوضية الأخطر بيدها، مع اقتراب طي أكثر الملفات حساسية في تاريخ الصراع بين المقاومة وإسرائيل.
وبناء على ذلك، قد تشهد الأيام المقبلة تحركات لوجيستية تمهيدا لتسليم الجثة، في ظل مؤشرات على نية المقاومة استكمال الاتفاق القائم الذي بدأ قبل أيام بتسليم جثة الضابط العقيد أساف حمامي، وهو أرفع ضابط تأسره المقاومة في تاريخها.
ويرى كرام أن هذا التطور يأتي في سياق "تطبيق بنود التفاهمات بحذافيرها"، بما يعكس رغبة حركة حماس في الحفاظ على مصداقيتها التفاوضية.
ويوضح أن إسرائيل استعادت في يناير/كانون الثاني الماضي جثة الجندي شاؤول آرون، كما استعادت إبراهام منغيستو وهشام السيد ضمن صفقة تبادل سابقة خلال الحرب الأخيرة، بانتظار تسلم جثة غولدن آخر الأسرى المحتجزين منذ عام 2014.
ومنذ بدء اتفاق وقف إطلاق النار في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أفرجت المقاومة الفلسطينية عن 20 أسيرا حيّا، وسلّمت جثث 23 من أصل 28، وقد بقيت 5 جثث تعود لأربعة إسرائيليين -بينهم الضابط هدار غولدن الذي انتشلت جثته اليوم من رفح- وتايلاندي.