كانت العلاقة بين المصريين بأعراقهم المختلفة والمماليك، عدائية نظرا لتمييز أنفسهم وانعزالهم عن المصريين، فقد ظل المماليك طوال فترة حكمهم التى امتدت لمدة قرنين ونصف تقريبًا (1250 – 1517) مجتمعًا مغلقًا، لم يختلطوا بالمصريين، وظلوا بمعزل عنهم مترفعين عليهم، محتفظين بجنسهم وعاداتهم، وكان التحدث باللغة التركية شرطًا أساسيا فى الانتساب إلى الطبقة الحاكمة.
تميز العصر المملوكى بالعديد من الانتصارات العسكرية وكثير من الآثار الإسلامية التى ما زالت شاهدة حتى الآن على تقدم فنون البناء والعمارة والزخرفة فى ذلك العصر.
وفى المقابل كان هناك كثير من الإخفاقات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، والبذخ المادى والفساد الذى أطاح بدولتهم فى نهاية الأمر.
عسكريًا نجحت دولة المماليك فى الحفاظ على مصر ووحدة أراضيها من الاحتلال العسكرى سواء من المغول أو الصليبيين ولم تتعرض لاحتلال مماثل لما حدث فى الشام والعراق، كما نجحت دولة المماليك فى الوقوف أمام أطماع البرتغاليين التوسعية ومحاولاتهم للسيطرة على البحر الأحمر وطرق التجارة.
أما اقتصاديًا فقد فشل المماليك فى تحقيق العدالة الاجتماعية والاستقرار المادى لعامة المصريين وعاشوا هم حياة البذخ والترف، وتعرضت مصر للعديد من المجاعات نتيجة إهمال المماليك للزراعة والصناعة، وترصد كتب التاريخ عدد المجاعات التى اجتاحت مصر من 1250م إلى عام 1517 والتى تجاوزت الـ20 مجاعة، كما رصدت حالات أكل لحوم بشر، بخلاف الأوبئة والجفاف والفيضانات وارتفاع أسعار السلع الغذائية التى كانت قاسمًا مشتركًا طوال فترة حكم المماليك.
وتشير كتب التاريخ إلى أن النظام الاقتصادى فى العصر المملوكى كان قائمًا على مبدأ الدولة الاحتكارية حيث يتركز الاقتصاد فى أيدى السلطان بداية من سك العملة والزراعة والصناعة والنقل المائى إلى احتكار المرافق العامة المنافسة للاستثمار الفردى فى الزراعة والتجارة والصناعة، واحتكرت دولة المماليك المواد الخام وأخذتها بالمجان، وعجزت الصناعات الفردية عن منافسة صناعة السلطان التى كانت تُعفى أيضاً من كافة الرسوم والضرائب.
ونتيجة للفشل فى الزراعة والصناعة لم يجد المماليك بديلًا عن الاعتماد على التجارة الخارجية باستغلال موقع مصر الجغرافى كمعبر لحركة التجارة بين الهند وأوروبا من خلال فرض الضرائب على البضائع التجارية أو تصدير التوابل والبخور الوارد من الهند، إلا أن الفساد الذى ساد فى أركان دولة المماليك وإسناد المناصب لأهل الثقة بدلًا من الكفاءات وانتشار الرشوة وشراء المناصب واحتكار السلطة والتجارة، وإقصاء المصريين وإهمال التعليم والبحث العلمى وقطاع الصحة، كل هذا أدى فى النهاية إلى تدهور الآلة العسكرية القوية للمماليك، وانهيارها على يد العثمانيين فى معركتى مرج دابق والريدانية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: موقع مصر الجغرافي
إقرأ أيضاً:
إبرام حزمة اتفاقيات لتمكين الكفاءات الوطنية في القطاع الصناعي تتضمن إنشاء مركز تدريب صناعي بشمال الباطنة
◄ مسن: الاستثمار في الكفاءات الوطنية أساس بناء اقتصاد قوي ومستدام
الرؤية- ريم الحامدية
تصوير/ راشد الكندي
في خطوة مهمه لتعزيز الشراكة مع القطاعين العام والخاص لتمكين الكفاءات الوطنية في القطاع الصناعي، وقّعت وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، أمس، مجموعة من الاتفاقيات مع عدد من المؤسسات الحكومية والخاصة، وذلك بحضور معالي قيس بن محمد اليوسف وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ومعالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد، وسعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن وكيل الوزارة للتجارة والصناعة، وسعادة محمد بن سليمان الكندي محافظ شمال الباطنة، وعدد من كبار المسؤولين التنفيذيين وممثلي الجهات المُوقِّعة.
وأكد سعادة الدكتور صالح بن سعيد مسن- في كلمة له- أن توقيع هذه الاتفاقيات يمثل محطة مهمة في مسار تعزيز القدرات الوطنية الصناعية، انطلاقًا من إيمان الوزارة العميق بأن الاستثمار في الكادر الوطني وتطوير مهاراته هو الأساس في بناء اقتصاد قوي ومستدام. وأوضح أن هذه المبادرات تأتي استكمالًا لتنفيذ مستهدفات الاستراتيجية الصناعية 2040، التي ترتكز على تنمية قطاع صناعي متنوع وقائم على المعرفة والتقنية. وأشار سعادته إلى أن الوزارة تعمل على ترجمة التوجهات الاستراتيجية للقطاع الصناعي إلى مشاريع ومبادرات عملية، تُسهم في رفع القيمة المضافة، وتنويع الأنشطة الصناعية، وزيادة الصادرات الصناعية، واستقطاب الاستثمارات النوعية، وتعزيز ثقة المستثمرين في بيئة الأعمال الصناعية.
وجاءت الاتفاقيات الموقعة لتجسد هذا التوجه؛ حيث تم توقيع اتفاقية بين وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار ومكتب محافظ شمال الباطنة وشركة “جندال ستيل” لإنشاء مركز تدريب صناعي بمحافظة شمال الباطنة، يهدف إلى تأهيل الكفاءات الوطنية ورفع جاهزيتها لسوق العمل، وتعزيز الابتكار والإنتاجية، ودعم جهود التوطين في القطاع الصناعي، بما ينسجم مع مستهدفات الاستراتيجية الصناعية 2040 وتوجهات رؤية "عُمان 2040".
كما تم توقيع اتفاقية تمويل بين الوزارة وشركة “دليل للنفط” لتطوير منصة “تصنيع”، وهي منصة إلكترونية تربط الصناعات الوطنية بالمشتريات والعقود في القطاع الصناعي، وتسهم في تعزيز القيمة المحلية المضافة ورفع كفاءة سلاسل التوريد.
وضمن التوجه نحو تعزيز التمكين الاقتصادي، تم توقيع برنامج تعاون بين الوزارة وشركة “العالمية للتجزئة”، بهدف توفير 300 فرصة تدريب وتأهيل وتوظيف للقوى العاملة الوطنية، منها 100 فرصة عمل مباشرة مقرونة بالتدريب، و200 فرصة تدريبية مقرونة بالتوظيف، ما يسهم في تمكين الكوادر العُمانية وتوسيع حضورها في سوق العمل.
وشهد الحفل أيضًا إشهار البرامج التدريبية لشركة صناعة الكابلات العُمانية، كنموذج ناجح في التدريب والتأهيل الصناعي، تأكيدًا على التزام الوزارة بتمكين الكوادر الوطنية وتعزيز الشراكة مع المصانع المحلية.
وأكد المهندس خالد بن سليم القصابي مدير عام الصناعة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، أن توقيع اتفاقيات برامج تطوير القدرات الوطنية يُعد محطة محورية نحو تحقيق مستهدفات التمكين الصناعي؛ حيث تضع هذه المبادرات الكادر الوطني في قلب العملية الصناعية من خلال تأهيله فنيًا ومهنيًا، وتزويده بالمهارات التقنية المتقدمة والمعارف التخصصية.
وأشار إلى أن هذه البرامج تأتي بالتعاون مع عدد من المؤسسات المتخصصة، بهدف ربط مخرجات التعليم باحتياجات السوق الصناعي، وضمان مواءمتها مع متطلبات الثورة الصناعية الرابعة والتحولات الاقتصادية المتسارعة، بما يسهم في بناء قاعدة وطنية مؤهلة قادرة على قيادة المنشآت الصناعية، ورفع كفاءتها الإنتاجية، وتعزيز تنافسيتها محليًا ودوليًا.
ومن جانبها، أوضحت نصرة بنت سيف الحبسية مدير عام التجارة بوزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، أنه تم توقيع برنامج تعاون مع شركة العالمية للتجزئة، يتضمن توفير 300 فرصة تدريب وتأهيل وتوظيف للقوى العاملة الوطنية، منها 100 فرصة عمل مباشرة مقرونة بالتدريب، و200 فرصة تدريبية مقرونة بالتوظيف؛ بما يعزز من حضور الكوادر الوطنية في سوق العمل ويُسهم في تمكينها اقتصاديًا.
وقال هارشا شيتي الرئيس التنفيذي لشركة جندال للحديد، إن عُمان تُجسّد من خلال مركز جندال لتدريب مهارات الشباب التزام الشركة برؤية "عُمان 2040"؛ إذ تُعد الاستدامة الاجتماعية من خلال الرياضة وتمكين الشباب جوهر فلسفتها. وأضاف أن سلطنة عُمان تتميز بنسبة شباب تصل إلى نحو 47% من إجمالي السكان، وهي فئة مفعمة بالحماس والطاقة والتطلّع، وتشكل المورد الحقيقي للوطن.
وأكد أن معهد جندال لتدريب المهارات سيعمل على تقييم احتياجات الشباب العُماني من المهارات، وتقديم برامج تدريب صناعي متخصصة لسد الفجوة المطلوبة للجاهزية الوظيفية والمساهمة في دفع مستقبل عُمان نحو الأفضل، مشيرًا إلى أن المركز جاء ثمرة الرؤية المشتركة بين وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار، ومكتب محافظ شمال الباطنة، ورئيس مجلس إدارة الشركة نافين جندال، ليكون منارة مشرقة لتنمية الشباب وتوفير فرص العمل للمجتمع المحلي.
وتسعى وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار من خلال مبادراتها وبرامجها المتنوعة إلى دعم وتعزيز القطاع الصناعي باعتباره ركيزة أساسية في منظومة التنويع الاقتصادي، وذلك من خلال تنفيذ الاستراتيجية الصناعية التي تهدف إلى تطوير بنية تحتية صناعية متكاملة، وتحفيز الاستثمارات المحلية والأجنبية، ورفع كفاءة الأداء الصناعي، وتعزيز التنافسية للصناعات الوطنية في الأسواق الإقليمية والعالمية. كما تعمل الوزارة على تهيئة البيئة التشريعية والتنظيمية المحفزة للنمو الصناعي، وتقديم التسهيلات والحوافز للقطاع الخاص، وتطوير المناطق الصناعية المتخصصة، إلى جانب التركيز على التحول نحو الصناعة الذكية والصناعات ذات القيمة المضافة العالية؛ مما يسهم في تحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة وتوفير فرص عمل نوعية للمواطنين.