كم أزمة يمكن لقوة عظمى مواجهتها معاً؟
تاريخ النشر: 5th, December 2023 GMT
"كم أزمة يمكن لقوة عظمى مواجهتها معاً؟" بهذا السؤال، استهل الكاتب السياسي جدعون راخمان مقاله في صحيفة "فايننشال تايمز" مشيراً إلى محاولات إدارة بايدن الحالية التعامل مع حروب في الشرق الأوسط وأوروبا، مع استعدادات لتصاعد التوترات بين الصين وتايوان.
روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية تعمل معاً بشكل أوثق
يحدث كل هذا مع تزايد احتمالات عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، والتي تثير تساؤلات عميقة حول مستقبل الديموقراطية الأمريكية ودور البلاد في العالم.يولّد الجمع بين كل هذه الأحداث شعوراً واضحاً بالتوتر والقلق داخل المكاتب الحكومية في واشنطن، لا يتعلق الأمر فقط بالعدد الهائل من الأزمات التي تواجه إدارة بايدن بل بواقع أن العديد منها يسير في الاتجاه الخاطئ كالحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، على سبيل المثال، وتبدو استطلاعات الرأي سيئة بالنسبة إلى بايدن. عنوان الحديث في يناير
يمكن أن تصل الأزمات الخارجية إلى ذروتها بسرعة كبيرة وفق راخمان، "إن الأشهر الثلاثة المقبلة قد تحدد السنوات القليلة المقبلة"، على حد تعبير أحد كبار المسؤولين الأمريكيين، ويشعر أحد الديموقراطيين البارزين بالقلق من أنه "بحلول يناير (كانون الثاني)، قد نتحدث عن الكيفية التي خسر بها جو بايدن أوكرانيا".
America and a crumbling global order https://t.co/rUbrTcVKan
— Financial Times (@FT) December 4, 2023
إن التمويل الجديد للجيش الأوكراني ومؤسساته المدنية عالق في الكونغرس. تبدو إدارة بايدن واثقة من أنه ستتم الموافقة على الأموال المخصصة لكييف في نهاية المطاف، لكن إذا لم يتم تمرير المساعدات المالية قبل نهاية العام، فقد تشعر أوكرانيا بآثارها على ساحة المعركة في غضون أسابيع.
كما تعثرت محاولات الاتفاق على حزمة جديدة من أموال الاتحاد الأوروبي لأوكرانيا بسبب الخلافات في بروكسل. ويحذر كبار المسؤولين العسكريين الأمريكيين الكونغرس من أنه إذا تم قطع التمويل عن البلاد وحقق بوتين تقدماً كبيراً في الحرب بنتيجة ذلك، فقد تهدد روسيا دول البلطيق بحلول نهاية 2024.
في الأسابيع المقبلة، من المتوقع أن تشن روسيا موجة مكثفة من الهجمات على البنية التحتية الأوكرانية على أمل شل إمدادات الطاقة والتدفئة في فصل الشتاء، حاولت موسكو الشيء نفسه في الشتاء الماضي وفشلت، لكن الروس لديهم الآن عدد أكبر بكثير من الصواريخ والطائرات بدون طيار، وذلك بفضل إيران وكوريا الشمالية والإنتاج المحلي المتزايد، تبدو الدفاعات الجوية الأوكرانية متهالكة في بعض الأماكن ويمكن أن يتم إرهاقها.
أضاف الكاتب أن هشاشة الوضع في أوكرانيا تحظى باهتمام أقل مما ينبغي بسبب الشرق الأوسط، تدفع إدارة بايدن ثمناً سياسياً باهظاً، في الداخل والخارج، بسبب دعمها لإسرائيل. وتمارس الولايات المتحدة الآن ضغوطاً علنية على إسرائيل لحملها على تغيير تكتيكاتها العسكرية في غزة وقتل عدد أقل من المدنيين الفلسطينيين.
US is overloaded by crises. Behind scenes there is irritation in DC that Israelis are using the implicit US security guarantee to take risks that could blowback on America. “The Israelis are playing with house money” is how one official puts it https://t.co/T4BUJ1BNyE
— Gideon Rachman (@gideonrachman) December 4, 2023
لكن المخاوف الأمريكية تمتد إلى ما هو أبعد من غزة، لا تزال إدارة بايدن تشعر بأنها قريبة بشكل خطير من حرب إقليمية أوسع تجر الولايات المتحدة إليها.
قد تؤدي الهجمات على السفن من قبل الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران إلى وقوع حادث تصعيدي، وثمة أيضاً أصوات إسرائيلية تزعم أن إسرائيل لم تعد قادرة على التسامح مع وجود ميليشيا حزب الله المدعومة من إيران على حدودها الشمالية، بعد هجمات السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، لكن الحرب بين إسرائيل وحزب الله يمكن أن تكون أكثر حدة من نزاع مع حماس.
ثمة بعض الاستياء في واشنطن من إصرار إسرائيل على أنها ستتخذ قراراتها الخاصة بشأن العمليات العسكرية، بينما تعتمد على العضلات الأمريكية في الخلفية، ولكن بعد السابع من أكتوبر، لا يزال ثمة عزوف عميق عن ممارسة ضغوط جدية على إسرائيل لحملها على تغيير مسارها.
شرق آسيا... بين التفاؤل الحذر والخوف
يعني إرسال حاملات طائرات أمريكية وأنظمة دفاع صاروخي إلى الشرق الأوسط أنها غير متاحة لمناطق الاضطرابات الأخرى، ليس لهذا الأمر آثار على أوكرانيا فقط، بل أيضاً على شرق آسيا.
التوقعات الحالية في واشنطن هي أن الفائز في الانتخابات الرئاسية التايوانية المقرر إجراؤها في 13 يناير (كانون الثاني) سيكون لاي تشينغ-تي الذي يعتبر في بكين انفصالياً خطيراً، وإذا استجابت الصين لانتصار لاي بعروض التهديد العسكري، فقد يؤدي ذلك بسهولة إلى إثارة أزمة جديدة.
ثمة تفاؤل حذر بأن استجابة بكين الأولية لانتصار لاي ستركز على الضغوط الاقتصادية والسياسية، لكن على مدار السنة، تستطيع الصين أن تنقل تهديدها العسكري لتايوان إلى مستويات جديدة، خصوصاً إذا بدت الولايات المتحدة مشتتة وضعيفة بفعل الأحداث في أوكرانيا والشرق الأوسط.
يوضح واقع أن الصين ستراقب أوكرانيا وغزة عن كثب، ويعتقد مسؤولون غربيون أن روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية يعملون معاً بشكل أوثق من ذي قبل، ويعتمد الروس الآن على الدعم الاقتصادي الصيني وهم غير مقيدين تقريباً في التعاون العسكري مع كوريا الشمالية وإيران.
سؤال جيد
مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية، تغذي كل هذه الأزمات الدولية السياسات الأمريكية، سينتهز ترامب كل فرصة لاتهام بايدن بالإشراف على حقبة من الضعف والتراجع، مستشهداً بأفغانستان وأوكرانيا وغزة ومضيق تايوان.
ستساهم انتخابات أمريكية فوضوية ومثيرة للانقسام، مع كون ترامب الشخصية المركزية، في توليد قوي للانطباع بضعف الولايات المتحدة وانحدارها.
وستستمتع الصين وروسيا وإيران بالتساؤل حول الكيفية التي يمكن بها لأميركا أن تعد بالدفاع عن الديمقراطيات في الخارج، في حين أن ديمقراطيتها تعاني من الكثير من المتاعب في الداخل، وختم راخمان: "لسوء الحظ، إنه سؤال جيد".
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية الولایات المتحدة إدارة بایدن
إقرأ أيضاً:
إسطنبول على موعد مع مفاوضات محورية.. ترامب يدخل على خط أزمة أوكرانيا وروسيا
تشهد الأزمة الأوكرانية الروسية تطورات دبلوماسية لافتة، مع إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رغبته في المشاركة بمحادثات مرتقبة في مدينة إسطنبول التركية، ما أثار تفاعلًا واسعًا في الأوساط السياسية العالمية.
وتأتي هذه الخطوة المفاجئة في وقت حساس، يتزامن مع استعداد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للسفر إلى تركيا، وسط تكهنات بلقاء مباشر مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، سيكون الأول من نوعه منذ عام 2019.
وتوحي التحركات الدبلوماسية المكثفة من واشنطن وموسكو وعواصم أوروبا بأن العالم يقف على أعتاب مرحلة جديدة قد تعيد تشكيل مستقبل الحرب الأطول في القارة الأوروبية منذ الحرب العالمية الثانية، بينما تتجه الأنظار إلى يوم الخميس، حيث تُعقد المحادثات التي توصف بأنها "مفصلية".
ترامب يعلن رغبته في حضور قمة إسطنبول
في تصريح لافت من البيت الأبيض، قال الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب: "لا تستهينوا بيوم الخميس في تركيا"، في إشارة واضحة إلى عزمه الانضمام إلى المحادثات المزمع عقدها في إسطنبول.
ويأتي هذا الإعلان بعد يوم من تأكيد زيلينسكي عزمه السفر إلى تركيا، مما يزيد من احتمالات حدوث تغيير استثنائي في مسار الأزمة عبر حوار مباشر بين قادة الأطراف المعنية.
تحركات أمريكية لتوحيد الموقف مع أوروبا
توازيًا مع تصريح ترامب، أجرى وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو سلسلة مشاورات هاتفية مع نظرائه في فرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي، بهدف بلورة موقف موحد لوقف إطلاق النار في أوكرانيا.
وشارك في هذه المشاورات وزيرا خارجية ألمانيا وبولندا، إضافة إلى وزير الخارجية الأوكراني، وهو ما يؤشر إلى تنسيق غربي غير مسبوق قبيل مفاوضات الخميس.
روسيا تنسق مع أنقرة وتحافظ على الغموض
من جانبه، أجرى وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف مباحثات مع نظيره التركي هاكان فيدان، لمناقشة آليات عقد المفاوضات في إسطنبول، دون أن تعلن موسكو حتى الآن من سيمثلها أو موقفها النهائي من لقاء ترامب أو زيلينسكي.
وينتظر أن تكشف الأيام المقبلة مدى جدية الكرملين في التفاعل مع المقترحات الدولية المطروحة على الطاولة.
ضغط أوروبي وتهديد بعقوبات جديدة
في المقابل، تسعى الدول الأوروبية إلى فرض هدنة فورية وغير مشروطة لمدة 30 يومًا، في محاولة لتهدئة الوضع الميداني.
وأعلنت الحكومة الألمانية أن الاتحاد الأوروبي يستعد لفرض عقوبات جديدة على موسكو، إذا لم تستجب الأخيرة لمبادرة وقف إطلاق النار قبل نهاية اليوم.
الوضع الميداني
رغم الجهود الدولية، أكد الجيش الأوكراني أن القتال لا يزال مستمرًا بشدة على الجبهات الشرقية، فيما رفض الكرملين المطالب الأوروبية، واعتبرها "إنذارات غير مقبولة"، مؤكدًا أن لغة الضغط غير مناسبة للحوار مع روسيا.
تفاؤل روسي مشروط بموقف أوكرانيا
في تصريح يعكس تطلعًا حذرًا، أعرب رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي، كونستانتين كوساتشيف، عن أمل موسكو في تحقيق تقدم في محادثات إسطنبول، شرط تخلي الجانب الأوكراني عن "الإنذارات".
وقال: "إذا جاء الوفد الأوكراني مفوضًا بالحوار البناء، يمكننا تحقيق تقدم حقيقي هذه المرة."