أعربت الأمم المتحدة، الخميس، عن قلقها البالغ إزاء أعمال العنف في العاصمة الليبية، حيث يسود هدوء حذر بعد 72 ساعة من القتال العنيف داخل الأحياء السكنية بين القوات الموالية للحكومة والجماعات المسلحة المنافسة لها.

ودعت المنظمة الدولية للهجرة في بيان إلى « وقف فوري للقتال لضمان سلامة المدنيين ورفاههم بموجب القانون الدولي الإنساني ».

وأبدت المنظمة الأممية قلقها « جراء التصعيد الأخير للعنف في طرابلس… ونحن قلقون أيضا من حشد الجماعات المسلحة في المناطق المحيطة ».

في غضون ذلك، أعلنت تركيا الداعمة لحكومة عبد الحميد الدبيبية في طرابلس، أنها تستعد لإجلاء أي رعايا يرغبون في ذلك من العاصمة الليبية.

وفي حين ساد الهدوء شوارع العاصمة الخميس، أغلقت المدارس وجامعة طرابلس أبوابها، كما أغلق مطار معيتيقة، المرفق الجوي الوحيد الذي يخدم العاصمة. وتبقى أبواب العديد من الشركات والمؤسسات مغلقة، باستثناء عدد قليل من متاجر البقالة المحلية، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس.

وبدأت الاشتباكات ليل الاثنين مع إطلاق « اللواء 444 » التابع لوزارة الدفاع الحكومية، عمليات عسكرية استهدفت « جهاز دعم الاستقرار »، وأدت إلى مقتل رئيسه عبد الغني الككلي، القيادي الأبرز للمجموعات المسلحة التي تسيطر على مناطق مهمة في طرابلس منذ العام 2011.

واستمرت المعارك حتى الثلاثاء بين قوات الككلي ومجموعات موالية للدبيبة، ما أسفر عن مقتل ستة أشخاص على الأقل، بحسب مصادر رسمية.

ورغم توقف الاشتباكات، حذر جهاز دعم الاستقرار في بيان، الخميس، من أن مقتل قائده لن يزيده « إلا عزما على ملاحقة المتورطين بلا هوادة، أينما كانوا ». وبحسب عائلته، فإن الككلي قتل بالرصاص في « كمين » عندما توجه إلى ثكنة تابعة للواء 444.

وتدير ليبيا المنقسمة منذ سقوط الدكتاتور معمر القذافي ومقتله في عام 2011، حكومتان متنافستان الأولى هي حكومة الدبيبة، المعترف بها من الأمم المتحدة، والأخرى في الشرق يسيطر عليها المشير خليفة حفتر.

وتعقيبا على مقتل القيادي البارز وهروب حلفائه الرئيسيين، تحدث الدبيبة عن « خطوة حاسمة نحو القضاء على المجموعات غير النظامية وترسيخ مبدأ أنه لا مجال في ليبيا إلا لمؤسسات الدولة ».

ويرى خبراء أن الدبيبة يحاول استعادة السيطرة بعد سنوات من تساهل حكومته مع الجماعات المسلحة العديدة التي تتقاسم طرابلس ومؤسساتها الرئيسية.

وفي إشارة إلى استمرار التوترات، تعرض مساء الأربعاء سكان حي أبو سليم في جنوب العاصمة، والذي يعد معقلا لجهاز دعم الاستقرار المستهدف من الاشتباكات، لإطلاق نار كثيف لتفريقهم أثناء تحرك أمام مقر اللواء 444 للمطالبة برحيل عناصره من المنطقة.

وأثارت قرارات حل وإعادة تشكيل أجهزة أمنية مرتبطة بجهاز الردع ضجة في معقله سوق الجمعة في شرق طرابلس، حيث خرجت مظاهرة شارك فيها المئات مساء الأربعاء، رددوا خلالها شعارات تطالب برحيل الدبيبة.

وشملت قرار رئيس الحكومة في طرابلس إعادة تشكيل أجهزة أمنية بما في ذلك حل « إدارة العمليات والأمن القضائي » وهو تشكيل يتبع وزارة العدل، ويعد أحد الأذرع الموالية لجهاز الردع.

وكانت وزارة الدفاع في حكومة الدبيبة أعلنت « وقف إطلاق النار على جميع الجبهات لحماية المدنيين والحفاظ على مؤسسات الدولة ومنع المزيد من التصعيد »، مضيفة أنها نشرت قوات في العاصمة لضمان عودة الهدوء.

من جانبه، أمر المجلس الرئاسي الذي تتبع إليه قوات الردع بوقف « فوري وغير مشروط » للقتال ولـ »استخدام السلاح في المناطق المدنية ».

ويتمركز جهاز الردع المصنف من أقوى التشكيلات المسلحة في قاعدة طرابلس الجوية، والتي تضم مطار معيتيقة الدولي وسجن طرابلس الذي يعد الأكبر في العاصمة.

ويسيطر جهاز الردع على الجزء الشرقي للعاصمة كما يفرض سيطرته على عدد من المقرات الحيوية في طرابلس.

وقالت كلوديا غاتزيني من مجموعة الأزمات الدولية لفرانس برس، إن « تعزيز هذه الاشتباكات لسلطة الدبيبة أو تقويضها هو سؤال إجابته مفتوحة ».

وأفاد الخبير جلال حرشاوي بأن الوضع الحالي « أكثر خطورة من أعوام 2011 و2014 و2019 » بسبب تسلل « عدد متزايد من الفصائل المسلحة » إلى وسط طرابلس.

وأشار إلى أن فشل الدبيبة وحلفائه في تحقيق « نصر سريع » ضد الردع قد يؤدي إلى « معركة طويلة ومدمرة ».

وعلى الرغم من أن طرابلس تنعم بهدوء نسبي منذ الهجوم العسكري الواسع النطاق الذي شنته قوات حفتر في 2019 وانتهى في حزيران/يونيو 2020 بوقف دائم لإطلاق النار، إلا أن العاصمة تشهد من حين لآخر اشتباكات بين مجموعات مسلحة متنافسة لأسباب تتعلق بالصراع على مناطق النفوذ والمواقع الحيوية.

(وكالات)

 

 

كلمات دلالية اشتباكات اطلاق النار الامم المتحدة عنف ليبيا

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: اشتباكات اطلاق النار الامم المتحدة عنف ليبيا فی العاصمة جهاز الردع فی طرابلس

إقرأ أيضاً:

6 أسئلة تشرح الوضع الأمني في العاصمة الليبية طرابلس

طرابلس- أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، إقالة رئيس جهاز الأمن الداخلي لطفي الحراري وتعيين العميد مصطفى الوحيشي، ضابط جهاز المخابرات الليبية، خلفا له، أمس الثلاثاء.

ويأتي هذا القرار على خلفية التدهور الأمني الذي شهدته العاصمة طرابلس، الاثنين الماضي، عقب مقتل رئيس جهاز دعم الأمن والاستقرار عبد الغني الككلي الملقب بـ "غنيوة".

وفي محاولة لفهم أبعاد القرار الأخير والوضع الأمني المتوتر في طرابلس وسبب مقتل "غنيوة"، تستعرض الجزيرة نت أبرز التطورات في العاصمة الليبية، من خلال الإجابة عن أهم الأسئلة التي يثيرها هذا المشهد المتسارع.

ما الذي دفع حكومة الوحدة للتخلي عن غنيوة وتفكيك نفوذه؟

يُعد الحراري من الشخصيات المقربة من غنيوة، مما جعل الأخير يفرض سيطرته على جهاز المخابرات الليبية، وأعاق بدوره حكومة الوحدة عن أداء مهامها.

ويُتّهم غنيوة بتدخلاته المستمرة في المؤسسات السيادية، حيث كان يسيطر على جهاز الرقابة الإدارية، وتسبب بانقسامات داخل ديوان المحاسبة الليبي، وحاول مؤخرا إحكام قبضته على المؤسسة الوطنية للنفط، الأمر الذي عرقل عمل الحكومة بشكل كبير.

لكن هذه التدخلات لم تكن وليدة اللحظة، بل جاءت نتيجة اتفاق غير معلن بين حكومة الوحدة والككلي فُتح بموجبه الباب أمام تثبيت رجاله في مفاصل حساسة من الدولة، مقابل توفير الحماية الأمنية للعاصمة.

من هو عبد الغني الككلي..

رئيس جهاد دعم الاستقرار في طرابلس..

الملقب بغنيوة..

والذي اغتيل في اشتباكات مسلحة بالعاصمة الليبية.. pic.twitter.com/O7yB67Cvu6

— ATLibya (@libya_at) May 12, 2025

من عبد الغني الككلي؟ وما مصادر قوته ونفوذه؟

عُرف عبد الغني الككلي بتورطه في عدة أعمال إجرامية، وقضى أكثر من 10 سنوات في السجن عقب إدانته بالقتل. أُفرج عنه بعد ثورة 17 فبراير، وبرز خلال تلك الفترة بانضمامه إلى صفوف "الثوار".

إعلان

استفاد الككلي من الفراغ الأمني والسياسي، وكسب نفوذه لاحقا بفضل المناصب الأمنية المتعددة التي شغلها، ولعل أبرزها رئاسة "جهاز دعم الاستقرار"، وهو المنصب الذي حصل عليه في إطار جهود الدولة لدمج المليشيات ضمن مؤسساتها الرسمية خلال فترة حكومة الوفاق في 2021.

كسب غنيوة وكتيبته من هذا المنصب غطاء رسميا وسّع من خلاله نفوذه خارج طرابلس، ونسج علاقات واسعة داخل دوائر السلطة، التي مهدت له لاحقا الطريق نحو عالم المال والأعمال من خلال النفط الليبي.

كما شكّل "كتيبة أبو سليم"، إحدى أقوى كتائب طرابلس، التي بسطت نفوذها في حفظ الأمن ومكافحة الجريمة المنظمة، إلا أنها تُتهم أيضا بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك سوء إدارة السجون والاعتقالات التعسفية.

وقد وثقت مقاطع مصورة الاتهامات، حيث نشر نشطاء عبر منصات التواصل مقاطع من داخل سجون غنيوة التي تشبه القبور تحت أرض "سوق بوسليم"، أحد أكثر الأماكن حيوية في طرابلس.

تحت أقدام الباعة وصخب المتجولين، لم تُسمع صرخات السجناء في الأسفل، لكن أكياس الجثث المتناثرة وظروف الاحتجاز القاسية تروي انتهاكات الككلي.

أُحيي وزارتي الداخلية والدفاع، وجميع منتسبي الجيش والشرطة، على ما حققوه من إنجاز كبير في بسط الأمن وفرض سلطة الدولة في العاصمة.

إن ما تحقق اليوم يؤكد أن المؤسسات النظامية قادرة على حماية الوطن وحفظ كرامة المواطنين، ويُشكل خطوة حاسمة نحو إنهاء المجموعات غير النظامية، وترسيخ مبدأ…

— عبدالحميد الدبيبة Abdulhamid AlDabaiba (@Dabaibahamid) May 13, 2025

ما الذي يحدث في طرابلس؟

شهدت العاصمة الليبية، أول أمس الاثنين، اشتباكات دامية في جنوبها أسفرت عن مقتل غنيوة. وجاءت هذه الاشتباكات بعد تصاعد التوتر الأمني بين الجماعات المسلحة وجهاز دعم الاستقرار الذي كان يرأسه الككلي.

ما الدور الذي تلعبه حكومة الوحدة الوطنية في المشهد الأمني الراهن؟

أعلنت وزارة الدفاع بحكومة الوحدة الوطنية "فرض السيطرة" على منطقة بوسليم وكافة الأجهزة التابعة لجهاز دعم الأمن والاستقرار. وأضافت، في بيان، أن العملية العسكرية انتهت بنجاح، لكنها تواصل العمل لضمان الحفاظ على الاستقرار الأمني في أحياء طرابلس.

إعلان

بدوره، وجه رئيس الحكومة عبد الحميد الدبيبة تحية لوزارتي الداخلية والدفاع وكافة الأجهزة الأمنية عبر حسابه على منصة "إكس"، وقال "ما تحقق اليوم يؤكد أن المؤسسات النظامية قادرة على حماية الوطن وحفظ كرامة المواطنين"، معتبرا أن ما تحقق خطوة حاسمة نحو إنهاء ما سماه المجموعات غير النظامية لحفظ أمن البلاد.

كيف تفاعلت الأطراف الدولية مع التطورات الأمنية في العاصمة الليبية؟

قدم وزير الخارجية الليبي المكلّف الطاهر الباعور إحاطة شاملة حول المستجدات الأمنية والسياسية في طرابلس، خلال اجتماع موسع عقده، أمس الثلاثاء، مع رؤساء البعثات الدبلوماسية المعتمدين لدى ليبيا ونائبة المبعوثة الأممية لدى ليبيا، ستيفاني خوري.

من جانبه، شدد كل من وزير الخارجية المصري بدري عبد العاطي ونظيره التركي هاكان فيدان على أهمية إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في أقرب وقت، خلال لقائهما، أمس الثلاثاء، لبحث التطورات الأمنية في ليبيا.

في المقابل، حذرت بريطانيا رعاياها من السفر إلى طرابلس بسبب التمركزات العسكرية المكثفة، كما حذرت السفارات مواطنيها في ليبيا من الخروج أو التجول أثناء الاشتباكات.

كيف تبدو طرابلس بعد مقتل غنيوة؟

تستمر الاشتباكات في مناطق واسعة من العاصمة طرابلس بين قوات تابعة لحكومة الوحدة من جانب، وقوات جهاز الردع وقوات من المنطقة الغربية داعمة لها من جانب آخر. وبينما أعربت الأمم المتحدة عن قلقها البالغ، دعت السفارة الفرنسية في ليبيا لوقف إطلاق نار فوري.

في الأثناء، قررت 4 بلديات في العاصمة تعليق العمل والدراسة بسبب الاشتباكات. كما قررت السلطات تحويل جميع الرحلات القادمة لمطار معيتيقة الدولي (شرقي العاصمة طرابلس) إلى مطار مصراتة الدولي.

وتعاني ليبيا بين الحين والآخر من مشاكل أمنية في ظل انقسام سياسي متواصل منذ عام 2022، إذ تتصارع حكومتان على السلطة: الأولى حكومة الوحدة المعترف بها أمميا برئاسة عبد الحميد الدبيبة ومقرها طرابلس، وتدير غربي البلاد بالكامل.

إعلان

والثانية حكومة أسامة حماد التي كلفها مجلس النواب ومقرها مدينة بنغازي، وتدير شرقي البلاد بالكامل ومدنا في الجنوب

مقالات مشابهة

  • الدبيبة يستهدف جهاز الردع بعد الككلي.. هل ينجح في هزيمته أم تنتهي حكومته؟
  • اشتباكات العنف بطرابلس الليبية تعيد شبح التصعيد إلى الواجهة
  • دوغة: الدبيبة خسر الشارع بعد الهجوم على الردع
  • حرب الاخوة الأعداء : هدوء ليلي بعد تجدد الاشتباكات في أنحاء متفرقة من العاصمة الليبية
  • الهدوء يعود الى طرابلس بعد اعلان الحكومة الليبية وقف اطلاق النار
  • تجدد الاشتباكات بين المجموعات المسلحة في العاصمة الليبية
  • وزارة الدفاع بحكومة الدبيبة تعلن وقفا لإطلاق النار وتحذير أممي من التصعيد بليبيا
  • 6 أسئلة تشرح الوضع الأمني في العاصمة الليبية طرابلس
  • تصاعد الاشتباكات في طرابلس.. فرار سجناء وفوضى أمنية