5 أولويات رئيسية لمكافحة تغير المناخ في إفريقيا خلال «COP28»
تاريخ النشر: 9th, December 2023 GMT
دبي - وام
أعلن المجتمع المدني الإفريقي عن خمس أولويات رئيسية لمكافحة تغير المناخ، هي التكيف، والخسائر، والأضرار، وأنظمة استخدام الغذاء والأراضي، وحماية الغابات واستعادتها.
جاء الإعلان على لسان سيكو سار، السكرتير التنفيذي لمنظمة أندا العالم الثالث، التي تمثل مجموعة من المنظمات غير الحكومية الإفريقية خلال حدث عقد على هامش مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «COP28» في دبي.
واجتمعت هذه المنظمات غير الحكومية في إطار منصة مشتركة، تم إطلاقها خلال مؤتمر «COP28»، وهي تحالف مجموعة البنك الإفريقي للتنمية والمجتمع المدني للمناخ والطاقة.
وقال أكينوومي أديسينا، رئيس البنك الإفريقي للتنمية: «يجب أن تكون القارة قادرة على الاستفادة من ثرواتها الطبيعية.. ولا ينبغي قياس الاقتصادات الإفريقية من خلال ناتجها المحلي الإجمالي، بينما يجب علينا تقييم ثروة إفريقيا على أساس رأسمالها الطبيعي».
وأضاف أن الموارد المعدنية والغابات والطاقة المتجددة الهائلة في القارة يجب أن تلعب دوراً في الميزان، لافتاً إلى أن حوض الكونغو، هو أكبر احتياطي للكربون في العالم، لكنه لا يؤخذ في الاعتبار في تقييم الناتج المحلي الإجمالي لدول المنطقة.
ويدعم التحالف دعوة الزعماء الأفارقة لتوجيه حقوق السحب الخاصة لتمويل المناخ إلى إفريقيا، بما في ذلك من خلال البنك الإفريقي للتنمية.
ودعا التحالف المجتمع الدولي والحكومات وشركاء التنمية إلى تنفيذ أفضل الممارسات والابتكارات والتقنيات بطريقة شاملة، وإشراك المزارعين والمجتمعات المحلية، خاصة النساء والشباب، في نهج يجمع بين المعرفة العلمية والتقليدية دون الإضرار بالتنوع البيولوجي أو المساس بمرونة المجتمع.
كما دعا الأطراف إلى ضمان أن يكون التكيف والمرونة في صميم الاقتصادات الإفريقية المعرضة لتغير المناخ.
وأكدت بيث دانفورد، نائبة رئيس البنك، المسؤولة عن الزراعة والتنمية البشرية والاجتماعية، خلال المناقشات مع المجتمع المدني، أن التحالف «مهم للغاية» بالنسبة لإفريقيا، مشيرة إلى أن البنك يخصص 64% من تمويله للتكيف مع تغير المناخ في القارة، وأنه فتح للتو نافذة للعمل المناخي تهدف إلى توفير موارد محددة ومساعدة فنية لأقل البلدان نمواً في القارة.
من جهته أشاد أوغسطين نجامنشي، رئيس التحالف، بالعلاقة بين المؤسسات المالية التنموية والمجتمع المدني والقطاع الخاص في مكافحة تغير المناخ في إفريقيا.
وقال: «إن مضاعفة تمويل التكيف لن تكون كافية للقارة لأن الحكومات أنفقت حالياً الكثير من الأموال»، داعياً المجتمع المدني والقطاع الخاص، خاصة البنوك، إلى العمل معاً من أجل مصلحة القارة.
من جانبها، قالت بولين نانتونجو كالوندا، المديرة التنفيذية لصندوق «إيكوتراتس فند»، إن العمل المشترك للمجتمع المدني والقطاع الخاص مكّن 15 ألفاً من صغار المزارعين من تطوير زراعة الأشجار لتعزيز تخزين الكربون، داعية إلى إزالة الحواجز التي تحول دون وصول المجتمعات إلى التمويل المناخي.
فيما شددت ميثيكا مويندا، رئيسة تحالف العدالة المناخية لعموم إفريقيا، وهو شبكة قوية تضم أكثر من 1000 منظمة مناخية إفريقية، على الدور التحفيزي للمجتمع المدني، مشيدة بالشراكة مع البنك التي مكنت من تقديم التزامات كبيرة.
وقال روجر بارو، وزير البيئة في بوركينا فاسو، إن الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني يشكلون «ترادفاً» في مكافحة تغير المناخ في هذا البلد الساحلي، مشيراً إلى أطر التشاور التي وضعتها الحكومة للعمل مع هذه الكيانات المختلفة.
المصدر: صحيفة الخليج
كلمات دلالية: فيديوهات كوب 28 أفريقيا المجتمع المدنی تغیر المناخ فی والقطاع الخاص
إقرأ أيضاً:
نحو مقاربة مختلفة لعلاقة المجتمع المدني بـمنظومة الاستعمار الداخلي
بعد إعلان الرئيس قيس سعيد عن إجراءاته "التصحيحية" يوم 25 تموز/ يوليو 2021، كان واضحا من خلال المراسيم والأوامر الرئاسية أن تونس تتجه نحو إعادة هندسة جذرية للحقل السياسي ومجمل الفضاء العمومي بسرديةٍ تقوم نظريا على "التأسيس الثوري الجديد"، وعمليا على تعامد وظيفي بين "تصحيح المسار" والنواة الصلبة للمنظومة القديمة ورعاتها الإقليميين، خاصةً محور الثورات المضادة. وبصرف النظر عن طبيعة تلك الإجراءات (هل هي انقلاب على الدستور وغير شرعية أم هي قراءة ما فوق دستورية وشرعية)، فإن الرئيس قد استفاد -خاصة قبل صدور المرسوم 117 المؤرخ في 22 أيلول/ سبتمبر 2021- من مساندة أغلب مكونات المجتمع المدني، بل أغلب الأجسام الوسيطة حتى في الحقل السياسي.
إننا أمام مساندة كنا قد فصّلنا القول فيها طيّ مقالات سابقة (انظر مثلا "في العلاقة بين تصحيح المسار والمجتمع المدني" أو "تصحيح المسار والأجسام الوسيطة في المجتمع المدني")، ولذلك سيكون مقالنا هذا محاولة لتأصيل/ تجريد الملاحظات الاستقرائية والخلاصات القائمة عليها من خلال تقديم عناصر إجابة عن السؤال التالي: هل المجتمع المدني في "الكيانات الوظيفية" (ما يسمى دولة وطنية أو دولة-أمة) هو أجسام وسيطة تُمثل "المجتمع" أمام الدولة، أم هو جزء بنيوي من "النظام" ومن الآلات الأيديولوجية المسخّرة لتأبيد مصالح النواة الصلبة لمنظومة الاستعمار الداخلي وإخراج أساطيرها التأسيسية من دائرة السجال العمومي؟
"النظام" الذي لم يُسقطه الشعب التونسي في "الثورة" قد دفع بجناحه المدني إلى الواجهة؛ بعد حل ممثله السياسي -التجمع الدستوري الديمقراطي- بحكم قضائي وعجز حلفائه في الأحزاب الكرتونية وفي السرديات "الثورية" عن ملء الفراغ، قبل استعادة النظام لتوازنه وتأسيس "حركة نداء تونس"
منذ الاستقلال، عاشت تونس تحت هيمنة ما يسميه المرحوم محمد أركون ثالوث "الزعيم-الحزب-الأمة"، حيث يكون الزعيم هو مركز السلطة وحيث يكون الحزب الواحد هو المكلف بتفعيل "توجيهاته" التي يفترض فيها دائما أن تكون معبّرة عن إرادة الشعب دون الحاجة إلى الرجوع إليها. وكانت "السلطة" التي تحولت بالتدريج إلى منظومة استعمار داخلي تقوم على بنية جهوية-ريعية-زبونية بحيث تتوزع امتيازاتها على أساس استفادة جهات معينة من الريع وتسهيل سيطرتها على مفاصل الدولة، و"رشوة" بعض الجهات الأخرى من خلال دور محدود في السلطة عبر اتحاد الشغل وغيره.
ويمكن لأي دراسة استقرائية لبنية السلطة و"شركائها" الاجتماعيين أن تؤكد صدق هذه الملاحظة: تمركز أغلب العائلات الريعية والمراكز السلطوية في جهات معينة خلال اللحظتين الدستورية والتجمعية، وهي في الأغلب الأعم ليست الجهات نفسها التي تنتمي إليها القيادات النقابية الدستورية أو يسارية والقومية. (لمزيد التوسع، انظر الكتاب القيم للأستاذ الصغير الصالحي: الاستعمار الداخلي والتنمية غير المتكافئة؛ منظومة "التهميش" في تونس نموذجا).
لقد كان اتحاد الشغل منذ تأسيس الدولة-الأمة البورقيبية جزءا من مكوّنات النظام، ولم يكن انحيازه ضد صالح بن يوسف إلا تعبيرا عن انخراطه التام في السردية المؤسسة للدولة، كما لم تكن صراعاته التالية مع بورقيبة ومع وريثه على رأس النظام إلا صراعا داخل النظام وليس ضده. فدور الاتحاد هو أساسا تحسين شروط الاستعباد أو تخفيف الضغط على "منظومة التهميش" كما يسميها الأستاذ الصالحي، ولم يكن مطروحا -رغم مزايدات سردياته اليسارية بشقيها الماركسي والقومي- إسقاط النظام أو الخروج من ربقة منظومة الاستعمار الداخلي. فالاتحاد لم يعارض سياسات بورقيبة التي مكنت لمنطقة الساحل مثلا وهمشت أغلب مناطق الظل/ الذل، بل لم يعارض بصورة تُذكر تحول بورقيبة إلى رئيس مدى الحياة يوم 19 آذار/ مارس 1975 بموجب القانون الدستوري رقم 75-13، وكان شريكا اجتماعيا للسلطة بعد انقلاب 7 نوفمبر وجزءا من آلات القمع الأيديولوجي رفقة أغلب المنظمات المدنية الداعمة لـ"صانع التغيير" وللحزب الحاكم؛ باعتباره قاطرة "القوى الديمقراطية" في مواجهة "الظلامية" و"الرجعية الدينية" المهددة لما يسمى بـ"النمط المجتمعي التونسي".
عندما تحدث المفكر التونسي أبو يعرب المرزوقي عن الاتحاد العام التونسي للشغل باعتباره أحد جناحي نظام المخلوع فإنه لم يجانب الصواب، ولكنه لم يقل الحقيقة كاملة. فالتجمع الدستوري كان الجناح السياسي للحكم عبر "الشُّعب الترابية"، أما الاتحاد فكان الجناح النقابي عبر "الشُّعب المهنية". ولكننا نرى أن طرح الفيلسوف يحتاج إلى تعديل بسيط كي يكون مطابقا للاستقراء وإن كان استقراء غير تام. فالتجمع كان يحكم من خلال هندسة حقل سياسي "صوري" تهيمن الدولة على "عائلته الديمقراطية" القانونية وتخترق مكوّناته غير القانونية، أما الاتحاد فإنه ليس إلا جزءا من الجناح المدني الذي يحتاجه النظام لشرعنة انحرافاته وللدفاع عن نفسه أمام رُعاته الأجانب في الغرب، عبر رسم صورة كاذبة للتعددية والحريات الفردية والجماعية. ولذلك لم يكن الاتحاد وباقي المنظمات المدنية بعد "الثورة" بقادرين على قطع الحبل السري مع المنظومة القديمة ومع نواتها الصلبة، والتأسيس لدور جماعي مستأنف.
إن قول الدكتور فتحي الجراي (آنظر مقال: الاتحاد العام التونسي للشغل ودوره في الانتقال الديمقراطي وتشكيل الواقع السياسي؛ مركز الجزيرة للدراسات، 1 كانون الأول/ ديسمبر 2022) بأنه "لا يختلف اثنان في تونس على أن الاتحاد العام التونسي للشغل هو الطرف الأكثر تأثيرا في مجريات الشأن العام في تونس بعد الثورة" هو قول صحيح في المستوى الوصفي، ولكن تفسيره لهذه القوة "الطارئة" بتشظي المشهد الحزبي وضعف الدولة وتمرد المجتمع عليها، ذلك الشعب الذي "أسقط رأس النظام وإن لم يسقط النظام"، هو تفسير جيد ولكنه لا يستخلص النتائج المنطقية من المقدمات التي ينبني عليها. فنحن نذهب إلى أن تعقد علاقات الاتحاد وغيره من الأجسام الوسيطة بالسلطة قبل الثورة وبعدها؛ هي فعلا ضرب من "التعاون الصراعي" و"الارتباط التخادمي" و"التحالف الموضوعي" و"التقاء المصالح" كما يذكر الدكتور الجراي، ولكنها علاقات بين مكونات منظومة الاستعمار الداخلي، أو تحديدا هي علاقات صراع بين النواة الصلبة لتلك المنظومة (المركب الجهوي-المالي-الأمني) وبين أذرعه الوظيفية داخل الأجسام الوظيفية المدنية (الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، المنظمات النسوية، الإعلام، اتحاد الشغل.. الخ).
إذا انطلقنا مما تقدم، فإننا سنقول بأن "النظام" الذي لم يُسقطه الشعب التونسي في "الثورة" قد دفع بجناحه المدني إلى الواجهة؛ بعد حل ممثله السياسي -التجمع الدستوري الديمقراطي- بحكم قضائي وعجز حلفائه في الأحزاب الكرتونية وفي السرديات "الثورية" عن ملء الفراغ، قبل استعادة النظام لتوازنه وتأسيس "حركة نداء تونس". ولذلك فإن قوة الاتحاد وباقي مكونات المجتمع المدني في الحقيقة ليست قوة ذاتية في جوهرها، بل هي قوة وظيفية أو قوة تابعة للنواة الصلبة لمنظومة الاستعمار الداخلي. وآية ذلك هي قدرة تلك النواة على جعل الاتحاد "أعظم قوة في البلاد" خلال عشرية الانتقال الديمقراطي المجهضة ثم تحييده جزئيا خلال مرحلة التوافق، انتهاءً بتهميشه بصورة شبه تامة بعد "تصحيح المسار".
المجتمع المدني بمختلف مكوناته ظل في أغلب تعبيراته/ مواقفه من أهم العوائق التي حالت دون بناء ميثاق مجتمعي تعددي يتجاوز منطق الاستئصال و"التهميش" على أساس الهوية، وهو ما جعله قبل الثورة وبعدها أحد جناحي "منظومة التهميش
كما إننا سنجد حججا داعمة لأطروحتنا في وضعية رابطة حقوق الإنسان أو نقابة الصحافيين أو الهيئة الوطنية للمحامين وغيرها من المنظمات المدنية والمؤسسات الدستورية وغير الدستورية. فكل هذه المنظمات لا تمتلك أية قوة ذاتية، بل قوتها مرتبطة أساسا بدورها في استراتيجيات النواة الصلبة لمنظومة الاستعمار الداخلي، ولا يمكن تفسير وضعها إلا بانتصار تلك النواة الصلبة في المحافظة على دورها بعد الثورة ونجاحها في توظيف الجميع –أي حلفائها وخصومها- لمنع أي انكسار بنيوي في تركيبتها وأي تهديد وجودي لمصالحها المادية والرمزية.
على الضد من السرديات المهيمنة إعلاميا، فإن فشل الانتقال الديمقراطي سياسيا واقتصاديا لا يرجع إلى الأجسام الحزبية أساسا. فإذا كانت التعددية الأيديولوجية في الحقل السياسي هشة ولا تعكس تغيرات عميقة في مستوى وعي "النخب الديمقراطية"، سواء في علاقتهم بمن "لا يشبهونهم" فكريا وسلوكيا أو في علاقتهم بالإرادة الشعبية، فإن تلك التعددية تكاد تنعدم في المجتمع المدني بمكوناته النقابية والإعلامية والحقوقية وغيرها.
فالنقابات والإعلام والمنظمات المدنية هي أكثر من رفض الاعتراف بتعدد الهويات السياسية والأيديولوجية، وأعظم من روّج لسردية التصدي لـ"أخونة الدولة" أو أسلمتها حتى تحافظ على "نقائها" الأيديولوجي القائم على التعارض الرئيس مع الإسلاميين، والتعارض الهامشي مع الرجعية البرجوازية الحاكمة. فالمجتمع المدني بمختلف مكوناته ظل في أغلب تعبيراته/ مواقفه من أهم العوائق التي حالت دون بناء ميثاق مجتمعي تعددي يتجاوز منطق الاستئصال و"التهميش" على أساس الهوية، وهو ما جعله قبل الثورة وبعدها أحد جناحي "منظومة التهميش". فإذا كانت النواة الصلبة لمنظومة الاستعمار هي المتسبب الأساسي في التهميش الاقتصادي والجهوي، فإن المجتمع المدني كان وما زال هو القيّم الأساسي على استراتيجية التهميش الأيديولوجي، وهو ما يجعله غير قادر على مغادرة مربع التبعية للنواة الصلبة لمنظومة الاستعمار الداخلي مهما زايد في مستوى الشعارات الوطنية داخليا، وفي مستوى "القضايا الكبرى" -خاصةً القضية الفلسطينية- خارجيا.
x.com/adel_arabi21