عقد مركز الشيخ زايد لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، ندوة حول الذكرى السنوية الـ75 لاعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والذي اعتمدَت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة  يوم 10 ديسمبر من كل عام يوما للاحتفال بحقوق الإنسان، حيث يأتي هذا العام تحت شعار(الكرامة والحرية والعدالة للجميع).

مركز الشيخ  زايد لتعليم اللغة العربية يعقد ندوة حول اليوم العالمي لحقوق الإنسان

قال الدكتور محمد أحمد السيد، المدرس بكلية التربية جامعة الأزهر ونائب شؤون تعليم بالمركز،إن الإعلان الذي اعتمدته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948،كإعلان رسمي لحقوق الإنسان، لا يمكن معه بأي حال من الأحوال إغفال التراث الحقوقي التشريعي الذي خلّفته الحضارة الإسلامية، والمتمثل في مختلف الخطب والعهود والرسائل التي نقلها إلينا المؤرخون من التاريخ الإسلامي منذ عهد الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام.

وأكد نائب شؤون التعليم بالمركز، أن وثيقة المدينة المنورة التي أصدرها الرسول –صلى الله عليه وسلم- عقب هجرته من مكة إلى المدينة مباشرة، تعتبر  بمثابة أوّل دستور مكتوب في العالم لتنظيم مجتمع متعدد الثقافات والأديان وتضمنت عدداً من البنود  منها ، إرساء النبي صلى الله عليه وسلم لقواعد المجتمع الواحد المتضامن والتي تكفل له العدل والحماية، التحالف الوثيق ضد العدوان الخارجي، كما أرست قواعد التكافل الاجتماعي للفقراء والمحتاجين.

وأشار د.محمد السيد إلى أن التاريخ الإسلامي زاخر بما يدل علي احترامه وتطبيقه لحقوق الإنسان منذ أكثر من 1400 عام، فقد كفل الإسلام حرية الاعتقاد، فبعد فتح مكة قال الرسول عليه الصلاة والسلام :«اذهبوا فأنتم الطلقاء»، وهذه العبارة تدل علي التسامح والعفو عند المقدرة، كذا الحفاظ علي كرامة الإنسان ، وحريته في الاعتقاد والاختيار.

أصول النظر في القضايا المعاصرة.. محاضرة لأئمة ووعاظ لبنان بمنظمة خريجي الأزهر بالتنورة والمزمار.. توافد الناخبين والعمال على لجنة عثمان بن عفان بأكتوبر|صور وفيديو

كما أوضح أن حديث الرسول عليه الصلاة والسلام ( لا فضلَ لعربيٍّ على عجميٍّ، ولا لعجميٍّ على عربيٍّ، ولا لأحمرَ على أسودَ، ولا لأسودَ على أحمرَ إلا بالتقوى) ، دلالة على المساواة ومناهضة العنصرية ومساواة الجميع في الحقوق والواجبات.

وفي الختام فتح باب النقاش للطلاب حول حقوق الطالب علي المعلم ، وحقوق المعلم علي الطالب لضمان عملية تعليمية سليمة، تضمن حقوق الطرفين بما يسهم في ثراء  العملية التعليمية، ولكي ننجح في بناء مؤسسة تعليميّة متميزة، كما تساءل الطلاب حول ازدواجية المعايير التي نراها اليوم فيما يخص انتهاكات حقوق الإنسان ، والشعارات الكاذبة التي يرفعها الغرب حول المساواة والحرية والعدالة.

تأتي هذه الندوة في إطار خطة مركز الشيخ زايد لتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، لتفعيل الأنشطة الصفية واللاصفية والجمع بين التعليم والترفيه، والخروج عن النمطية، من خلال تفعيل الأنشطة  والندوات، وللحرص على تحقيق المزج الثقافي بين الطلاب من مختلف الجنسيات.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: الشيخ زايد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الجمعية العامة للأمم المتحدة اللغة العربية حقوق الإنسان لحقوق الإنسان مرکز الشیخ

إقرأ أيضاً:

سياسات اللغة العربية وآفاقها

ترتبط اللغة بالإبداع الثقافي والعلمي، من حيث قدرتها على تجليها وتقديمها باعتبارها نتاجًا إنسانيًا؛ ولهذا فإن اللغة العربية واحدة من تلك اللغات الإنسانية التي قدمت للعام عبر تطوراتها المختلفة أهم الآداب والعلوم، التي سعى العالم إلى التعرُّف إليها عبر وسائل مختلفة سواء عن طريق الترجمات، أو المراجعات، أو التحليل، أو غير ذلك؛ الأمر الذي جعلها دائما في صدارة اللغات المرتبطة بالإبداعات الحضارية. 

فاللغة العربية قدَّمت خلالها تاريخها محتوى مرتبطًا بالابتكار والاستكشاف. ولعل ما تكشفه مصادر الكتب المتخصصة في العلوم الطبية والعلمية المختلفة إضافة إلى الفلسفة والآداب والفنون وغيرها، تقدِّم أدلة واضحة عن قدرة هذه اللغة وإمكاناتها الإبداعية واللغوية التي مكَّنتها من أن تكون جسرا حضاريًا معرفيًا يربط بين العالم العربي والعوالم الحضارية الأخرى، وأن تقدِّم هذا العالم كما يستحق وأن تضعه في مكانته بين الحضارات الإنسانية. 

ولأن التحولات التقنية المتسارعة وأنماط الحياة المعاصرة تفرض على اللغات الإنسانية عموما واللغة العربية بشكل خاص، اتخاذ سبل مغايرة بُغية تحقيق التوازن بين أصالة الدور الحضاري الذي تؤديه، والمتغيرات التقنية الحديثة التي انحازت إلى لغات دون أخرى، الأمر الذي يدفع الدول إلى اتخاذ إجراءات تُعزِّز من دور لغتها الرسمية في أداء دورها الإنساني ليس فقط لأنها تمثل تاريخها الحضاري بل لأنها سُلطة تمثل سيادة الدول وهُويتها الوطنية المستقلة. 

ولهذا جاء الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية للعام 2025، الذي يصادف الثامن عشر من ديسمبر من كل عام تحت عنوان (آفاق مبتكرة للغة العربية. سياسات وممارسات ترسم مستقبلا لغويا أكثر شمولا)؛ بهدف استكشاف (قدرة الابتكار والشمول على رسم ملامح مستقبل اللغة العربية)، وفق مقتضيات التحولات المتسارعة، التي من شأنها تعزيز مكانة اللغة اعتمادًا على إمكانات الإبداعات والابتكارات التي تقدمها للعالم؛ فالابتكار يُسهم إسهاما مباشرا في تمكين اللغة وتأسيس أنماط تطوراتها. 

إن التحولات التقنية المعاصرة، وما يواكبها من ثورة معرفية في مجالات الابتكار تمثِّل فضاءً واسعا للغات عموما وللغة العربية خاصة، من خلال ما تفرضه من إمكانات ومعطيات، ولهذا فإنها تحتاج إلى ممكنات تساعدها على مواكبة تلك التحولات والاستفادة منها؛ فاللغة العربية تحتاج اليوم إلى مراجعة السياسات والممارسات التي تجعلها أكثر قدرة على مواكبة تلك التحولات، من حيث المهارات التعليمية وأساليب تدريسها من ناحية، وترسيخ دور الإعلام الحديث في النظر إليها باعتبارها ممكنِّا حضاريا لمهارات الإبداع والابتكار من ناحية أخرى. 

إضافة إلى ذلك فإن سياسات التقنيات الحديثة تقدِّم اللغة باعتبارها قوة للتحولات الاجتماعية، تقود العديد من الممارسات وتوجِّهها نحو الأفكار الجديدة وفق مقتضيات ذات أبعاد عالمية، لا تؤثر على المفاهيم المجتمعية والحضارية وحسب، بل تغيِّر تلك المفاهيم نحو أخرى تحت مسميات تبدو أكثر جاذبية، غير أنها تسعى إلى تنميط المجتمعات وفق أنماط عامة لا تراعي الخصوصيات بل حتى الهُويات المجتمعية المتمايزة. 

إن أهمية تحديث السياسات والممارسات الخاصة باللغة العربية ومراجعتها وفق المقتضيات المعاصرة، له أهمية كبرى في إدارة التحولات الاجتماعية، وتحقيق الأهداف الوطنية الساعية إلى حفظ اللغة العربية وتنميتها وتطوير أنماطها؛ الأمر الذي يعزِّز حضورها المتجدِّد في الأنظمة التعليمية بما يتوافق مع التطورات الحديثة، مما يجعلها قادرة على تلبية احتياجات فئات الناشئة والشباب بشكل خاص، إضافة إلى أهمية حضورها في المنصات الرقمية والبرامج الإلكترونية، بما يدعم اتخاذها أداة أساسية للإبداع والابتكار. 

ولهذا فإن تخصيص الاحتفال باليوم العالمي للغة العربية لمناقشة هذه السياسات والممارسة يمثِّل أهمية كبرى، في ظل تلك التطورات التي جعلتها أقل حضورا بالمقارنة مع لغات أخرى اتخذتها البرامج والمنصات التقنية أساسا لها. 

إن مراجعة السياسات بما يتواكب مع مستقبل اللغة العربية وما تنشده الدول لتعزيز حضورها يرسِّخ مبدأ المساواة بين اللغات، وهو أمر مهم انطلاقا من أهمية اللغة للمجتمعات وتمثيلها لهُويتها الوطنية وسيادتها المستقلة. 

من هذا المنطلق فإن السياسات والممارسات الممكِّنة للغة العربية، تُسهم في تمكين المجتمعات وضمان الحفاظ على هُويتها المتميِّزة وقدرتها على مواكبة التطلعات والتكيُّف معها من ناحية، والحفاظ على ثقافتها وتراثها الحضاري من ناحية أخرى. فالمكانة الحضارية التي تمثلها اللغة العربية في مجتمعنا، تحتاج إلى ترسيخ للأجيال حاضرا ومستقبلا، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه سوى عن طريق مواكبتها لاحتياجاتهم التقنية والإبداعية، وتوفيرها باعتبارها معطى أساسيا للابتكار. 

إننا نحتاج لمراجعة وتأسيس سياسات وممارسات لغوية تساعد وتعين التطورات التقنية، للكشف عن مكنونات هذه اللغة، وقدرتها اللغوية والثقافية على إيجاد مساحات واسعة للإبداع؛ فما تقدمه المعجمات اللغوية التقنية وبرامج التطبيقات اللسانية وحدها لا يكفي لقيادة تلك التحولات المتسارعة، إذ تحتاج إلى دعم تقني ومحتوى معرفي يتواكب مع تطلعات الإبداع والابتكار، وتعزيز وجود اللغة العربية باعتبارها خيار متاح وأساسي في برامج الابتكار في كافة المجالات التطبيقية. 

إن اللغة العربية اليوم ليست لغة مجتمعية محلية خاصة، بل لغة عالمية تمثِّل إمكانات ذات قدرات هائلة يتوجَّب إبرازها في التخطيط الاستراتيجي وإدارة الموارد التقنية، بما يُحقِّق التوازن بين التأصيل اللغوي الذي يمثَّل الهُوية والتنوُّع اللغوي على مستوى العالم، والتقدم العلمي والتقني الذي يعكس التطورات الحضارية المتسارعة، ولهذا فإن استكشاف التأثير المتبادل وإيجاد مناطق التوازن بينهما ضرورة تنموية، خاصة في ظل تطورات برامج الذكاء الاصطناعي، التي عزَّزت مفاهيم عدم المساواة بين اللغات، الأمر الذي دفع الكثير من دول العالم إلى مراجعة سياساتها اللغوية وتعزيز لغاتها المحلية في تلك البرامج. 

فبرامج الذكاء الاصطناعي الخاصة بالمحتوى الثقافي والحضاري على سبيل المثال تواجه إشكالات عدة في ظل هيمنة بعض الدول والشركات المبرمجة من حيث توجيهها وإدارة سياستها، مما جعلها أداة لإدارة التحولات الاجتماعية في العالم، من خلال السيطرة اللغوية عبر لغات بعينها تحمل ثقافة ذات أيديولوجية موجَّهة، إلاَّ أن عدم توفُّر لغة أخرى بذات الإمكانات التقنية، دفع الدارسين والمبدعين إلى اتخاذها لغة للتعاملات التقنية والإبداع والابتكار، وهكذا الحال في البرامج التقنية المتخصصة بالترجمات والمحتويات المعرفية، فحجم المادة التي توفرها منصات ومواقع البحث باللغة الإنجليزية مثلا لا يمكن الحصول عليها باللغة العربية. 

إن إثراء المحتوى الثقافي الرقمي باللغة العربية، وتوفيرها في البرامج والمنصات والمواقع باعتبارها خيارًا للإبداع والابتكار، إضافة إلى دعم ممكناتها اللسانية والاجتماعية وغير ذلك، لا يمكن أن يتحقَّق سوى بإيجاد سياسات وممكنات وممارسات قائمة على تعزيز دور اللغة العربية الحضاري، الذي يتواكب مع التطورات التقنية والرقمية من ناحية، والتحولات الاجتماعية من ناحية أخرى، بما يبرز إمكاناتها ويقدمها باعتبارها لغة قادرة على مواكبة تلك التطورات والمتغيرات. 

عائشة الدرمكية باحثة متخصصة فـي مجال السيميائيات وعضوة مجلس الدولة 

مقالات مشابهة

  • متحف زايد الوطني يستضيف ندوة الدراسات العربية الـ 58
  • سياسات اللغة العربية وآفاقها
  • «سلمان العالمي» يفتح باب التسجيل ببرنامج «تأهيل خبراء العربية في العالم»
  • كرامي من جامعة المدينة في اليوم العالمي لحقوق الإنسان: حمايتها أساس الاستقرار وبناء الدولة
  • العربية لغة الحياة
  • في يوم حقوق الإنسان.. رسائل حب وإنسانية تتصدر ندوة دار الكتب
  • ثقافة أسيوط تنظم ندوتين حول اليوم العالمي لحقوق الإنسان والتنمر
  • انطلاق «مبادرة بالعربي 13» احتفاء باليوم العالمي للغة العربية
  • في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. «العربي الناصري»: مصر تخطو بثبات وتحديث الاستراتيجية ضرورة وطنية
  • كلمة رئيس الجهاز بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لحقوق الإنسان