منذ أن شرعت دولة الاحتلال الإسرائيلية في الإبادة الجماعية لسكان غزة الفلسطينيين في أكتوبر الماضي، وأنا مثل آخرين غيري نكرسُ وقتنا كله لمتابعة الأخبار والتدوين عما يحدث، بالإضافة لمحاولتنا المستمرة في مطالبة حكوماتنا العربية بالتدخل العاجل لوقف هذه المأساة المروعة. شعر الكثير منا بحالة من العجز التام، عجز سلبي لا يولد شيئًا على الإطلاق، سوى الاستسلام التام أمام شاشات التلفزة، أو الأخبار المتداولة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
مع تجاوز مشروع الإبادة الجماعية المتفق عليه من قبل إسرائيل وشركائها الستين يومًا، بدأ الناس من حولي ينصحونني بتجنب متابعة الأخبار، البعض منهم ممن يضطرون للوجود معي تزعجهم الأخبار التي تَهْدر في خلفية صالة بيتي في كل الأوقات، قائلين بأنني أستحقُ قليلًا من الراحة، وبأنني أهلكُ نفسي بهذه الطريقة، وبأن شيئًا لن يتغير بالفعل لكل هؤلاء الناس الأبرياء الذين يتعرضون لهذا الظلم والقهر الفادح، وكنتُ وبطبيعة الحال أتلقى هذه الملاحظات بسلبية دون أن تدفعني لفعل أي شيء عدا ادعاء أنني لم أسمعها، لكنني ومنذ أيام أفكرُ وأخيرًا في هذه المسألة، لا أتذكرُ بأنني تعرضتُ لأدبيات فكرية تتناول هذا الموضوع، أريد أن أعرف المزيد عن هذه المسألة من وجهة نظر الفلسفة مثلًا، لكن ما أعرفه أنني لا أفعل ما أفعله من أجل الفلسطينيين، أصلًا لا أستطيع كتابة هذه الجملة دون الشعور بالحياء والذنب، إنني أفعله من أجلي أنا، أعرف أنني لا أساعدهم بالمكوث فترات طويلة لمتابعة أخبارهم كما لو أنها محتوى ترفيهي يعرض على مدار الساعة، لكنني أنا من تحتاج لمعرفة ما يحدث هناك.
ولأنني لم أقرأ عن هذا صديقي القارئ، فاسمح لي أن أفكر معك بصوت عال بما يطرأ على بالي حتى وإن بدا ساذجًا. فلنتخيل أنا وأنت عالمًا يتجنب فيه الناس كلهم ما يحدث من مآسٍ؟ ما الذي سيحدث؟ ثم من هذا الذي يقول بأن ما يحدث هناك منفصل عني وعن مصيري؟ أقصد أن من يقول إن التجنب ممكن، فإنه بذلك ينضوي تحت فكرة أن ما يحدث هناك يخص أناسًا آخرين، في حين أن ذلك غير صحيح إطلاقًا، إن معرفة بسيطة جدًا بتاريخ الصراع الإسرائيلي العربي، تخبرنا أن ويلات هذا الاحتلال طالتنا جميعًا بالمعنى المباشر، لا بالمعنى الذي يقدمنا كعرب ومسلمين أي نشترك في قومية واحدة، وما مشروع «إسرائيل الكبرى» إلا مهدد ملح لنا جميعًا. لقد غيرت إسرائيل منذ أربعينيات القرن الماضي شكل المنطقة وموازين القوى فيها. كما استثمرت القضية الفلسطينية لتمرير قوانين واتجاهات رزحنا تحتها في مختلف الدول العربية. لقد سوغت هذه القضية الفظائع أحيانًا؛ لأنها أقنعتنا كشعوب عربية بأن هذه الفظائع ستكون تمهيدًا لطريقنا نحو تحرير فلسطين وتحرير أنفسنا. لذا عندما نتابع ما يحدث فنحن نتابع ما يحدث معنا لا ما يحدث مع الآخرين (مع مشروعية وأهمية أن نتابع ما يحدث مع الآخرين طبعًا)، يطرح هذا سؤالًا أكثر تعقيدًا: هل هنالك آخرون أصلًا؟ في عالم يحركه «أثر الفراشة» غير الخرافي بالمناسبة.
من جهة أخرى يدفعنا ما يحدث الآن للتفكير في كل شيء آخر، لقد استطاع هذا العالم المختل إقناعنا عبر مؤسساته الضبطية المختلفة بتغيير حياتنا بين ليلة وضحاها بسبب من «وباء كورونا» وصادر منا حقوقنا الإنسانية البديهية من قبيل حقنا في التنقل، لقد أراد العالم إنقاذنا وأنفذ سلطته في سبيل تحقيق ذلك، واعتبر أي صوت يدعو لما لا تدعو إليه هذه المؤسسات «الراعية» نشازًا ونفورًا، حتى أننا شيطنا جميعًا أولئك الذي ما انفكوا يشككون في الوباء وأسبابه أو حتى اللقاحات التي أنتجت في فترة قياسية، لقد وصمنا أولئك الذين رفضوا اللقاحات بالعار؛ لأنهم بذلك لا يفكرون سوى في فردانيتهم المعزولة عن «نحن» التي تهم أكثر من «أنا» في هذه الحالة. لكن العالم نفسه والمؤسسات النافذة هذه نفسها، يظهر لنا أعضاؤها اليوم كالمجانين وهم يطالبون على الهواء بالتدخل من أجل ما يحدث في غزة. الجميع يطالب الجميع، رؤساء الدول يطلون علينا ويطالبون بالتهدئة وكأنهم عاجزون مثلنا تمامًا، وأن هنالك سلطة متخيلة وبعيدة قادرة على تغيير شيء ما حقًا. لا أعرف إن كان تجنب حقيقة واضحة وحارقة كهذه من صالحنا حقًا. لا أعرف أصلًا كيف أستطيع التعامل مع أي شيء بجدية وهذا المثال البسيط وغير الوحيد يقهقه بصوت عال بينما تستمر المجازر والقتل والتشريد والتجويع. لا أعرف كيف يمكننا النظر لمنظمة الصحة العالمية بالعين نفسها، والمستشفيات في غزة تباد والطواقم الطبية تباد، والأدوات البسيطة لا تتوافر فيما بقي من شبح هذه المستشفيات، ولا أعرف حقًا كيف يمكن أن نفكر في أي شيء ومرض الكبد الوبائي ينتقل بسرعة لا نتخيلها بين سكان قطاع غزة، بالإضافة لأمراض معدية وفتاكة أخرى، تجد بيئتها الاحتفالية في هذه الكارثة. ثم علينا وببساطة أن نجنب نفسنا النظر لهذه المأساة، كأن التفاتنا للزاوية الأخرى يعني التفاتنا لمشهد آخر؟ لسنا في مشهد آخر، نحن ببساطة في قلب الدائرة والدليل: جرب صديقي القارئ أن تلتفت الآن للزاوية الأخرى.
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
ماذا يحدث للجسم عند تناول الرمان يوميا؟.. فوائد مذهلة
يعتبر الرمان هو فاكهة غنية بالعناصر الغذائية، عُرفت منذ القدم بفوائدها الصحية واستخداماتها في الطب التقليدي.
فوائد تناول الرمان للجسميتميز الرمان بطعمه اللاذع والمنعش، واحتوائه على عدد كبير من الحبيبات الحمراء الغنية بالعصير، ويعد مصدرًا مهمًا للفيتامينات والمعادن الضرورية لصحة الإنسان.
من أبرز ما يميز الرمان أنه غني بفيتامين C، الذي يعزز مناعة الجسم ويساعد على التئام الجروح، وفيتامين K الضروري لتخثر الدم وصحة العظام، إضافة إلى فيتامين B9 (حمض الفوليك) المهم لنمو الخلايا، خاصة لدى النساء الحوامل.
كما يحتوي الرمان على مضادات أكسدة قوية، مثل: البوليفينولات، التي تساهم في محاربة الالتهابات وتقليل خطر الإصابة بأمراض مزمنة, مثل: أمراض القلب والسرطان.
بفضل هذه المكونات، يساهم تناول الرمان في دعم صحة القلب، خفض ضغط الدم، تحسين الهضم، وتعزيز صحة الجلد والذاكرة، وفقًا لما نشر في وقع مايو كلينك.
يتمتع الرمان بفوائد صحية متعددة، خاصة فيما يتعلق بصحة البروستاتا والوقاية من السرطان، ومن أبرزها ما يلي :
ـ إبطاء تطور سرطان البروستاتا:
وتشير بعض الأبحاث إلى أن تناول عصير الرمان قد يساهم في إبطاء تقدم سرطان البروستاتا. على الرغم من أن هذه النتائج أولية، إلا أن عدة تجارب سريرية جارية حاليًا للتحقق من هذه الفائدة المحتملة.
ـ غني بمضادات الأكسدة:
الرمان مصدر غني بمضادات الأكسدة، مثل: البوليفينولات، التي تساعد في مكافحة الجذور الحرة وتقليل الالتهابات، مما قد يساهم في الوقاية من بعض الأمراض المزمنة.
ـ تحسين صحة القلب:
وتشير بعض الدراسات إلى أن استهلاك الرمان قد يساعد في خفض ضغط الدم وتحسين مستويات الكوليسترول، مما يعزز صحة القلب والأوعية الدموية.
ـ تعزيز الذاكرة:
وهناك أدلة أولية تشير إلى أن تناول عصير الرمان قد يحسن من أداء الذاكرة والوظائف المعرفية، خاصة لدى كبار السن.
ـ دعم صحة الجهاز الهضمي:
بفضل محتواه من الألياف، يمكن أن يساهم الرمان في تحسين عملية الهضم والوقاية من بعض مشاكل الجهاز الهضمي.
ومن المهم استشارة الطبيب قبل إدخال الرمان أو مكملاته إلى النظام الغذائي، خاصة للأشخاص الذين يتناولون أدوية معينة، لتجنب أي تفاعلات محتملة.