القيادة اليمنية عندما تحذر وتقرر فلا شيء يحول دون ذلك غير الاستجابة للغة العقل والمنطق والكف سريعاً عن عدوانه

الثورة /متابعة/حمدي دوبلة

ما يزال الكيان الصهيوني يعتقد أن المناورات والمراوغات التي يمارسها بحجب وجهات سفنه القادمة والمغادرة من وإلى موانئه ومحاولة استعراض القوة قد تحميه من بأس صواريخ اليمن.


يعلم هذا العدو علم اليقين أن القيادة اليمنية عندما تحذر وتقرر فلا شيء يحول دون ذلك وأن لا قوة ستحميه وما عليه غير الاستجابة للغة العقل والمنطق والكف سريعا عن عدوانه الوحشي على المدنيين في قطاع غزّة ورفع حصاره الجائر على أكثر من مليوني ونصف المليون إنسان في القطاع.
وتؤكد اليمن مرارا – وعلى مختلف مستويات القيادة السياسية والعسكرية – أن لا خيار أمام العدو إذا ما أراد استئناف الحركة الملاحية إلى موانئه غير وقف العدوان على غزة.
آخر التأكيدات في هذا الشأن جاءت أمس على لسان عضو الوفد الوطني في مفاوضات السلام عبدالملك العجري، الذي أوضح أن عودة الهدوء في البحر الأحمر مرتبط بعودة الهدوء في غزة .
وقال العجري في حسابه على منصة ” إكس ” إن أساطيل الأرض لو احتشدت إلى البحر الأحمر لن تجلب الأمان لإسرائيل ولا للسفن الإسرائيلية أو تلك المتجهة لإسرائيل ولن تُثني الجيش اليمني عن نصرة غزة .. مضيفاً : انه ما من سبيل لمنع توسع التصعيد سيما في البحر الأحمر إلا بالدفع نحو وقف إطلاق نار دائم ورفع الحصار عن غزة .
من جهة أخرى وعلى صعيد المراوغات التي لجأ إليها كيان الاحتلال الصهيوني لمواجهة المأزق الذي يعيشه، وجهت دولة الاحتلال موانئها بحجب المعلومات بشأن حركة السفن.
وأورد موقع “غلوبس” المختص بالاقتصاد الإسرائيلي، أمس الخميس، أن “إسرائيل” أصدرت تعليمات للموانئ في دولة الاحتلال، بحجب بيانات سفنها القادمة والمغادرة، تجنبا لتعرضها إلى هجوم.
وذكر الموقع، أن ما يسمى مجلس الأمن القومي الإسرائيلي “أصدر تعليمات عاجلة إلى الموانئ، لإزالة المعلومات المتعلقة بوصول ومغادرة السفن من مواقعها الإلكترونية”.
وبمجرد أن “يتضح في المستقبل، أنه لم تعد هناك مشكلة يجب أخذها بعين الاعتبار، سيكون من الممكن العودة على الفور إلى الوضع السابق”، بحسب المجلس.
وتأتي التعليمات الصهيونية الجديدة ، في أعقاب العمليات المؤثرة التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية ضد السفن الصهيونية أو تلك المتعاملة مع موانئ الكيان.
وتوعدت القوات المسلحة اليمنية مرارا باستهداف السفن التي تملكها أو تشغلها شركات “إسرائيلية”، تضامنا مع فلسطين ومع مظلومية أبناء غزة، ودعت الدول إلى سحب مواطنيها العاملين ضمن طواقم هذه السفن.
ومنذ 7 أكتوبر الماضي يشن جيش العدو الإسرائيلي عدوانا وحشيا على غزة خلّف حتى يوم أمس الأول الأربعاء، 18 ألفا و608 شهداء و50 ألفا و594 مصابا، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا في البنية التحتية و”كارثة إنسانية غير مسبوقة”.

المصدر: الثورة نت

كلمات دلالية: البحر الأحمر

إقرأ أيضاً:

أنصار الله.. معادلة الهيمنة الاستراتيجية في البحر الأحمر

 

 

في واحد من أكثر التحوّلات الاستراتيجية غير المتوقعة خلال العقود الأخيرة، فرض أنصار الله في اليمن واقعاً جديداً على خريطة الملاحة الدولية، وبخاصة في البحر الأحمر وباب المندب، عبر أدوات عسكرية غير تقليدية ومنهجية صراعية تقوم على الجمع بين الردع الثابت والضغط المرحلي الموجّه. هذا التحوّل لم يقتصر على المعطى العسكري، بل امتد ليشكّل إعادة تعريف للهندسة الجيوسياسية في المنطقة، وأسفر عن إرباك غير مسبوق في مراكز اتخاذ القرار داخل الولايات المتحدة، وأدى في نهاية المطاف إلى رضوخ أمريكي لشروط صنعاء الثورية، مقابل تعليق الهجمات على المصالح الأمريكية فقط، مع الإبقاء على وتيرة الهجمات المتصاعدة ضد الكيان الصهيوني، الذي بات يتلقى الضربات بشكل منفصل ومنهجي باستخدام صواريخ فرط صوتية.
هذا التحول ليس فقط انتصاراً ميدانياً، بل نجاحاً استراتيجياً لليمن الذي استطاع فرض معادلته في واحد من أكثر المسارح البحرية تعقيداً، بل واستطاع إعادة صياغة العلاقة بين الحلفاء الغربيين أنفسهم، وبالذات بين واشنطن و”تل أبيب”.
من الهامش إلى المركز: إعادة تعريف الجغرافيا اليمنية
لأكثر من قرن، كان اليمن، وبالذات مناطقه الساحلية المطلة على البحر الأحمر، موقعاً هامشياً في المعادلة الدولية. وُظفت أحياناً كممر، وتُركت غالباً كمستقر للاضطرابات. لكن، منذ عام 2023، بدأت هذه الجغرافيا تتبلور كفاعل، لا كمجرد موقع.
نجح أنصار الله في تحويل ما يُعرف في الأدبيات العسكرية بـ”الهامش الجغرافي” إلى رأس حربة جيوسياسية، مستندين إلى قراءة دقيقة لتحوّلات التجارة العالمية، وانكفاء الهيمنة الغربية التقليدية، والفجوة المتزايدة بين القدرات الأمريكية ورغباتها الإمبراطورية. هذا التحول لم يكن عشوائياً، بل تم بتخطيط متدرج، استثمر في الوقت، ومعرفة العدو، وتطوير القدرة الصاروخية والنفس الثوري في آنٍ معاً.
صناعة الردع البحري: معادلة جديدة لميزان القوة
الردع في البحر الأحمر لم يعد، كما كان في السابق، يعتمد على حاملات الطائرات أو القواعد العسكرية الدائمة، بل على القدرة على تهديد المصالح الاقتصادية في نقاط حرجة من دون الانجرار إلى صدام مفتوح. استطاع أنصار الله بلورة هذا الردع عبر استراتيجية تجمع بين المفاجأة والتدرج، وبين التصعيد المحسوب والضبط العملياتي الدقيق.
ففي الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تراهن على تكثيف الوجود البحري في المنطقة، باغتتها الجماعة بضربات ذكية استهدفت السفن المرتبطة بالمصالح الغربية، ثم وسّعت نطاق عملياتها لتطال “إسرائيل” بشكل مباشر، من دون أن تخسر خطابها الأخلاقي أو مشروعيتها الداخلية.
إن ما حدث هو ولادة “ردع طرف ثالث،”، أي فصل الولايات المتحدة عن التزامها المباشر بأمن الكيان المحتل، عبر إقناع واشنطن أن كلفة استمرار الارتباط العسكري مع “تل أبيب” باتت أكبر من كلفة التخلي عنها مرحلياً.
فك الارتباط الأمريكي- الإسرائيلي: مكسب أممي لمحور المقاومة
أحد أعمق أبعاد التحوّل الاستراتيجي يتمثل في نجاح أنصار الله في صياغة معادلة جديدة داخل المحور الغربي نفسه. لقد قبلت الولايات المتحدة، بشكل صريح هذه المرة، وقف العمليات ضد سفنها ومصالحها، مقابل تعليق أنصار الله الهجمات تجاه السفن الأمريكية، لكنها لم تنجح في دفع اليمن إلى وقف استهداف الكيان الصهيوني.
هذا التمايز في الاستجابة العسكرية يعكس ما هو أعمق من نجاح تكتيكي. إنه فصل نفسي واستراتيجي بين الحليفين التاريخيين، واشنطن و”تل أبيب”. فكيان الاحتلال الذي تعوّد على الاحتماء تحت المظلة الأمريكية بات مكشوفاً أمام قوة جديدة في اليمن تتقن استخدام تكنولوجيا الصواريخ فرط صوتية ومبادئ الردع الثوري.
المفارقة هنا أن واشنطن، التي تدّعي حماية الاستقرار العالمي، وجدت نفسها مرغمة على الدخول في مفاوضات غير معلنة مع جماعة تعدّها هي “إرهابية”، في وقت يستمر اليمن في مهاجمة مدن كيان الاحتلال من دون رادع. هذا التحول وحده كفيل بإعادة تشكيل منطق التحالفات في الشرق الأوسط، وهو سقوط مدوٍ لمبدأ “الأمن الجماعي الغربي”. وفرض معادلة يمنية وهي أن وقف الهجمات على “تل أبيب” يستلزم وقف حرب الإبادة على غزة في التزام أخلاقي لا نظير له بين الدول الإسلامية.
العمق الشعبي: السر الخفي لاستمرار الزخم الثوري
الاستراتيجية لا تُبنى فقط على الأسلحة، بل على الشرعية. هنا، يكمن أحد أسرار قوة أنصار الله، وهي القاعدة الشعبية الصلبة التي يستندون إليها. فبينما تعاني الأنظمة الموالية للغرب من انعدام الشرعية وفقدان الحاضنة الداخلية بعد دعمها لإبادة جماعية وقتل يومي بحق الأطفال والنساء في غزة، يتمتع أنصار الله بدرجة عالية من الالتفاف الشعبي ليس فقط في اليمن، بل في العالمين الإسلامي والدولي الذي ينظر إلى قضية فلسطين كقضية تحرر يجب دعمها.
هذا الالتفاف لم يأتِ من فراغ، بل من إدراكهم لأهمية تمثيل الهوية المحلية في مشروعها السياسي والعسكري. بخلاف مشاريع الهيمنة التي تهمل الشعوب وتفرض سياسات فوقية، بنى أنصار الله مشروعهم على أساس الارتباط بالناس، والحديث بلغتهم، والقتال من أجل قضاياهم، وليس بالنيابة عنهم.
هذا العمق الشعبي هو ما يحميهم من الاختراق، وهو ما يقلق الغرب أكثر من الصواريخ: كيف تواجه خصماً تتجذر مشروعيته في قلوب الناس، لا في بيانات الأمم المتحدة؟
الحرب النفسية: السلاح الأمريكي القادم
بما أن أدوات القوة الصلبة أثبتت محدوديتها تجاه اليمن، من المتوقع أن يتحوّل تركيز الولايات المتحدة إلى الحرب النفسية والإعلامية. سيُعاد تشغيل ماكينة التضليل، وستُبث الروايات حول الانقسامات داخل اليمن، أو الأزمات الاقتصادية، أو “الإرهاق الشعبي” من الحرب.
سيُوظّف الإعلام العربي والغربي لتفكيك الخطاب المقاوم، وشيطنة أنصار الله، وتقديمهم كعبء على اليمن بدل كونهم ممثلاً للسيادة والكرامة. هذه الحرب الناعمة ستكون أشرس من القصف الأمريكي الذي فشل في كسر إرادة الشعب اليمني العظيم، لأنها تستهدف المعنويات، وتُبنى على الاستنزاف البطيء، وليس الضربة السريعة.
لكنّ وعي أنصار الله وقاعدتهم الشعبية بهذا النمط من الحروب يُعدّ من نقاط قوتهم. فهم يدركون أن المعركة القادمة ليست فقط بالسلاح، بل بالوعي والرسالة والسردية. وبالتالي، فإن تطوير أدواتهم الإعلامية، وبناء خطاب يتحدث إلى العالم، لا فقط إلى اليمن، سيكون ركيزة دفاعهم المقبلة.
لم يعد البحر الأحمر مجرد ممر تجاري، بل تحول إلى منصة صراع تُرسم فيها خرائط النفوذ الجديدة. وإن كانت واشنطن قد دخلت البحر الأحمر بأساطيلها، فإن صنعاء دخلته برؤية، واستراتيجية، وتوقيت، ونفس طويل.
الانتصار اليمني ليس ميدانياً فقط، بل مفهومياً عبر فرض قواعد اشتباك جديدة، وانتزع اعتراف أمريكي بفاعلية المقاومة، وزرع أولى بذور الانفصال بين واشنطن و”تل أبيب.”
المعادلة الجديدة تقول إنّ من يتحكم بباب المندب، يتحكم بتدفق التجارة العالمية، وبالتالي بتوازنات الهيمنة. وأنصار الله اليوم، بفضل وعيهم، وقاعدتهم، وشجاعتهم، والتزامهم الأخلاقي والديني تجاه غزة لم يعودوا مجرد فاعل محلي، بل صاروا رقماً إقليمياً يُحسب له في كل قرار دولي.
مدير ورئيس تحرير مركز الرؤية الجديدة للدراسات الاستراتيجية.

مقالات مشابهة

  • السمدوني: 80% من تجارة العالم تتم عن طريق البحر وصناعة السفن تمثل عصب الحياة
  • أنصار الله.. معادلة الهيمنة الاستراتيجية في البحر الأحمر
  • دور القبيلة اليمنية في محطات
  • إيكونوميست: انسحاب حاملة الطائرات الأمريكية "ترومان" من البحر الأحمر.. ما المشاكل والاخفاقات التي واجهتها؟ (ترجمة خاصة)
  • “المجاهدين الفلسطينية”: قرار اليمن الحظر على ميناء حيفا يعمق أزمات العدو
  • مجلة أمريكية تعلق على الحظر اليمني على ميناء حيفا
  • المجاهدين الفلسطينية: قرار اليمن الحظر على ميناء حيفا يعمق أزمات العدو
  • عودة الهدوء إلى العاصمة الليبية بعد الاشتباكات المسلحة الأخيرة
  • بشهادة أمريكية. اليمن قادرعلى استهداف السفن المتعاملة مع حيفا
  • لماذا يخفي العدوَّانِ الأمريكي والإسرائيلي خسائرَهما أمام اليمن؟