إغراق الأنفاق.. خطة إسرائيلية تقضي على الزراعة والمياه الجوفية بغزة
تاريخ النشر: 15th, December 2023 GMT
سلط موقع "ميدل إيست آي" الضوء على إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي بدء محاولة إغراق أنفاق المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة بمياه البحر، مشيرا إلى أن تلك المحاولة سيكون لها أثر سلبي للغاية على مخزون المياه الجوفية في القطاع، الذي يعاني سكانه أصلا من ندرة المياه.
وذكر الموقع البريطاني، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن الحصول على المياه النظيفة في القطاع الحاصر كان صعبا قبل العدوان الإسرائيلي، وسيكون الوضع أسوأ بعد العدوان ومحاولة إغراق الأنفاق، مشيرا إلى أن صحيفة "وول ستريت جورنال" نقلت عن مسؤولين أمريكيين، الأسبوع الماضي، أن إسرائيل انتهت من تجميع ما لا يقل عن 5 مضخات كبيرة لمياه البحر بالقرب من مخيم الشاطئ للاجئين في شمال غزة.
ويمكن للمضخات سحب المياه من البحر الأبيض المتوسط ونقلها بآلاف الأمتار المكعبة في الساعة، وهو ما يفكر فيه المسؤولون الإسرائيليون في إطار خطة لإغراق الأنفاق على مدى عدة أسابيع لتفكيك شبكة الأنفاق وإضعاف الجماعات الفلسطينية المسلحة.
وقال باحثون متخصصون في المياه إن الفيضانات سيكون لها آثار بيئية مدمرة، بما في ذلك تلوث إمدادات المياه المدمرة بالفعل في غزة والإضرار بمحاصيلها، وقد ترقى تلك التأثيرات إلى مستوى انتهاك القانون الإنساني الدولي، وفقًا لأحد الخبراء.
ولم تقدم إسرائيل رسميا أي تفاصيل حول خطة إغراق الأنفاق، واعتبرتها "خطة سرية"، وبالتالي فإن طول وكثافة الإغراق المقترح غير معروفين، بحسب الموقع البريطاني.
وقالت الباحثة في معهد البحوث البيئية بجامعة هارفارد، جوليان شيلينجر: "يمكننا أن نتوقع أن بعض مياه البحر ستتسرب إلى التربة من الأنفاق، خاصة في المناطق التي تضررت فيها الأنفاق من قبل".
وأضافت أن التسرب سيؤدي إلى تلوث موضعي للتربة والمياه الجوفية بمياه البحر، موضحة: "من المهم أن نأخذ في الاعتبار أننا لا نتحدث فقط عن المياه ذات المحتوى الملحي العالي هنا، فمياه البحر على طول ساحل البحر الأبيض المتوسط ملوثة أيضًا بمياه الصرف الصحي غير المعالجة، والتي يتم تصريفها باستمرار في البحر من نظام الصرف الصحي المختل في غزة".
أضرار الزراعة
وأشارت إلى أن طبقة المياه الجوفية الساحلية في غزة، وهي مصدر المياه الوحيد في القطاع المحاصر، ملوثة بالفعل بسبب الإفراط في ضخ المياه والصرف الصحي.
ويتم توفير المياه بشكل متقطع للفلسطينيين في المنطقة عبر مضخات تسيطر عليها إسرائيل، ومع بداية النزاع الحالي في أوائل أكتوبر/تشرين الأول، قامت إسرائيل بإيقاف المضخات بشكل كامل لعدة أيام.
اقرأ أيضاً
وول ستريت جورنال: إسرائيل بدأت ضخ مياه البحر في أنفاق حماس بغزة
وتؤكد جوليان أن حوالي 96% من المياه المنزلية في غزة ملوثة وغير صالحة للاستهلاك البشري، ونتيجة لذلك، يعتمد معظم الفلسطينيين في القطاع على صهاريج المياه الخاصة غير المنظمة، ومحطات تحلية المياه غير المرخصة، وغالبًا ما تظل المياه الناتجة عن هذه المحطات ملوثة، وفقًا لدراسة أجريت عام 2021.
وأجبرت الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة 3 محطات رئيسية على الأقل لتحلية المياه على وقف عملياتها.
وفي السياق، قال مايكل ماسون، أستاذ الجغرافيا البيئية في كلية لندن للاقتصاد: "الجودة الرديئة للغاية للمياه في غزة هي نتيجة الوضع الذي لا يوجد فيه مساحة ذات معنى للفلسطينيين لتحديد إدارة المياه الخاصة بهم".
وألقى ماسون باللوم في غياب الحكم على "الآثار المستمرة والمعوقة للحصار الإسرائيلي وتراجع التنمية الاقتصادية والصراع المسلح المتكرر".
وأضاف أن أي احتمال لإعادة بناء البنية التحتية للمياه بعد الحرب سيعتمد على الوصول إلى طبقة المياه الجوفية، التي ستزداد ملوحتها وتلوثها بسبب خطط الفيضانات.
وتابع: "لقد أدت الحرب بالفعل إلى زيادة تدهور طبقة المياه الجوفية، نتيجة للأضرار التي لحقت بالبنية التحتية لمياه الصرف الصحي وتسرب المعادن الثقيلة من الاستخدام العشوائي للذخائر".
فيما أشارت جوليان إلى احتمال تفاقم التلوث المحتمل في حال قيام حماس بتخزين مواد سامة في الأنفاق.
ومن شأن ضخ مياه البحر في الأنفاق أن يسبب أضرارا طويلة المدى للزراعة في غزة أيضا، والتي دمرتها الأعمال الإسرائيلية منذ فترة طويلة.
وفي هذا الإطار، قال ماسون: "لقد تأثر الاستخدام الزراعي للأرض بشدة بسبب الهجمات العسكرية والاحتلال وتشريد السكان. وبافتراض أنه يمكن إحياء القطاع الزراعي بطريقة أو بأخرى في المستقبل، فإن المياه الجوفية المحملة بالأملاح ستقيد خيارات المحاصيل بشكل كبير".
وبالإضافة إلى الأثر البيئي، أثارت خطة إغراق الأنفاق أيضًا مخاوف بشأن سلامة الأسرى الإسرائيليين الذين تم أسرهم خلال عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حماس في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، والذين قد يكونون محتجزين في الأنفاق.
وفي الشهر الماضي، أدلى بعض الأسرى، الذين أطلقت حماس سراحهم، بشهاداتهم حول احتجازهم إما في أنفاق تحت الأرض أو في مخابئ.
خرق للقانون الدولي
ولن تكون هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها محاولة إغراق الأنفاق في محاولة لإضعاف حماس، فقد غمرت مصر الشبكات بمياه الصرف الصحي في عام 2013 ومياه البحر بعد ذلك بعامين، وذلك في إطار جهودها لمنع التهريب المزعوم للأسلحة والموارد والمقاتلين بين جنوب غزة وشبه جزيرة سيناء.
وأدى فيضان مياه البحر قبل 8 سنوات إلى غمر منازل المدنيين ومتاجرهم بالمياه في غزة، فضلاً عن الإضرار بإمدادات المياه والأراضي الزراعية.
ومن المرجح أن تجادل إسرائيل بأن غمر الأنفاق هدف عسكري "متناسب" مع القانون الدولي، بسبب استخدام المقاتلين الفلسطينيين للشبكات، لكن ماسون أكد أن الأفعال التي تسبب أضرارًا بيئية طويلة المدى تعتبر غير قانونية.
وأضاف: "إن الإغراق المستمر وواسع النطاق لشبكة الأنفاق من شأنه أن ينتهك معايير القانون الإنساني الدولي، التي تحظر وسائل الحرب المقصودة، أو التي من المتوقع أن تسبب أضرارًا جسيمة وواسعة النطاق وطويلة الأجل للبيئة الطبيعية".
وأشار إلى أن "مثل هذا الانتهاك للقانون الإنساني الدولي يصبح أكثر احتمالاً بالنظر إلى أن طبقة المياه الجوفية ضرورية لتلبية احتياجات السكان المدنيين من المياه، وهي بالفعل على حافة الانهيار على المدى الطويل".
اقرأ أيضاً
هل تستطيع إسرائيل تدمير أنفاق حماس في غزة؟.. التايمز تجيب
المصدر | ميدل إيست آي/ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: غزة حماس الأنفاق إسرائيل الفلسطينيين إغراق الأنفاق الصرف الصحی میاه البحر فی القطاع فی غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
الأورومتوسطي: إسرائيل تحول نقاط المساعدات بغزة إلى “ساحات موت”
غزة – اتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، امس الاثنين، إسرائيل بتحويل نقاط توزيع المساعدات في قطاع غزة إلى “ساحات للقتل الجماعي”، عبر تبني نموذج يعمل على استدراج المدنيين الفلسطينيين إلى مناطق “محددة ومكشوفة” ومن ثم تعريضهم لـ”القتل والإصابة والاعتقال والمعاملة القاسية والمهينة”.
وحمّل المرصد في بيان، “مؤسسة غزة الإنسانية” (المدعومة من إسرائيل والولايات المتحدة)، المسؤولية المباشرة عن تصاعد “الجرائم الإسرائيلية بحق المدنيين المجوّعين قرب مراكز توزيع المساعدات في وسط وجنوبي قطاع غزة”.
وأوضح المرصد أن الآلية التي تتبعها هذه المؤسسة قائمة على “استدراج آلاف المدنيين يوميا إلى مركزين وسط وجنوب القطاع، حيث يجبر المجوعون على السير في مسارات طويلة ومكشوفة تمتد لعدة كيلو مترات، قبل أن يتعرضوا لإطلاق نار مباشر من مسيرات ومروحيات وآليات الجيش”.
وذكر أن من “يحالفه الحظ” وينجو من هذه الجرائم الإسرائيلية ويصل إلى مراكز التوزيع لا يحصل إلى “على كميات ضئيلة من الطعام لا تُلبي الحد الأدنى من الاحتياجات الأساسية للبقاء”.
وطالب المرصد بـ”فتح تحقيق دولي مستقبل عن دور مؤسسة غزة الإنسانية ومحاسبة القائمين عليها جنائيا عن الجرائم التي أسهموا في تنفيذها”، داعيا الجهات المانحة إلى وقف أي دعم مالي أو لوجستي يصل للمؤسسة فضلا عن إدراجها ضمن “القوائم السوداء للكيانات المتورطة في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي”.
وعدت استمرار المؤسسة في تشغيل نقاط التوزيع رغم توثيق مقتل أكثر من 335 مدنيا وإصابة ما يزيد عن 2850 آخرين خلال 3 أسابيع (منذ 27 مايو/ أيار الماضي)، “تواطؤا مباشرا في جريمة التجويع والاستهداف المنهجي للمدنيين، وانتهاكا فاضحا لمبادئ الحياد الإنساني، ومشاركة صريحة في جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية”؛ دون الإشارة إن كان الرقم يشمل الجثامين التي لم تصل للمستشفيات من عدم.
وفي وقت سابق الأربعاء، أعلنت وزارة الصحة بغزة ارتفاع عدد ضحايا المساعدات الإنسانية بغزة “ممن وصلوا إلى المستشفيات من المناطق المخصصة لتوزيع المساعدات الأمريكية-الإسرائيلية إلى 338 شهيدا وأكثر من 2831 إصابة”، وذلك منذ 27 مايو.
وبعيدا عن إشراف الأمم المتحدة، بدأت إسرائيل في 27 مايو الماضي تنفيذ مخطط لتوزيع “مساعدات إنسانية” عبر “مؤسسة غزة الإنسانية” المدعومة أمريكيا وإسرائيليا، ويقول فلسطينيون إن المخطط يستهدف تهجيرهم من شمال القطاع إلى جنوبه.
يأتي ذلك بينما تغلق إسرائيل منذ 2 مارس/ آذار بشكل محكم معابر غزة أمام شاحنات إمدادات ومساعدات مكدسة على الحدود.
ولم تسمح إلا بدخول عشرات الشاحنات فقط، بينما يحتاج الفلسطينيون في غزة إلى 500 شاحنة يوميا كحد أدنى.
كما سبق وأكدت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) وبرنامج الأغذية العالمي التابعَين للأمم المتحدة، امس الاثنين في تقرير مشترك، أن “مستوى المجاعة بغزة وصل إلى مستوى حرج بسبب صعوبة وصول المساعدات الإنسانية إلى القطاع، الذي صُنِّف تحت اسم البؤر الساخنة المثيرة للقلق الشديد”.
الأناضول