أوسلو.. ملحمة الدبلوماسية الفلسطينية
تاريخ النشر: 16th, December 2023 GMT
يتسابق ساسة اليمين الإسرائيلي المتطرف ووزراؤه تباهيا بحملات دعائية ممنهجة من خلال تصريحات وبيانات إعلامية ذات نسق وطرح سياسي متشدد ضد اتفاق أوسلو الذي يفضي بعنوانه العريض إلى دولة فلسطينية على أراضي الضفة الغربية وقطاع غزة بعاصمتها القدس الشرقية.
فلا يمكن فصل المعركة السياسية التي تقودها منظومة اليمين المتطرفة ورأسها بنيامين نتنياهو عن ميادين القتال والمعركة العسكرية الجارية على أرض قطاع غزة، فهذه المنظومة التي أدامت سابقا حكم حركة حماس في غزة لإجهاض فكرة الدولة الفلسطينية التي نصت عليها اتفاقية أوسلو كنهج أبقتها في سدة الحكم، وتسعى اليوم لتكون سلطة الأمر الواقع في القطاع بإحلال قوتها العسكرية لفرض مناطق عازلة تتمركز بها لقطع أوصال القطاع والسيطرة عليه ومنع تنامي فصائل وحركات مسلحة بداخله من جديد، مع الدفع بالمجتمع الدولي ومؤسساته لتحمل الشق الإنساني وإعادة الإعمار كتعهد والتزام سياسي وقانوني لن تتحمله دولة الاحتلال – قوة احتلال – بعد انتهاء الحرب لتحقيق الاستقرار والأمن الدوليين.
أطراف الصراع والدول الراعية لها تسعى بكل ثقلها لتثبيت معادلاتها ومصالحها على أرض المعركة بعيدا عن طموحات الشعب الفلسطيني بإقامة دولته المستقلة، فنتنياهو ويمينه المتطرف يريدان القضاء على حماس لإبقاء منظومته وشعبيته قادرة على الحكم داخل إسرائيل. وإدارة جو بايدن تريد إنجاز ذلك بأسرع وقت قبل ازدياد إرهاصات الانتخابات الرئاسية القادمة وانعكاساتها على الساحة الدولية. وحماس تريد صمود قوتها العسكرية بحدها الأدنى داخل القطاع لاستمرار حكمها كطرف في معادلة الصراع. وقطر بمنظومتها الإخوانية – الإعلامية تريد نصر حماس لكي تبقي على وزنها الإقليمي الذي تسلّق تصاعديا بفعل الحرب. أما إيران ونظامها الملالي فلن يخرج سعيهما عن انتهازية سياسية مقيتة تسعى إليها عبر أدواتها في المنطقة لتحقيق أجنداتها التوسعية.
بعيدا عن مشهد الحرب الذي أصبح يتجلى بوضوح المصالح، تقع مصلحة الشعب الفلسطيني والدول التي تريد خلق توازن سياسي ودبلوماسي في المنطقة بالحفاظ على اتفاقية أوسلو، والانطلاقة من بنودها من خلال مؤسسات الأمم المتحدة بشقيها مجلس الأمن والجمعية العامة، بحشد القوة التصويتية الداعمة لفلسطين بتثبيت مرتكزات اتفاقية أوسلو لتحقيق حل الدولتين وتطبيقه، بالإضافة إلى ربطها قانونيا بقرار التقسيم (181)، وإلزام إسرائيل بذلك كونه الأساس القانوني لقبول عضويتها في الأمم المتحدة، استكمالا لقرار ترقية دولة فلسطين (دولة مراقب غير عضو/رقم 67/19) عام 2012، وبالتالي ستكون الأمم المتحدة مطالبة في حال رفض إسرائيل الانصياع وعدم تنفيذ القرارات؛ بإنزال العقوبات عليها وتعليق عضويتها داخل المنظمة الدولية.
فقرار الاعتراف بإسرائيل كدولة، رقم (237)، تم من خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة بعد تبني قرار مجلس الأمن رقم (69).
الخروج من الواقع المتأزم الذي أوجدته منظومة اليمين المتطرف، وكسر حالتي الجمود التفاوضي والحرب الدائرة، يجب أن يكون وفق إستراتيجية سياسية قائمة على تحرك دبلوماسي ذي نسق تصاعدي داخل أروقة الأمم المتحدة من أجل ترسيخ كيان الدولة الفلسطينية على أراضيها بناءً على اتفاقية أوسلو ما يفضي إلى تحقيق العضوية الكاملة المستند على ما تمتلكه “فلسطين” من اعتراف رسمي من 139 دولة حول العالم، بوضعها القانوني الدولي كدولة بحدود الرابع من حزيران عام 1967.
الحقيقة الثابتة، أن أطراف الحرب الدائرة والدول الراعية لها لا تريد سلطة قوية تكون نواة الدولة الفلسطينية المنشودة، فالجميع يبني مصالحه ويرسم أجنداته لتكون ورقة الشعب الفلسطيني بيده، كنوع من تطبيق الوصاية السياسية عليه. لذلك، أوسلو هي ملحمة الدبلوماسية الفلسطينية ذات الأبعاد السياسية والقانونية المؤيدة دوليا، للعبور نحو الدولة الفلسطينية كواقع حتمي لعقود طويلة من النضال والصمود والتضحية لهذا الشعب القادر بإصرار على حكم نفسه بنفسه.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي أحداث السودان سلطان النيادي غزة وإسرائيل مونديال الأندية الحرب الأوكرانية عام الاستدامة غزة الدولة الفلسطینیة اتفاقیة أوسلو الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
عراقجي: الهجمات تغتال الدبلوماسية وشكوكنا بأميركا تتزايد
أعرب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي عن عدم يقين بلاده من إمكانية الوثوق بالولايات المتحدة في المحادثات الدبلوماسية، وذلك في أعقاب الهجوم الجوي الإسرائيلي على إيران قبل أيام قليلة من المفاوضات المقررة مع المسؤولين الأميركيين.
وقال عراقجي في مقابلة مع شبكة "NBC News" الأميركية، إن الأمر متروك لإدارة الرئيس دونالد ترامب "لإظهار عزمها للسعي نحو حل تفاوضي"، عندما سُئل عما إذا كان من الممكن التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة خلال الإطار الزمني الذي حدده ترامب مؤخراً والبالغ أسبوعين.
وأشار الوزير الإيراني إلى أن واشنطن ربما لم تكن مهتمة بصدق بالدبلوماسية، واستخدمت المحادثات فقط كـ"غطاء" للهجوم الجوي الإسرائيلي، مضيفاً: "ربما كان لديهم هذه الخطة في أذهانهم، واحتاجوا فقط للمفاوضات لتغطيتها. لا نعرف كيف يمكننا أن نثق بهم بعد الآن. ما فعلوه كان في الواقع خيانة للدبلوماسية".
وأوضح عراقجي، خلال المقابلة التي أجريت في جنيف بعد محادثاته مع كبار الدبلوماسيين الأوروبيين، أن بلاده مستعدة للتفاوض ولكن بشرط أن توقف إسرائيل أولاً هجماتها الجوية على إيران، قائلاً: "لسنا مستعدين للتفاوض معهم بعد الآن، طالما استمر العدوان".
رفض التخلي عن تخصيب اليورانيوم
وأكد الوزير الإيراني أن إيران لن تتخلى عن تخصيب اليورانيوم كما طالب ترامب، مشيرا إلى أنه أوضح ذلك لمبعوث الولايات المتحدة ستيف ويتكوف، وقال: "قلت له عدة مرات إن التخصيب الصفري مستحيل".
وأضاف: "كل دولة لها الحق في تخصيب اليورانيوم للأغراض السلمية، وهذا إنجاز علمائنا. إنها مسألة فخر وكرامة وطنية".
انتقادات للمبعوث الأميركي
انتقد عراقجي المبعوث الأميركي ويتكوف، قائلاً إنه يبدو غير قادر على الوفاء بما تم مناقشته في الاجتماعات السابقة: "أعتقد أنه رجل نبيل، شخص يمكن العمل معه، لكن للأسف، غيّر كلامه في كل مرة التقينا فيها. ربما كان ذلك لأنه لا يستطيع تحقيق ما وعدنا به".
وأضاف: "هناك نقص في الثقة الآن بيننا لأنه لم يفِ بوعوده، وما قاله لنا إنه يمكننا فعله لم يتحقق"، مشيراً إلى أن التواصل مع ويتكوف لا يزال مستمراً من خلال "رسائل مباشرة وغير مباشرة نتبادلها".
التهديد بالرد على أي هجوم أميركي
وحذّر عراقجي من أنه إذا قررت الولايات المتحدة مهاجمة إيران، فإن حكومته تحتفظ بحق الرد، كما فعلت ضد إسرائيل، قائلاً: "عندما تكون هناك حرب، يهاجم الجانبان بعضهما البعض. هذا أمر مفهوم. والدفاع عن النفس حق مشروع لكل دولة".
وأضاف: "إذا انضمت الولايات المتحدة لإسرائيل في هذه الهجمات، فسنفعل الشيء نفسه".
الدفاع عن المرشد
وردّاً على التهديدات الإسرائيلية باستهداف المرشد الإيراني علي خامنئي، قال عراقجي إن مثل هذا العمل "سيكون أكبر جريمة يمكن أن يرتكبوها"، لكنه أكد: "لن يتمكنوا من فعل ذلك".
ووصف تصريحات ترامب حول معرفة أميركا بمكان خامنئي بأنها "إهانة" أكثر من كونها تهديداً، قائلاً: "أنا مندهش من كيف يمكن لرئيس ما يسمى بالقوة العظمى أن يتحدث هكذا. لقد تحدثنا دائماً عن الرئيس ترامب باحترام".
شروط العودة للدبلوماسية
وأشار عراقجي إلى أن إحياء المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة يتطلب فقط أن تطلب واشنطن من إسرائيل وقف غاراتها الجوية على إيران، قائلاً: "أعتقد أنه إذا كان الأميركيون جادين في العودة إلى الدبلوماسية، فكل ما يحتاجونه هو مكالمة هاتفية من واشنطن إلى تل أبيب لوقف كل شيء".