السودان يطرد 4 دبلوماسيين تشاديين
تاريخ النشر: 17th, December 2023 GMT
بورتسودان – نبض السودان
أعلنت وزارة الخارجية السودانية، الأحد، طرد 4 دبلوماسيين تشاديين، رداً على خطوة مماثلة اتخذتها تشاد، السبت، حين أبلغت 4 دبلوماسيين سودانيين أنهم غير مرغوب فيهم.
كانت وزارة الشؤون الخارجية والتشاديين المقيمين في الخارج والتعاون الدولي أبلغت السفارة السودانية في نجامينا بقرار الحكومة تصنيف 4 دبلوماسيين من السودان العاملين في تشاد كـ”شخصيات غير مرغوب فيها”، وأمهلتهم 72 ساعة لمغادرة البلاد.
وضمت القائمة المستشار الأول بالسفارة مختار بلال عبد السلام العباس، والملحق العسكري عبد الرحيم العوض التوم، والقنصل في نجامينا الحاج عبد الله الحاج أحمد، ونائب القنصل العام المقيم في أبشيه محمد الحاج بخيت فرح.
وأوضحت الوزارة، في بيان وقعه المتحدث باسم الحكومة، أن القرار صدر رداً على تصريحات ياسر العطا، نائب رئيس هيئة الأركان للقوات المسلحة السودانية، التي اتهم فيها تشاد بالتدخل في الصراع السوداني الداخلي، ووصفت التصريحات بأنها “خالية من الأساس”.
وأضافت الوزارة أن “هذه الاتهامات تكررت بشكل مفاجئ على لسان وزير الخارجية السوداني علي الصادق، على قناة تلفزيون محلية”، لافتة إلى “تكرار السلطات السودانية لمثل هذه التصريحات في ما يتعلق بتشاد وحكومتها يعد ببساطة أمراً غير مقبول وعدائياً، ويغطي على أجندة خفية”.
وأشارت الوزارة إلى أن “هذا الإجراء يأتي بعد أن أعربت تشاد عن دهشتها، وقدمت احتجاجات حادة، وطلبت توضيحاً بشأن تصريحات ياسر العطا”، مؤكدة احترامها الكبير للمهمة الدبلوماسية للسودان في نجامينا.
كان وزير الخارجية السوداني المكلف علي الصادق أعلن في تصريحات صحافية، الأسبوع الماضي، أن الخرطوم لن تعتذر عن تصريحات العطا أمام حشد من القوات في العاصمة بشأن دور تشاد في إيصال إمدادات إلى قوات الدعم السريع، مؤكداً أن السودان سلمتها صوراً وأدلة، بما فيها صور أقمار اصطناعية وتصوير جوي، تثبت أنها تدعم قوات الدعم السريع لوجستياً.
وكان العطا اتهم تشاد، في 27 نوفمبر، بفتح مطاراتها لنقل سلاح وذخيرة إلى قوات الدعم السريع.
واندلع النزاع بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، منتصف أبريل، ما أودى بحياة الآلاف، ودفع أكثر من مليون إلى النزوح إلى دول مجاورة، وسط اتهامات لبعض الدول بدعم قوات الدعم السريع.
من جانبها قررت وزارة الخارجية السودانية، الأحد، طرد 4 دبلوماسيين تشاديين وإعلانهم أشخاصاً غير مرغوب فيهم، وأمرتهم بمغادرة البلاد.
وقال مسؤول بالوزارة، لـ “الشرق”، إن الدبلوماسيين المطرودين هم المستشار الأول بالسفارة والملحق العسكري والقنصل ونائبه، مشيراً إلى أن الخرطوم رفضت طلب تشاد بالاعتذار عن تصريحات العطا.
وتشهد العلاقات بين السودان وتشاد توتراً منذ فترة طويلة، بسبب الحوادث التي تقع على الحدود الطويلة بينهما، ونتيجة تباين المواقف السياسية في الأزمات الإفريقية والدولية.
المصدر: نبض السودان
كلمات دلالية: السودان تشاديين دبلوماسيين يطرد الخارجیة السودانی قوات الدعم السریع
إقرأ أيضاً:
“صمود” في كمبالا- محاولة لخلق طريق مدني ثالث وسط ركام الحرب السودانية
في ظل استمرار الحرب الدامية التي تعصف بالسودان منذ الخامس عشر من أبريل 2023، وتفاقم الأوضاع الإنسانية والانقسام السياسي، خرج تحالف "صمود" المنبثق من قوى الثورة المدنية ببيان ختامي من مدينة كمبالا الأوغندية، يمثل – بحسب كثير
من المراقبين – محاولة جادة لإعادة صياغة المعادلة السياسية بعيداً عن الاستقطاب العسكري الثنائي بين الجيش وقوات الدعم السريع.
قراءة في البيان: ما الجديد؟
البيان لم يأت في سياق تبريري أو دفاعي، بل بلهجة تشخيصية حاسمة، تؤكد أن ما يجري في السودان ليس مجرد صراع على السلطة، بل لحظة انفجار تاريخية لأزمة وطنية متراكمة شملت البنية السياسية والاجتماعية والاقتصادية للدولة منذ الاستقلال.
وأشار إلى الانقسام الاجتماعي المتزايد، والنزعات الانتقامية، والدمار الواسع، دون أن يغفل جرأة تحميل المسؤولية للأطراف المتحاربة من دون مواربة أو انحياز.
رفض الاصطفاف: لا مع الدعم السريع ولا مع الجيش
في خطوة مهمة، أدان البيان بوضوح الانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع، خاصة ما يتعلق باستهداف المدنيين ونهب ممتلكاتهم واستخدام أسلحة محرمة، لكنه في ذات الوقت حمّل القوات المسلحة السودانية، و"القوى المتحالفة معها"، مسؤولية ارتكاب
جرائم مماثلة، ودعا إلى تشكيل لجنة دولية مستقلة للتحقيق في جميع الانتهاكات. هنا، يظهر "صمود" كتحالف لا يهادن، ولا ينجر إلى لعبة الاصطفاف، بل يتمسك بموقف مبدئي ضد الحرب.
شرعيات متنازعة وشعب مهمّش
البيان يهاجم صراحة ما وصفه بـ"التنافس على الشرعية" بين سلطة بورتسودان وقوى الدعم السريع، ويعتبر ذلك صراعاً نخبوياً منفصلاً عن هموم الشعب السوداني. فالشعب، بحسب البيان، لا يبحث عن حكومة تعيينات ولا تحالفات إعلامية، بل عن وقف للقتال
وإغاثة عاجلة، وحماية للمدنيين، واستعادة لكرامته. بهذا المعنى، يقدم التحالف رؤية تقطع مع النماذج السابقة من المحاصصات السياسية قصيرة النظر.
المشروع المدني: طريق ثالث بلا مساومة
البيان يسعى إلى بلورة ما يمكن تسميته بـ"الطريق المدني الثالث"، وهو موقف يرفض الحرب ولا يتساوى فيها مع دعاة السلام الرمادي أو الوسطاء الدوليين، بل يحاول أن يعيد الفعل السياسي المدني إلى مركز القيادة، من خلال جبهة مدنية ديمقراطية موحدة
لا تخضع للمحاور المسلحة. وتحالف "صمود" يعترف بتحديات هذا المسار، لكنه يعتبره السبيل الوحيد المتبقي لإنقاذ السودان من هاوية التشظي والانهيار.
البعد الإقليمي والدولي: كسر العزلة
يقر البيان بانقسام المواقف الإقليمية والدولية تجاه الأزمة، وهو ما أدى إلى فشل مبادرات وقف إطلاق النار. ولهذا، يسعى التحالف عبر تحركاته الخارجية إلى إعادة تعريف القضية السودانية في المحافل الدولية من زاوية مدنية وشعبية
لا باعتبارها نزاعاً بين جنرالين متصارعين. من هنا، فإن حشد الدعم السياسي والإنساني لمشروع "صمود" يتجاوز الرهان المحلي ويطمح إلى اختراق إقليمي ودولي حقيقي.
القضية الإنسانية أولاً
لا يغفل البيان الوضع الإنساني المتردي، بل يضعه في مركز الأولويات. يشيد بجهود "التكايا" و"المطابخ المجتمعية" و"غرف الطوارئ" باعتبارها تعبيرات عن مناعة اجتماعية وطنية قاومت الانهيار، ويدعو السودانيين في الخارج إلى تنظيم حملات
ضغط على المؤسسات الإعلامية والحقوقية لتسليط الضوء على معاناة المدنيين، خاصة مع تفشي الأمراض، وانعدام الدواء، واستمرار المجازر في إقليم دارفور.
محاولة لاستعادة المبادرة
ما خرج به اجتماع كمبالا ليس مجرد بيان سياسي، بل إعلان عن نية خلق مركز مدني مستقل وفاعل، يحاول أن يستعيد زمام المبادرة السياسية من بين يدي الجنرالات. هو بيان ضد الحرب، لكنه أيضاً ضد الاستسلام للوقائع المفروضة.
وهو خطاب مدني صريح، لكنه غير ساذج، يطرح نفسه بديلاً وطنياً حقيقياً وسط فراغ سياسي خانق.
إن تحالف "صمود" قد لا يملك حتى الآن الأدوات الكاملة لتغيير الميدان، لكنه يملك أهم ما افتقدته قوى الثورة منذ سنوات: وضوح الرؤية، واستقلالية الموقف، وربط السياسي بالإنساني.
وفي بلد بات فيه الصمت تواطؤاً، فإن هذا البيان خطوة نحو استعادة الصوت المدني للسودان.
zuhair.osman@aol.com