محللون: المقاومة أكثر تماسكا وإسرائيل تتصارع داخليا ولا تعرف ما تريد
تاريخ النشر: 19th, December 2023 GMT
يقول محللون وخبراء عسكريون إن المقاومة ما تزال في موقف قوة من الناحيتين السياسية والعسكرية رغم ما لحق بقطاع غزة من خسائر، وإن إسرائيل تعيش أزمة متعددة الأوجه بسبب عدم قدرتها على وقف الحرب أو تحقيق الأهداف.
فبعد 74 يوما من القتال، ما تزال إسرائيل قادرة على التوغل في قلب القطاع لكنها عاجزة عن بسط سيطرتها على متر واحد بشكل كامل بسبب المقاومة الضارية التي تواجهها، كما يقول الخبير العسكري اللواء واصف عريقات.
وقد أكد عريقات -خلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟"- أن إسرائيل بحاجة لتنفيذ 4 مراحل عسكرية هي: التقدم والتمدد والتطويق والتطهير، مشيرا إلى أنها لم تنجح في تنفيذ المرحلة الأولى حتى الآن بشكل كامل بسبب ما تنفذه المقاومة من كمائن واشتباكات من مسافة صفر.
كما أن المقاومة -حسب عريقات- تبدي روحا معنوية مرتفعة جدا حتى الآن بينما الجيش الإسرائيلي يقتل أسراه أو يقتل بعضه بعضا بعدما تمكنت المقاومة من تحويل الدفاع إلى نوع من الهجوم.
صراع داخلي
الرأي نفسه ذهب إليه الخبير في الشأن الإسرائيلي إيهاب جبارين بقوله إن الخسائر القياسية التي تلقتها إسرائيل خلال الأسبوعين الماضيين فقط تركت مزيدا من الآثار السلبية على تل أبيب.
ويرى جبارين أن إعلان الجيش جزءا من الخسائر "ليس بريئا"، وأن "النقاش الحاد الذي دار داخل مجلس الحرب يعكس الصراع المتزايد داخل هذه القيادة".
وقال جبارين إن هذا التضارب يعكس صراعا انتخابيا بين أعضاء مجلس الحرب، مشيرا إلى أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو بات معزولا تماما داخل هذا المجلس، في حين يحاول وزير الدفاع يوآف غالانت وعضو المجلس بيني غانتس تحييد رئيس الحكومة الحالي سياسيا.
وقال جبارين إن نتنياهو يمارس تكتيكا انتخابيا عبر حديثه بالعبرية لليمين الإسرائيلي؛ لأن ما يحدث في غزة سيلعب دورا محوريا في الانتخابات المقبلة، لكنه لن يفعل إلا ما يقوله باللغة الإنجليزية للولايات المتحدة، حسب تعبيره.
الموقف الأميركي
وفي حين ترفض الولايات المتحدة أي حديث عن وقف للقتال، فإنها في الوقت نفسه تحاول تحسين شروط إسرائيل خلال مفاوضات إطلاق سراح الأسرى، كما يقول أستاذ السياسات الدولية حسن أيوب.
ويرى أيوب أن واشنطن تريد أيضا الحيلولة دون تحقيق أي انتصار سياسي أو عسكري للمقاومة، وتحاول فرض تصورات أمنية على قطاع غزة رغم أنها تشعر بصعوبة قدرة إسرائيل على محو المقاومة.
وبناء على هذه المعطيات، فإن الولايات المتحدة -برأي أيوب- تحاول إيجاد مفاوضات تحت قصف أقل وتيرة لكي تكون في صالح إسرائيل.
وفي الاتجاه نفسه، يقول الخبير العسكري واصف عريقات إن كل ما يجري في غزة يتم بأمر من أعلى مستويات القيادة الإسرائيلية، واصفا الأمر بأنه "عملية انتقام على غرار ما حدث سنة 1948، وتتم بأسلحة وقيادة أميركية".
ارتباك إسرائيلي وتماسك في المقاومة
وفيما يتعلق بالإشارات المتناقضة التي تصدر عن قادة إسرائيل، يقول أيوب إنها "تعكس ارتباكا داخليا، وعدم إمساك بمفاتيح التفاوض المطلوبة لأي صفقة محتملة، بينما المقاومة تعرف ماذا تريد تحديدا وتتمسك به"، وفق تعبيره.
ففي حين يواصل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الحديث عن المضي قدما في الحرب حتى تحقيق أهدافها، قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إن إسرائيل تريد المفاوضات في ظل الحرب ووفق شروط المقاومة، كما أشار أيوب.
ورغم ذلك، فإن آخر ما تريده إسرائيل وواشنطن -وفق أيوب- هو أن يكون هناك وقف مؤقت جديد للقتال مقابل صفقة تبادل أسرى؛ خشية أن يؤدي هذا التوقف إلى وقف الحرب نهائيا قبل تحقيق النصر الصريح، والذي يبدو بعيدا حتى من وجهة نظر الإعلام الإسرائيلي.
وبما أن المقاومة تبلي بلاء أفضل من المتوقع في الميدان وتتبنى خطابا فلسطينيا عربيا يحظى بشرعية دولية متزايدة، فإنها تفضل عدم الجلوس للتفاوض على التفاوض وفق شروط تضعها إسرائيل التي تئن تحت وطأة الخسائر ولا تعرف ماذا تريد تحديدا، كما يقول أيوب.
في الوقت نفسه، يرى أيوب أن واشنطن تريد التركيز على التحديات الإستراتيجية الكبرى مع روسيا والصين، ومن ثم فإنها تبحث عن حل وسط يخرجها من هذا المأزق لا سيما أنها دفعت أثمانا كبرى سياسيا وعسكريا وماليا.
أما عريقات، فيرى أن إسرائيل ستجلس للتفاوض في نهاية الأمر لأنه سيكون أقل كلفة نظرا للأثمان الباهظة التي تدفعها في الآليات وجنود وضباط النخبة، ناهيك عن إهانتها عسكريا وإهانة السلاح الأميركي على مجموعة مقاتلين وليس على يد جيش منظم.
المصدر: الجزيرة
إقرأ أيضاً:
إغراءات من العيار الثقيل.. لماذا قد يقول محمد صلاح «نعم» للدوري السعودي؟
في وقت تتزايد فيه علامات الاستفهام حول مستقبل محمد صلاح مع ليفربول، وتطفو على السطح خلافات فنية مكتومة وأخرى معلنة مع المدرب أرني سلوت، يبدو أن نجم مصر الأول يقف على أعتاب مرحلة مفصلية في مسيرته.
بعيدا عن أجواء «آنفيلد» الباردة، تفتح السعودية أبوابها بعرض استثنائي يتجاوز مفهوم التعاقدات التقليدية، ويعيد تعريف دور اللاعب النجم داخل وخارج الملعب.
الانتقال المحتمل لـ محمد صلاح إلى الدوري السعودي، سواء في شتاء 2026 أو مع بداية الموسم المقبل، لم يعد مجرد صفقة انتقال مدوية، بل مشروع متكامل الأركان، مدعوم برؤية استراتيجية طويلة المدى، تحيط به خمسة مغريات كبرى قد تجعل رفض العرض مهمة شبه مستحيلة.
أيقونة المرحلة وواجهة «رؤية 2030»لم يعد الدوري السعودي محطة أخيرة للنجوم، بل ساحة تنافس عالمية تستقطب كبار اللعبة.
ومع تقدم كريستيانو رونالدو وكريم بنزيما في العمر، تبحث المملكة عن نجم بحجم مختلف، قادر على حمل المشروع إعلاميا وتسويقيا لعقد كامل.
محمد صلاح، بشعبيته الجارفة عربيا وعالميا، يمثل الخيار المثالي.
العرض السعودي يضعه في موقع «النجم الأول» للدوري، ليس فقط داخل المستطيل الأخضر، بل كواجهة رسمية للمسابقة في المحافل الدولية، ما يمنحه نفوذا وتأثيرًا نادرين في عالم كرة القدم الحديثة.
سفير مونديال 2034 دور يتجاوز المستطيل الأخضربعد حسم السعودية استضافة كأس العالم 2034، بدأ البحث عن رموز عالمية قادرة على تمثيل الحدث تاريخيا وانتقال صلاح في هذا التوقيت يمنحه موقعا دائمًا كسفير للبطولة والملف السعودي.
هذا الدور يضمن للنجم المصري استمرار حضوره العالمي حتى بعد الاعتزال، ويضعه في مصاف أساطير اللعبة الذين تحولوا إلى رموز مؤثرة، على غرار ديفيد بيكهام وزين الدين زيدان، ليصبح شريكا في الترويج وصناعة القرار لأكبر حدث رياضي في العالم.
ثروة بلا سقف ما وراء الراتب الخياليورغم أن الراتب الفلكي يلفت الأنظار، فإن المكاسب الحقيقية تكمن في التفاصيل.
التسريبات تشير إلى حصول صلاح على حقوقه التجارية داخل المملكة بنسبة 100%، وهو امتياز نادر في عقود النجوم.
إلى جانب ذلك، تتضمن الصفقة بنودا استثمارية تفتح أمامه أبواب الشراكة في مشاريع كبرى، وربما فرصا مستقبلية لامتلاك حصص في أندية رياضية، في تجربة قد تعيد للأذهان نموذج ليونيل ميسي في ميامي، لكن بأبعاد اقتصادية أوسع.
القرب من الجذور راحة إنسانية قبل أي شيءعلى الصعيد الإنساني، يحمل الانتقال إلى الرياض أو جدة بعدا مختلفا تمامًا يطوي صلاح صفحة الغربة الطويلة وأجواء الشتاء القاسية، ويستبدلها ببيئة عربية وإسلامية أكثر انسجامًا مع عاداته وتقاليد أسرته.
ساعتان فقط تفصلانه عن نجريج والقاهرة، ما يعني تواصلا دائمًا مع العائلة، واحتفالا بالأعياد والمناسبات الدينية وسط أجواء مألوفة، وهو عامل نفسي بالغ الأهمية للاعب قضى أكثر من عقد في ملاعب أوروبا.
تحدي كروي جديد وسط نخبة النجومالذهاب إلى الدوري السعودي لم يعد خروج من دائرة المنافسة المسابقة تبث حاليًا في أكثر من 160 دولة، وتضم كوكبة من نجوم الصف الأول صلاح سيجد نفسه في مواجهات مباشرة مع أسماء بحجم رونالدو وبنزيما وغيرهما.
التحدي الجديد يتماشى مع عقلية النجم المصري الساعي دائمًا لكسر الأرقام القياسية، حيث ستكون الفرصة متاحة ليصبح أحد أبرز هدافي الدوري السعودي، ويكتب اسمه ضمن أساطيره في زمن قياسي.
العرض السعودي لمحمد صلاح لا يبنى على المال وحده، بل على مشروع متكامل يمزج بين المجد الرياضي، والنفوذ العالمي، والاستقرار الإنساني، والاستثمار طويل الأمد.
وبين ضبابية المستقبل في أوروبا ووضوح الرؤية في الرياض، يبقى السؤال مفتوحًا هل حان وقت «الملك المصري» لارتداء ثوب جديد؟.